2007, آحاد, عظات

قزما ودميانوس – الأحد الخامس بعد العنصرة / عظة للمطران جورج في كنيسة القديس جاورجيوس برمانا – الأحد في 1 تموز 2007

باسم الآب والابن والرّوح القدّس، آمين.

يا أحبّة سوف أكلّمكم اليوم عن رسالة بولس التي اقتبسناها ممّا كتبه إلى أهل كورنثوس، بمناسبة عيد القدّيسَيْن قزما ودميانوس. مَن هما هذان الرجلان؟ هما كانا في أواخر القرن الثالث في مدينة روما. لماذا خصّصنا لهما عيدًا؟ لأنّهما كانا طبيبين يمارسان الطبّ مجانًا. عندنا في الكنيسة مجموعة أطبّاء قدّيسين طوبناهم لأنّهم كانوا يطبّبون مجانًا، ويشفون. لو كانوا يطبّبون فقط ما كان هذا بكافٍ بل كانوا يطبّبون ويشفون. ولذلك رفعناهم إلى مراتب القدّيسين.

لمناسبة هذا العيد، اقتطعنا مقطعًا من رسالة بولس إلى أهل كورنثوس. وتكلّم فيها عن مواهب كانت تعطى لبعض المؤمنين. تكلّم عن مواهب الشفاء ومواهب أُخرى، فالبعض رسل والبعض أنبياء في الكنيسة والله هو الذي يوزّع هذه المواهب.

ما أودّ أن ألفتكم إليه حيث يقول بولس «جدّوا لأعظم موهبة التي تحتوي الكلّ».

وكتب لنا هذا النشيد التعظيم في العهد الجديد والذي لم يكتب أحد في العالم مثله وهو نشيد المحبّة. كان هو عارفًا ما قاله السيِّد «أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم»، وأشياء مماثلة.

ولكن بولس خطفه الرّوح القدس حتّى يكتب هذه القصيدة العظيمة التي هي أروع ما قيل في العالم عن المحبّة.

قال «إن كنت أنطق بألسنة الملائكة»، أي إذا كنت أفهم كلّ شيء ولم تكن فيّ المحبّة فإنّما أنا نحاس يطنّ أو صنج يرنّ». فإذا لم تكن فيّ محبّة فإنّما أنا مثل هذا الدفّ يعني أنّه ليس فيّ محبّة، أنا ضجيج.

ثم يتحدّث عن النبوءة التي كان يقف فيها قديمًا في الكنيسة ويقول إنّ الربّ يُلهمني أن تعملوا كذا وتتحسّنوا وتصيروا قدّيسين. يقدر أن يكون كاهنًا أو غير كاهن، يحضّ النّاس على التوبة.

فبحسب بولس «إنّ الذي عنده النبوءة يعرف جميع الأسرار والعلم كلّه، وإن كان هذا الإيمان كلّه حتّى أنقل الجبال ولم تكن فيّ المحبّة فلست بشيء». فالذي يقدر أن ينقل الجبال يكون يملك المحبّة.

ثم يقول شيئًا آخر: «إن أعطيت جميع أموالي، وأسلمت جسدي ليُحرق حتّى ولو صرت شهيدًا ولم تكن فيّ المحبّة فلا أنتفع شيئًا».

أتى من خلال هذه الكتابة وحصر الدين المسيحيّ كلّه بالمحبّة.

ثم ينتقل بالكلام إلى فوائد المحبّة أي ثمار المحبّة. فيقول «المحبّة تتأنَّى وتَرْفُقُ».

عندك إمرأة تنقّ عليك من الباكر إلى عشيّة، عليك أن تتحمّلها سبعين سنة على هذه الطريقة. لا تقدر أن تقول للمحكمة الروحيّة إنّ امرأتي تنقّ عليّ. عليك بالسكوت، وتوجيه ملاحظات إليها.

المحبّة تتأنَّى لا تضجر وتَرْفُقُ وتَلطف. والمحبّة لا تحسد. هذا كان عنده 16 مليار ليرة لا تحسده، لا تشتهي ماله.

امرأة في غاية الجمال، وأُخرى وسط في الجمال هل تحسدها؟ لماذا تحسدها؟ إنّها ذاهبة للتراب هي والأُخرى. ما الفرق بين المرأة البشعة والمرأة الجميلة؟

ليس من فرق إذا كان يوجد رأس أو قلب أو أعصاب. وهذا يربح أكثر مني. المحبّة لا تحسد. وإذا كنت أنت تحبّ لا تتباهَ.

عندك شهادات عليا. ما الشهادات؟ لا تتباهَ ولا تتكبّر ولا تنتفخ.

المحبّة لا تحتدّ، ولا تغضب. كلّ إنسان تغضب أنت عليه يُجرح وينصدم. هذه قاعدة عامّة. أنت في حالة الغضب غير مُحبّ.

النّاس نوعان: ناس يأتيهم أحدهم بأول لحظة يظنّون به السوء ولا يؤمنون به. يقولون إنّه ربما يخبئ قصّة ما. عنده قطبة مخفيّة. دائمًا يظنّون السوء. هم لا يحبّون.

أنت تظنّ بالشيء الحسن عند الإنسان الذي يأتي إليك. لاحقًا تأخذ الصورة عنه ولكن في البدء تعطي الثقة للإنسان الذي يتعامل معك.

ويكمل بولس الرسالة حيث يقول «المحبّة تفرح بالحقّ وتحتمل كلّ شيء وتصدّق كلّ شيء وترجو كلّ شيء وتصبر على كلّ شيء». فالإنسان المحبّ يفعل هذه الأشياء.

وينتهي بهذا الكلام العظيم «المحبّة لا تسقط أبدًا». أنت رابح دائمًا بالربّ. يجوز أن تربح صيتًا حسنًا وتربح مودّات وصداقات. المحبّة تكلِّف وهي صعبة.

سأعطيكم مثلاً كيف يقدر إنسان أن يحبّ. جارك يحسدك وهو فقير وينتقدك، ويصل إليك النقد. ترى أنّ هذا يجب أن يدخل إلى المستشفى وليس معه مال. ماذا تعمل؟ تذهب وتدفع عنه المال. عنده ابن لامع جدًّا جدًّا لا يدرس إلّا بالجامعة الأميركية. هو بحاجة إلى 11 ألف دولار أميركي بالسنة. إذا كان معك هذا تدفع عنه. وتعرف أنّه ضدّك ويحكي عليك. هذا إذا أراد أن يحبّ على طريقة المسيح وإلّا تكون مثل الوثنّيين، مثل كلّ الأمم وكلّ الشعوب الأُخرى.

أنت لا تكره أحدًا من النّاس ولا تشترط شيئًا. أخلاقه سيّئة، تخدمه. صديقك تخدمه. عدوّك تخدمه بنفس القوّة وبنفس العطاء.

هذا ما علّمنا القدّيسون وما أراد بولس الرسول أن يدخله إلى عقولنا وقلوبنا لنصبح قدّيسين بدورنا، آمين.

Continue reading