وحدة الكنيسة/ الأحد 26 أيلول 1999/ العدد 39
تشير عبارة «وحدة الكنيسة» إلى وحدتها في العالم كله وإلى وحدة الأبرشيات فيما بينها وإلى وحدة الرعايا جميعا في الأبرشية الواحدة وإلى وحدة الناس جميعا في الرعية الواحدة التي هي عندنا القرية. والوحدة ليست أن تتفق جميع الآراء فقد تتوافق على الخطأ أو الشر أو العصيان.
الوحدة هي قبل كل شيء عدم التفرد بالرأي من قبل فئة وعدم فرضه على الجماعة. لا مانع من تعدد الآراء وهي تتلاقى بالشورى إن لم يكن هناك عناد أو منفعة مادية أو خلفية سياسية. أما إذا اختلف القوم في شأن فني يتعلق ببناء أو ترميم أو استبدال عقار، فأهل الفن يبتّون الأمر من المنظار الفني، ويفصل المطران بالدرجة الأخيرة بسبب تحسسه لوضع الرعية وحرصه على توحيدها. التفرد يقود إلى تصلب وإلى ما يقال له بالعامية «تقويم كلام».
في الضيعة تظهر أحيانا حساسيات وانقسامات. ويحتاج الوضع إلى رؤية هادئة, قانونية أولا وروحية ثانيا. هذا يأتي من العقلاء. ولذلك تمنينا دائما أن يعود مجلس الرعية إلى حكماء القرية الذين ليس عندهم تشنّج. وفي واقع الأمور إن المطرانية الخارجة عن كل الانقسامات المحلّية حرة من الدوافع المحلية وليس لها منفعة مادية في إقامة مشروع أو عدم إقامته ولا سيّما أن مال الضيعة في الضيعة ولم يستولِ عليه أحد من خارجها.
لا يمكن أن نتحرر من روح الانشقاق إلا بالتشاور الدائم بين الكل ولا سيما مع الرئيس الروحي الذي لا يحركه إلا شعور الأبوة الذي يجعله يعامل أبناءه جميعا بعدل ومحبة. والمرجو أن يردّ له أبناؤه محبته بأفضل منها.
الحمد لله أن حالنا الآن –ما عدا استثناآت قليلة– أفضل بكثير مما كنا عليه وأن معظم مجالس الرعية ليس عندها روح الاستئثار وأن الكثير منها لا يقطع خيطا إلا بعد مشورتي. نحن نتقدم على خطى المسيح ولكني أريدكم كاملين حتى أحقق معكم الوحدة في كل رعية محلية ويُسَرّ الله بنا ويرضى.
أذكّركم بكلام بولس إلى أهل كورنثوس: «أناشدكم، أيها الإخوة، باسم ربنا يسوع المسيح، أن تقولوا جميعا قولا واحدا وألا يكون بينكم اختلافات، بل كونوا على وئام تام، في روح واحد وفكر واحد» (1كورنثوس 1: 10)، وإلا تكونون قد قسمتم المسيح فيكم. هو أراد أن يكون واحدا ليس فقط في نفسه ولكن فيكم. ولقد نبّهَنا القديس يوحنا الذهبي الفم إن كل خطيئة تهون أمام تمزيق ثوب المسيح غير المخيط (أي الذي كان قطعة واحدة).
ولئلا تبقى الوحدة أمرا غامضا، لفتَنا بولس أيضا أنها مستحيلة إن لم تكن مع الأسقف. لذلك قال: «اذكروا رؤساءكم، إنهم خاطبوكم بكلمة الله» (عبرانيين 13: 7). أنى للأسقف أن يخاطبك بغير كلمة الله ولم يتعلم شيئا آخر وليس يريد منك ذهبا أو فضة.
هناك قولة رائعة لقديسنا إغناطيوس الأنطاكي الشهيد لمّا قال: «حيث يكون الأسقف فهناك الكنيسة». الانفراد عن الأسقف يجعلك في خطر روحي رهيب. معًا يا إخوة سنبني الكنيسة.
Continue reading