حول الحياة الزوجية/ الأحد 31 آب 2003 / العدد 35
لست أعلم اذا ازدادت عندنا نسبة المطلّقين، ولكن ما من شك ان الفساد أخذ يدب في بعض العائلات والفساد الكبير يعرّض صاحبه الى الطلاق. وهذا مرتبط بأن بعضًا من شعبنا فقد إيمانه بالعفة الزوجية اي بالأمانة. أجل، كان الناس في البلدان الغربية يسقطون في كل أجيالهم، ولكن الإخلاص كان يراعى اجمالا عندنا قبل انتشار التلفيزيون وبعض المجلات المصورة والأزياء الفاحشة. وكان الناس يرتضون قلة المال ويتقشفون. ولكن دعونا لا نتغنّى بالماضي ونواجه احوالنا الحاضرة بروح الرب والصدق بين الزوجين حتى لا يحتال عليهما احد.
نحن لا نستطيع ان نسلّم بهذا القول الشائع: «انا اريد ان اطلّق لأني لست احب زوجتي». انت طلب المسيح اليك ان تحبها. جعل المحبة وصية وليس مجرّد اشتهاء. فالاشتهاء ينتهي او يضمحل، ولذلك ينبغي ان تعوّض عنه بتقوية الانتباه الى قرينتك وخدمتها. فكلما ازدادت الخدمة قويت المحبة. اما الجسد فكالعشب، ذلك الذي قال عنه اشعياء: «العشب ييبس وزهره يذوي».
قبل ان تُقْدِم على زواج ومنذ طفولتك ربِّ نفسك على المحبة وانك موقوف للآخرين وبنوع خاص انت موقوف لتعزيز امرأتك وهنائها واحترامها. الأمر الثاني الذي لا بد لك ان تؤمن به ان الفضائل التي علّمنا اياها يسوع هي تنميك وتقويّك وانك كلما اكتسبت قوة روحية تصبح اكثر فهمًا للحياة وأوسع عطاء ويشتد تواضعك ويتسع عطاؤك ويتعمق، وهذا من شأنه ان يبني حياتك الزوجية على الصخر.
قالت احدى الباحثات الفرنسيات بعد ان استعرضت ما نعتبره نحن المؤمنين انحرافا مثل المساكنة بين غير متزوجين ان مؤسسة الزواج باقية الى الأبد لأنها الإطار الوحيد الذي يحفظ الاولاد. استمرار العناية هو الذي يعطي الاولاد سلامة. يجب ان يروا حولهم ابا واما يحبونهم وذلك باستمرار. تفوّق الزواج على المساكنة الحرة هو ان هذه تزول ولا يبقى احد للعناية بالاولاد. اذا لم تتعهد انت طفلك بالسهر غير المنقطع عليه لا بد له ان يتشرد. الطفل هو الذي جعل العائلة تدوم.
صارت تجارب في العصر الحديث لتأتي بديلا عن العائلة. لينين قام بواحدة منها فألغى العائلة عند بدء الثورة البلشفية وسرعان ما اعادها لكونه لاحظ تشتت الاولاد. وما نختبره في العائلات المطلَّقة ان الولد يطوف بين والده ووالدته اي انه ليس عليه سهر دائم. وما هو اساسي ان الوالدين رافدان اي تصب مواهب كل واحد بحسب طبيعته في الطفل ثم في الولد. فاذا افترضنا ان الوالد له سلطة وهَيبة وكلاهما اساسي، وان المرأة لها حضور آخر ويتميز بالحنان، فهذه خصال ينبغي ان تجتمع وان تنسكب معا في كيان الطفل.
اما ان تكون هناك حالات مستعصية تعذُر طالبي الطلاق فهذه ليست القاعدة. القاعدة ان اولاد المطلَّقين يصيبهم في اكثر الأحوال اختلال نفسي وشعور بأن الأهل أهملوهم اي انهم غير محبوبين. وهذا يُحدث عندهم حزنًا كبيرا.
المهم ان الولد خلال بنوته لذويه يكتشف ان أباه الحقيقي هو الله. وهذا هو الذي يجعله سليما. ابوة الله تتلاشى رؤيتها عند الولد ان لم يشعر ان والده أب حقيقي طاهر معطاء وان امه شيء كهذا.
Continue reading