Monthly Archives

January 2016

2016, جريدة النهار, مقالات

المجمع المقدس/ جريدة النهار – السبت في 30 كانون الثاني 2016

هو اجتماع الكنيسة الإقليمية ويسمونها المحلية ويؤلفه في معظم الكنائس أو مطارنتها. فعلى سبيل المثال تسمّى الكنائس المجتمعة حول البطريرك الأنطاكي الكنيسة الأنطاكية وحول بطريرك الاسكندرية كنيسة الاسكندرية وهكذا. عند الأرثوذكس كنيسة أنطاكية لها وحدتها ممثلة بالبطريرك والمطارنة مع شعبهم. مجموعة الناس مع رؤسائهم الروحيين نسميهم كنيسة. كذلك الكنيسة الأرثوذكسية في العالم نسميها كنيسة. وليس عندنا من تراتب إداري بين الكنيسة الإقليمية مثل الكرسي الأنطاكي والعالم الأرثوذكسي الواحد. من حيث الكرامة والوجود الجوهري الكنائس متساوية وان كان هناك تراتب تنظيمي لا يعني مطلقا ان كنيسة ما تخضع لكنيسة اخرى. من أجل تيسير التعاون والتواصل اتفاق أوضحه القانون الكنسي منذ القرن الرابع بحيث نظهر مثلا البطريرك المسكوني أول ولا يعني هذا ان له سلطة على البطاركة الآخرين. بهذا المعنى الكنيسة الأرثوذكسية ليس لها مركز إداري. هناك فقط تراتب في الكرامة أوضحته المجامع الأولى بحيث يتقدم بطريرك المسكوني فقط شرفًا على زملائه الآخرين اذا اجتمعوا ولا يعني هذا ان له أية سلطة عليهم.

الكنيسة التي نسميها محلية يرئسها أول أو متقدم بين متساوين ليس له أمر خارج حدود كنيسته والوحدة بين الكنائس الأرثوذكسية وحدة إيمان وتنظيم كنسي في تراتبية محددة قانونيا منذ القرن الرابع ليس فيها أمر تنفيذي من بطريرك على بطريرك ولكنها تقوم على تشاور بين رؤساء كنائس مستقلين. حسب ما نعرفه في التاريخ ان رؤساء الكنائس الأرثوذكسية إذا اجتمعوا هم في ألفة لأنهم يخضعون لقواعد واحدة في العقيدة والتنظيم. والكنائس الأرثوذكسية واحدة في العقيدة بلا أي تباين صغير وواحدة في التنظيم وواقعيا واحدة في أصول الفكر اللاهوتي. فالتعدد الإداري بوجود كنائس مستقلة إداريا لا يعني أبدًا فرقًا في الإيمان أو العبادات أو التعامل بين الإكليروس والشعب. الوحدة الأرثوذكسية جلية جدًا وعلى اختلاف الإدارات بين روس ويونانيين وعرب كل الأرثوذكس يقولون قولاً واحدًا ولهم العبادات الواحدة في كل اقاليمهم ولغاتهم.

فالمجمع المقدس العالمي إذا انعقد في وحدة الكنائس الإقليمية يظهر وحدة حقيقية بيننا. نرى الوحدة في القلوب كما نراها في مجال التنسيق والتعاون بين كنائسنا. نحن ننظر إلى الوحدة ليس في أوامر تصدر من فوق ولكن نراها في قبول الشعوب الأرثوذكسية لما قررته مجامعها. المجمع عندنا يدعو وهو شرعي إذا قبلته الجماعة كلها.

Continue reading
2016, جريدة النهار, مقالات

أين المسيحية؟/ جريدة النهار – السبت في 23 كانون الثاني 2016

الإسلام دين ودنيا. المسيحية دين في دنيا. هذا الفرق أساسي بحيث ان المسيحي يمكن ان يعيش في ظل أي نظام ويبقى هو هو كأنه غير خاضع أو غير متصل في داخل نفسه بأي نظام حتى انه يقبل باطنيا وليس فقط ظاهريًّا بأن يخضع لأي نظام لأنه حر من أنظمة هذا العالم.

النظام الطائفي لا يزعجه الا بفلسفته من حيث يبدو انه يجعل الله أو شؤون الله من هذا العالم. المؤمن الكبير في المسيحية مع انه يكره النظام الطائفي في السياسة يقبله في التعامل وهو حر منه في داخل نفسه. العلمانية تحرر نفسه ووجوده الاجتماعي من الدمج بين الدين والدنيا وإذا جمع بينهما الإسلام الا انه لا يدمجهما. الإسلام إذا قرأناه جيدا أي في روحانيته الأصيلة. الآخرة في الإسلام لا تعني الأخيرة أو الثانوية. تعني النهائية أو المطلقة. لك أنت في نظام مدني ان تلغي الطائفية لأنك تبنيت الفكرة الأوروبية ان المجتمع لا ينعت بانتمائه الديني لكون الدين عندهم امتيازا شخصيا. هذا فرضته العلمنة الغربية وفرضت ثقافة ولكن روحيًّا هذا لا يعني لك شيئا. أنت تبقى في مجتمع منظم علمانيا مؤمنا ان شئت وهذا عندك الأهم. ويمكن ان يكون المجتمع مؤمنا كثيرا ولو ألغيت فيه الطائفية.

المؤمنون الكبار لا يهمهم انتظام ديانتهم في التركيبة الاجتماعية. همهم ان يكون الله حياة المجتمع. هذا في الأقل موقف المسيحية التي ليس عندها تشريع والفاهمون فيها يعرفون ان فصل الدين عن الدولة يحررهم من عبوديتهم للدولة.

ليست الطائفية من الإنسان. الله في الإنسان.

أيا كان النظام في علاقة المؤسسة الدينية من الدولة المهم ان تعتقد أنت المؤمن انك من الله ولست من الدولة. سهل على المسيحي ان يحس بكيانه الإيماني بالاستقلال عن أي دولة. المسيحيون العرب الفاهمون يعرفون ان الدولة خارجة عن كيانهم الروحي وانهم فيها بسبب من ظرفهم التاريخي. لبعض المسيحيين في لبنان أن يؤمنوا بأن المسيحية دولة. هذا خطأ هي تعيش في أي دولة. تحيا بربها وليس بالدولة. المسيحية هي التي في قلبك. هي عند المسيحيين بإيمانهم والمحبة.

Continue reading
2016, جريدة النهار, مقالات

الطاعة / جريدة النهار – السبت في 16 كانون الثاني 2016

الناس معظمهم يحب أن يأمر، قلة تقبل أن تطيع. يحسبون أن شخصية الإنسان تتأثر بالأوامر يصدرها هكذا الوالد والوالدة والمعلم في المدرسة. التجربة الكبرى إذا استقرأت الروحانيين هي في أن تتحكم الناس أو أن تحتكم بالناس. المتقدسون يحبون أن يطيعوا كبارهم وصغارهم لأن لك في الطاعة فرصة تجاوز نفسك أو كبرك وتفهك ولك كثيرًا في الرفض تأكيد للأنا وكثيرًا ما كان تأكيد الأنا طلبًا للأنانية. وعندما يدعو بولس الرسول أن أطيعوا بعضكم بعضًا لا يطلب حصرًا أن نطع الأكبر فالوالد إذًا لبى طلب ولده يطيعه. أنت لا تطيع حقًا وفي العمق إلا من عرفته ينقل إليك فكر الله. إن لم تر غير وجهه تكون مستقلاً عن الرب. علاقة بين بشر وبشر تقوم على رؤيتك أن الأخر يجيء من الله. وأنت لست عبدًا لأحد. ولكن لك أن تستعبد نفسك له بالمحبة.  إذ ذاك تكون أقمت علاقة بينك وبين ربك.

الطاعة فقط لله أي لكلمته ولمن قال هذه الكلمة. أنت تخضع فقط للحق الذي يؤتيك إياه الآخر أو تؤتيك به الكلمة الإلهية. من هنا كان واجبك أن تتمرد على ابيك وأمك وزوجتك وأولادك والناس إذًا دعوك إلى مخالفات ربك. وإذا قال الله: «أكرم أباك وأمك» فإنه يعني انهما ينقلان إليك كلمات الإله وإلا ليس لهما منك طاعة وإذا خالفاه تتمرد عليهما. في المسيحية تطيع الكاهن لاقتناعك أنه ينقل إليك كلمة الله إليك لاحتسابك أنه مرتبط بها وحدها. وأما إذا أمرك الأسقف ما تعرفه مخالفًا للشريعة فعليك التمرد إذ لا تطيع الأسقف لاقتناعك أنه لا يعرف سوى كلمة الله وهكذا في الحياة الزوجية إذا طلب أحد الزوجين ما يخالف الشريعة فعلى من يطلب إليه هذا أن يرفض ولو كان في هذا انكسار العلاقة الزوجية.

يطيع الوالد والديه لاقتناعه بأنهما يحملان إليه كلمة الله وإذا كان بخلاف ذلك فعليه أن يتمرد. أنت تطيع من كان أكبر منك فقط لإقتناع ضميرك أنه يبلغك كلمة الله.

Continue reading
2016, جريدة النهار, مقالات

الظهور الإلهي / جريدة النهار – السبت في 9 كانون الثاني 2016

الغطاس اللفظة عامية هي في اليونانية الظهور الإلهي وتدل على الحادثة الإنجيلية التي كشف الله فيها عن نفسه عند معمودية المسيح في نهر الأردن. كشف ذاته أبَا بقوله «أنت ابني الحبيب الذي به سررت» وكشف نفسه ابنًا في اصطباغ المسيح في ماء وروحًا قدسًا بهيئة حمامة هذا هو النص الإنجيلي. ولكن ما وراء الكلمات وفي عمقها أن الله في العهد الجديد كشف نفسه بمناسبة معمودية الإبن أي في الكلام عن موت الإبن وكأنه يريد أن عشق الله يبدو لك أولاً بإبنه بموت المسيح وانبعاثه من موت. صبغة المسيح هي صبغته بدمه المهراق. هذا كلامه للبشرية. أي أنت تعرفه بحبه لك وترى انك تتكون لهذا الحب.

كل ما أراده الإنجيل في نص معمودية المخلص أولا أن فيه موت ذاته وقيامة ثانيًا فينا. اماتة وإنبعاث. وهذه هي المسيحية كلها. قيامته في الإنسانية بمعنى أنها امتداده اليوم في كل مكان، ولولانا لما كان له ظهور. نحن نطقه وقلبه.

لماذا أراد أن يكشف بدءا موته وقيامته بهذا الرمز، الكتاب لا يقول السبب ولكننا نحن تعلمنا اننا بالمعمودية ننال قيامته فينا أي أولا تحررنا من الخطيئة ودخولنا البر، المحزن اننا كثيرًا ما اكتفينا بقبول المعمودية ولم نهتم كثيرًا بانطباعه فينا بالعمل الصالح. بقيت طقسًا عند الكثيرين ولم تصر فعل تجدد في اعراضنا عنها وعن تطبيقها بقيت حفلة استحمام للطفل بعد مولده ولم تصر بعث كيان.

نحن نحصي المعمدين، الرب وحده يعرف الذين هم له. هل ينتهي بمعموديتنا ظهور الله أم نجدده بالعمل الصالح؟

ما من شك ان ظهور الرب فينا لا يكتمل الا بالعمل الصالح عندما نؤكد أن الإنسان يخلص بالإيمان لا نريد فقط هذا الإيمان الذي في داخل الكيان البشري ولكن ذلك الممتد بالعمل الصالح. المسيحية ليست تحركًا عقليًا فقط. انها محبتنا لله وهذه هي بالطاعة.

الله إن لم يظهر بك أي بكلامك وسلوكك يبقى في السماء. مسؤوليتنا نحن أن ننقله إلى أسفل الأرض. لا يعرف بكلامه إلا إذا سمعه البشر وأرادوه. الحقيقة أن الإيمان هو كشف الله لنفسه وقبولنا إياه.

الله ظهر في ذاته. يريد منك أن تظهر بالعمل الصالح.

Continue reading