الأسبوع العظيم المقدس/الأحد 19 نيسان 1992/ العدد 16
هذا يدخل يسوع الى اورشليم بالوداعة والتواضع ليكمل خلاصنا «ويتكلم بالسلام للأمم» ويبسط سلطانه بالمحبة على العالم ويقيم معنا وفينا الى الابد. يجلس على جحش ليحل بهيمية الامم التي كانت عقيمة لأنها لم تعرف محبته. ونشدّ انفسنا اليه كما لم تكن مشدودة لعلنا بأنه يحررنا من وطأة الخطيئة ووطأة الخوف. اليوم ندشن اسبوع الآلام المقدسة فتقيم الأحد مساء والإثنين والثلاثاء صلاة الختن اي صلاة المسيح العريس الذي سيجعل كل نفس تائبة عروس له. ها نحن مرافقوه الى اورشليم لنتقبل الحياة من موته. سوف نراه مسمرا على الصليب ونتبعه الى القبر حتى نشاهده قائما من بين الأموات لننال منه فصحا طيبا.
سنحشر انفسنا في الصلوات لتتضح رؤيتنا لسره وهي تبيد خطايانا. في هذه العبادات قراآت من العهد القديم بما في ذلك المزامير تتحدث كلها عن الحَمَل المذبوح من اجلنا ورسائل وأناجيل تتكلم عن الخلاص الذي نلناه بتطوعه للموت. هذه وتلك تُسرَد في إطار صلوات وترانيم تدفعنا الى التمسك به حياة لنا. فاذ ا قرأنا مثلا عن آلام أيوب وصبره نفهم انه كان صورة عن المخلص, ونتنبه لئلا نقع في الغفلة. «ها الختن يأتي في نصف الليل». ليزيل الظلام عن النفس ويطلقها في التسبيح حتى تختلي معه في ذلك العرس الروحي الذي يجعلها تنسى ما كانت تعشقه قديما: «انني اشاهد خدرك مزينا يا مخلصي». والخدر في اللغة الغرفة الزوجية والفكرة ان النفس بعد ان كانت مخطوبة للمسيح ترجو لقاء الاتحاد معه والاتحاد بيننا وبين المخلص تم على الصليب. ولكن الانسان المدنس لا يدخل. يحتاج الى لباس العرس الذي هو التوبة.
وندرك قمة من قمم التوبة الثلاثاء مساء في الترنيمة الشهيرة: «يا رب ان المرأة التي سقطت في خطايا كثيرة». أم الاربعاء مساء فنقيم صلاة الزيت المقدس التي تريدنا الكنيسة ان نتممها للمرضى في بيوتهم في صيغتها للمرضى في بيوتهم في صيغتها الطويلة أو صيغتة قصيرة. ولست اعلم لماذا ومتى سقط سر مسحة الزيت هذا من منازلنا في بيوتهم في صيغتها الطويلة أو صيغة قصيرة. ولست اعلم لماذا ومتى سقط سر مسحة الزيت هذا من منازلنا في الكرسي الانطاكي ولا شيء يمنع اي كاهن من تجديد ذلك بنفسه لما فيه من نفع للمريض.وهكذا ينتهي النصف الاول من اسبوع الآلام.
الخميس صباحا ذكرى العشاء السري. وفي القديم كان يقام مساء لانه يتم في سياق صلاة الغروب ولعلّه قُدِّم الى الصباح لان المؤمنين يؤثرون سماع اناجيل الآلام مساء. ونتلو, اذ ذاك, كل روايات الآلام كما وردت في الأناجيل الأربعة ومستهلها الخطاب الوداعي كما ورد في بشارة يوحنا وهو ذروة من ذرى اللاهوت اليوحنائي. والمؤمنون متعلقون بالطواف بالصليب الذي يجري بعد الانجيل الخامس: «اليوم عُلِق على خشبة». وهذا الطواف ظهر في القرن الماضي في الكرسي الانطاكي وعمَّ الكنائس اليونانية.
غير ان الاسمتاع بالمعاني اللاهوتية للآلام هو في خدمة الساعات الملوكية التي تتلى في صبحية الجمعة العظيمة. المزامير تنصّب مباشرة بما ذاقه المخلص من اوجاع: «الهي, الهي لماذا تركتني». والنبؤات تطل مباشرة على سر الفداء: «وزنوا اجرتي ثلاثين من الفضة (زخريا النبي) أو «كنت انا كخروف بريء من الشر يُساق الى الذبحْ» (ارميا) حتى نبلغ القمة مع اشعياء: «لا صورة له ولا بهاء فننظر اليه ولا منظر فنشتهيه… انه قد أخذ عاهاتنا وحمل أوجاعنا… جُرح لأجل معاصينا وتألم لأجل آثامنا… كشاة سيق الى الذبح وكحمل صامت امام الذين يجزّونه ولم يفتح فاه».
وفي صلاة الغروب بنهاية الساعات يُطاف بالإبيتافيون (بالعامة النعش) ليضع في صحن الكنيسة ويُكرّم في الجناز. وخدمة الجناز هي خدمة صلاة السحر للسبت العظيم. ننشد للمسيح المدفون ونحن في ذهول وفي انتظار القيامة. »انزلوك القبر / يا يسوع الحياة / فمراتب الملائكة انذهلت / كلها ومجدت تنازلك /». فتتوالى التقاريظ نعظم فيها المسيح معطي الحياة. ونتوغل في تمجيد من كان خلاصنا المحيي وربيعنا الحلو ونشرف على السبت العظيم «الذي فيه استراح ابن الله الوحيد من كل اعماله لما سبت بالجسد بواسطة سر التدبير المكمل بالموت».
اما يوم السبت العظيم ففي اواخر الصبيحة نقيم القداس الالهي الذي كان في ما مضى قداس العيد. المسيح في سكون القبر وناهد الى القيامة. ونلتمس نهوضه من القبر: «قم يا الله واحكم في الأرض». نريدها فاعلة في نفوسنا.
شرط رؤيتنا لها ان «يصمت كل جسد بشري… ولا يفكر في نفسه فكرا ارضيا البتة». في تلك الليلة العظيمة كنا نُعَمّد الموعوظين اي اولئك الوثنيين الذين آمنوا وتعلموا الايمان فان المعمودية كانت لهم قيامة من بين الأموات.
واذا تدرجنا من يوم الى يوم بتكثيف التوبات ولمسنا محبة الله لنا تتجلّى بآلام المخلص نكون متأهبين لاستقبال الفصح.
Continue reading