التوبيخ / الأحد 5 أيلول 1993/ العدد 36
من الخطايا االشائعة عندنا سؤ الظن. كيف نرتكبها «والله فاحص القلوب والكلى بعدل» (مزمور 7: 9). من وقت الى آخر يسألني واحد سمع وعظي: «لماذا قصدتني»؟ جوابي اني لم اقصد احدا. الكلمة الإلهية هي فحصتك وهذا خير. العلاقة بين الناس تقوم على الثقة اصلا، على بساطة المسيح كما يسميها بولس. ألم يقل الكتاب: «لا تحكموا حسب الظاهر» (يوحنا 7: 24). لا احد يدخل حقيقة الى قلب الآخر. انت لك ما تسمع وما عليك التأويل. «والله يدين سرائر الناس» (رومية 2: 16). اجل، يمكن ان يضللنا ظاهر الكلام. لنا ان نحلل وان ندرس دوافع التصرف عند الآخرين ولكن انى لنا ان نعرف النيات؟ الله وحده يكشف قلوب الناس في اليوم الأخير. ان من شك بالنيات ينتحل صفة الديان التي حصرها الله بنفسه.
ان من رمى الناس في الجحيم يرمي نفسه في الجحيم، يقع في الخطيئة التي ينسبها الى الآخرين. لك انت ان تفحص قلبك وانت تراه تحت حكم الله. انشغل بنفسك ولا تشغل نفسك بالآخرين. غض الطرف عن معاصي الناس وسلمهم الى الله اي خذهم بدعائك. هذا ينفعك وينفعهم. لا تكن قاسيا لئلا تجلب عليك غضب الله.
«ان وقع احد في فخ الخطيئة، فأصلحوه انتم الروحيين بروح الوداعة. وحذار انت من نفسك لئلا تجرَّب انت ايضًا» (غلاطية 6: 1). الوداعة لها وحدها حظ في تقويم الآخرين. ماذا يقول بولس بعد هذا؟ يقول: «ليحمل بعضكم أثقال بعض وأتموا هكذا العمل بشريعة المسيح» اي احتمل بصبر خطايا الناس لأنك بهذا وحده تعطيهم فرصة ليصلحوا انفسهم.
فتش عن ان يصلحك الناس. اقبل النصيحة ولا تنجرح. لا تقل لأحد: «لماذا وبختني امام الناس؟» من انت لتكون فوق اللوم؟ لا تنفعل اذا اراد احد الإخوة تقويمك ولو اضطر ان يقول هذا بحضرة آخرين. اذا كان لائمك على حق فاقبل ما يقول لأن الحقيقة تنجيك. لا تسأل عن نية لائمك. ربما كان يحبك ويريدك في الخير. اذا كان منصفا لا ترفض النصيحة مهما قسا عليك. قد يكون شديد اللهجة. ليس كل انسان طريئا. اللهجة ليست مهمة. الأهمية في القول الصادق العادل.
لا تعتبر نفسك فوق الحق. هنا ايضا يقول الرسول: «ان ظن احد انه شيء، مع انه ليس بشيء فقد خدع نفسه». الحق يمكن ان يأتيك من صغير. الحكمة قد تهبط عليك من افواه المجانين. تقبل النصيحة بكل تواضع لأن المهم ان تعلو، ان تتنزه عن الشر. كن شاكرا لمن وبخك. لا تحزن لأن الموبخ قد يكون رسول الله اليك. «علّم الصديق فيزداد قبولا» (امثال 9: 9).
اختر ابا روحيا او صديقا ليكشف لك سيئاتك. هكذا يفعل من يحبك فإن حبيبك يريدك على اعلى مستوى من الخير. غيرك يستطيع ان يكون موضوعيا في فحصك. وانت اذا اخطأت تكون انفعاليا. صديقك او ابوك الروحي يجردك من اوهامك. اما انت فخطاياك تزجك في بحر من الاوهام. خطيئتك تعمي بصيرتك. اما الصديق الروحي فيعرف كيف يجب ان تتوجه.
اختر لك من يربيك. كل انسان مهما ظن انه سلك في طريق البر يحتاج الى من يربيه مهما بلغ من العمر. وان لم تجد مرشدا فاجعل كتاب الله لك مرشدا. سلطه على اعمالك واعمال قلبك حتى يصير قلبك موافقا لكلمة الله. فاذا قدرت ان يمحصك الكتاب كما تمحص النار المعادن تصير بلا لوم. ليس احد منا تائبا بالعمق الذي يريده الله منا. لذلك جرد نفسك من الأقنعة. اعرضها للنور بلا خوف. فاذا لم تقبل توبيخ الكلمة الإلهية تكون محبا لخطاياك. حب الخطيئة موت والتجرد عنها قيامة من بين الأموات.
Continue reading