بعد اهتداء بولس/ الأحد 30 كانون الأول 2007 / العدد 52
في العهد الجديد إشارات على ان بعض المؤمنين ما كانوا يقبلون بولس ولا ما كان يسمّيه «إنجيله». وتضخّم هذا التيار في فرقة تهوّدت ورفضت بولس. في رسالة اليوم يؤكّد الرسول ان الإنجيل، اي التعليم الذي يبشّر به، لم يتسلّمه من إنسان اي لم يتسلّمه من رسول ولم يتعلّمه من إنسان بدليل ان معرفته للمسيحية تمّت على طريق دمشق لمّا ظهر له السيّد.
ما نعرفه عنه، قبل ان يكتب رسائله، أن حنانيا شفاه وعمّده: «وكان شاول (اي بولس) مع التلاميذ الذين في دمشق أيامًا» (أعمال 9: 19). ماذا تعلّم منهم في أيام قليلة؟ ما يؤكّده الكتاب ان الرسول «صار يكرز بالمجامع بالمسيح ان هذا هو ابن الله». هذا فعليا ما أخذه من البشر.
بعد هذا انطلق الى ديار العرب ونرجّح انها حوران وهكذا كانت تسمّى في الإدارة الرومانية. وليس من أثر الى كونه ذهب الى الحجاز. لا نعرف المدة التي قضاها في حوران، ولا بد انه التقى بمسيحيين.
لماذا عاد بعد ذلك الى دمشق وليس الى مكان آخر؟ لا ريب انه أراد ان يزداد علمه في المجموعة التي كانت هناك. ومكث في دمشق ثلاث سنين وما من شك انه كان يشارك في القداس الإلهي وبقية الصلوات ويستمع الى الوعظ الذي كان يُلقى فيها.
مع كل هذه العلاقات التي صارت تربطه بالمسيحيين كان واعيًا جدا، أن ما يعرفه جيدًا كان «بإعلان يسوع المسيح». وربما كان هذا أكثر من مرة اي ليس فقط على طريق دمشق. وأراد ان يؤكّد اتّصاله المباشر بالمسيح اذ ذكّر المؤمنين في غلاطية انه كان يضطهد كنيسة الله بإفراط وهو الذي ساهم في قتل استفانوس، اذ كان راضيًا عن هذا. وكأنه كان يوحي انه كان عدوًا شديدًا لإيماننا. هكذا كان فعلا. دعوته كرسول لم يرَ الا انها نزلت عليه من السماء ولم يكن مَدينا بها لإنسان. ويسمّي هذا ان الله أفرزه من بطن أمّه ليعدّه رسولا مع أنه لم يعرف يسوع حسب الجسد، ولا شيء يدلّ انه كان عائشًا في أورشليم لما كان السيّد فيها.
اهتداؤه اذًا تدخّل سماويّ لا شيء في حياته سابقًا يدلّ عليه غير انه كان مطيعًا لله وفق شريعة موسى وعلى مذهب الفريسيين. وكما كان كاملًا حسب الشريعة جعله يسوع كاملًا حسب الإنجيل.
الا أن في هذا الفصل قوله: «بعد ثلاث سنين من إقامتي في دمشق صعدتُ الى أورشليم لأزور بطرس». معنى ذلك ان بولس كان مقتنعًا انه لا بد له ان يعرض إنجيله على الكنيسة ليتأكّد صحّة تعليمه. انه أراد أن تمتحنه الكنيسة.
خمسة عشر يومًا قضاها في أورشليم كانت كافية ليتعلّم من بطرس حول يسوع قبل موته وقيامته ولكنه اكتفى ان يتحدّث في رسائله عن معنى هذا الموت وقيامته ربما لمعرفته ان الذين كان يكتب اليهم كانوا يعرفون عن يسوع اشياءَ كثيرة والحاجة كانت ان يجعلهم يتعمّقون في معنى الصليب والغلبة بالصليب.
وأخيرًا في هذا الفصل ذكر يعقوب أخا الرب الذي لم يكن من الإثني عشر ولكن هناك بيّنات تدل على انه أخذ يحتلّ مقامًا أساسيًا في كنيسة أورشليم لأنه كان نسيبًا ليسوع وصار أوّل أسقف على أورشليم.
Continue reading