Monthly Archives

March 2011

2011, مقالات, نشرة رعيتي

السجود للصليب/ الأحد 27 آذار 2011 / العدد 13

العبارة تعني السجود للمصلوب. ينتج عن هذا العلاقةُ بين يسوع والمؤمن، والعلاقة تبدأ باتباع السيد. كيف يكون؟ من أراد أن يتبع المعلّم فليكفر بنفسه، فليخلص من حُبّه للأنا، من عبادته لنفسه، ثم يحمل صليبه، آلامه، فليتحمّل مصاعب حياته ويتبعني الى حيث أشاء. بعد هذا يشرح الرب هذا الكلام بأكثر وضوح: «من أراد أن يُخلّص نفسه يُهلكها» إذ لا خلاص إلا بالجهد والتعب.

«ومن أَهلَكَ نفسَه (أي من جاهد وتعب) مِن أجلي ومن أجل الإنجيل يُخلّصها».

هنا نصل الى القمّة: «ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أَم ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه». خلاص نفسك بمحبة يسوع واكتساب فضائل الإنجيل يُساويان العالم كله (المال، التسلّط، الملذّات). كل ما يؤذي نفسك ترميه جانبا وتتسلّط على كل رغباتك.

يُلخّص يسوع هذا الكلام بقوله: «مَن يستحيي بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ يستحيي به ابنُ البشر متى أتى في مجد أبيه مع الملائكة القديسين». هذا إشارة الى الدينونة. يسوع لا يعترف بك إن لم تعترف انت به. ليس في الدينونة مزاح.

عندما تُقابل يسوع هنا وبعد موتك ينبغي أن كلامك في هذه الدنيا كان بلا عيب، وأن تصرفاتك كانت بلا عيب. اذا كنت موافقا ليسوع في كل شيء يُعطيك مجده.

في آخر هذه القراءة يقول السيد لمحبّيه: «الحق أقول لكم إن قوما من القائمين ههنا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله آتيا بقوّة». المعنى الأرجح أن ما قصده السيد أن بعض الذين كانوا يسمعونه لن يموتوا حتى يروا قيامة المخلّص. سينسكب عليهم المجد.

هذا الإنجيل الذي يقع في الأحد الثالث من الصوم، وهو الأحد الذي يفتتح منتصف الصوم، يدعونا الى التقشّف الذي نذوقه في هذا الموسم الذي يرفع مستوى النسك والتشدّد بمحبة المسيح ونُحسّ فيه ببدايات الفرح.

المصلوب تتحدث عنه رسالة اليوم اذ تُسمّي ابنَ الله رئيسَ كهنة، ورئاسة الكهنوت حقّقها في موته على الخشبة. وعليها جُرّب في كل شيء ما خلا الخطيئة.

بعد هذا يفسّر صاحب رئاسة الكهنوت «لم يُمجّد نفسه» ولكن مجّدَه الذي قال له: «انت ابني وأنا اليوم ولدتُك».

هذا يعني أن المسيح، الذي هو ابن الله في جوهره الأزلي، أعلى ايضا ابنا في بشريته لما رُفع على الصليب تأكيدا لما قاله له الآب «انت كاهن الى الأبد على رتبة ملكيصادق».

Continue reading
2011, جريدة النهار, مقالات

أنا من أنا؟ / السبت 25 آذار 2011

الانسان في بشرته من هو وليس لنا لمعرفته الا بشرته؟ تبدأ لمعرفته بجسده. ترى في عينيه عيني أبيه او أمه ويختلف الناس في الوصف والحقيقة ان هذا الرضيع موصول وعلم الجنات يعلمك عما هو أدق حتى يصل هذا الطفل الى سن توضح القربى في الطبائع بينه وبين ذويه والقربى في بعض الحركات، في المشية والقعود فتلحظ الوحدة وتلحظ الافتراق حتى يكتمل البدن او يكاد. واذا تعمقت التدقيق ترى الشبه يعظم او يقل. ففي هذه العائلة تأتي الاثنينية أقوى وفي تلك هي أضعف.

في علم الجنات بدا اكثر من الماضي الشبه ليس فقط في البنية وليس فقط في ما هو للبشرة ولكن في ما هو في أعماق النفس اي في بنية الانسان العميقة. بدا الاختلاف الكبير، الشرخ بينك وبين ذويك لأن النفوس ليست خلايا تتشابه او تتراكم فقد يكون ابوك عاقلا او معتدلا او متوازنا وأنت على عكس ذلك قليلا او كثيرا. تقول، من اجل التفسير، انها البيئة. ولكن لا تستطيع ان تحلل لماذا او كيف كان تأثير البيئة. لا تستطيع ان تربط بين البيئة والتغيير التي أحدثته. هناك شيء يدخل الى هذا الكيان من فوقه او من تحته او من جنباته. هناك شيء غير البشرة الموروثة. هناك مخالفات عندك لما كنت تلمسه. فقد يكون ابوك غضوبا جدا وتأتي انت هادئا. ماذا لامسك، ماذا هب فيك لتبدو وكأنك منقطع عن أبيك وأمك؟ هل انت ابن واحد من الناس او لست ابن واحد من هذه الأرض؟

هل ضُربت الاثنينية بعامل هو خارج هذه البشرة. يصير الانسان واحدا اذا أحس بمحبوبيته. كان قد اتى من رحم امه تشكله كل العوامل التي رُكب منها فبعد ان اخذ يستقل بقطع حبل السرة صار يسير نحو وحدته. اخذت احاسيسه تشعر مؤتلفة انه قادر ان يقول انا . موقف ليس ضد الأنا الأخرى. لا يريد ان يذوب في الآخرين ولكنه لا ينغلق دونهم. اناه هي اياها بتناغمها. هذا ما نسميه جدلية الوحدة والكثرة. تثبت الشخصية بالتوحد والتمايز متلازمين. الخوف من الصدام بينهما.

ليس التلاحم فقط بين الأحياء. ليس أدل على استمرار النفس من بعد موت من كونها تعطي او من كونك تأخذ منها. كم من ميت يعايشك بقوة ما كنت تعرفها في حياته. من اين جاءت هذه المشاركة؟ ليس هذا حوارا كلاميا. لا تحدث هذه المعايشة تداخلا عاطفيا لأن هذا الداخل يتطلب وجها. الوجوه غابت. لم يبقَ الجسد ركيزة لشيء. ما في الأمر خيال وما فيه عاطفة كهذه التي كنا. نبديها، انت واحد، منصهر ولكنها وحدة مصبوبة فيها ينابيع يجب ان تكون هي ايضا مصبا. الانسان الواحد انسانية مع انه ليس بجمهور.

#   #

#

كل هذا يفيد ان كلا منا وحيد بمعنى انه ليس مثله شيء. ان يكون خصوصيا لا يعطيه فضلا. يعطيك هو فضلا فتصير به وقد يمدك بما لا يعرف فتأخذ انت حسب موهبة الأخذ فيك وتحب وتعرف ما تحب في الآخر وصديقك يعرف ما يأخذ وانه ينمو بك ويحسن هذه هي التربية التي لا يتبجح فيها احد انه المعلم. هذا تكامل الندية التي يحرص فيها كل واحد على ان الآخر افضل منه لأنه يراه المعطي.

وعلى قدر وعي هذا السر تتشكل الصداقة وقد قال أحدهم لما سُئل عن سر ارتباطه بصديقه نحن هكذا لأنه هو هو وانا انا اي هناك ما كان أعمق من المعرفة العقلانية. العلاقة تتكوّن مما يسمو طبائعك وطبائع آخر وهذه هي المحبة الصافية التي ننمو بها وحدها.

خارج العنصر البشري اذا كنت ذواقة يهذبك الجمال. منا من يأتي من حبه للطبيعة ومنا من أتى من حبه للمنازل الحديثة او الأثرية او الفنون. شخصيتك، اذ ذاك، نضرة تنقذك من الحزن والجفاف. انت عطية الطبيعة وغني بها او انت عطية الفن. هكذا يتغذى التدفق الذي فيك ويزول جفافك. هكذا تنغرس فيك الجنات.

الأنا اذًا كونية ووجدانية معا. هناك من يأخذ من الطبيعة قليلا ومن الفنون قليلا ولكنه يأخذ من البشر كثيرا. اية كانت المصادر الإنسان متشعّب الغنى وعليك ان تكتشف جماله. ولك ان تنمي قدرتك على استيعاب ما انت مؤهل لالتقاطه لكونك في الأصل غير محدود. أنت انت ولكنك ايضا ما ستصير.

ومع انك غير محدود في الخط الذي انت سالكه الا انك لا تستطيع كل شيء. اقبل ما وُهبت وتوسّع فكل وزنة جاءتك مدعو انت ان ترد اضعافها لله الواهب وللناس الذين حولك. لقد اختصك ربك بما لم يختص سواك. استثمر ما بين يديك لأن انا الآخر يجب ان تكبر اهتمامك حتى لا يجف العالم. لا تستطيع ان تنام ما دمت موهوبا فالرب يكره ان تتصحر الدنيا.

#   #

#

تولد من أبيك ومن أمك ثم من بيئة الطبيعة والعلم والفن وخبرة الحياة ولكنك فوق ذلك تولد من الله الذي وحده يضمك بكليتك الى نفسه. انت تنفصل عن أمك بالولادة. الولادة خروج ولكن اذا وُلدت من الله بنعمته يكون قد اعطاك من كيانه ويقول علماء كنيستي انك جئت من أزليته وهو يحبك بالحب نفسه الذي يحب به مسيحه. يجعل لك انا غير هذه التي استمددتها من أمك. منها ومن أصدقائك تصير آخر بالدرجة. من الله فقط تصير آخر بالنوع. تصبح إلهيا ولن تبقى فقط جسدا آتيا من جسد. فقط «المولود من الروح هو روح» اي ذو كيان آخر من هذا الذي اطلقته فيه امه الى العالم. يصير من عالم آخر، هذا الذي ينزل عليه بالحب الإلهي.

Continue reading
2011, نشرة رعيتي

شفاء المشلول/ الاحد 20 آذار 2011/ العدد 12

بعد تجوال للبشارة في الجليل، عاد يسوع الى كفرناحوم المدينة التي اتخذها مسكنًا له بعد الناصرة. «وسُمع انه في بيت» او في البيت. هل كان يسكن مع بطرس ام ان هذا كان بيتا استأجره. في هذا المكان أُتي إليه بمخلع، اي بمشلول كما نقول اليوم، يحمله أربعة رجال لم يتمكنوا من دخول المنزل بسبب ازدحام الناس عند الباب فصعدوا الى السطح وكشفوا السقف ونقبوه ودلّوا المحمل المُسمّى هنا سريرًا.

في فلسطين كما في جبل لبنان قبل زمن غير بعيد كان عندنا بيوت سقفها من تراب موضوع على خشب، وكنا نستعمل المحدلة لرصّ التراب منعا لتسرّب المطر.

كلام يسوع للمريض: «يا بنيّ، مغفورة لك خطاياك». جعل اليهود يعتبرون هذا الكلام تجديفا لأنه يتضمن أن بشريا جعل نفسه إلها إذ في نظرهم كان يسوع فقط إنسانا. ولم يشاهد بشر في العهد القديم -نبيا كان ام معلمًا للشريعة -يقول لإنسان آخر: مغفورة لك خطاياك.

عند تعجبهم قال لهم الرب: «ما الأيسر أأن يُقال مغفورة لك خطاياك، أم أن يُقال قم واحمل سريرك وامش». غير ان السيد أراد أن يثبت صحة كلامه فقال للمخلع: «لك أقول قم واحمل سريرك واذهب الى بيتك».

لماذا قال يسوع اولا: مغفورة لك خطاياك؟ الجواب لأن لغفران الخطايا أهمية أكثر من الشفاء، واليهود كانوا يعتقدون ان المرض نتيجة الخطيئة. العهد الجديد لا يقول هذا. ففي إنجيل المولود أعمى في يوحنا يقول عنه الرب: «لا هذا أخطأ ولا أبواه» ليولد أعمى.

تمّت الأعجوبة وشاهدها الجميع.

من العبر التي نقتبسها من المعجزة هذا: أن نقتنع ان الشفاء الروحي أهم من الشفاء الجسدي. فإذا اعترانا مرض، المهم اولا أن نطلب من الرب النجاة من الخطيئة وأن نتوب دائمًا أبدًا. هناك عبرة أخرى أن نذهب بكل خاطئ الى يسوع كما ذهب بالمشلول الأربعة الى السيد، وكما حملوه نحمل نحن الخاطئ بسلوكنا الجميل فيهتدي به او نهديه بالكلام الحسن ليترك خطيئته.

نحن لا نلوم الخاطئ فقط، لكن نعظه بالكلام الطيّب ونكشف له حسنات الفضيلة التي خالفها وذلك بروح الوداعة. فالخطر علينا أن نؤدبه بقسوة. القسوة فيها استعلاء. نؤدب من سقط بلطف شديد لئلا يبقى على خطيئته. نذكرُه كلَّ يوم أمام يسوع. نبكي من أجله ليتلقاه برحمته.

Continue reading
2011, جريدة النهار, مقالات

رهبة الموت / السبت 19 آذار 2011

ما من رهبة تقارَن برهبة الموت لأنه العدو وان كان من عداوات اخرى فهي مهيئة له. ولعل شيئا من الخصومة بيننا وبينه ناتجة من كوننا لا نستطيع ان ننتظره اذ لا نعرف اليوم ولا اللحظة اللذين يحل فيهما. يأتيك مرض رهيب وتبقى في الوجود ولا يأتيك مثل هذا وتخفى.

أنسباء من مات وأصدقاؤه يحسون هذا الرحيل وكأنه قصاص ينسبونه الى الله. هذا يعبرون عنه بقولهم ان »الله يميت ويحيي« اذ لا بد ان يحل حدث كهذا بأمر من كان سببا لكل شيء. أليست وظيفة الخالق ان يكون مصدرا لكل شيء والشيء يعني الوجود كما يعني العدم. غير ان هذا الاعتقاد يعني ان لله خطة في الغاء الحياة كما له خطة في استمرارها. هذا يعني بصورة أبسط ان ربك منذ الأزل يمسك بدفتر سجل عليه اسمك وكتب عليه السؤال هو لماذا يهتم لك حتى تبلغ المئة او أكثر او لماذا يتخلى عنك كما تقول العامة. أليس الاقرار بالتخلي الالهي إقرار بتحيز الرب في هذا الأمر او ذاك.

في الحقيقة لسنا نعرف المقاصد الإلهية اذ تركنا في السر الكامل امام حدث لا مهرب منه. أعترف ان هذا مخيف ولكن كثافة الخوف تزداد عندنا اذا اعترفنا ان الرب سبب انخطافنا عن هذا الوجود وتتغير مواقفنا كليا اذا آمنا ان الله يحب استمرارنا في الوجود وليس له موقف اعتباطي ولا يملك دفترا يفتش فيه عن اسمك وزمان رحيلك لأنه ليس بمزاجي ويبقى على صعيد العاطفة البشرية الموت محجوبا سره عنا وقد ينكشف السر في اليوم الآخر.

#   #

#

في سورة الزمر، الآية 48: «الله يتوفى الأنفس حين موتها» تمييز بين فراق النفس عن الجسد والتوفي الذي يقوم به الله. هذا القسم من الآية يبدي اننا امام امرين: الأمر الاول: موت النفوس وتوفي الله النفوس التي فارقت. يستعيد الله من النفس وديعته. هذا هو عمله. اما بأي سبب تعود اليه من اصطفافها في الطبيعة فهذا سؤال لا يبدو ان ثمة جوابا عنه.

انا لا دخل لي في حديث القضاء والقدر. أتمسك بقراءة مستقلة تبين لي الفرق بين الوفاة وما يسميه الكتاب «موت الأنفس» لأقول ان النفوس تذهب الى الله كما تذهب ويتقبلها الله برحمته وكل شيء عند المؤمن هو هذا التقبل.

ولا يتعزى المؤمن اذا شرحت له السبب البيولوجي للحدث . انه على فهم نسيبه او صديقه ذلك، الحزن حزن وفي الحقيقة ان المعرفة البيولوجية للفراق ترجيح والترجيح العلمي لا يعزي لأن حبيبك قد ذهب وما كنت تريده ان يذهب.

القصة كلها انك لا تحب الغياب. الألم ان من كان في عينيك أمسى خارجا عن النظر وكل شيء هو اللقاء الدائم في العيون وفي باقي الحواس. الوجود هو في اللصوق. لا أحد يصالح الغياب ويبقى الانفجار على مقدار الحب ولا يقوم الكون على قاعدة الفهم العقلي والبكاء تسجيل لعدم الفهم.

اذا جعلت ميتك في حالة انحسار عن ناظريك وذاكرتك يكون هذا بدء تحررك من صورة له قابضة عليك ولا ينفع ان تنقله من بصرك الى بصيرتك اذ يبقى هذا انكماشا لك فيه ويختزن عناصر موات فيك. انت عليك ان تتحرر من الأموات لأن حياتك فقط في الله. اذا جعلت المائتين في رعاية الرب اي في حقيقة محبته تكون قد رفعتهم الى الحق. لقد سمعنا كثيرا في مآسي الحرب: هذا الشهيد او ذاك فينا. اذا كان هذا القتيل او ذاك حيا فيك فأنت عبده. انت مدعو الى الحرية من كل الأموات واللقاء بينكم هو فقط في الصلاة اي في حركة دفعك اياه الى ربك اذ لا يحتاج هو اليك ولكن الى انعطاف الله عليه.

ما يسميه المسيحيون شركة القديسين لا علاقة له بتذكر الأحياء للذين ذهبوا. هي المشاركة في القداسة فقط. الكنائس التي تؤمن بالاستشفاع ليس فيها ارتكاز على الانفعال العاطفي. انه الارتكاز على الروح القدس الذي يطهر الأرواح كلها ويؤلف منها كنيسة واحدة.

الجهد الذي لا بد من بذله تأسيسا على ما قيل هو ان نرى الميت الذي نعز متكئا على صدر المعلّم فإن العشاء السري مستمر وفي انسلاخنا عن هذا العالم نستمع الى قلب السيد ويبدأ الفهم ويصعدنا الى الآب الذي في حضرته نتكئ على الرحمة التي هي مجالنا عنده. في الملكوت نذوق القيامة شيئا فشيئا. القيامة ليست زمنا. هي حنان واذا كنا نرجو هنا الغفران فإنه ينزل علينا مذ ارتحال النفس عن الجسد اذ لا يمكن عند الافتراق ان نكون امام العدم. منذ اللحظة الأولى نحن في الرؤية تأكلنا القيامة بحيث نبدأ الدخول الى الفصح.

فصحيتنا ليست مرجأة ولكن الفصح الواحد المشترك يعلن في القيامة الأخيرة ليسطع حب الله علينا وحبنا له.

من هذا المنظار المجد ليس مجزأ. انه سعة متسعة. من قدر ان يعيش هذا بقناعة تامة لا يموت.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

أحدُ الأُرثوذكسيّة/ الأحد 13 آذار 2011 / العدد 11

بعد أن باشرنا الصوم الأحد الماضي ومارسنا شيئا من التقشف والإمساك، وبعد أن كثّفنا صلواتنا، رأت الكنيسة أن تُخصّص هذا الأحد لتذكيرنا بأننا نصوم ليقوى إيماننا، فسمّت هذا الأحد أحد الأرثوذكسية وهي كلمة يونانية تعني استقامة الرأي. فإن لم يكن اعتقادك بالله مستقيما يكون صومك باطلا.

وذكرت في رسالة اليوم قديسين من العهد القديم، وذكّرتنا بآلامهم (توتير الأعضاء، الضرب… الهزء، الجلد، السجن، الرجم، الموت بحد السيف). وقالت الرسالة انهم كلهم مشهود لهم بالإيمان.

الى هذا وضعت الكنيسة في الأحد الثاني من الصوم ذكرى للقديس غريغوريوس بالاماس (القرن الرابع عشر) الذي أَوضح الإيمان الأرثوذكسي بصورة قوية في تعليمه عن النعمة الإلهية غير المخلوقة.

اما الفصل الإنجيلي فيتضمّن دعوة الرسل كما رواها يوحنا. المذكور أولاً بينهم هو فيليبّس الذي كان من بيت صيدا (وهي غير صيدا اللبنانية). من هذه هذه المدينة كان أندراوس وأخوه بطرس. الرسول يجد شخصا آخر يضمّه يسوع الى من صاروا اثني عشر. من آمن يبث الإيمان الى آخر. رابع المدعوّين كان نثنائيل الذي رفض أن يأتي نبي من الناصرة.

غير أن يسوع قبله. كشف السيد نفسه لهذا الذي شكّ فيه فاعترف به: «انت ابنُ الله، انت ملكُ إسرائيل». فكان تعليق السيد: «الحق الحق أقول لكم انكم من الآن ترون السماء مفتوحة وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن البشر».

المسيح جامع السماء والارض وهو وحده الوسيط بين الله والناس. هذا هو إيماننا. الأُرثوذكسية تُلخّص بهذا الكلام.

آباء العهد القديم نظروا الى المسيح فآمنوا بالآتي. أما نحن فقد آمنّا أنه أتى. هذا إيمان واحد. غير أن الأقدمين «لم ينالوا الموعد لأن الله سبق فنظر لنا شيئا أفضل أن لا يكمُلوا بدوننا». إذ لا يخلُص احد قبل رؤيته الصليب والقيامة. آباء العهد القديم شاهدوا المسيح عن طريق النبوءة. نحن شاهدناه بإنجيله اي بما تحقّق.

الرسل والإخوة رأوه بعيونهم. نحن لم نره بالعين. قبلناه بسبب الرسل الذين بشّرونا به بالإنجيل وآمنّا به بالكنيسة التي يحتضنها هو وتنقله هي بالبشارة والأسرار المقدسة.

أحد الأرثوذكسية يجمع بين من رأوه جسديا والذين لم يروه جسديا. نرجو أن يحفظنا الرب في الإيمان المستقيم ويمنع عنا البدعة والشذوذ والسقوط في الفكر المنحرف. وهذا يحتاج الى جهاد المحافظة على القراءة الدينية المستمرّة وعلى مشاركتنا الخدم الإلهية والصلاة ولاسيما في هذا الموسم المبارك الذي نتهيأ فيه للفصح المجيد.

اذًا دعوتُنا هي الى الصيام الطيّب والمطالعة التي تُقدّس النفس وتُجدّد فيها النباهة. يرضى الله عنا إذا صُمنا كإخوة مع كل الكنيسة لنسير معا الى القيامة.

Continue reading
2011, جريدة النهار, مقالات

الكلمة والروح / السبت 12 آذار 2011

النفس البشرية ميدان التوتر بين القيام والسقوط. هي في طريق القيام وفي طريق السقوط. ليس للخير وجه يساير وجه الشر. انهما يتصادمان. هناك نزف لا نعرف كيف يتفجر وانت مفطور على الخيرات ولا يسكنك الا الله. ما من ذات اخرى تنثني فيك. هناك انبثاث الهي يتسرب اليك وانبثاث ابليسي او وساوس شيطان يوما بعد يوم وتتشرب بثا بعد بث حتى ساعة شفاء.

ليست القضية قضية ميزان بين نوازع خير ونوازع شر في النفس. ليس ثمة كفة ترجح وما في الأمر حساب. السؤال هو ما في عمقك. سؤال ربك في الأخير هو هل انت معي. في اللحظة الأخيرة، في الدينونة السؤال هو هل انت معي في كثافة وجودك البادي أمامي. الإنسان لحظة، وجود أمام الوجود الإلهي. فليست المسألة ان يفحصك ربك في الوصايا العشر التي أعطاها الله موسى. هذه اشارات، جملة وتفصيلا، الى كونك صديق الله او عدوه.

انت في هذه الدنيا لا تخرج بالتوبة من رذيلة الى فضيلة. هذا يحدث مرات بالتوبات العظمى. ما يحدث، هو نقلة من سوء وضعك الى وجه الله، من انحجابك عنه الى انكشافه لك. المكشوف وجهه للناس بحسناتهم يقول لهم «تريدون وجه الله» (سورة الروم، 38). فمن بعد سيئة لا يحول عملك الى حسنة الا اذا أردت وجه الله ذاته اي اذا دخلت في حبه. بسبب من ذاته وبذاته يمحو خطاياك. ليس السؤال ماذا تطلب ولكن من تطلب. واذا كانت اللغة تقول لك انت تطلب الرحمة او الغفران او الاحسان وما اليها تكون في الواقع طالبا الله اذ لا تمتلئ النفس الا به. انه هو المالئ الكل بكل جمالاته. «ومن ملئه نحن جميعا أخذنا. ونعمة فوق نعمة» (يوحنا 1: 16). هناك اذًا نعمة تختلف عن نعمة ولكنها جميعا صادرة عن الملء الإلهي. ليس غلوا تاليا ان أقول ان الخاطئ ينتقل من مقاطعة ربه الى معاشرته. بلا هذه المعاشرة لا نرث شيئا ولا نرى شيئا.

هذه القربى تلاشي البعد بين القدرة الإلهية وما تستطيعه انت. قد تصل القربى الى حد اللصوق. ما الفرق بين اللصوق والوحدة؟ بينك وبينه فسحة في الجوهر اذ هناك هوة بين الخالق والمخلوق لئلا تزول الخالقية او تزول عبادة المخلوق للخالق. على ذلك هناك وحدة ما حتى نتمكن من الكلام عن صلة. بلا صلة حقيقية انت مشلوح في الخلق شلحا. لا بد اذًا من بث إلهي في الإنسان او من فعل إلهي أزلي في الإنسان يتم به الخلاص.

ينزل الله اليك بالحب الالهي حقيقة. بينك وبينه تواصل او ليس من شيء. كل مواجهة تواصل. ان يكون وجهك الى وجه آخر في المحبة. يوحدهما. ولو بقيتما على استقلال. الذات تقابل الذات ولكنها لا تتباعدان حتى الانفصال اذ تبطل، اذ ذاك، المواجهة. اذا استطعت ان تؤمن تنوجد في هذا اللقاء بينك وبينه.

#   #

#

هل ينطبق مفهوم الحوار في علاقتك مع الرب؟ الحوار يتضمّن مساواة ما بين شخصين. في اللامساواة القائمة بينك وبين الله ليس من حوار الا اذا تنازل الله بمشيئته ان يجعلك بمحبته متصلا به حتى الوصال. في المسيحية هذا ممكن بسبب التجسد الإلهي. يلبس فيه ربك التساوي. ليس ذلك تصنعا او اصطناعا ولكنه عمل تنازل على مستوى المشيئة الإلهية. يقابل ذلك منك تصاعدا بشريا. هذا ما يمكن تسميته حوارا بين الله والإنسان. في الحقيقة هو انضمام منك اليه والخضوع لكلمته.

ماذا لا يتضمّنه الحوار؟ اذا أنت أغرتك الخطيئة -وهذا ما نسميه التجربة- لا يناقشك الله. هو يأمرك أمرًا. أمرك ان تسكت الإغراء، ان تقول لا للخطيئة في اول ظهورها في ذهنك. انت لا تناقش الشيطان. ترفضه رفضا منذ البدء. لا تتردد في الكلام معه. ترده بحدة. تنكفئ في كلمة الله. تمتلئ منها كثيرا في خزانة قلبك حتى تنسكب فيك وتواجه الإغراء بشدة حتى لا تقيم مع الإغراء حوارا.

تجذبك لذة الخطيئة. فقط نور القيامة اذا نزل عليك ينتشلك من جاذبية اللذة الى فرحك بمعاشرة المسيح. «لا تترك لذة الا لذة أعظم» (باسكال). عندما يشدك فرح الرب اليه يهون خيارك. افرح في الرب كل حين حتى يقوى فرحك في أوان الضيق اي حتى يصبح ينبوع مقاومة منك. لك ان تألف الرب حتى يصبح مأواك وفي هذا المأوى تتشدد.

#   #

#

هنا يأتي السؤال عن تقوية الإرادة. ما من شك انك في كل مرة تقول للإغراء لا تتقوى وتستقوي بالروح الإلهي. الإرادة فيها رياضة روحية وفيها ما يهيئ دروب النعمة. غير اننا نلاحظ ان اباءنا لم يتكلّموا كثيرا عن ترويض الإرادة. انهم تكلّموا بخاصة عن الصوم والنسك وقراءة الكلمة والصلاة. هذه كانت عندهم وسائل ترويض الروح البشرية، ترويض الكيان الكامل.

التعفف عن الطعام والشراب واللهو وكل ما كان غير نافع في الأوان الذي نحن فيه، هذا التعفف بناء كامل يهيئنا لاستقبال النعمة. وان نتخطر في النعمة ونصبح بذا كلمة إلهية يجعلنا نرد ما كان يصدم الكلمة ويحولنا في كل مشاعرنا وأفكارنا عقلا الهيا ومسكنا لله بالروح.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

أحد الغفران / الأحد 6 آذار 2011 / العدد 10

غدًا الاثنين نرجو الله أن يدخلنا الصيام بنعمته إذ لا يصوم الإنسان إلا بقوّتها فيذكّرنا بولس بأن «قد تناهى الليل واقترب النهار». النور في أسابيع الجهاد الآتي سينسكب علينا ونسير خطوة خطوة الى ضياء الفصح ونتجلّى بالرضاء في حضرة الله. في الرسالة يدعونا بولس الى مكافحة الشهوات المؤذية، وفي الإنجيل حديث أول عن الغفران وحديث آخر عن مكافحة شهوة المال الرهيبة.

لماذا الكلام عن الغفران؟ لأنك تصوم مع الآخر ومن أجل الآخر. ليس موضوع الصيام في حقيقته أن تأكل أو لا تأكل. الموضوع أن تحب. دائما الآخر قبلك. انت متطهّر من أجله. فإذا أنت غفرت له ما أساء إليك يندفع الى محبة الرب له فيقبل الرب وربما يقبلك ايضا في غفران مماثل. مرادك أن تشفي الذي أساء اليك وألا تنتقم.

إن أساء إليك أخوك يكون منتقما لإساءة أصابته. يحسّ أنه يدفع عن نفسه جرحا جرحه. إذا لم تغفر للآخر تكون حافظا عليه شرّه ومتمسكا بكبريائك المصدومة. اما إذا غفرت تكون قد تجاوزت هذه الصدمة. اترك كل شيء لله فهو يشفيك ويشفي الآخر.

هكذا تكون حرا من نفسك ومن وطأة البغض عليك. كذلك أنت حرّ من صومك اذ لا ينبغي أن تُحسّ أنك كسبت على الله حقا يسجله لصالحك. لذلك يقول لك السيد: «إذا صُمت فادهن رأسك واغسل وجهك لئلا تظهر للناس صائما بل لأبيك الذي في الخفية وأبوك الذي في الخفية يجازيك علانية». العلاقة بينك وبين الله كلها في القلب وفيه بدايات السماوات، والعالم الخارجي السطحي ليس بشيء. الإمساك مجرّد ترويض لنفس تطلب وحدتها مع الرب.

الوحدة العميقة مع الرب يرى إنجيل متى أنها الحرية من وطأة المال علينا اذ يقول: «لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض… لكن اكنزوا لكم كنوزا في السماء». لا شيء يجرّدنا من حريتنا الداخلية كما يجرّدنا المال: الطعام ايضا يملكنا حتى الاستعباد. ماذا ينفعك الصيام اذا استولت عليك شهوة الملك؟

وينتهي الفصل الإنجيلي بقول يسوع: «حيث تكون كنوزكم هناك تكون قلوبكم». سيادة الله على القلب لا تتّفق مع سيادة المال عليه. اسعَ اذًا ألاّ يكون كنزُك في المال اذ يكون عندئذ سيدا على قلبك.

ادخلْ اذًا صيامك ولا تشبع لأن الطعام ولو صياميا لا يكون حياتك. العفة هي قناعتك أنه يُستغنى عن كل شيء. التحرر من كل ما تحسبه ضروريا هو الخطوة الأولى الى صعودك سُلّم الفضائل. اذ ذاك، تكون قد قبلت سيادة الله عليك. صلِّ كثيرا حتى لا يسيطر عليك شيء. هذا أول تمرين لك في هذا الصيام العظيم.

Continue reading
2011, جريدة النهار, مقالات

الصوم آتٍ / السبت 5 آذار 2011

بعد غدٍ تدخل كنائس الشرق معا باب الصيام لإيمانها انه طريقها الى الفصح. والفصح وعد العبور من الظلمة الى النور. وإبادة الظلام تحققت مرة واحدة لما قام مسيح الله من بين الأموات وبتنا نذوق الحياة الجديدة بانبعاثه. ليس لنا في المسيحية ان نعرف غير هذا اذ لم ينزل علينا سر آخر ولا تفقهنا بمضمون تعليمي آخر. كيف تتقن ما نزل عليك، كيف تصيره؟ كيف ما كان في عمق الله وسلوك ابنه يتصور فيك ويصبح مسيرتك حتى يبطل التفريق بين ما هو وحده لله وما هو لك. يبطل السؤال اذا عرفت انك تكتمل بدنوك من الرب وان هذا في الحقيقة دنوه منك. هذا هو توقك وتوقه. توقك هدية نفسه اليك هو ليس عنده غير ذاته يهديك. قد رأى ربك انك ان تحسست هديته او تحسسته هدية تنمو به اليه.

انت لا تخرج من نفسك اليه لأن لقاءكما يتم فيك. ان توغل في نفسك لاستقباله وتقبله لا يختلف عن تقبله اياك في أنواره وهذا التحاقك به ووحدتك فيه. هذا هو التوحيد ان شئت البصيرة والا يكون قابعا في فوقيته وانت في دونيتك ولا يغدو احد منكما قد اجتاز الهوة. ردم الهوة تنازله اليك وتصاعدك اليه في اللامدى، في اللازمان، في ارتباط شاءه وأنعم به عليك، ارتباط لا يتروض هو عليه في سماء كماله وتتروض انت عليه بسبب من مخلوقيتك. ينبغي ان تنمو بشريتك فيك وينبغي ان يسر هو بها ليجعلك ابنا محبوبا. الصوم محاولة من محاولات نموك يراه هو عطاء منه وتلمسه انت التماسا للنعمة. هذا كله تروض فيك وبه اي خروج جهاد اليه ولكن من جهته هو ضمك اليه وهو ليس فيه جهاد. انه حنانه المسكوب يسهل لك الدرب اذ قلت له: «سهل خطواتي حسب قولك ولا يتسلط عليّ إثم. نجني من بغي الناس فأحفظ وصاياك».

#     #

#

كل قصة الصوم ان تحفظ وصاياه. «من أحبني يحفظ وصاياي». الصوم إذًا رياضة عميقة الجذور، أمتن من أن تكون مجرد إمساك او نظام طعام «الطعام لا يقدمنا الى الله لأننا إن أكلنا لا نزيد وإن لم نأكل لا ننقص» (١كورنثوس 8: 8). الصوم لا يستغرقه إمساك على نمط معيّن. وفيه أنظمة مختلفة حسب الحضارات الدينية. فيها كلها انقطاع عن الطعام في فترة محددة نفهم منها ان هذا الانقطاع ضبط للرغبات ومراقبة لها، نوع من التسلط على الجسد ابتغاء لحرية النفس وانعتاقها من الشراهة.وقد استفاض آباؤنا النساك في الحديث عن هذه الرذيلة وجعلوا التحرر منها شرطًا للتحرر من الشهوات الاخرى. هذا اختبار الروحانيين ومن مارس الصوم طويلا مع شرط الصلاة المكثفة ومطالعات الكلمة الإلهية التي ترسخنا في معرفة الله.

الصلاة والصوم يبدوان في الكتاب القيم مجتمعين حتى التداخل او التلازم حسب إيقاع زمني يحدده هذا الدين او ذاك، هذا المذهب او ذاك. هناك قواعد روحية او نفسية الإخلال بها مؤذٍ، مرتبطة بالتراث أحيانًا كثيرة. على سبيل المثال قوة الصلاة والاستعداد للفصح او لقداس الأحد أمست أسسا ارتبطت بها نفس المصلي حتى يعسر عليك ان ترميها وتحافظ على سلامة توازن داخلي.

اهتزاز القواعد الموروثة من خبرة القديسين يعرض النفس الى خطر والى اعتبار الحياة الروحية غير متصلة بالجسد. هذا الجسد أساسي في تكويننا وفي حمله الروح التائبة. هذه الوحدة بينهما منعشة لكل منهما وتجعلهما في مسالمة تصل الى حد المصالحة.

#     #

#

اقتران الصوم بالصلاة ناتج من كون تفريغ الجسد من بعض طعام يستدعي ملء الكيان بالكلمة الإلهية لئلا نصل الى الفراغ الكامل. الروح ينادي الروح. بكلام آخر، الله اذا سكب نفسه فيك يخاطب ذاته وترتفع. غير ان ثمة جانبا عظيمًا في كل مواسم الصيام انك تصوم مع الاخوة. كلكم سائرون معا الى الفصح. كلكم تتنقون معا على مقدار النعمة التي تنسكب على الكنيسة، اذ ذاك تصبح الكنيسة كائنا فصحيا واحدا. شاهدا على انها تخلي ذاتها من ترابيتها لتصبح ضياء المسيح.

في حقيقة هذا الجهاد تسعى الكنيسة موحدة به ان تصبح عروس المسيح. الفصح، حقيقته لا العيد فقط. ان نخطب للسيد في عرس أبدي. هذا يتطلب ان نكون للآخرين إمساكا واستعطافا وافتقارا الى الله الذي يحبنا بوحدانيته. الله الأحد قادر وحده ان يجمعنا اليه وبعضنا الى بعض كي لا نتشرذم ونتماسك امام وجهه ونتدرج اليه فنتعلم الفقر اليه وانه هو الحاجة الوحيدة.

Continue reading