فكرة الموت / السبت ٣١ آب ٢٠١٣
ان نألف ليس فكرة الموت وحسب ولكن حادثة الموت قد يكون من أجمل ما لنا ان نحققه لأن الموت نداء من الله حتى نذكره كل يوم. اذا فهمنا ان لا شيء ينتهي بالموت الا خطايانا نفهم ان الحياة قبل ان يحل الموت وبعده واحدة.
اذا رحبنا بالموت لأنه ينهي مصاعبنا أمر ليس فيه جمال روحي. ان نرحب به إمكانا لحياة جديدة هذا فيه سمو. اجل ليس من كائن بشري لا يخشى الموت لكوننا في الطبيعة نحس به معاديا للحياة. ولكن ان قرأنا الحياة عطية من الله فيما نحن على الأرض وفيما نحن بعدها لا تبقى لنا مشكلة مع الموت وجدانية، عميقة. ليست الحياة فقط الحركة البيولوجية فينا. انها في عمقها تجاوز هذا الوجود. انها تَلقي افتقادات الله لنا في شتى تعابير هذه الافتقادات.
الحس البيولوجي يقول لنا نحن لا نقدر ان نستقبل الموت بصورة هيّنة لأنه ضدّ مسيرتنا البيولوجية التي نعتبرها دوام حياة. نحن لا نستطيع ان نصالح الموت. هناك ذوو حس روحاني كبير يتقبلون على انه يحمل تجاوز الحياة الدنيا إلى ما يتنزل عليها من نعمة. من لم يحصل على هذه الرؤية لا يقدر ان يتقبّل الموت. وهذا ليس ضد نسيانه اذ لا ينسى. ضده الايمان بالقيامة أي بشيء لم يحصل بعد ولكنا اخذناه وعدا. والوعد فيه كل الحقيقة ان أتى من الله.
هناك ذكرى للموت يرتجف عندها غير المؤمن اذ هذا يعرف الحياة البيولوجية ونهايتها فقط ولكن ان فهمنا التلاحم بين موت المسيح وقيامته نكون تخطينا الفهم البيولوجي لوجودنا. في المسيح وحده يلتقي الموت والحياة. ويلتقيان فينا اذا انعكس المسيح فينا.
أفهم ان نرتجف اذا ساورنا الشعور باقتراب الأجل لكوننا نحب هذه الحياة ولا نعرف بالعقل وحده ما يعقبها. ولكن تتغير مقاييس الفهم عندنا ان قدرنا ان نستشرف بالإيمان الحياة التي نحن مقبلون عليها. الايمان وحده هو الذي يغير بالعمق تعاملنا مع وجودنا الشخصي بمعنى انه يعطينا رؤية لا يقدر هذا الجسد توفيرها.
فكرة الموت الخلاصية لا تأتي من الموت. ايماننا بالحياة الأبدية ينقذنا وحده من وطأة الموت. الموت صامت ما دمنا غير ذائقين مسبقًا للحياة الآتية. هذه هي الحياة الأبدية التي عرّفها السيد على انها معرفته ومعرفة أبيه. تصور الموت قتال ان لم يرافقه تصور القيامة فنحن لم نخلق للموت ولا نؤهل له. نكتسب الإيمان بالقيامة فننتعش. هو وحده غالب للموت وللخوف من الموت.
إيماننا بإنبعاثنا وحده يغلب خشيتنا للموت لذلك أتت صلوات الدفن عندنا تغنيًا بالقيامة ورجاء. أنتم مخلَّصون على الرجاء.
Continue reading