Monthly Archives

December 2015

2015, جريدة النهار, مقالات

دعاء إلى يسوع الطفل / الجمعة 25 كانون الأول 2015

«تعال أيها الرب يسوع» انتظرناك، دائمًا ننتظرك. فالإنسان شاغر أو جاف بغيابك عنه. تعال لأن إبدالك بآخر أو بشيء آخر وهم حتى الضلال. تعال ليس لأنك تملأ وجودنا ولكن لأنك أنت الوجود.

جئت بفقر وأنت الغني، كل الغنى هذا ليس سهلاً معرفته. علمنا إياه. لعل المعنى البعيد لطفولتك فينا هي الطراوة. الا نخاف هو أن نأتي منك. هذا منا تأكيد خطير أننا إذا أتينا منك لا نأتي من كائن آخر ولا من شيء آخر.

إن لم تأت نبقى على فقرنا. أنت تحن إلينا بطاعتنا وبها نتعلم مجيئك. تعال إلى نفس تبقى جافة ما لم تفتقدها كل يوم لأنك أنت طراوة. أظن أن هذا ما قصدته أو بعض ما قصدته لما دعوتنا إلى أن نكون أطفالاً. إن لازمتنا الطراوة ننمو فيها. هي تعني ألا نقبل موت النفس فالطراوة تعني التوبة. والتوبة بكاملها مستحيلة لأنها تعني ألا نرى إلا وجهك ونحن ضحايا وجوه. في العيد نستقبلك طفلاً وأنت كامل. لعلها دعوة الى أن نكتسب الطفولة الحق التي هي أن نقبل حياتنا فقط تنمو في الله. وهذا لا يمكن إلا إذا غفرت.

كيف نكون أنت هذا هو السؤال الوحيد إذا واجهنا الله في هذه الحياة. عندما قلت «تعالوا إليّ أيها المتعبون» قصدت الانضمام إليك إذ لا يبقى أحد أمامك ولكنه يدخل إليك. كيف يبقى الإنسان إياه إذا إنضم إليك؟ ماذا يعني أنه يتأله إن لم نقصد أن قوى الله كلها تنزل إليه فلا يبقى إلا أن الله خالق وأن الإنسان مخلوق ولكن لا يعني أنك حصراً فوق وأنه حصرًا تحت. المسافة بينك وبينه الغيتها بالحب والمسيحيون يسمونه تجسدا. بالمعنى اللاهوتي الدقيق أنت صرت إنسانًا وصارك هو بالحب. وهل بغيره ضرورة؟

أنا لن أصير طفلاً بيولوجيًا هذه استحالة. إذًا المراد أن نصير كالأطفال أي كلنا طراوة. لا أثر فينا للجفاف الروحي. فإن صرنا فيك كيف نجف؟ أن يكون الإنسان إياك هو أن يأخذ كل صفاتك ما عدا الخالقيّة أي أن لا يعلق فيه شيء من الدنس. وهذا ممكن لأنك القائل «كونوا قديسين كما اني أنا قدوس» القديس هو الذي أراد إعتزال الخطيئة. هذه هي الطفولة الروحية بعينها.

والعجيبة أن ننمو في الله ولا نجف، أبعد عنا الجفاف ربي لنقدر على قبولك.

كيف تجئ وأنا في الخطيئة. هذه استحالة ولكن هذه عجيبتك، أن تأتي إليّ وأنا في الدنس. هذا معنى التوبة. هذا ميلادك في عندما أتوب. ما من مشكلة في العالم إلا الخطيئة. كيف نتخلص منها ونحن في هذه الدنيا؟ هذه معجزة تنزل منك وعلينا قبولها. بالميلاد دعوتنا أن نعود أطفالاً. كيف يكون هذا إن لم نتب؟ أن نتوب هو أن نقتنع أن ليس فينا من خير إلا منك أي اننا زرعك. كيف نقتنع أن شيئًا من هذا العالم لا يزيد علينا شيئًا، ألعل هذا هو ميلادنا؟

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

حقيقة الميلاد / السبت ١٩ كانون الأول ٢٠١٥

ما أريد بالميلاد ذكرى حدث تاريخي ولكن التذكير بمعنى الحدث وهو ان يسوع الناصري مخلّص العالم. أتباعه يقبلون حدث موته والكثيرون يؤمنون معنى التاريخ أي يقبلون معنى المحبة الذي كشفه بموته. ربما ما قبلت موته ولكنك تقبل حبّه. هو معلّم المحبة الكاملة المطلقة في تاريخ الفكر. أنت له وربما منه ان قبلت هذا كنت من ديانته أم لم تكن. نحن لا نعرف في أية سنة أو أي شهر أو أي يوم ولد المسيح. الخامس والعشرون من كانون الأول اصطلحنا عليه طقسيا لأنه كان عند الرومان عيد الشمس فاعتبرنا المسيح هو شمسنا. لم يهمنا يوم العيد لأن المسيح هو العيد.

والأهم من معرفتنا يوم عيده ان نحياه هو عيدا فينا يجددنا بالتوبة إلى أبيه في الحب والطهارة. اسم العيد الحقيقي في التقويم عندنا هو الظهور الإلهي الذي أطلق في ما بعد على معموديته، عيد الميلاد عيد متأخر. عيدنا الوحيد هو الفصح لأن البدء ليس ظهور يسوع في الجسد ولكنه الفصح الذي هو ظهوره في ضمير البشر. وفي البدء كنا نعيّد للمولد ولمعموديته في نهر الأردن ونسمي الحدثين عيد الظهور لندل على حقيقته للإنسانية الجديدة.

في الأداء الطقوسي عندنا ليس عيد الميلاد أهم من عيد الظهور أي الغطاس بالعامية لأن المراد في العمق اللاهوتي ليس المولد في الجسد ولكن ان يبدو المسيح مخلص العالم. والدليل على ذلك اننا لا نعرف بالدقة السنة أو الشهر أو اليوم التي ظهر فيها للعالم. كل هذا ذكرى والذكرى في القلب ولكن لا بد من الأعياد لأجل إذكاء المحبة.

في حقيقتنا الروحية نولد في الفصح. المسيح في كل أبعاده مولود على الصليب. حياته فينا بدت هناك. وحياته فينا تعني قهرنا للخطيئة. وعلى هذا القهر لا يزاد شيء لأنه هو الفرح.

الميلاد توطئة للفصح أي لموت المعلم الذي هو في معنى جوهره القيامة. والكنيسة ابتدأت التعييد بالقيامة والميلاد جاء في ما بعد لأننا نحن نولد بموته. المسيح تراه كلاما أو معطي كلام ان لم ترَ موته. لا تستطيع ان تراه حبا. وهو ليس فينا شيئا آخر عن هذا.

كل شيء عندنا حب. معموديتنا التي نفهمها موتا مع المسيح وقيامته ان هي الا حب. زواجنا ما كان عندنا اتصالا بكائن آخر الا لأنه كان اتصالا بيسوع. كل الكائنات بالغريزة تتزوج. نحن وحدنا نختار أي نحب لنتزوج. هذه العملية الجسدية بامتدادها تبدأ عندنا بالإيمان حتى نسمّي القران سرًّا وبتحديدنا ان الزواج هو اقتران الرجل بالمرأة بدءا بحب كل منهما لله. لأن الزواج ليس حصرا طبيعيا، هو لقاء مع الله.

في هذا العيد نولد من الله في حب المسيح إيانا وبه وحده نستطيع ان نحب الناس. التصاق الإنسان بالإنسان ان كان في المسيح اختيار. قبل المسيح أو بدونه الناس مع الناس أجساد وعقول. به يصيرون محبة. الميلاد يصير لك عيدا فقط ان رأيت المسيح ومنه وبه تلتقي الناس. به لا يبقون فقط أجسادا يصيرون أرواحا محبة وهكذا تولد الناس بهم. الذي لا تحبه ليس موجودا عندك. هو جسد. اذهب وأحبب تصر. هذا هو تحررك من ذاتك. هي الحبس الكبير.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

أحد الأجداد / السبت في 12 كانون الأول 2015

في أحد النسبة أو النسب الذي يلي هذا يرد الحديث عن تحدر المسيح من إبراهيم أي من النسل المؤمن. اما اليوم فالحديث عن تحدر يسوع الناصري ممن سبق إبراهيم أي من الأمم الوثنية. لذلك التشديد في المسيحية الغربية عن تحدر المسيح من اليهود لا يعكس الصورة الكاملة التي أرادها لنفسه أعني تحدره من البشرية جمعاء هاجس بشري ان نؤكد تحدره من أنبياء إسرائيل ولكن ليس دونه بشرية تأكيدنا انه ابن البشرية كلها.

يسوع في جسده أتى من مريم أي من اليهود. وهذا تعبر عنه الكنيسة في أحد النسبة ومعناه أحد النسب. ولا يذكر الكتاب الا انه جاء من إبراهيم. اما إبراهيم نفسه فجاء من أور الكلدانيين، من العراق اليوم أي من الأمم. يسوع إذًا جسديًا كان من الأمم التي لم تكن يهودية. فكان الكنيسة في إقامتها هذا الأحد وتسميته أحد الأجداد أي الذين سبقوا إبراهيم أرادت ان تقول ان السيد هو أيضًا من الأمم.

نحن لسنا بالتالي متحدرين فقط من اليهود. القسم الأكبر منا جاء من الأمم. ونحن مع الأمم التي تنصرت صرنا من شعب الله بالمعمودية. وبعد خروج المسيحية من فلسطين صار غير اليهود الأكثرية في الكنيسة وهي لا تسأل أحدا من أعضائها ان كان أبوه يهوديا ام كان من الأمم. هذا موضوع تجاوزناه كليا.

المسيح يظهر في هذا الأحد سليل الشعوب وليس فقط سليل الشعب اليهودي. فقد أعدها الله لاستقبال المسيح بالإنجيل.

هنا التأكيد المفرط في الغرب المسيحي على يهودية المسيح يتجاهل ما قاله بولس ان اليهود والبرابرة أي غير اليهود واحد في المسيح يسوع بالتأكيد أكد الغرب أصله اليهودي بالروح ليكافح النازية التي اضطهدت اليهود. ولكن لا ضرورة الآن لهذا بعد انتهاء النازية.

عندي انه يجب ان نؤكد أحد الأجداد بعد ان أصر الغرب المسيحي إزاء هتلر ان يؤكد ارتباطه بالعهد القديم. هذه مرحلة من الفكر الغربي اجتزناها. حاجتنا الحقيقية بعد ان قبل العالم الحديث اليهود في مجتمعاته ان نؤكد عالمية المسيح وان نؤكد تاليا أحد الأجداد بالقوة التي نقول فيها بأحد الآباء.

لنا ان نؤكد الأصل الجسدي للمسيح لكونه إنسانا وخلصنا في جسده أي في بشريته وهذا لا ينسينا ألوهيته. نحن مخلصون بالطبيعتين.

نحن لا يعقدنا اليهود روحيا بعد ان تجاوزناهم. ونحن نرجو خلاصهم بالمسيح، أي إذا عرفوه. ولا تزال صلتنا بهم هي إياها أي برجائنا ان يتعمدوا. غير هذه الرؤية عاطفية.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

بلّغ أنك مبلّغ / السبت 5 كانون الأول 2015

أسرعت إلى القلم. من أنا لأقول شيئًا مني؟ غير أني أقول صادقًا لم أرد أن أقول شيئًا إلا من الله. لا شيء يؤكد لي أني أبلغ كلام الله إلا لاقتناعي أن ليس عندي ما أقوله مني لهم. «بلّغ أنك مبلّغ لست عليهم بمسيطر» أنت تمحى عندما تقول لأنك عبد. ولكن الكلام فيك ولا تستطيع إلا أن تخرجه من فمك.

الكلام فيك هو الذي نزل عليك. أنت ناقل لكلام الله إن كنت له. كلامك لا تعرف انه من الله إن لم تكن مؤمنًا كبيرًا ولست تريد أن يكون لك كلام إلا الذي ينزل عليك. ما يأتي مني أتاني من الناس حولي أو ممن سبقني. له قيمة الناس وقيمة قبولي. ليس ما تقول حقًا إلا الذي نزل عليك. أنت امتحن كلامك بالضمير لتوقن على قدر الإمكان أنه نازل عليك. «بلّغ انك مبلّغ لست عليهم بمسيطر»، حاول أن تفهم ما قاله الله. أنت فمه إن استطعت أن تكون له رسولا، حاول أن يكون قلبك له ليجعلك رسولا. إذا أنت مع خطاياك لا تقدر أن تكون وحيدًا مع الله. إذا استطعت أن تتحرر من الخطيئة إلى حد كبير تقدر أن تقول كلمة الله بصورة فعالة وإلا كنت مجرد محدث. ما من واعظ ولد في العالم إن لم يكن برحمة الله يستطيع أن يبلغ. وإذا زاد كلمة واحدة على كلمة الله تبطل كلمته.

غير إنه لا يمكن أن يقول كلمة الله إن لم يكنها. التوحد بالله إيمانًا، وسلوكًا شرط التبليغ فإذا استطاع الواعظ أن يوحد نفسه بربه بالمحبة يقدر أن يقول شيئًا من ربه وإلا كان كلامه ترداد ما قرأ. لذلك كان الواعظ الكبير المطيع الكبير.

يعني ذلك إن من لم يكن مسعاه أن يتطهر لا ينبغي له أن يتكلم بشؤون الله لأن شأن الله لم يدخل إليه. يجب أن يفهم المتدنس إن لا قدرة له على تبليغ الكلام الإلهي. الناس لا يسعون إلى كلامك. يريدون كلمة من فوق. وأنت لا تستطيع أن تصطنع نفسك إلهيًا. هذا ينزل عليك أو لا ينزل.

ان لم تعرف نفسك عائشًا بالله لا تقل شيئًا. هذا يكون تفهًا. امتنع عن الكلام ان عرفت نفسك مدنسًا إذ يأتي كلامك دنسًا. لا تتكلم إلا من فيض نزل عنك. الناس لا ينتظرون كلامًا بشريًا. يتوقعون كلمة من الله أتى بها لسان بشري.

Continue reading