Monthly Archives

September 2015

2015, جريدة النهار, مقالات

نحو وحدتنا الإنسانية / السبت في ١٩ أيلول ٢٠١٥

الذين يحبون بعضهم بعضا لا يهجرون بعضهم بعضا. نبقى معا ونحاول دائما بالمحبة ان نلازم بعضنا بعضا. البقاء مع الآخر ونحن عارفون أخطاءه أو ضعفه أمر صعب. ولكن الله كشف لنا اننا إخوة واننا مدعوون ان نبقى عائلته أي عائلة واحدة به. الناس تجعلهم أنت إخوة لك ان أحببتهم. هناك دائما بعد بين الناس بسبب اختلاف القناعات والأمزجة ولكن الله أمرنا ان نرى ان الإخوة واحد ولو نسوا هذا.

كيف يتعايشون بسلام ان لم يؤمنوا ان الرب أحبهم وجعلهم واحدا؟ هذا عمل شاق في كثرة من الأحوال ولكن هذا ما طلبه الله لنعرف اننا أبناؤه. الأمزجة مختلفة بينك وبين الناس منذ الخلق وصعوبات الحياة زادت اختلافها ولكن البشرية لا تستطيع ان تعيش بقتال أو ببغض. والمحبة مسعى. هي لا تأتي معك من بطن أمك. تنزل عليك بنعمة الله أولا وبجهدك ثانيا. أي انها في تزايد ان شئت وشاء لك ربك الهناء.

أنت لربك وللناس الذين تعيش معهم وإلى هؤلاء تسعى أولا والأقربون إليك في المكان هم من تحب أولا. أنت لست عالما بحد نفسك. لست مغلقا. أنت تحب الناس ويحبونك وهكذا تتعايشون. وعليك أن تقترب منهم ليزداد حبك لهم ويزداد حبهم لك. المجتمع المؤمن هو هذا ناس يعرفون انهم إخوة أو جعلهم ربهم إخوة وهكذا يصيرون عائلة واحدة هي عائلة الله.

ولدتنا أمهاتنا مختلفين ولكن لنا ان نصبح عائلة الله بالمحبة. أبي غير أبيك وأمي غير أمك ولكن الرب يرانا واحدا ويلهمنا ان نحس بأننا إخوة.

الحياة بين الناس مسعى، تقارب. هي أنت وأنا وليست أنا مفروضة عليك. وأنا وأنت مختلفان منذ بدء مسعانا والمطلوب وحدتنا على اختلاف الأمزجة والقناعات أي المطلوب الوحيد المحبة التي تتجاوز الفروق الذي ولدنا عليها أو نشأنا فيها.

الوحدة الكاملة بين البشر ليست ممكنة هي مسعى ولكنه مسعى أساسي ان شئنا الا نتقاتل أو نتذابح. ولدتنا أمهاتنا أحرارا لنسعى إلى وحدتنا بالمحبة اذ ليس من وحدة أخرى. إرادة الخير للجميع والنمو العقلي والحب مسعانا جميعا ان شئنا الا يفنى الجنس البشري.

وحدتنا ان كنا مؤمنين هي صنع الله بنعمته ولكنها معه صنع رغبتنا في الخير لجميع الناس. الله خلق العالم وتركه لنصنعه بمحبتنا. الكون لا ينمو آليا من نفسه. انه بشر يبلونه بخطاياهم ويحييونه بمحبتهم.

الوحدة الإنسانية آتية بمحبتنا بعضنا لبعض. فكملها كل يوم بالعمل الصالح المجاني الذي نعطيه كل الناس فكلهم يحتاجون اليه ويصيرون به بشرا جددا.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

عيد رفع الصليب / السبت في 12 أيلول 2015

«بالصليب أتى الفرح في كل العالم» هذه مفارقة لمن نظر إلى الظاهر. فالصليب هو الموت ولكنه في معناه وحقيقته مطرح القيامة وما قلت الطريق إلى القيامة. ذلك أنّ جسد المسيح المعلق على الخشبة كان منطلق انبعاثه بمعنى أنّ قيامته في اليوم الثالث ما كانت سوى كشف لنصر له تم كاملا على الخشبة.

وهذه هي المفارقة في المسيحية لمن أراد ان يفهمها ان المخلص أتانا بالحياة الجديدة في اللحظة التي علق فيها على الخشبة وتاليا نحن نحيا به بالموت أعني بإماتة أهوائنا والتوبة عنها. هذا هو السر أنك أنت، مؤمنا به، لا حياة لك الا إذا أمت شهواتك المؤذية وارتفعت بالبر والعشق الإلهي إلى وجهه الطيب. ما كان يلفت الوثنيين في زمن الاضطهاد انهم كانوا يرون عددنا يتزايد كلما قتلنا الوثنيون. في علم الحساب كان يجب ان ننقرض ولكن لماذا لم ننقرض وازددنا عددا؟ السر هو ان الحب الذي اظهره الشهداء بشهادة الدم كان يجلب الوثنيين إلى الايمان. ذلك ان تساؤل الوثنيين كان هذا كيف نرى هؤلاء المسيحيين في فرح وابتسام وهم في طريقهم إلى الموت.

هذا هو سر الصليب انك في آلامك من أجل المسيح كان يظهر الفرح عليك وكان المسيحيون يرتدون البياض عندما يموت واحد منهم. ما كانوا يعرفون الحداد. كل شيء عندهم كان فصحا. ورمز ذلك انك اذا تقدمت لتقبل الصليب في أعياده يعطيك الكاهن زهرة بدل القبلة.

ليس عندنا في المواسم التي يذكر فيها الصليب كثيرا أية إشارة إلى الحزن. ليس عندنا خدمة إلهية في طقوسنا فيها بكاء. أنت لا تفرق في المعنى بين صلوات الجمعة العظيمة وصلاة الفصح. نحن فصحيون في كل الأعياد.

عند تعميد الطفل يعلق في عنقه صليب للدلالة على انه مدعو إلى ان يسير مسيرة فصحية فيرافق المسيح من صلبه إلى قيامته انبعاثا واحدا. لذلك كان للشهداء عندنا تعييد كبير فلا أثر لحزن أو بكاء عليهم. عندما يعلق حول عنقك في المعمودية صليب فللدلالة على انك مدعو معا إلى الموت وإلى الحياة أو بصورة أوضح مدعو إلى الحياة الجديدة بموتك.

فإذا أقمنا عيد رفع الصليب نفهم اننا مدعوون كلنا إلى قيامة المخلص. نعبر بالموت ونتجاوزه في لحظة واحده.

لذلك كان من الخطأ التصور ان المسيحية ديانة الألم. هي لا ترحب بالألم. تلاحظه. هو يلازم الحياة. تتجاوزه برجاء الحياة الجديدة التي نلناها بقيامة المخلص.

Continue reading
2015, أعياد, عظات

عظة عيد ميلاد السيدة

طوبى للذين يسمعون كلمة الله ويحفظونها.
قليل من الناس الذين يسمعون كلمة الله. يحبون انفسهم وملذاتهم ومصالحهم. ولا يريدون الله. هذه الحقيقة عند معظم الناس. لا نحب الله كفاية. يسوع يقول

من احبني يحفظ وصاياي

. عندما نجيء الى الكنيسة ونقول دخيلك با يسوع هذا ليس له قيمة. فالذي له قيمة ان نحفظ كلام يسوع. وننفذه في حياتنا اليومية.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

لبنان الحق / السبت في ٥ أيلول ٢٠١٥

أعني به الذي يعيش الحق ويريد نفسه فيه. حزني ان الناس يقبلون أنفسهم في الخطيئة ولا يرجون الخلاص منها الا في اليوم الأخير. ولكن المسيح قال: «أنتم الآن أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به». غريب في تصوري ان يقبل الناس أنفسهم على الخطيئة. فكأنها المحتوم الدائم. كل إنسان خاطئ هذا تقرير حال ولكنه لا يعني المحتوم الذي لا خروج منه ولو على الرجاء. الرجاء حرية.

صحيح ان لبنان وجود من بشر أي من خطأة ولكن هناك خروج من الخطيئة. الخاطئ له ان يتحرر طوعا من خطيئته. ليس هو واقعا في الجحيم إلى الأبد. له ان يتوق إلى الطهارة. والتوق من بدئه طهارة.

أكيد ان الوطن كيان من بشر أي من مجموعة خاطئين ولكن الخاطئ له ان يتوق إلى البر وبدء التوق تحرر. للغارقين في الخطيئة ان يحبوا تحررهم منها. الوطن إذًا له ان يسير إلى حريته من شروره وان يتوق إلى فردوسيته. هذا ليس من الخيال. واقع الإنسان انه مرمي بين الخطيئة والبر. البر فينا واقع كالخطيئة. والوطن الذي نعرف خطيئات أبنائه نعرف أيضًا طهارتهم. الوطن إذا شاء يأتي من الله إذ فيه ناس يتبررون. الواقع البشري ليس سماء بعد ولكنه ليس فقط جحيما. الناس متأرجحون بين سموهم وسقوطهم حتى مجيء المسيح ثانية.

لذلك ليس لبنان كاملاً ولن يكون لأن لبنان أبناؤه وليس شيئا آخر. ولا كيان له في رؤية الله الا إذا صار لبنان الحق. الشعراء أفسدونا. ظنوا ان البلد الذي تصوروه كله مجد وما أرادوا ان يعرفوا ان الناس يكونون البلد ليس فقط بحبهم ولكن بخطاياهم.

الوطن مرجو تحقيقه بفضائل أبنائه وحسناتهم. ليس معطى جامدا وليس شيئا يضاف إلى أبنائه. ليس هو تجمعا وحسب. هو رجاء لأنه يتكون. قد يتأخر أو يتخلف ولكنه كثيرا ما يتقدم في حسن ومعرفة. الوطن آتٍ لأن أبناءه صانعوه اليوم. البلد ليس شيئا آخر عن الناس. هو حسناتهم وهو خطاياهم وما يريده الله من جمالاتك والمبرات.

البلد في أعلى درجاته صنع القديسين. المعرفة والعلم ليسا كافيين لتكوينه. ان لم يكن الله سيد البلد فليس البلد بشيء. هو لا يحتاج إلى من يتغنى به. انه في حاجة إلى من يصنعه.

بلد بلا إله يعبده صانع نفسه والإنسان يصنع نفسه كثيرا بخطاياه. بلا إله البلد ناس تفهون يسعون إلى منافعهم وأمجادهم. الناس ليسوا من ذواتهم حقا. ربهم يصنعهم حاملي حق حتى يظهروا أمام الله في اليوم الأخير. بلا إله يحيا البلد به كان البلد حجارة وشجرا. ان كان الرب حقا فيك يكون في البلد كله.

Continue reading