قائد المئة/ الأحد 27 حزيران 2004 / العدد 26
هذا ضابط روماني مسؤول عن مئة جندي في خدمة هيرودس انتيباس رئيس الربع على الجليل وابن هيرودس الكبير. هذا غالبا ما كان يؤمن بإله اسرائيل اذ بنى لليهود مجمعا (كنيسًا) حسبما روى لوقا (7 :5).
كون مركزه في الجليل جعله على علم بمعلّم جديد يصنع عجائب اسمه يسوع الناصري. تكلم الضابط بخفر مع السيد. إعلامه يسوع عن الشاب المريض يتضمن ايمانا بقدرة يسوع والتماسا للشفاء. عنده ان الله وراء يسوع او داعم يسوع ليشفي خادمه او ولده. اللغة اليونانية لا تسمح بالجزم اذ يستعمل الكلمة للاثنين. نحن امام خادم (او ولد) مفلوج لا شيء يدل على انه ابن قائد المئة.
يتقدم العسكري الى السيد ليقول له: “يا رب لست مستحقا ان تدخل تحت سقفي ولكن قل كلمة واحدة فيبرأ فتاي”. تواضع واضح واعتراف بالخطيئة وإقرار ان النبي الجليلي قادر على الشفاء. قائد المئة هو الذي يلفت يسوع انه ليس في حاجة الى ان ينتقل الى البيت وان كلمته من بعيد تشفي. رأى السيد ان هذا الايمان اعظم مما رآه عند اليهود. “سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع ابراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السموات واما بنو الملكوت فيُلقَون في الظلمة البرانية”. وشفي الفتى فورا.
هذه حادثة اراد متى منها تعليما وهو ان اليهود لا يحتكرون الخلاص ولو جاء الخلاص مما كشفه الله لأنبيائهم قديما. لا يكفي ان تعتز بانتمائك الارثوذكسي وانت لا تعمل شيئا. الايمان ليس فقط ثقة وتصديقًا. انه التزام ايضا. القول: انا مؤمن ولكني لا أصلّي قول لا معنى له.
والايمان نغذيه. “آمنوا بسبب الكلام الذي كلمتكم به”. كيف تؤمن ما لم تعاشر المسيح بإنجيله والصلوات. كيف تقفز وراء هذه الطبيعة التي تشدك اليها بكل جوارحك ولا يخترقها كلام يسوع؟ يسوع هو قبل كل شيء كلماته أكانت مسكوبة في الكتاب او معبرًا عنها بعباداتنا او مشهودا لها بشجاعة الشهداء وطهارة الأبرار.
ان لم تتعرف الى الأبرار في رعيتك او رعية اخرى، كيف تعرف ان المسيح فاعل؟ واذا حقق قوته في سواك تدرك عندئذ انه يحركها فيك؟ الارثوذكسيون يظنون انهم يعرفون ديانتهم. هذا صحيح عند البعض. ولكن ان لم يشرح لك احد كيف تفهم؟ ان لم تسمع كيف تؤمن؟
الايمان مثل اي حركة في النفس، مثل الصداقة، مثل الحب، مثل المتعة الغنية يكون في النفس، في عمقها ولكنه يغذي. الصديق تراه من حين الى آخر. المتاحف الفنّية تقصدها والموسيقى تسمعها. لا شيء يبقى فيك بلا إذكاء. افتح قلبك ليقوى ايمانك وتشدد به لئلا يضعف، فكل خطيئة تحْدِث فيك عاصفة قد تهزه، وتهزه كثيرا.
الى هذا هذه اعجوبة تعظّـم اهمية الوثنيين في تشكيل الكنيسة. فالخلاص ليس محصورا بإسرائيل الجسدي. انه يمتد الى ما سمّاه بولس “اسرائيل الله” المكون من المؤمنين أعبرانيين كانوا ام من الأمم. “ليس يهودي ولا يوناني (اي وثني) كلكم واحد في المسيح يسوع”. ولهذا ليس ثابتا قول بعض علماء الغرب الميالين الى اليهود ان إنجيل متى يعتبر يسوع شيئا داخل الحركة اليهودية. “اذهبوا وتلمذوا كل الأمم” تؤكد ان ليس من شرخ حقيقي في الكنيسة الاولى بين اليهود والأمم. كلهم دخلوا الميراث وآمنوا بأن الانسان يُبرَّر بالايمان لا بالأحكام التي جاء بها موسى.
Continue reading