Monthly Archives

July 2014

2014, جريدة النهار, مقالات

أطفال فلسطين / السبت 26 تموز 2014

هذا ليس مقال حسرة لأن قتل اليهود لنا لا يذهلني. هذا تاريخهم. ليس أنهم ملعونون. الجريمة ليست مفروضة عليك من قدر. تختارها لأنك تحت اللعنة، لأنها سرك وليس علينا أن نفهم. جرحي أنا أنّ أولاد فلسطين يقتلون (بضمّ الياء) وليس من سبب الا أن المجرم مجرم وأنا لست الله لأبرره. لماذا تباد فلسطين أمام أعين كل الشعوب؟ لماذا قتل (بضمّ القاف) يسوع الذي كان من الناصرة؟ ماذا يبقى من العالم إن ذهبت فلسطين؟ إن هي ذهبت فهذا قتل آخر ليسوع الناصري. ويسوع أهم شيء في العالم. إن ذهبت فلسطين أين أقبّل قدمي يسوع؟ أنا في حاجة الى أطفال فلسطين أني في حاجة الى قدمي يسوع.

أنا واثق أن الذين لا يحبون فلسطين لكونهم تهوّدوا لا يحبون يسوع المسيح. أنت لا تستطيع أن تحب ابن مريم ما لم تحبّ بلدها. فلنصالح الأرض حتى نصالح سيد الأرض. أذكر أني لما كنت في سيارة داخلاً يافا من لبنان السنة الـ 1946 صلبت وجهي (أي رسمت على وجهي إشارة الصليب) لأن يافا عندي كانت القدس والقدس كانت العالم. كيف أترك فلسطين ولا أترك مريم؟ لا تسيسوا الموضوع. ماذا تريدون مني عندما تقولون لي لماذا تتكلم عن فلسطين. أتريدون الحقيقة؟ فلسطين تعني لي يسوع الناصري. دمه انسكب على هذه الأرض من خشبة الصليب. طبعًا انسكب على العالم ولكن من القدس.

لا أستطيع أن أعزل دم فلسطين عن دم يسوع. أنا مع فلسطين الجريحة لأني آتٍ من جنبه. أنت لست عادلا يا ابن الغرب إن حزنت على دم اليهود يراق ولم تحزن على أي دم آخر. من لا يعرف مساواة الدماء لا يعرف شيئًا. أنا عشت في الغرب طويلا ولم أفهم أنهم كانوا يحزنون لعذاب اليهود ولا يحزنون على قوم آخرين. هل في الموت معسكر لليهود ومعسكر لغير اليهود؟ الكراهية للعرب ليست فقط سياسة. إنها خطيئة إذ ليس من خطيئة مبدعة. أنا لا أطلب منك أن تحب العرب على اليهود. أريدك أن تعدل. هذا هو شرط المحبة التي من الله. أريدك أن تحب اليهود لا الصهيونية. أنا كاتب هذا المقال أحبّ منهم من ليس عدوا ليسوع المسيح وأتمنى لو جعلوه حبيبهم. هذا هو الفرق بين اليهود والمسلمين.

إن المسلمين يحبون المسيح ويعرفونه نبيا لهم واليهود لا يعرفونه. سوألنا الوحيد ليهود اليوم هو هل صرتم مع يسوع الناصري بعد أن قتلتموه أم لا تزالون أعداء؟

المسلمون يقولون إنه حبيبنا. وأنا لا أستطيع أن أساوي بين محبي يسوع وغير محبيه. لذلك كل هذه القربى بين مسيحيي الغرب واليهود عندي لا معنى لها. ولذلك كان السوأل هل اليهود يحبون مسيحيي الغرب كما هؤلاء يحبونهم؟ أطرح هنا سوألا لاهوتيا لا سوألا مجتمعيا. شعوري أن مسيحيي الغرب يحبون أن يقيموا في سذاجتهم ليظنوا أن اليهود يبادلونهم المحبة. المسيحيون عندهم أساس لاهوتي ليحبوا اليهود. هذا في ديانتهم. ولكن ما الأساس اللاهوتي عند اليهود ليبادلوهم المحبة؟

Continue reading
2014, جريدة النهار, مقالات

فكر إله / السبت 19 تموز 2014

أن تقبل الآخر في ما هو آخر أمر عسير للغاية لأنه يعني قبولك أنه لا يخضع لك أو لا يتكلم مثلك وإن هذه الدنيا قائمة على التنوع وأن الله يتعامل وإياها على هذا الأساس. فالله لا يرغمها على التوحد ولو شاءه على أية صورة تتوحد؟ هل عند الرب صورة عن وحدتنا؟ ما من شك عندي أنّ الرب أرادنا أن نكون أمة واحدة مجمعة على فكره ولكنه لم يرغمنا على ذلك. هل يروقه التعدد أو التنوع؟ ما أعلمه أنّ حريتنا تروقه ويريد أن نقبل اليه بهذه الحرية لأن محبتنا له بإرغامنا عليها ليست محبة.

هذا سر الله في معاملته إيانا أنه يترك لنا حرية حبه إذ، بصورة ما، يعاملنا مثل شبيهين به. إن دونية رهيبة إذا قامت بيننا وبينه تلغي الشبه بيننا وبينه وتاليا تلغي الحوار. فقط الأحرار روحيا يعرفون هذا الحوار. أجل، إن كنت عظيم التقوى تحسّ بالخضوع لربك أي بكلامه وحده.ولا تعرف نفسك شيئا ولكنه هو لا يريد ذلك. طبعًا، السؤال العظيم الرهيب هو كيف تحاور ربك وهو ليس بعديل لك؟ ليس عندي جواب. هذا سره. ولكن هو يجعلك تحبه وبمعنى سري لا يفهمه أحد يقارن بينك وبينه أي يجعل معك نوعا من المساواة في التعامل. ينزل اليك بحبه ولا يخشى أن ينزل اليك إن كنت لا تتعظم وهو لا يعوزه شيء. الله يقول إنه يحاورنا. أنا لست أقول إننا نحاوره. نحن نرتضيه لأننا نحبه من بعد إيمان. هو له الحق أن يقنعك أنك تحاوره لأنه هو أيضا يؤمن بك محاورا إذ هو قادر أن يرفعك إلى هذا المستوى.

تعلمت عند أساتذة كانوا يقولون إن الله صديق. كنت أفهم حبهم له. ولكن صعوبة هذه الكلمة عندي أنها مبنية على مساواة ما بيني وبينه.

أفهم أن أساتذتي مسيحيون ويحبون هذه الوحدة بينهم وبين الرب. ولكن هذه جسارة من قبلنا. هو وحده له الحق أن يقول إننا واحد معه لأنه قادر في كل حين أن يبرئنا من الخطيئة. لعل المسيحية تيسر القول على أننا في وحدة حال مع الرب. ولكن هذا انعطاف من الله وهو محقق فقط إن بقينا على العمل الصالح. إن كشف يسوع المحبة الإلهية لنا يستمر في دوام الطاعة له. ليس لأحد منا شهادة حسن سلوك من الله مسبقة للسلوك. رضاء الله عنك مشروط بحبك له.

هذا سر الله وحده أن يقبل أبناءه مختلفين. ليس ما يدل على انه يسر بالإختلاف ولكنه وحده قادر أن يقرأ وحدتنا في اختلافنا لأن الوحدة ليست في من تراهم ولكنها في حبك لهم. حبك لهم يجمعهم إلى الله. المحبوبية كما يرونها فيهم هي محبو بيتهم لدى الله. العاطفة البشرية وحدها إذا رأوها بينهم تدوم أو لا تدوم. الحب الإلهي وحده ثابت لأنه مستقل عن تقلبات القلب.

«إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم؟» وكأنه يقول إن المحبة دفق إلهي تتقبلها أنت شاكرا ولكنك لا تصنعها. أنت لا تكون محبا في العمق وحتى النهاية إلا إذا أحببت المختلف لأن في هذا فقط محبة إلهية. إن أحببت من يشبهك يبقيك في نفسك. الحرية أن تحب من لا يشبهك. أخرج من نفسك هذا هو سر الحرية.

«أن تقبل الآخر في ما هو آخر» يعني أن لك معه وحدة الخلق التي بالله. البشر بالحب يصيرون كالبنيان المرصوص. ما عدا ذلك «الإنسان ذئب للإنسان». كيف تقضي على الذئبية فيك هذا كل جهدنا إلى أن يجعلنا الله حملان المسيح.

أن تصير حملا أي قابلاً على إعطاء الحب يتطلب كل حياتك. أصعب من هذا وأعلى أن تفهم أن الآخر كل حياتك لأن شرط حياتك موتك في سبيله.

الحياة الجديدة ليست أن تغير مسلكاً لك في الوجود خارجيا. هي أن تغير كل فكرك بحيث يصبح مطابقا لفكر الله. إن كان لك فكر آخر فلست لله. الحرية الوحيدة المتروكة لك أن تقرأ الوجود كله من خلال الله أي أن تراه من الله. وإلى الله. ما عدا ذلك لهو أو لغو. إعرف كيف تفكر مثل الله. بهذا تصبح حقيقيا.

Continue reading
2014, جريدة النهار, مقالات

إله القلب / السبت في 12 تموز ٢٠١٤

يا رب نجني من نفسي فقد يكون ما فيّ أخطر على مما يداهمني ويبقى كامنا كالأفاعي وأنا لا أعلم أو لا أريد أن أعلم خوفًا من ان تصير الفضيلة فيّ متطلبة وأنا لا أرتضي أن أعطيها كل ما تطلب لأني لم أقبل ان أبيع كل ما يجب بيعه فيّ لأصبح فقيرًا إلى الله.

قصة الانسان الأولى مع نفسه ولا يدخل شيء من الخارج الا اذا قبلَته النفس هذه التي لا تنجو الا عند الموت لأنها قبله تستلذ ذاتها. كل ما عندنا من كبرياء يدفعنا إلى ان نرتضي ذاتنا انطلاقا لنعود إلى الدفء الذي تعطيه ونعتبره الذات. ولكن الخوف الأول في الانسان هو من ذاته، من هجمات ذاته. يريد الحياة والموت في آن.

الذي عرف مخلصا له أو شاهد نفسه سالكا طريق الخلاص لا يموت ولكنه يخشى السقوط. أظن ان المسيحية أدخلت إلى الفكر الخوف من السقوط لأنها ظلت وريثة آدم الأول على معرفتها بآدم الثاني الذي هو المسيح. ذلك ان المؤمن عندنا يواجه الخطيئة كما ليس هذا في تراث آخر. لعل هذا يعود إلى تعريفنا الأساسي ليسوع انه المخلّص أي المخلّص من الخطيئة. من زمن بعيد أتهمني أحد الأصدقاء اني أغالي في ذكر الخطيئة. قلت له أنا أعرفها وتعذبني. قال لي أنت لم ترتكب كذا وكذا. قلت له ولكني مؤهل لإرتكاب لأني أعرف جيدا بهاء المسيح واني احتوي كل طاقات نكرانه. أنت لا تخاف كثيرا الا لأنك تحب كثيرا وتخشى خسارة في مقدار الحب.

ما من مهمة لوجداننا الا ان نعرف كيف لا نخسر ذرة من المحبة لأنك ان قبلت بالخسارة تكون قد صالحت الخطيئة وهتكت البرّ. كل معنى وجودنا ان نريد البقاء في الحب الذي أحبنا الله به. بعد هذا تتنزل علينا كل جمالات الله. الدقيق روحيا من عرف اذا أتى الروح الشرير إلى ذهنه ان يقفل أبواب ذهنه دون الشر ليسلم.

المغالطة الكبرى التي تجربنا توهمنا اننا نستطيع ان نستغني عن فضيلة واحدة ونتجمل بفضائل كثيرة ونسلم. لا يا صاحبي لن تسلم. كل خطيئة أيا كان نوعها تلطخك كليا في العمق وأنت لا تعرف. ليفهم كل منا نهائيا ان المعاصي متداخلة، متراصة، متحابة. فإذا راعيت معصية واحدة وحالفتها تدمر كل حسناتك بسبب من الترابط العضوي بين السيئات في النفس. لا تستطيع ان تكون حليف الله في فضائل كثيرة وحليف ابليس في واحدة. ابليس يخرب خطة الله في النفوس التي تحالف الشر. من هنا ان آباءنا الأقدمين في الحياة الروحية أصروا على مكافحة ما سموه الشهوات أي المصادر النفسية التي تنبع منها الخطايا.

صعوبة المؤمن المتخاذل أو المتردد جهله انه ان قبل الخطيئة في نفسه زاوية تستقطب الزوايا الاخرى. ما هي مشكلة غير التائب مع الله؟ هي ظنّه ان الرب يرتب له مكانة ان قبل الا يتمم كل الفضائل. من هو غير التائب؟ هو ليس بالضرورة من أسلم نفسه بالكلية للمعصية. هو الذي يحتفظ بزاوية من زوايا نفسه للمعصية مكانا. يريد بصدق ان يسير مع الله ولكن له التذاذ خاص بهذا السوء أو ذاك. في الحقيقة يخشى ان تميته بطولة البرّ. هو يعرف الكثير عن الله ولكنه لا يريد كل هذا الكثير لأنه يكلف. عندما قال السيد للشاب الغني: «بع كل شيء وتعال اتبعني» أراد ان يفهمه انه لا يقدر ان يتمسك بأي شيء في دنياه أو في نفسه لأن كل ما كان عائق عن المسيح فيه عداوة للمسيح.

لماذا قال الله للإنسان: «أعطني قلبك» وأراد أعطني ذاتك كلها؟ ذلك ان الرب عالم بأن لا شريك له في القلب البشري.

Continue reading
2014, جريدة النهار, مقالات

عمر / السبت 5 تموز 2014

اليوم ان أدرك هذه المقال المطبعة أكون قد أتممت السنة الواحده بعد التسعين من عمري. لا يعطى لي ان أعرف ما يعني هذا لله. ولكن ما وهبني الرب ان أعرفه من مقاصده هو أنه يريدني ان أتوب. هذا هو الأمر الوحيد عند ظني ما يريد الله ان يعرفه في كل إنسان. فأنت في مقدار قرباك من ربك. غير هذا لا يعني له.

ما عمري ان لم يكن مدى معرفة الله بي ومعرفتي به- المد الزمني لا يعني شيئًا. الأمور في كثافتها. العمر كله فرصة لتعرف مدى قبولك للرب. هل أنت تريد ان تصير حبيب الله. هذا هو السؤال الوحيد الذي ينبغي أن تطرحه على نفسك. كل شيء آخر من هذا العالم. إن أردت ان تصير حبيب الله تكون قد أكملت سعيك. قبل ذلك تكون قد بقيت شيئًا من هذا العالم. مدّ السنين لا يعني شيئًا. العمر في مضمونه. ماذا فهمت من أعوام انقضت عليك؟ هل عشتها نازلة عليك من فوق أم طالعة من رغباتك؟

هل العمر عدد سنين أم كثافة ما نزل عليك من فوق؟ عمرك في نوعية الوجود الذي الله وهبك. لك أنت في الإخلاص لربك ان تكثف حضوره فيك أو ان تبعد وجهه عنك. لك ان تحب أو ان تتلاشى. إلى حد ما وجودك منك ووجودك بك فاحمل وجودك إلى حيث يجب ان تحمله ليتقرر فوق فتكون حيث أردت.

بعضنا يشيخ ولا يعتق. وبعضنا يبقى صغيرا لا يخشى الشيخوخة. كثيرا ما كانت هذه نضجًا ولكنا نحن المؤمنين نريد النضج بالله. مرة أمام عليم في كنيستنا كنت شاكًا في صلاح أحد الناس فلامني كبيرنا قائلا عن هذا انه ناضج. قلت له لا، انه مسنّ. صح اني كنت شابًا عند هذا الحديث. مع ذلك أحس ان تقادم السنين لا يعني شيئًا وان كل الوجود في تقادم النعمة.

ليست كلّ سن تجلب لنفسها الوقار. هذا معطى إلى من استحق النعمة الإلهية. ظنوا في الشيخ ما هو حسن ليتدبروا سلوكهم واعطوا الفتى حقه من التقدير إلى ان يحكم الله في الناس ولا تنسوا حكم الله: «لا تدينوا كيلا تدانوا». لا يكن أحد منكم مجلبة للغضب الإلهي. «كل شيء مباح لي» كما يقول الرسول الا ان تحالفوا الشيطان وحلفاء الشيطان. وحلفاء الشيطان معروفون عند العالمين بالله. من أحب الرب من كل قلبه ومن كل ذهنه يميز دائمًا من هم لله ومن هم ليسوا له. احرص على ان يملك الرب قلبك. اذ ذاك لا يبقى عندك تردد بين ما هو له وما ليس له.

Continue reading