1991, محاضرات

الملكوت والفقراء / كلية اللاهوت للشرق الادنى NEST – رأس بيروت / الثلاثاء 26 تشرين الثاني 1991

الملكوت والفقراء موضوع يتطلب الرؤية المسيحية للمُلك. هل من مُلك؟ عندنا نحن أتباع يسوع الناصري. طرحي أن المسيحية لا تقول بالمُلك، أن الملك ليس حقًا من الحقوق يقابله الموجبات. ولكنه تفويض إلهي بحيث يكون الإنسان مؤتمنًا على ما بين يديه. وليس لما بين يديه له. ولكنه مؤتمن لمن إحتاج إليه.

 هذه هي الأطروحة التي سنحاول من خلال التراث والإنجيل أن نتبين الحق. هذا إستغرق وقتًا طويلاً إلا أني محدود هذه الليلة بسبب زميلي الكريم للنقاش.

ننطلق من كوننا شراكة قديسين في الملكوت فإن كل شيئ لكم وأنتم للمسيح والمسيح لله. وفي الملكوت النهائي عندما نصل إلى إكتماله يبطل المُلك. وبمقدار أن الملكوت الأخير يشع هنا، ويتحقق هنا في جسد المسيح في الكنيسة يكون الملك للإستعمال منه إلى كونه جوهرًا متصلاً بالخلق.

هذه الشراكة بين الرب والمؤمنين، وفي ما بين المؤمنين، نرمز إليها بسر الشكر

ففي اليونانية الكلمة هي KinOnIa، مشاركة، COMMUNION، العربية المستخدمة لم تلبي الأصل اليوناني. وترجمنا فقط إفخارستيا لسر الشكر. ولكن يعوزنا أن نقول في هذا السياق سر الشركة. فالشركة هذه الإفخارستيا في جسد المسيح تعطى للمؤمنين، والقرابين الإلهية واحدة مشتركة تحسم ما يهيؤها أي الخبز والخمر. وبالتالي كل ما في الأرض مشترك أيضًا. لأنك لا تستطيع أن تصل إلى ما يجمعك بالآخر على صعيد أعلى فرد مسيحي إلا إذا كنت مجتمعًا بالإنسان الآخر، بما دون هذا السر، بالمادة الطبيعية للخبز والخمر.

فالمُلك في الجماعة الكنسية التي هي دائمًا الجماعة الإفخارستيا. ليس أحد بمفرده. وكان كل شيء بينهم مشتركا. هذا يبقى مثالاً ليس فقط قاعدة لكنيسة أورشليم. هي قاعدة إختيارية لبعض منهم. يبقى مثالاً يحتذى في كل جماعة الإفخارستيا.

هذه الرؤية الكتابية التي سأعود إليها تفصيليًا، رآها في القرن الرابع أولئك الآباء الذين ذاقوا الفقر إختيارًا، بعد أن عاشوا في بيوتهم في النِعم، إلتصقوا بالفقر الإختياري. وأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، لأن كل التراث الآبائي شرقًا وغربًا في القرن الرابع ومطلع الخامس، بلا إستثناء، من إنطاكية إلى كبادوكية، إلى أوغطسين، إلى أمبروسيوس في ميلانو، كل هذا التراث ينفي المُلك.

يبدو أن مفسري باسيليوس الكبير الأكادميين يخفضونه عندما يقولون إن المُلك له وظيفة إجتماعية، ُيستخدم في سبيله.

لا يبدو لي أن الفكر الجقيقي لباسيليوس الكبير هو إنكاره. أي نحن امام لاهوت. نحن لسنا امام مواعظ وأمام حضّ الناس على التطهر. المسيحية لا تعرف التطهر. هذه مرحلة أخرى لاحقة من بعد أن ملّ قادة الكنيسة من الأغنياء. تنازلوا ليدعوا الناس إلى الإحسان. المسيحية ليس فيها إحسان. المسيحية تنكر المُلك.

إن الشيئ العجيب أن الاباء لم يقرأوا بعضهم بعضًا. هذا شيء لافت. إنطلقوا كلهم من معين واحد، من الأنجيل وفهموه بطريقة واحدة.

الذهبي الفم يقول : لقد أعطاكم الله سقفًا دون المطر لا لترصعوه ذهبًا، في حين أن الفقير يموت جوعًا. وأعطاكم ملابس لتتستروا لا لتزكشوها بالذهب، في حين أن المسيح يموت بردا. أعطاكم منزلاً لا لتسكنوه وحدكم بل لتستقبلوا فيه الآخرين والأرض لا لتأخذوا مواردها والموارد والراقصات والممثلين وعازفي المزمار والقيثارة، ولكن لتطعموا الجياع والفقراء. من قال: أحسب المسيح من عداد عبيدك. حرره مثله من الجوع والعوز والسجن والعراء ثم يكمل فكره أن الأغنياء والبخلاء هم لصوص على نوع ما. هم أيضاَ يترصدون عند كل الطرقات المطروقة المارة ليطمروهم بمنازلهم أو في مغاور ثروة الغير. ما عندي الغني هو ثروة الغير. أساس التوزيع ليس الحنان أو الشفقة لأن كل شيء مشترك بين الناس.فإذا كانت السماء والأرض والبحر وما فيه امور مشتركة. المائدة المقدسة الواحدة وجسد الرب ودمه وموعد الملكوت وحميم الولادة الجديدة وتطهير الخطايا والبر والتقديس والفداء والخيرات التي تتجاوز كل وصف. فهل نكون عاجزين في أمور الغنى؟ فلنحفظ أمور الحق.

ننطلق من الإفخارستيا، هي تتحكم بأمورنا. جسد المسيح المشترك يفرض علينا أن كل شيء مشترك. وهكذا في هذا الخط باسيليوس يقول “لا تظن أن ما تنعم به إنما كان لمتعتك الخاصة، تصرف بما بين يديك وكانه ملك الآخرين فإنه قد يفتنك إلى حين إلا أنه سيتلاشى”، إلى أن يصل إلى هذا المقطع الرهيب الذي صار كلاسيكيًا. يقول البخيل: إلى من أسيء إذا أنا إحتفظت بما املك. ولكن قل لي ما هي الخيرات التي تملكها حقًا؟ من أين جئت بها؟ أنت أشبه بإنسان جلس في المسرح يريد منع الآخرين من الدخول ويبغي التمتع وحيدًا. كذلك الأغنياء يظنون انفسهم أنهم أسيادًا على الأملاك العامة التي إستولوا عليها لأنهم جاءوا أولاً. لو أن كل منا لا يحتفظ إلا بما هو ضروري بسد حاجاته العادية ويترك ما يفيض عنه للمحتاجين لمحي الفقر والغنى. ألم تخرج عريانًا من أحشاء أمك. ألن تعود إلى الأرض عريانًا؟ فمن أين أتاك مالك الحل؟ إن اجبت من الصدف كنت جاحدًا ملحدًا لأنك لاتعرف قوانين خالقك. إن إعترفت أنها من هبات الله قل لنا ما سبب غناك؟ هل هو من ظلم الله الذي لم يقسم الثروات للإقتسام بين الجميع؟ لما كنت غنيًا وكان ذاك غنيًا؟ إلى أن يقول: إذا كنت بخيلاً ألست إذًا سرّاقًا؟ الخيرات التي دفعت إليك للتعهدها إستوليت عليها. من يجرد رجلاً من ثيابه يدعى نهّابًا ومن لا يكسو عري المسكين وهو يستطيع ذلك أيستحق إسمًا آخر؟

الخبز الذي تخبؤه هو ملك الجميع وملك العريان ذاك المعطف، وملك الحذاء لحافي القدمين، يعود الحذاء الذي يحترق في بيتك، وللمعوز يعود للذي تتدخر.

هذا الفكر الآبائي في القرن الرابع يصل إلى ذروته عند سمعان اللاهوتي الحديث القائل : المال وكل ما هو لك ملكك المشترك لكل الناس.

من بعد هذا يأتي كهنة الأغنياء وأساقفتهم ليقولوا لهم ما يروق.

نحن إنطلاقًا من هذا العيش نقول إن سلطان المال حسب قول المزامير، للرب الأرض وكل الدنيا وكل الساكنين فيها. فإذا أشرفنا على هذا الموضوع من التراث نعود إلى الكتاب الإلهي في العهد الجديد. تذكرون أنه في العهد القديم كيف أن الله يعظم أولئك الفقراء الذين كانوا ملتصقين بالله، وخصوصًا هذه المرحلة السابقة للعهد الجديد، حيث عرفنا جماعة في فلسطين هي الفقراء إلى الله وكانت منهم مريم عندما تقول أخفض عن الكراسي ورفع المتواضعين وأشبع الجياع من خيراته والأغنياء أرسلهم فارغين، منهم سمعان الشيخ، وكل هذه الجماعة الطيبة التي كانت بسيطة بيسوع.

كان عندنا إرتباط بين الفقر المادي والفقر إلى الله. كانت القناعة قائمة على أن المحتاج هو دائمًا يرجع إلى الله.

عندما نجيء إلى العهد الجديد نرى فكرًا يمثله لوقا وهو فكر الفقير، النزعة الفقرية. وفكرًا آخر في متى عندما يقول : طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السماوات.

نجد في متى الفكر الذي يؤكد على التواضع. المساكين بالروح هم الودعاء والمتواضعون الذي يرتاحون إلى الله.

القولة الصالحة في العهد الجديد في لوقا “روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين”. ثم يتكلم عن شفاء الأمراض وحرية الأسرى. واللافت أن لوقا يقول إن المسيح هو مبشر المساكين. لا يقول إنه يبشر الناس. وكأنه يقول إنه وحده يسمعهم. هم يستمعون إلى أنفسهم وشهوات أنفسهم وينفذونها. ويصل فكر لوقا إلى هذا التصريح الحاد “طوبى لكم أيها المساكين بالروح لأن لكم ملكوت الله”.

السؤال التفسيري الذي يفرض نفسه هو هذا: ما القراءة الأولى. ماذا صدر عن فم المعلم؟ هل تفويضك حسب متى “طوبى للمساكين بالروح” أي نحن في مجال الوداعة والتواضع أم أن القولة التي صدرت عن المعلم هي “أيها المساكين” أي نحن في حركة فقرية؟

يبدو لي من كثير من المفسرين أن متى هو الذي لطف العبارة اليونانية، وأن لوقا هي الأصلية.

مهما يكن من أمر أعتقد أن هذا جدل لا ينتهي. فإن سياق لوقا هو ان الفقراء آنذاك كانوا روحيين، سواء قال لوقا “أيها المساكين” هكذا فقط، أم قال الإضافة في متى. عند لوقا أن الفقراء الذين كانوا على هذه التقوى هم مغبوطون.

مجمل المفسرين يقولون لنا إن السيد ليس عنده إكبار أو تعظيم لأية حالة إجتماعية لا يمكن أن نقول إذا رأينا غنيًا،الله أنعم عليه. من يقول إن الله أنعم عليه؟

من لا يقول إن الشيطان أنعم عليه؟ إذا جاء بالمال من التهريب، أو بتبيض الأموال، هل يعني هذا أن الله أنعم عليه؟

إن الشعب لا يزال علىفكرة العهد القديم بأن الله أعطى إبرهيم، وأيوب أعطاه الله من مال وخيرات. من يقول إن الفقير إن الله إختاره؟ بعد نعمة ليس بعدها من نعمة. الله ينعم بالفقر لا ينعم بالمال، وكثيرًا ما ينعم بالفقر، كما ينعم بالمرض.

الملكوت يقتضي في الملكوت الأخير أن الناس اصحاء. قد تكون الصحة هنا على الأرض رمزًا وإشارة إلى الحرفية الروحية في الملكوت. انا لا اعرف الكثير من الناس اصحاء بحالة التواضع أمام الله أو يشكروه أو خفرين.

أنا اعرف أن الجمال يعادل بثمانين بالمئة مقرونًا بالإدعاء والإفتخار. فإن الوجع بالتواضع والوداعة إذا أردنا ان نفكك هذه الأشياء، ليس من عندنا دليل موضوعي على نعمة الله على صعيد المال والفقر أو الغنى والصحة.

إذًا لا تعظيم لأية حالة إجتماعية. يمكن أن يكون الفقير إنسانًا يائسًا، محييرًا. الفقير يمكن ان يكون كافرًا. ليس عندنا تعظيم للفقر. علينا ان نفرق بين الفقير والغني. عندنا دعوة إلى الفقراء وعندنا حالة فقرية إذا قضيها الإنسان ليرتقي منها إلى العدل، إلى مطلب العدل. وإذا إرتقى بها إلى رؤية النعمة على انها الغنى الوحيد. الفقر طاقة للرؤية. بحد نفسه ليس شيئًا يغبط الإنسان عليه. وليس الغنى بحد نفسه حالة من الكفر. إن ما وجب قوله بإختزال هو ان القناعة بالوجود ليست من الفضائل. القناعة كنز لا يفنى. الإستسلام لجبرية الحاجة هذا ليس من الإيمان. جل ما يمكن قوله أن سكنى الله هي في الفقير الذي يرتضي هذه السكنى الإلهية فيه. ليس الذي يرتضي الفقر ذلك أن إرتضى بؤسه يشارك في ديمومة الظلم. ما يروق الله فقط فقر نختاره تطهرًا وقربًا شهادة على الحاجة الوحيدة للملكوت الآتي.

الرهبانية كانت المستحث التاريخي لإكتشاف لاهوت الفقراء عند الآباء الكبار الذين نكرمهم. الفقر الإختياري ليس فقط في الرهبانية المقوننة، ولكن في أي عهد يعيشه المتزوجون في العالم. أي الحد من الحاجة. الفقر الإختياري شرط ملازم للإمساك الكامل وهو معنى الإمساك. عندنا عفة رهبانية لا يمكن ان تعاش إلا بالفقر الإختياري. هذان ركنان مترابطان. والعفة بمعنى الإمساك الجنسي هي تطلع إلى الملكوت الآتي. هي قفزة فوق هذا العالم من اجل الملكوت والسلم إلى هذا الملكوت. في هذا المنهج السلم إلى الملكوت هي الفقر الإختياري.

هنا عندنا في الإنجيل مسألة الإفتخار. إذ تذكرون هذا المثل، الإنسان الذي زادت غلته وأخذ يهدم الأهرام التي عنده ليبني أهراء أخرى، وقال: يا نفسي تمتعي الآن. وإعتبره الإنجيل جاهلاً.

موضوع الإفتخار في الإنجيل هو موضوع ظرفي ويتماشى مع الحضارات الزراعية. لأنه في فلسطين الفقراء كانوا الأكثرية الساحقة. وبالتالي الإفتخار يكون ضده. إن لم تعطهم فهم يموتون جوعًا. ولكن في حضارة كهذه التي نحن فيها القائمة على النظام المصرفي لا بد من الإفتخار. إذ لانأخذ هذا المثل الإنجيلي أنه سيهدم ويوسع الأهراء. هذا بصورته المادية لا يستقيم معنا الآن. فالذي يستقيم معنا أن الإفتخار ممكن في حضارة إقتصاد السوق. ولكن يبقى المعنى الأساسي من المثل الإنجيلي وإن لم تبق صورته الآن. المعنى الأساسي هو الإستقلال الداخلي عن الخوف، إستبعاد المال عن أن يكون بعدًا في العلاقات الإنسانية. إنه بعد في العلاقات التجارية. الشخص هو صاحب العلاقة، هو في مقابلة ومشاركة مع الشخص الاخر. المال بعد فقط من ابعاد العمل في إقتصاد السوق. وأما العلاقات الشخصية فهي صداقة ام حب. تعاطي الفن، تعاطي الفلسفة، تعاطي الفكر، تعاطي المهنة. هذا شيء شخصي إنساني.

إذا تابعتم الحياة كما كانت هنا في لبنان وفي هذا المشرق فهي لم تكن قائمة على المال. كانت قائمة على أن هناك نجارًا يبقى ستة أشهر لصنع خزانة جميلة جدًا وتدوم.

أنا عائش في مجتمع كان الحذاء فيه شيئًا جميلاً والإسكافي يعمل من أجل ان يكون جميلاً. الناس كانوا يعملون للجمال. لم يكن المال هدفًا حياتيًا.

خلاصة التأمل أن المسيح في الفقراء وليس في الفقر إلا الفقر الإختياري ذو النهج الرهباني. المسيح في الفقراء لأن المسيح في السجبن. المسيح في المريض. المسيح ليس في المرض. هو ساكن كل المحتاجين إلى الرحمة وإلى الحب. المسيح في المشاركة لأن المشاركة هي المحك الحقيقي لستر المحبة.

وببساطة المحبة تيقى كلمة شعرية إن لم تكن مقرونة بالعطاء المالي. فالمحبة التي لا تترجم بالمال ليست مغلوبة.

س – هل يعاش الفقر فرديًا أم يعاش جماعيًا ؟ فلماذا الكنيسة لا تشهد لفقر

يسوع ؟

ج- الكنيسة في التاريخ معترّة.

إن كل ما بين ايدينا علينا أن نتربى على انه للجميع. في التاريخ المسيحي إخترع شيئ جميل جدًا وهو الأوقاف. يقتطون مالاً تكون فوائده للمؤمنين لكل الأجيال ولفقراء الكهنة. إن ما يعوزنا في الكنيسة تبين لنا في بعض الرعايا أنه هو نفسه هو المشاركة المالية. فالكنيسة لا تكتفي بلم الصواني. ومعظم الأرثوذكس عندهم ثلاث مواسم ليذهبوا إلى الكنيسة، وقت يولد وقت يتكلل ووقت يموت. معنى هذا أنهم لا يعطون شيئًا. علينا أن نتربى على العطاء المستمر. هذا إذا حكينا عن عمل العطاء ضمن الكنيسة وهذا يجب ان ينفذ بالدعوة بالنداء وبالإقناع بحيث نحمل بعضنا بعضًا.

يوليانوس الجاحد قال: إن مسيحيي روما بعصره في القرن الرابع ليس فقط يدعمون فقراء المسيحيين ولكن يدعمون كل فقراء مدينة روما.

ففي القرن الثاني الميلادي، هذا النظام الذي إسمه الصوم لم يأت من تقشفهم وأنما المسيحيون يحرمون أنفسهم من الطعام لكي يعطوا للمحتاجين في الرعية. فالكنيسة كان عليها أن تفهم هذا اللاهوت الحقيقي أن الذي لك إنما يؤخذ منك عن طريق التطوع، لأنك انت مؤتمن عليه. فأنا أكون اعتتدي على أمانة إلهية. ولكنك أنت مبعث المشاركة يدفعك للعطاء.

يقول نيقولا بردياف: إن الرغيف الذي أنا سآكله هذا موضوع مادي. الرغيف الذي سأعطيك إياه هو موضوع روحي.

توجد المحبة لله التي هي طاعة له. ولكن توجد المحبة التي بين الإنسان والإنسان. لا أتكلم عن العشق بين الرجل والمرأة ولكن عن المحبة التي حكى عنها يسوع الناصري، وعبر عنها بنوع جلي في إنجيل الدينونة بقوله: كنت جائعًا فاطعمتوني. فهذا الجائع إذا قلت له: الله يعطيك. هذا كلام ليس فيه ألوهية أبدًا.

عليك ان تحكي بكلمة من الله، من المحبة. وإذا كانت المحبة محصورة بالوعظ حتى يكون بين الناس طراوة عاطفية هذا جميل جدًا. ويجب ان يمارس.

ولكن كيف تظهرين محبتك ِ للفقير؟ هذا هو السؤال. أنا الذي أقوله ليس ماديًا. هو قمة الروحانيات. ليس من تعبير عن المحبة حقيقي فعلي يكلف، يوجع إلا هذا العطاء الذي ظاهره محبة وجوهره ذروة.

Continue reading