فصحنا/ الأحد 27 نيسان 2003 / العدد 17
الفصح كلمة تعني العبور. وفي العهد القديم هي الاحتفال بالخروج من مصر الى ارض الميعاد، ويتم العيد بأكل الحَمَل الفصحي. الفصح المسيحي هو ان يجتمع المؤمنون بيسوع ليقيموا ذكرى موته وقيامته وهو حَمَل الله الحامل خطايا العالم. وبه يعبرون من الخطيئة والموت الى حرية ابناء الله. ولهذا قال كتابنا عن يسوع انه هو الفصح (1 كورنثوس 5: 7). اخذنا اذًا عيدا قائما وغيَّرنا معناه. يسوع يعبر من هذا العالم الخاطئ الى الآب (يوحنا 13: 1).
الفصح الدائم الذي تركه لنا يسوع هو الذبيحة السرية التي تتحقق بأننا نأكل جسد الرب ونشرب دمه اي نأخذه كاملا فينا، نأخذ ذاته. لهذا كان كل قداس ذكرى موته وقيامته معا. فهم المسيحيون هذا منذ البدء فصاروا يجتمعون كل يوم احد لِما سُمِّيَ كسر الخبز. ولهذا سمي اليوم الاول من الأسبوع يوم الرب. ولهذا السبب ايضا نقول بالعربية يوم الأحد ولا نقول الواحد لأن الواحد في الأرقام يليه اثنان وثلاثة. هذا هو يوم الأحد اي المكتمل بذاته الذي ليس كبقية الأيام. وقد ابتدأت الكنيسة تقيم فصحا اسبوعيا وهو اليوم الاول من الأسبوع. وبعد هذا انشأت العيد السنوي. وفيه نعلن تحررنا من الخطيئة والموت ونتحد بالمسيح المصلوب والقائم حيا على رجاء عبورنا الأخير الى الآب عند قيامتنا. فبعد المجيء الثاني نحقق العبور الكامل الى الله. لذلك عندما نقيم ذبيحة القداس نكون مشتركين بالمجيء الاول ومتوثبين الى المجيء الثاني.
اما في الحياة الطقسية فالعيد هو ثلاثية تبـدأ مـن الجمعة العظيمة. لا ندخـل في اعمـاق العيـد الا اذا اشتركنا في فرح هذه الأيام الثلاثة. ولا ينحصر فرحنا في ان المسيح قام ولكن فرحنا ايضا في انه انتصر على الموت بقبوله الصلب. جوهر الخلاص ان السيـد قَبِـل موتـه طوعا فانسكبت حياته الإلهيـة في مملكـة المـوت وأماتت المـوت. ولهذا سميت عندنا ايقونة العيد النزول الى الجحيم، وعلى الايقونة ترى المسيح في ممـلكة الأموات منهضا بيديه آدم وحواء الممثلين لكـل الجنس البشري. لقد تـم الخلاص على الصليب كاملا وجاءت القيامة كشفا لهذا الخلاص. هي الدليـل على ظفر المسيح وتبيان ان الموت لم يستطع شيئا على المخلص.
إسقاطا لهذا الخلاص علينا نقرأ في سبت النور من بولس: “ان كل من اصطبغ منا في المسيح يسوع اصطبغ في موته فدُفنا معه في المعمودية للموت (اي حتى نذهب الى موته وإماتة الخطيئة فينا) حتى اننا كما أُقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب كذلك نسلك نحن ايضا في جدة الحياة”. وحتى تظهر الكنيسة الوحدة بين السيد والمؤمنين به كانت تقيم معمودية الداخلين جديدا في الإيمان في الليل الفاصل بين سبت النور وفجر القيامة وذلك في بيت المعمودية فيدخل المسيحيون الجدد مبنى الكنيسة حاملين الشموع التي تدل على استنارتهم ويستقبلهم المؤمنون بالهتاف: “انتم الذين بالمسيح اعتمدتم (اي الآن) المسيح قد لبستم”.
اما المؤمنون القدامى والجدد فيقولون للسيد المبارك: “قم يا الله واحكم في الأرض”. ان ما نعنيه بهذا ان المسيح الحي والظافر قد تم إعلانه ملكا على اهل الأرض، واننا مدعوون بقوة قيامته ان نصير بشرا جددا لا عيب فينا ولا دنس بل نكون لابسين فضائل الإنجيل.
ولكوننا تائقين الى الحياة الجديدة، يقف الكاهن عند الباب الملوكي حاملا شمعة متقدة يقتبس منها المؤمنون نورا لشموعهم ويقول لهم: “هلموا خذوا نورا من النور الذي لا يعروه مساء ومجدوا المسيح الناهض من بين الأموات”. واذا كان ضياء المسيح لا يتبعه مساء او ظلمة، فما يريده السيد من كل واحد منا ان يحتفظ طوال حياته بنور يسوع ولا تدخل الى قلبه عتمات.
اذ ذاك يبدأ الفرح الأعظم الذي نرجو بعده ان يكون كل يوم من ايامنا فصحا اي حقيقة ليس فيها زغل وبر لا تخالطه الخطيئة، وهكذا نقدر ان نرتل باستحقاق: المسيح قام.
Continue reading