Monthly Archives

October 2010

2010, مقالات, نشرة رعيتي

المجد الأخير/ الأحد 31 تشرين الأول 2010 / العدد 44

ينطلق بولس، في هذا المقطع من الرسالة إلى أهل أفسس، من رحمة الله للبشر، ثم يسمو الى محبته التي أَحبّنا بها فيما كُنّا تحت نير الخطيئة و«أَحيانا مع المسيح»، وبهذا يقصد أنه أقامنا معه. كنّا في صميم قيامته، وهذا كله لا يأتي من حسناتنا «فإنكم بالنعمة مُخلَصون». والنعمة دائما مجّانيّة أكُنّا على شيء من الصلاح وكثير من الشر. محبته تُملي عليه أن يُنزل علينا نعمته.

ثم على كوننا كنّا في قلب قيامته، يؤكّد من جديد أنه ضَمّنا اليه في قيامته و«أَجلسنا اللهُ في السمويات في المسيح يسوع». وهذه الحقيقة نُعيّد لها يوم خميس الصعود. ومعنى ذلك أنه لمّا جلس يسوع عن يمين الآب في بشريته كنّا معه في صميم البشرية.

جلوس السيد عن يمين الآب وعدٌ للبشرية المؤمنة بهذا الجلوس نفسه. هو نزل إلينا بالتجسّد وعاد الى الآب بالصلب والقيامة.

ويرى بولس الرسول أن نتيجة هذا الصعود أن يُظهر الآبُ في كل الأزمنة الآتية «فَرْطَ غنى نعمته». هو في حالة الذهول امام عظمة هذه النعمة التي نلناها بالمسيح.

ولكن، حتى لا يظنّ القارئ أنه بجهاده سيصعد الى الله، أكّد ثانيةً أننا بالنعمة مخلّصون، وهي تنزل علينا بواسطة الإيمان الذي يسكبه الله مجانا على أحبائه، ويؤكد ذلك بقوله: «ذلك ليس منكم إنما هو عطيّةُ الله». الله عنده هو دائما المبدئ وهو يكلل الذين أخذوا الإيمان. فالله اذًا هو المنتهى.

ثم ينتقل الى فكرة مرتبطة بما سبق: «نحن صُنْعُه مخلوقين في المسيح يسوع». وهنا يُبيّن بولس أن الخلْق الأول إنما أُعطيناه بواسطة المسيح، وأن لنا خلْقا جديدا الآن بالمعمودية. غاية الخلْق الأول والخلْق الثاني أننا مصنوعون للأعمال الصالحة التي «سبق الله فأَعدّنا لنسلُك فيها».

نحن نأخذ بالنعمة والطاعة قوة الأعمال الصالحة. ندخل الى أرض الله دخولا. نأخذ من ثمارها ونُصبح إلهيين. كل قوة الله تصبح فينا بالإيمان، وإذا عرفنا أن الايمان يُكوّننا نتّجه الى معطي الإيمان أي الثالوث القدوس.

هذا هو بهاء الإنسان المسيحي أنه دائما يجيء من الله وينمو بالله ويسكن في حضن الله بالشكر والتسبيح وكل صلاة. عندما نفتتح الخدمة الإلهية بقولنا: «أيها الملك السماوي» يقينُنا أنه ينسكب فينا ويأخذ كل كياننا ويجعل كياننا يصلّي. بلا انسكاب الله فيك لا تستطيع أن تقول كلمة واحدة حتى تصل الى السماء وترتّل مع الملائكة لمجد الله.

المسيح مجد، وقيامته مجد، ونحن إن آمنّا حقيقة نصبح في حالة التمجيد هنا وفي السماء.

Continue reading
2010, جريدة النهار, مقالات

هل السينودس حدث؟ / السبت في 30 تشرين الاول 2010

تعجب الناس لما دعا البابا يوحنا الثالث والعشرون الى مجمع في ستينات القرن العشرين اي بعد مئة سنة على نهاية المجمع الفاتيكاني الأول ظانين ان الكنيسة الرومانية دخلت في سيرورة مجمعية بما يعني ان مواقفها تتخذ في مجمع. ظنوا ذلك حتى أعلن البابا بيوس السادس ان ما دعا اليه المجمع لا يصبح منفذًا الا بقرار من البابا. السينودس الذي دعا اليه البابا الحالي يستلهمه البابا بنديكتوس السادس عشر بالمقدار الذي يشاء. لذلك شكل فريق عمل لاحقا هذا الحدث على رجاء صدور نص نهائي ربما بعد سنة من البابا نفسه. بقيت مركزية البابا محددة على انها «ولاية عامة ومباشرة على الكنيسة كلها» وظل إخراج السينودس فكرًا لاهوتيًا ورعائيًا أتى به المشتركون من أحبار الكنيسة الكاثوليكية في شرقها وغربها وكهنة ولاهوتيون وبعض من الخاصة المدعو.

اليهم بعض الأفراد من الكنيسة الأرثوذكسية من الشرق الأوسط وعالم يهودي ومسلم سني ومسلم شيعي بوصفهم مراقبين يتكلمون في مناسبات محددة لهم ولا مشاركة لهم في التصويت. بتعبير أبسط كان السينودس تجمعا كاثوليكيا محضا وهذه قيمته اي ان الكلمات التي قيلت فيه والأمنيات التي صدرت عنه كلمات وامنيات لمفكرين كاثوليك. لم يكن هذا التجمع مجمعًا مسكونيًا وقياسًا على المجامع المسكونية القديمة التي كان الشرق والغرب يتلاقيان فيها يبقى السينودس لقاء كاثوليكيا محضا إرادة أسقف روما الشخصية هي الحاسمة فيه. في أفضل تقدير كان هذا لقاء استشاريا للبابا الروماني.

في هذا الإطار يجب ان ينظر الى هذه المادة الضخمة من المحاضرات والأحاديث ومناقشة الحلقات المذهلة في دقتها وتوسعها والناتجة عن تهنئة كبيرة والقائدة الى البيان الأخير. هذه تكون إلهاما عظيما وينبوع رجاء عند »آباء السينودس« وفي المجتمع الكاثوليكي في العالم اذ أريد تحريك لهذا المجتمع المشرقي والعالمي، غير انه تحريك مآله القانون والإرادة الحسنة لبندكتوس السادس عشر وهو استاذ عقائد كبير وقد أثبت حضوره في هذا اللقاء اذ كان يتابع كل يوم معظم الاجتماعات.

# #

#

كان موضوع السينودس «الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط شركة وشهادة». عنوانا مستندًا الى كلام العهد الجديد «وكان جماعة المؤمنين قلبا واحدا وروحا واحدة» على رجاء ان يظهر هذا في الشرق الأوسط الذي فيه مسيحيون ومسلمون ويهود. هناك تلاق بينهم لاهوتيا وتعايشا. في ما يختصر بالمسيحيين الآخرين قول واضح على ان الأسرار الكنسية (معمودية وسر الشكر او الافخارستيا) تكون في شركة الجميع مع الكرسي البابوي. كلام إيماني كلي الوضوح. ما مكانة الأرثوذكسيين والإنجيليين او ما الحضور المسيحي الجامع او الواحد في الشرق الأوسط لم تتطرق اليه وثيقة، ولم يلمح اليه في صيغ لاهوتية دقيقة.

اللاهوت الكاثوليكي تحمله الكنائس الكاثوليكية الشرقية التي كان حضورها كثيفا. وكان المبتغى المقول ان تتشاد وتتعاون في هذه المنطقة من العالم لتعطي الحضور المسيحي في بقعة ظاهرة فيها اليهودية وظاهر فيها الإسلام. ولا عجب ان أُعطيت اليهودية ظهورا قويا في النصوص الاعدادية بسبب من الأهمية الساطعة لها في اللاهوت الغربي كله منذ عقود كثيرة مع ان اليهودية لا تشكل مسألة الا في فلسطين بعد ان جلت عن كل العالم العربي.

ولفت الكاثوليك العرب الحاضرين ان كم الكلام عنها كان أقوى وأضخم مما قيل عن الإسلام. غير انه لا بد من الاعتراف ان الكلام في الإسلام والمسلمين كان إيجابيا كثيرا وذلك بفضل الكاثوليك العرب. في الحلقات الخاصة كان يُلاحظ ان أقصي كل كلام متحفظ عن الإسلام والمسلمين وفي شعوري ان الآباء العرب لم يقفوا هذا الموقف فقط بسبب انهم يعايشون المسلمين بحب ولكن لكونهم انهم كالارثوذكسيين كانوا غير منجذبين الى اليهودية واليهود وذلك اتباعا منهم لموقف الآباء القدامى في الشرق الذين اعتبروا ان مجيء المسيح قضى على اليهودية وحقق في نفسه كل ما يظن عهدا الهيا لليهود. لقد كان صوت صارخ للاهوتي ماروني قال اننا نرفض العنف في العهد القديم ونرفض الوعد بالأرض.

وفي الكلام عن الإسلام استشهد التقرير الذي استند اليه السينودس الى ما ورد في المجمع الفاتيكاني الثاني: «تنظر الكنيسة بتقدير الى المسلمين الذين يعبدون الله الأحد، الحي القيوم، الرحمان الجبار، الذي كلّم الناس». هذا كان آنذاك الكلام اللاهوتي الوحيد عن الإسلام وفيه أشياء كثيرة واحدة مع العهد الجديد. كان بندلي الجوزي الأرثوذكسي الفلسطيني يقول: «نحن نقبل كل السور المكية». كنت أتوقع ان تقال كلمات كثيرة في القرآن هي واحدة مع المسيحية. كنت أتوقع ان يقال شيء عن مريم المرأة الوحيدة المذكورة باسمها في القرآن الذي خصص لها سورة باسمها وسورة آل عمران. ما عدا ذلك ذكرت مع المسلمين «الحياة المشتركة» والقيم المشتركة والسلام والتضامن ومكافحة العنف والحوار.

اذا نظرنا الى الحياة المجتمعية الواحدة في الشرق الأوسط أحسب ان العبارة الهامة جدا في السينودس هي عبارة العلمانية الإيجابية التي كان البابا الحالي قد استعملها سابقا وهي الخالية من الارتباط الفلسفي بالعلمانية الغربية بعامة والفرنسية بخاصة وتشير الى عدم المزاج بين السياسة والدين. واذا فهمناها فهما صحيحا يزين لي ان المسلمين يتقبلونها، وفي التقرير الأساسي للسينودس تعني «تحويل العقليات والذهنيات ومواقف الطائفية الى ذهنية حياة وعمل من أجل الخير العام». ومن أجمل ما ورد في النصوص ان السينودس على رفضه عنف الحركات الإحيائية في دار الإسلام القائمة على التطرف الكبير اهتم بدعوة أبنائه على ان يتحرروا من تجربة الانطواء وان يعملوا مع الناس جميعا للعمل معا من اجل تعزيز العدالة والسلام والحرية وحقوق الانسان وحماية البيئة وقيم الحياة والعائلة. اما المشكلات الاجتماعية والسياسية فلا بد من معالجتها لا على انها حقوق المسيحيين يجب المطالبة بها، بل على انها حقوق شاملة يدافع عنها المسيحيون والمسلمون من اجل الخير العام.

الى جانب التشديد على توحد الطوائف الكاثوليكية وتقاربها الحياتي يبدو لي ان ما سيبقى من هذا السينودس في هذه الدنيا دعوته الى الحياة المجتمعية الواحدة في دنيا العرب. المطلوب عنده هو الخلاص من عقلية الذمية مارسها المسلمون وعانى منها المسيحيون. المبتغى حياة جديدة، مدنية في بلاد العرب والشرق الأدنى. ومن الحياة المشتركة يأتي عقل تتجدد فيه روح الشعوب الناهدة الى كرامتها وقد يتجدد فيها الفقه. ولكن هذا مسعى يقوم به المسلمون المتنورون أنفسهم.

في هذا السلام الحياتي يعقل ان يتجدد اللاهوت وعن هذا تعلو أصوات جديدة جريئة في الإسلام. وهذا ما سنقدمه جميعا لاستقلال فلسطين.

ما من شك على ان في الكثلكة روحا جديدة ربما أسهم هذا السينودس في إطلاقها من الشرق الأدنى اذا فهمت الكنائس الكاثوليكية هكذا نداء البابا. لا يستطيع صوت البابا وحده ان يقوم بهذه المهمة الصعبة. مفاتيح هذه الروحية الجديدة وخواتيمها على الأرض هي في يد الكاثوليك العرب. الأرثوذكسيون مهتدون الى هذه القناعة من زمان طويل. ولكن هذا التجلي غير ممكن الا اذا اقتنعت به الأنظمة الإسلامية وقبلت مشاركة المسيحيين على النهوض مع المسلمين لتكوين حضارة عربية مستندة الى العقل ومستلهمة ربها الواحد. كان الإمام علي يقول: الفهم، الفهم. وكان ابو العلاء ينادي بإمامة العقل. الكاثوليك لن ينسوا ولا أحد يجب ان ينسى انه العقل المدعوم بالقلب المستنير برب القلوب. اذ ذاك يصير السينودس حدثًا.

Continue reading
2010, مقالات, نشرة رعيتي

الخليقة الجديدة/ الأحد 24 تشرين الأول 2010 /العدد 43

كان بولس يُملي على كاتبٍ من أعوانه ربما لأنه كان شحيح النظر على ما قاله بعض المفسّرين. هذا المقطع من الرسالة الى أهل غلاطية استهلّه بقوله: «انظروا ما أعظم الكتابات التي كتبتُها بيدي» مع أنه كان قد وقّع الرسالة في مطلعها على عادة القدماء. عندما يقول هنا: «انظروا ما أعظم الكتابات التي كتبتُها اليكم بيدي» يكون قد طلب من سكرتيره أن يُسلّمه القلم ليكتب بخطّه بالحروف الكبيرة وهي منفصلة بعضها عن بعض باليونانية.

أراد أن يُبيّن لهم محبّته لهم، أن يُعطي شعورًا حميميًا. القضية التي يُثيرها أن بعض المسيحيين الذين كانوا يُقرّبون أنفسهم من يعقوب أسقف اورشليم كانوا يرون أن الختانة كانت شرطًا لدخول المسيحية، وكان بولس مع الرسل عقدوا في اورشليم مجمعًا رفضوا فيه الختان.

رفض الرسول الافتخار بختانةٍ أُبطلت لأنها كانت علامة في الجسد بين الله وإبراهيم أي علاقة لعهد قديم، ولم تبقَ حاجةٌ اليها لأن العهد بيننا وبين الله هو بدم يسوع الذي به استغنينا عن العلامة العتيقة بين الله وإبراهيم.

لذلك انتقل الرسول توًا الى القول: «حاشى لي أن أفتخر إلا بربنا يسوع المسيح». أي افتخار هذا؟ إنه افتخار بالصليب. فعندما يقول انه «بالصليب صُلبَ العالم لي» أي ماتَ العالم، «وأنا صُلبتُ للعالم» أي إذا ظنَّ أهل العالم أنهم أحياء فأنا ميت، ويريد بالعالم العالم الشرير.

ويعود الى مسألة الختان ليقول: «في المسيح يسوع ليس الختان بشيء ولا القلف (اي عدم الختان) بل الخليقة الجديدة» التي تصيرُها انت اذا تجددت بالإيمان به ونلت المعمودية التي تُميت شهواتك وتعطيك مفاعيل قيامة المسيح حسبما قال بولس في الرسالة الى أهل رومية.

هذا هو القانون الجديد ليس بمعنى التشريع ولكن بمعنى قاعدة الحياة الأبدية. الذين يتبعون هذه القاعدة عليهم سلامٌ ورحمةٌ وعلى إسرائيلِ (بكسْر اللام) اللهِ. هنا يشير الى إسرائيل الجديد وهو مؤلف من يهود مهتدين ووثنيين مهتدين ويؤلفون معا أُمّة الله والشعب المقدس.

فاليهودية القديمة مع التلمود الذي كتبَتْهُ خمسمئة سنة بعد الميلاد لم تبقَ يهودية الأنبياء. صارت هجينة، ولا يُسمع اولئك المسيحيون القائلون ان لنا مع اليهود الحاليين كتابا واحدا. ولا يهمنا فقط- اذا لم يظهر التلمود- أن نقرأ موسى والأنبياء معا لأنت المهم أن تقرأ العهد القديم على ضوء العهد الجديد أي موجّها من الله الى رؤية المسيح.

الصليب بات مركز إيماننا بمعنى أنه أَظهر الخلاص وأَعدّ لقيامة المخلّص. وسعيُنا بسبب الجلجلة والقيامة أن نصير خلائق جديدة نحيا بالإيمان وبوعود معموديتنا.

Continue reading
2010, جريدة النهار, مقالات

التواضع / السبت 23 تشرين الأول 2010

ايضا جبل أثوس الذي اجتاحني من حيث فهمي لمشاهدته. الأديرة تغطيها او تحجبها الأشجار بعلوها. هل الشجرة تحمل روح السحق او الدير نفحته الانسحاق؟ وسقف الدير يحجب كل الرهابين. وجمعيتهم تضرب فرديّتهم.

ما يختفي يكون واذا برزت من القاء وجود لا تبرز انت بل تفاهتك. المتواضع من لا يرى نفسه أرفع من الأرض اي يراى نفسه مسحوقة وقد يحس بمسحوقيتها اذ يشعر بها مدوسة وبسبب من مظلوميتها يبتهج ويفرح كما يقول الكتاب في متى. عندما قال السيد: «تعلموا مني اني وديع ومتواضع القلب» (متى 11: 29) كشف ان القلب المستنير بنعمة المسيح مصدر هذه الفضيلة العظيمة اي يدركها الإنسان من بعد تطهّر كبير. ان قلب المؤمن لا أثر فيه للمجد الباطل ولا يسكنه الا الرب الذي تواضع حتى الموت موت الصليب (فيليبي 2: 8).

واذا أدركت هذه الحال تفهم قول الرسول: «جاء ابن الإنسان ليخلص الخطأة الذين أنا أولهم». (1تيموثاوس 1: 15). بولس الذي فاق الكثيرين في الفضائل حتى اختطف الى السماء الثالثة كان يحسب نفسه آخر الناس ويذهب القديس يوحنا كاتب السلم الى الفضائل الى القول: «التواضع نعمة للنفس ليس لها اسم يعبر عنه الا عند الذين تعلموها بالخبرة». ثم يسترسل هنا الراهب العظيم بالحديث عن جمال التواضع فيقول: «من اتحد بالتواضع اتحاد العريس بعروسه فهو على الدوام لطيف، متوجع القلب، شغوف، هادئ، بشوش، لا يحزن احدا وبكلمة واحدة خال من الأهواء». والهوى مصطلح عند الآباء النساك يعني مصدر الخطيئة ، انفعالنا بما يجعلها تنشأ وكأنه يقول ان من بلغ هذه الفضيلة قد أدرك ذروة التطهر هذا انسان انفتحت امامه السماء فيما هو على الأرض. يثق بعطاء السماء ولا يثق بنفسه ولكنه ينتظر حكم الله فيه. لذلك لا يتباهى بأي خير فيه انسان كهذا حصل على القيامة قبل حلول القيامة العامة.

هل يعني هذا ان الإنسان المتواضع لا يرى في نفسه حسنات؟ سقراط اوصى ان يعرف الإنسان نفسه ليعرف قدراته ويخدم. وقال السيد: «انتم نور العالم» وأمرنا بأن نضيء الآخرين اذ لا يضع المصباح تحت المكيال. ان تعرف قدرتك على الكلام مثلا او على تدبير شؤون الناس أمر لا يخفى عنك. مع هذا يأمر الرسول الا تحسب نفسك شيئا اذ تصير، عند ذاك، لا شيء ولكن لن تكون ادركت التواضع الا اذا عرفت ان كل ما هو جليل وحق فيك يأتيك من الله. لقد استودعت الحسنات العلوية ولست صاحبها. تنير انت الناس بالنور الإلهي التي لست انت صاحبه. انت قناة للرحمة التي توزعها ولست الرحمان كما ان قناة الماء ليست الماء. اذا كنت في حالة الشكر الدائم لربك يرى الناس انوار الرب مرتسمة على محياك فيمجدون الله بسببك.

# #
#

التواضع اذًا لا يأتينا من الطبيعة التي ورثناها. ان تكون لطيفا او هادئا او حذقا او وديعا لا تعني، حسب القديس اسحق السرياني، انك بلغت قامة التواضع. اذا ندمت على شيء سيء مرة او في مناسبة من المناسبات لا تظن انك أدركت التواضع. هذا لا وصول اليه ان لم ترتق كل سلّم الفضائل. ان الواحدة منها تجيء بعد الأخرى والتواضع ذروة الارتقاء.

قد لا يرى التواضع حقيقة مثلما يراه من وقع في الافتخار وتخلص منه. الافتخار هو ان تلحظ أشياء فيك، في طبائعك او تحس انك ورثتها من اعمال تظن انها شرفتك. تحس انك صرت فوق قامتك وقد لا تعرف انك انتفخت. كل منا ضفدعة تتوهم انها قادرة ان تصير بقرة حسبما حكى لافونتين. يؤكّد لنفسه انه يصير ولن يصير حتى تصدمه الحياة فينفجر.

هذا يفتخر بماله وذاك بسلطته ومالك ليس انت ولا سلطانك انت. انت ترى نفسك مما تكسبه فيحين انك ما يراه الله اي الى ما لم تكتسب. عند التوبة الحقيقية تتعرى من كل ما جاءك وتفهم ان الله يكونك بحبه فاذا بك حامل محبوبيتك وساطع منها ومرشد بها. لماذا يحسب معلمونا ان الكبرياء هي الخطيئة العظمى؟ لأنك بها تؤله ذاتك اي تلحد. الكبرياء هي الإلحاد في كثافته. اما المتواضع الذي يحسب نفسه لا شيء فيكشف ان الله يبينه ويفتخر بالرب اي انه أقصى الإلحاد كليا وتاليا صار إلهي البنية، دخل في حالة التأله، حامل في نفسه صفات الله.

التواضع هو الهدوء الكامل واليقين الكامل لأنه رؤية وجه الله. وقد دخل سحر الحرية التي هي الحرية من الأنا. اجل لا يصل احد الى إماتة الأنا الا عند موته لأن موت البار هو السبت المبارك الذي سبت فيه المسيح في القبر. لا يبلغ الإنسان السبت الكامل الا في القبر لأن القبر هو المعمودية الأخيرة.

لا تموت الأنا موتا نهائيا في هذه الدنيا لأننا ما دمنا في الجسد تهاجمنا الخطيئة او دغدغاتها اي الحيرة عندنا بين البر والفساد. التوبة الكاملة شوق حتى يأخذنا الله اليه. التواضع الكبير ينهي الشوق ويعطينا الرؤية التي تعطانا من نباهة النفس والملكوت الذي أخذ يحلّ فينا.

# #
#

في القداس البيزنطي مناولة جسد الرب نسميها «كمال ملكوت السموات» مع علم كاتبه يوحنا الذهبي الفم ان الكمال نؤتاه من بعد انبعاثنا وكأنه يقول اذا اتحدت بالمسيح صباح الأحد لا تنتظر شىئا يليه. واذا اعترف الله بك متواضعا على صورة المصلوب لا يطلب منك الا كمال المحبة التي جعلها يوحنا الرسول الاسم الحقيقي للرب بقوله: «الله محبة». المتواضع يحب اذا لم يبقَ فيه شيء الا الله.


اذا اقتنعنا بهذا لا فرق بين ان تكون وزيرا او طبيبا او نجارا او ماسح أحذية. المهم ان تتمم كل وظيفتك في طاعة الله، الا تعتبر نفسك عظيما ان كنت من كبار القوم ولا صغيرا ان كنت من الصغار. اعرف ناسا من الذين حازوا مكانة كبيرة في المجتمع ولم يستكبروا. لم يستعظموا بمتاع بيتوهم او بأموالهم. بقوا على التواضع الذي كانوا عليه. داخل النفس لا يسقط دائما بجمالات الحياة الدنيا. لا يفسدك شيء ان اصررت على حفظ الرب في قلبك اذ تعرف ان «شيئا لا يزيد على قامتك شبرًا واحدًا». تمحو ما يظنه رفقاؤك شيئا تستكبر به. تعبر كل هذا البهاء الدنيوي، تعبر ذكاءك او جمالك كأنهما لا شيء لا يستوقفك لمعان عقلك او اي شيء مخلوق. يستوقفك فقط جلال الله والتماعات القديسين الذين بعضهم احياء تعيش لتأخذ من هؤلاء، لإيمانك بأنك تنوجد بهم ولا تعرف انك انوجدت بهم. تترك دينونتك لربك وتنتظر رحمته. تخشى الا تنال السماء لاحتسابك انك خاطىء. تحيا بهذا الرهبة وتدنو دائما «بخوف الله وإيمان ومحبة» من مائدة الخلاص في صبيحة الأحد تصير بها انسانا جديدا بالكلية ويعرف الرب وحده انك جديد.

Continue reading
2010, مقالات, نشرة رعيتي

جبل آثوس/ الأحد 17 تشرين الأول 2010 / العدد 42

في أواخر الألفية الأولى، أسس القديس أثناسيوس (5 تمّوز) الحياة الرهبانية في جبل آثوس، وهو شبه جزيرة في شمالي اليونان، فبُني عشرون ديرًا مستقلّ الواحد عن الآخر حسب النظام الأرثوذكسي يعيشون حياة صلاة ونسك (لا يأكلون لحمًا أبدًا). وللأديرة إدارة مركزية مؤلفة من مندوبي الأديرة. الى جانب هذه الديورة صوامع مستقلّة يختلي فيها راهب او أكثر.

جزيرة مشجّرة كلها ولا سيما بشجر الكستناء الذي يصنع الرهبان منه ما يحتاجون اليه من خشبيات كالأبواب وغيرها.

يفيقون ساعتين او ثلاثا بعد منتصف الليل ويؤدّون الخِدَم الإلهية طويلة واقفين في أداء موسيقيّ صحيح. وبعد صلوات الصباح وصلاة الغروب يتناولون وجبتين من الطعام، ويذهب كل واحد الى عمله: عمل يدويّ، فلاحة، دراسات لاهوتية.

من حيث الجنسية، العنصر اليوناني سائد، ولكن هناك ثلاثة أديرة مؤلفة من الروسيين والصرب والبلغار، وهناك بعض الآخرين اعتنقوا الأرثوذكسية وهم من أصول مختلفة.

إلى جانب الخدَم الإلهية يستقبلون حجاجًا من الرجال ويقدمون لهم ضيافة ويعيشون في الأديرة الجميلة جدا وهي تختلف بهندستها. ألوان الجدران الخارجية مختلفة والقباب الكبيرة والصغيرة تعلو السطوح. إلى جانب الكنيسة الرئيسية، في كل دير كنائس صغرى (4 أو 5 أو أكثر) يذهب اليها الرهبان عند انتهاء صلاة السحَر لإقامة القداس الإلهي.

صوَر القديسين في كل مكان ولا سيما أيقونة والدة الإله شفيعة هذه الجزيرة. كل قاعات الطعام جدرانها مليئة بالأيقونات الجدارية وكأنك تأكل في حضرة القديسين.

إلى هذا المكان ذهبنا أنا ومطران اوربا السيد يوحنا (يازجي) ومطران طرابلس السيد أفرام (كرياكوس) وكل منا معه مرافق. وكنا ننتقل من دير الى آخر بالسيارة على طرقات ترابية.

كنا نتخاطب باللغة اليونانية مباشرة او بالترجمة، وأقمنا القداس الإلهيّ بالعربية، ورافقَنا طلاب لاهوت أنطاكيّون كانوا يسهّلون لنا التواصل.

كان الرهبان يكرمون المطارنة الأنطاكيين تكريمًا كبيرًا من حيث الاستقبال في كنيسة كل دير بحفاوة نادرة. الاتصال اللغوي كان صعبًا ولكن اتصال القلوب كان سهلا وقويًا. يبدو أن أنطاكية لها مقام خاص عندهم، والشرق بعامّة يحرّك قلوبهم.

نحن استلمنا نعمة فوق نعمة وأحسسنا أن كل من كان قادرًا أن يسافر الى اليونان لا بد له أن يزور الجبل المقدس لأنه متعة لا بعدها متعة، فإذا كانت الطبيعة جميلة جدا فالتقوى أجمل.

مركز للعبادة الأرثوذكسية استثنائيّ القوة والإلهام. لا تعود انت من هذا التجمّع الرهبانيّ العظيم إلا غنيًّا بما ينزل عليك من بركات التقوى الظاهرة أمام عينيك.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

مَثَل الزارع/ الأحد 16 تشرين الأول 2010 / العدد 42

في كل زَرْع زارع وزَرْع مثل القمح وأرض مزروعة أو نحاول أن تكون مزروعة. هذه أشياء قالها يسوع في مَثَل هو ألّفه. يسوع من الناحية الأدبية في الأناجيل الإزائية اي الثلاثة الأولى واضع أمثال.

في هذا المثل يتكلم اولاً على أنواع الأرض. نوعٌ من الحَب في أرض أولى وقع فيها الحب على الطريق وليس على الأرض فأكلته طيور السماء، وعلى أرض ثانية وقع على الصخر فلم ينبت اذ اختنق بالشوك، وعلى أرض ثالثة نبت وأَعطت الحبةُ مئة ضعف وهذا نادر جدا. فلما سأله التلاميذ عن معنى المثل أَوضح انه للتلاميذ فهم ولغير تلاميذه ليس من فهم. فبخلاف ما يعتقد البعض ليس المثل لتسهيل الفهم. يجب ان يكون قلبك منفتحا لتفهم.

أَدخل يسوعُ تلاميذه في الفهم وقال: الزرع هو كلمة الله، والزارع طبعا هو الله، والله وكلمته واحد. عاد الى الأرض الأولى وأوضح أن الذي وقع على الطريق هُم الذين يأتي إبليس وينتزع الكلمة من قلوبهم. هؤلاء لم يسمعوا شيئا او لم يريدوا أن يسمعوا. هي حال الكثيرين منا. هناك فئة أُخرى تسمع الكلمة الى حين وليس عندها استمرار في الطاعة. ليس لها أصل. وهنا يُصرّ يسوع أن الكلمة الإلهية تضعها انت على الكلمات الإلهية السابقة. انت تُنمي معرفتك للكلمة اذ تُسلم قلبك الى الله. عندك استمرار في تقبّل الكلمة وإلا تقع عند أول تجربة. ليس عندك قوة لصدّ التجارب.

النفس التي تشبه تلك الأرض التي كان فيها شوك هي التي تختنق «بهموم هذه الحياة وغناها وملذّاتها». جزء من هذا الكلام ردّدته الكنيسة في نشيد الشاروبيكون في القداس الإلهي: «لنطرح عنا كل اهتمام دنيويّ»، أي لا تكن الدنيا شاغلتنا او ضاغطة علينا. هذا لا يعني أننا لا نتعاطى في الدنيا عملا، ولكن يبقى قلبنا عند الله. لا تكون الدنيا تحصرنا فيها.

هموم الحياة يوضحها لوقا الإنجيلي بشيئين: الغنى والملذّات. الغنى الذي نستبقيه في جيوبنا او المصارف ولا نشارك الفقراء فيه يستبدّ بنا حتى يصير ربّا. عند ذاك انت تسمع لهمساته او وسوساته ولا يبقى لك وقت او قوة لتسمع لكلمة الله. الغنى يُسيّرك ولا تُسيّرك الكلمة.

أنت عبدٌ لما تسمع له: عبدٌ للمال اذا شئت او عبدٌ لله اذا شئت، عبدٌ للخطيئة او عبدٌ للبرّ. هذا يعني أنك تختزن البرّ في نفسك وتثمر بالبرّ لأنه يزيدك إذا اقتنيته. وهذا يتطلب صبرًا طويلا دائما. والصبر أن تستقبل الله فيك على الدوام ليطرد الرب كل ما يجرّبك اذا جاء المجرّب. أن تحب الله عاملا فيك هذا هو الصبر المسيحيّ. انت لتستمرّ كذلك يعني أنك تتقبّل النعمة اذا نزلت عليك وتُعطيها فورا. هذا يعني ألاّ تؤجّل عمل الخير الى الغد إذ قد لا يكون لك غد. وهذا يعني أن تحب كلمة الله وتؤمن أنها هي التي تُجدّدك وتطرد عنك كل رغبة في الخطيئة.

افهمْ أنك لستَ الزارع وأنك فقط متقبّل الزرع الإلهيّ حتى لا تستكبر. أَطع ربك ولا يبقَ فيك إلا أثره فتصبح إنسانا إلهيا.

Continue reading
2010, جريدة النهار, مقالات

الحكم / السبت 16 تشرين الأول 2010

لم ترد لفظة دولة (بفتح الدال) مرة في القرآن. ولم يرد معنى المؤسسة الحاكمة مرة وكأن الإسلام في التنزيل لا يعرف سياسة المدينة ولا أتى على مدلولها. جاء معنى التنظيم للحياة الإدارية في زمن الراشدين. ولا نعرف دولة الإسلام وساغ الكلام عن دولة المسلمين بعد الوحي. اما لفظة الحكم فوردت في سورة الأنعام بين لفظة الكتاب ولفظة النبوة. وهكذا يكون الحكم لله (يوسف 40 و 67) وأوتي الناس حكما وعلما ولكن ليس بالمعنى السياسي.


في العهد الجديد استعملت كلمة قيصر وكلمة ملك وكلمة سلطان بالمفرد والجمع ولكن قيل ان السلاطين الكائنة هي مرتّبة من الله (رومية 13: 2). وهذا مجرد ملاحظة على وجود الدولة الرومانية التي تعامل واياها المسيحيون تعاملا عمليا. «مملكتي ليست من هذا العالم» (يوحنا 18: 36) تجزم أن يسوع الناصري لم يدعُ أتباعه ليؤسسوا دولة. وجدوا فقط أمامهم سلطة سياسية واندرجوا فيها على أنها حكم مدني ارتضاه الله بهذه الصفة. اعتراف المسيحية أن الدولة قائمة وانك تندرج فيها ببركة من الرب.


الحكم المدني قائم غير مستقلّ عن الله. وهذا هو معنى كلام السيد: «أَعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله». هذا لا يدلّ على وجود قطاع سياسي مستقلّ عن الله ولكن يدلّ على أن قيصر خاضع لله لا بمعنى دولة دينية ذات تشريع ونظم مستمدّة من الإنجيل اذ هذه النظم غير موجودة في تعليم الكنيسة عن الدولة. هناك أخلاق للقائمين على الحكم هي شرط لحكمهم وتبرير له. هذا ما يهمّ الدين في كل هذه المسألة.


جذر حَكَمَ لا ينبغي أن يُفهم على أن ثمّة حكاما ومحكومين اي ناسا بيدهم السلطة وناسا تمارَس السلطة عليهم. هذا كان قائما في نظام الملوك في اوربا الذين لهم كل شيء والناس رعايا عندهم. اما اذا كانت دنيا السياسة مشاركة فالحكم يراقبه المحكوم والناس سواسية في الكرامة ولو أُسندت المسؤولية الرئيسة الى من انتُخب (بضم التاء) ليسوس. في الديموقراطيات الحديثة السائس يُساس ايضا لأن الكل يراقب الكل ومن جاء في الانتخاب جيء به للخدمة وفي هذا المنظار هو خادم كما يروي إنجيل مرقس ويؤتى كرامته من الخدمة التي يؤدّيها. الحكومة في هذه الرؤية تقام لتتولى لا المسؤولية الحصرية ولكن المسؤولية الأولى. ولكونها آلة التنفيذ يُطلب اليها الكثير وتحاسَب (بفتح السين) بالدرجة الأولى. لذلك هناك إلحاح على أخلاقها.


# #

#

الدولة سلطة ومن تمتّع بسلطة إغراؤه الأكبر أن يكتسب «طبائع الاستبداد». وُجد بين الحكام متواضعون ولكن المألوف أن تتحوّل السلطة الى شغف بها وهذا يعني عدم الخدمة للمواطنين بحيث لا يُضبط الوضع ويستبدّ الحكام بالمحكومين.


وهذا هو تحويل الحكم الى تحكّم وخوف وتفتيت القوى. وكلّما خشي الحاكم عدم التفاهم بينه وبين المواطنين يزداد استبداده ظنا بأنه هكذا يضع حدا للتشظّي. في حقيقة السياسة أن دواء كل وضع هو الحرية لأن الحرية هي الثقة واذا أحسّ المواطن بأنه موضوع ثقة يزداد تعاونه والدولة. ما يسمّى الحريات العامة ليس موضوع تسوية بين السلطة والأهالي. الحريات نفحتها الايمان بأن الانسان قادر على الرشد السياسي الذي به نعترف بحرية الآخر وبأنه مرحّب به في المشاركة.


اجل تسوقنا الحرية الى الاختلاف اذ ليس من عقيدة منزلة في دنيا السياسة. ما من مجال في التربية والاقتصاد وما اليهما الا الاختلاف او الخلاف قائم فيه. لذلك تقود الحرية الى ممارسة الديموقراطية. في اليونانية الديموقراطية هي حكم الشعب وفي الحقيقة هو جدل بين متخاصمين على رجاء التقائهم وهنا يأتي دور الحكمة في الحرية. ويأتي دور الصدق في السجال السياسي. تعثر الديموقراطية انها هيكلية احزاب تتصارع ولو لم تختلف دائما في العمق. ولكن التحزب يصلحه الايمان بالحقيقة بحيث تتراجع اذا أرغمك الصدق على ذلك.


محبة الحقيقة تأتيك من محبتك للوطن التي لا تعلو عليها قضية فريق او قبيلة او جماعة دينيّة. واذا قوي الانقسام في حالات التأزم فمعنى ذلك أن هناك فريقا او اكثر غير محبّ للوطن. عندما نبيت على خوف الانشقاق نفيق على ذاكرة الفتنة. والرجوع عنها يتطلّب توبة حقيقيّة على صعيد السلطة اولا ثم على صعيد الأهالي. لا يُقنعني أن عوامل التفسّخ تبقى اذا جمعنا حب الحرية والإخلاص للوطن والإخلاص يقودك الى الفهم والفهم يقودك الى الحلول.

# #

#

من حبك للبلد نزاهتك وهي تعني أن مال البلد للبلد. عندنا في الكنيسة منذ القرن الرابع قانون يفرض على الأسقف أن يفرّق بين ماله الشخصي ومال الكنيسة فينفق على الكنيسة من صندوقها وعلى شخصه من ثروته الخاصة إن بقيت له ولم يوزّعها على المساكين. كلما ازداد اطّلاعي على أحوال بلدان كثيرة أرى أن الرشوة سائدة في أوساطها العليا كأن الفساد هو الشريعة. هذا ما يفسّر الأزمات المالية الكبرى حتى درجة إفلاس الدولة. هنا يأتينا فكر آباء الكنيسة القدماء الذين علّموا أن الإنسان ليس مالكا ما عنده إنما هو مؤتمن عليه. فاذا حُرم الفرد حرية تبذيره لمال كسبه شرعيا فكم بالحري هو مؤتمن على مال لا يملكه وهو ما تحصّله الدولة من الضرائب.

من قرأ في إنجيل متى: «لا تقدرون أن تخدموا الله والمال» (6: 24)؟ من قرأ: «اطلبوا ملكوت الله وبرّه، وهذه كلها تُزاد لكم» (6: 33)؟ هذا لم يُكتب ليخضع له الفقراء ولكن كُتب ايضا ليخضع له من يتقاضى راتبا من الدولة وغير الدولة. عند الفساد العميم كيف نؤمن بمن له السلطان على العباد؟ كيف نقبل أن يكون ستّون بالمئة من أهلنا تحت مستوى الفقر؟ أليس لآلة الحكم مسؤولية هنا؟ أليس له مسؤولية في إكثار عدد المهاجرين؟ أليست بطولة روحية أن تعطي بلدك كل شيء ولا يعطيك هو شيئا؟


لماذا لا نرسل قديسن الى الحكم؟ لمّا قال سقراط ان الفلاسفة يحكمون أثينا هذا ما قصده. الفلسفة عند الإغريق كانت تعني الكمال البشري ليس في العقل وحده ولكن في الوجدان ايضا. عندما تكلّم أفلاطون عن الحق والخير والجمال أراد أن هذه تكون مجتمعة او لا يكون واحد منها. الطاهرون يحكمون او ليس من حكم.


الدولة إن لم تصبح دولة الله اي حكم كلمته في عباده آلة استغلال للضعاف وهم الأحبّ عند الله. قد لا تكون الدولة مشكلتنا الوحيدة في لبنان ولكنها المشكلة الأولى لا ريب في ذلك. تنقية الدولة في كل بلدان العالم دعوة الى النهوض بالأُمّة كلها.


هل يتحقق هذا الحلم في بلدنا الجميل؟

Continue reading
2010, مقالات, نشرة رعيتي

بداءة عمل بولس/ الأحد 10 تشرين الأول 2010 / العدد 41

يتكلم الرسول في هذا المقطع من الرسالة الى أهل غلاطية عن إنجيله قائلا انه تسلّمه بإعلان يسوع المسيح له. واضح أن بولس لا يتكلم عن الأناجيل الأربعة ولم تكن كُتبت بعد. غير أننا نلحظ بعد تدوينها خلال القرن الأول أن مضمون ما علّمه بولس هو ذاته مضمون الأناجيل الأربعة. كل ما علّمه بولس، بطريقة أو بأخرى، هو عن موت السيّد وقيامته، وقال كلمة عن مولده، وسرد الحديث عن العشاء السري.

ثم أوضح الرسول أن الله أفرزه من بطن أمه ودعاه بنعمته ليُعلن ابنه فيه ليُبشّر بين الأمم (الوثنيّة). بولس يحمل تعليما تلقّاه مباشرة من الرب يسوع، وهذا كافٍ لتثبيت صدقيّة بولس الرسول.

أخذ الرسول في هذا المقطع يحكي باختصار سيرته فقال «إني كنتُ أَضطهد كنيسة الله بإفراط»، ومَثل عن ذلك ما ورد في أعمال الرسل عن اشتراكه بمقتل القديس استفانوس. غير أن يسوع ظهر له على طريق دمشق التي كان ذاهبا اليها بتفويض ليُلقي القبض على المسيحيين وغيره يسوع بظهوره له تغييرا كليا إذ جعله تلميذا له حارّا يجوب الأرض كلها لينشئ جماعات مسيحية وإليها بعث برسائله المعروفة عندنا في العهد الجديد ونقرأها في كل قداس كما نقرأ رسائل من غيره من الرسل.

في هذا الفصل يؤكد أنه بعد ظهور الرب لم «يُصغِ الى لحم ودم» أي لم يتردّد باتباع يسوع فأكمل طريقه الى دمشق ليُعمّده حنانيا ويُطلقه من دمشق، فقال إني بعد لقاء حنانيا لم أَصعد الى أورشليم الى الرسل الذين قبلي لأتأكّد من صحة ما أومن به «بل انطلقتُ الى ديار العرب»، ويُرجّح معظم المُفَسرين أن ديار العرب تعني حوران وكانت تُسمّى «العربية» في الإدارة الرومانية، ولا بدّ أنه كان هناك بعض المسيحيين.

لا يقول الكتاب شيئا عمّا فعله بولس في حوران الى جانب الصلاة وتأمّله في العهد القديم الذي يظهر هو في ما كتبه علاقته به. كان بولس يربط معرفته بيسوع بمختَلف أسفار العهد القديم.

ثم يقول «بعد ذلك رجعتُ الى دمشق». لماذا الى دمشق؟ هي المكان الذي ظهر فيه حبّه الأول ليسوع. لا نعرف المدّة التي قضاها في حوران. عندما يقول إني بعد ثلاث سنين صعدتُ الى أورشليم، هل يقصد أنه بقي في الشام ثلاث سنين، أم يقصد ثلاث سنين قضاها في حوران ودمشق معا؟ لا نعرف ولا يهمّنا أن نعرف. بعد هذه السنين الثلاث يقول «صعدتُ الى أورشليم لأزور بطرس». كان لبطرس أهمية خاصة في الجماعة الرسولية. فأقام بولس عنده خمسة عشر يومًا سمع فيها الكثير عن الرب يسوع الذي عايشه بطرس. ثم لم يرَ غيره من الرسل سوى يعقوب أخي الرب. البقيّة كانوا بلا ريب تركوا فلسطين الى البشارة. بعد هذا انطلق بولس الى العالم.

Continue reading
2010, جريدة النهار, مقالات

جبل آثوس / السبت 9 تشرين الأول 2010

زيارة لجبل أثوس كنت أتوقها منذ عقود. ليس من مطرح في العالم أبهى أرثوذكسية من هذا الجبل الملقى في البحر شمالي سلونيك والنازلة عليه السماء. منذ ألف سنة ومئة قصد بعض من القوم الله هناك ناسكين ومصلين في عشرين دير كبير ومناسك صغرى ومغاور. هل من صعود الى الله من أماكن متعة للعين مذهلة؟ أحجار وقناطر وألوان متلاقية على أرض ذوق. الدير تجتمع فيه الأبنية غير متجايلة ولكن متناسقة. اثنتا عشرة كنيسة صغيرة الى الكنيسة المركزية في دير فاتوبادي والايقونة من الألفية الثانية او من قبل، خشبيّة او فسيفساء تلبسك او تلبسها.

والقامات تنحني للأسقف الزائر. كنا ثلاثة مطارنة من أنطاكية ويصحب هذا ترتيل دقيق وتلاوات عربية ومسافات تطول وخشبيات كثيرة تعطي دفئًا وتأكل على موائد من رخام ممسكا عن اللحم طوال حياتك وتقيم في الفرح الذي يصدر عن التقوى او عن العلم وكلاهما يبدو على شيء من العمق او السعة وتستيقظ باكرا جدا لتقيم صلاة تطول على رجاء ان تأخذ قلبك.

لماذا يؤمّون هذا المكان- المحجة او الأمكنة المتشابهة عمارة وروحا؟ ماذا ينثني في قلب هذا الشاب الذي يطلب الوحدة مع الله ويقول عبد الله العلايلي يستوحد. هل ادرك التوحد هؤلاء الذين رأيناهم على نضج كهولة او في شيخوخة تقادمت؟ هل الإنشاد ينزل على القلب او يحيط به؟ هل تحفر الأيقونة النفس على صورتها او تتنقى النفس في طبيعة طياتها بلا انثناء الروح الإلهي فيها او عندنا شيء من هذا وشيء من ذاك الى ان يقبض الله ذاتنا فيما يكب ترابنا في التراب.

تتابع الصلاة باليونانية القديمة ويخاطب عنك رهابين عرب باللغة العامية اليونانية. غير ان التواصل لا يحتاج دائما الى لغة اذا شع عليك نور وجه والديورة وجوه صنعتها محبة تتراءى وصنعها تراث عظيم تتبعه في هذه الجداريات التي أذهلت أجيالا وأحاطتها الأجيال بعيونها حتى لا يقع ناظرك على حائط غاب عنه القديسون.

يحيطون بك ليس فقط عندما تعبد ولكن اذا أكلت في قاعة المائدة حتى لا يخلو لك وقت لسماع او بصر بلا مشاركة الذين سبقونا الى المجد. هل حسنت رؤيتي اذا قرأت ان أهل الفن الكنسي ملاؤا بهم كل مساحة الجدران حتى تكتب لنا ولهم معية تحيينا؟

# #

#

قضينا في الدير مع رئيسه المستوحد في صومعة سهرة ممتعة. كنت قد عرفته منذ ثلاثين سنة. أنعشنا بحديثه عن اسحق السرياني المولود في قطر وعن لاهوته ثم عن دوستويفسكي وصلته باسحق وكلمنا عن عمق الآباء القدامى متنقلا بين الروسية والفرنسية واليونانية لغته ومستفيضا عن موهبة الحرية الملازمة للحياة الأرثوذكسية.

الآباء هنا يشرعون بصلاتهم الساعة الثالثة والنصف صباحا ويتناولون وجبتين في اليوم. يصلون كثيرا عند المساء. هذه الرهبانية يرافقها دوما صوت رخيم ولكنها تكشف حضرة الكل والفكر عند من كان قابلا له او لإعطائه.

ما يلفتك في هذه الجماعة ان احدا لا يسعى ان يتميز او ان يبدو ولكن الله يبدي من يشاء. ان كانت الشجرة تعرف من الثمر ساغ لإنسان من هذه الدنيا ان يتحسس جمالا ظاهرة من ثقافة الدنيا وبه تغوص على أبعاد ليست كلها من هذا العالم. ولكن رياضة الانقطاع ضرورية لرياضة التواصل. تخرج من المدينة الى الصحراء ليصبح الله هذا الذي تسكن ويبدأ هو تمتمتك فيه.

الدير يشبه الدير بالأنظمة. الأطعمة نسكية. الاحترام عظيم للكبير مقامه. هذا لا تفسير له بالنمطية ولكن بما يرونه ما وراء او ما فوق الذي يحترمون. لماذا يقبلون يد الأسقف الزائر اذا دخلوا وخرجوا. طرح علي مواطنينا مرة هذا السؤال: لماذا نقبل يد الأسقف. اجبته ليس للأسقف يد. قال: كيف؟ قلت: هذه منهجية الأيقونة عندنا. انت، ان قبلتها، تقبل المثال المقدس الذي وراءها ولا تقبل خشبة او لونا. انت تصعد. لم يبق انسان حسه ايقوني عندنا او هذا قليل.

لماذا احتفاء قل نظيره بوفدنا الانطاكي؟ شرقية الوفد في اخوة الإيمان؟ من أين أتت بساطة التعامل؟ من الهيكلية الأرثوذكسية؟ من أنجيلية الرهابين؟ هذه الإنجيلية تجعل صومعة الراهب مذهلة في تواضعها وقطاع الضيوف المميزين بمراتبهم على رهافة ذوق لم أشاهدها في دير من مناطقنا. غير ان هذا كله ليس بشيء امام إتقان الخدمة الإلهية وأصوليتها والحفاظ على كل موروثها. لا يبدو ان طول الصلوات مشكلة عندهم ولا يبدو الملل على ملامحهم. هل ما يتلون ويرنمون سماء على الأرض كما زعم الوفد الروسي الذي زار القسطنطينية في أواخر القرن العاشر فتبنت روسيا الديانة المسيحية المسلوكة بالمعنى البيزنطي.

# #

#

بقينا على الصلاة قبل فجر الأحد ست ساعات يتناوب الجوق اليوناني والجوق العربي بتناغم كامل على اللحن الأول والألحان ثمانية عندنا. وكان القائمون بالقداس الإلهي أربعة أساقفة عرب ومرافقوهم ورهبان الدير. هل دقة الأداء عربية لهؤلاء؟ أظن ان السر في الشخص وان لا تعميم في الجواب. الجماليات في الدين في طياتها خطر ولكنها تعيد الينا القوة احيانا. لست اعتقد ان اختزال الصلوات الذي يقترحه البعض هو الترياق. النفس، النفس او الفهم الفهم كل شيء. التربية تذهب عنك الاسترخاء. كذلك التشدد لا يهبك القوة بالضرورة. تبقى ديانة شعبية تظنها تحسسا الهيا وما هي الا بشريتك الدافئة الى ان يبدعك الدين الحق. انت خاضع لله او تصدر عنه. دائما في الدين أشكال. نصوصه يمكن تحويلها الى شكل او استبقاؤها روحا. تعود من الحج، من اي حج بصورة الحجر او بالإله الصافي. صعب عليك ان تعرف الفرق.

# #

#

في المحطة الأخيرة من تجوالنا تفاقم الاحتفاء حتى المحبة السكيب. والعبادات تنزل ولو نسيت اللغة لتقادم السنين عليك. لم يستطع هؤلاء الا ان يجددوا الجداريات بعد عتاقتها لكونهم يحبون عشرة السماويين بالعين طريقا الى القلب. هذا دير تقف عند ذروته وآساسه في البحر واطلالاته الغابات. بين هذه كيف تنسى الفردوس. تتعشى عند الخامسة لترتاح قليلا قبل صلاة تستغرق الليل كله. تقيم عيد الصليب حسابا شرقيا تستخدم فيه راهبا من بلادنا ليجمل الصوت والكلمة معا.

قبل يومين في دير آخر استشهدت امام راهب مازحا بكلمة أرسطو الشهيرة: «كل ما (او من) كان غير يوناني فهو بربري» انتفض رافضًا ارسطو. اليوم نختلي لما تيسر من النوم لنستقبل الفجر بترتيلنا «المجد لك يا مظهر النور» ثم نرحل عن جبل القداسة هذا ونقضي ثلاث ليال في سالونيك وأثينا قبل التحاقنا بربوع لبنان.

العرب في بغداد أحسوا قديما ان حضارتك لا تكتمل بدون الإغريق. هذا يعني ان عليك ان تحافظ على العقل وتقوله بطريقة او بأخرى، بالشعر العربي.

Continue reading
2010, مقالات, نشرة رعيتي

أحبوا أعداءكم/ الأحد 3 تشرين الأول 2010 / العدد 40

يتساءل الكثيرون كيف نحبّ أعداءنا. هل هذا معقول؟ أول قسم من الجواب أن العدوّ مَن عاداك، اما انت فلا تُعادي أحدا. يمكن أن تحزن ولكن لا تحفظ عليه حقده لأنه أخوك. لا يمكنك أن تحبّه كما طلب السيد إلا إذا اعتبرته أخاك مهما كانت شرور قلبه. يطلب منك الرب أن تعالج قلب هذا الإنسان.

اذكروا مَثَل السامري الشفوق الذي وَجد جريحا يهوديّا في الطريق فأعانه واعتنى به، والسامريّ عدوّ اليهوديّ في الدين، وذلك العداء كان كبيرا في تلك الأيام.

مَن عاداك اليوم، جريح، مصدوم أو ذو مصلحة ضدّك وقد لا تكون آذيته انت، فإذا حقدت عليه تزيده شرا وغايتك أن تشفيه، أن تشفي كل إنسان. لقد جعلك الرب اليوم انت السامري الشفوق اي طبيبا لمن عاداك. وأنت وحدك طبيبه لأنك تعرف مرضه وغيرك لا يعرفه.

في معظم الأحوال هو يقبل غفرانك له. فإذا لم يقبل صلِّ من أجله حتى يصل الى القبول. اذكر عدوّك كل يوم في صلاتك وقدّم اسمه على مذبح الرب لكي تنزل عليه الرحمة. والله يرحم من تطلب انت له الرحمة لأنه «مُنعِم على غير الشاكرين والأبرار».

وتنتهي القراءة بقول السيد «فكونوا رحماء كما أن أباكم السماوي هو رحيم». رحيم تعني في اللغة أن أحشاء الرب تتّسع لكل البشر، فإذا جعل الله كل خلائقه العاقلة في أحضانه فتشبّه انت بالرب ليجعل عدوّك في أحضانه وتلتقي هكذا بهذا العدوّ عند الرب الذي يحبّك ويحبه.

لا لقاء لنا مع إنسان إلا في أعماق الحنان الإلهي. العاطفة البشرية تعلو وتهبط حسب المزاج. ولكنا نحن المؤمنين لا نتصرّف مزاجيا ولكن نتصرّف بالشعور الإلهي اي كأن قلبنا قلب الرب.

واذكر أن الله محبة ولا يفرّق قلبُه بين من يحبونه ومن لا يحبونه لأنهم جميعا أبناؤه. انت اذا كان عندك ولدان، أحدهما لطيف رقيق، وآخر شرس، تحبهما بالمحبة الواحدة، ولكن هناك أسلوبان في التربية، وغاية كل أسلوب لك أن تُصلح ولديك.

الله محبة فإنها العلاقة الوحيدة بين الآب والابن والروح القدس. المحبة هي الوحدانية الإلهية، هي اسم الله.

فالله يتصرّف مربّيا ويستعمل أسلوبا مع هذا وأسلوبا مع ذلك، ولكنه يريد محبة واحدة لكل من البشر. وموت المسيح هو الدليل العظيم على محبته لنا.

Continue reading