فضائل الكاهن والأسقف/ الاحد 29 كانون الثاني 2006 / العدد 5
في رسالة اليوم (1تيموثاوس 4: 9-15) يتوجه بولس إلى تلميذه تيموثاوس وقد أقامه أسقفا أو رقيبا في آسية الصغرى. فبعد أن قال له إن الله مخلص الناس أجمعين، يطلب إليه أن يعلّم المؤمنين هذا. الوظيفة الأولى للكاهن أو الأسقف هو أن يعلّم. لا بد له إذًا أن يعرف العقيدة أي فحوى الكتاب المقدس وتفسيره وما قاله آباؤنا في الإنجيل مفسرين إياه، وقد استندوا في تفسيره إلى أقوال المجامع.
المطلوب إذًا أن يغوص الكاهن على تراثنا أقلّه في الأساسيات ولو لم يقدر أن يعرف كل شيء. وينضمّ، إلى هذه الأساسيات، تاريخ الكنيسة والخِدَم الإلهية ومعرفة أشهَر القديسين. فالذي لا يعرف شيئا أو يعرف القليل أنّى له أن يعلّم. لذلك لن أستجيب لطلب من يريدني أن أُدخل في الكهنوت إنسانا قليل المعرفة لمجرّد انه تقي. كلنا مدعوّ إلى التقوى.
غير أن العلم لا يكفي، فيؤكد الرسول أن الإكليريكي وجب أن يكون مثالا في الكلام أي في الكلام العفيف الذي لا غضب فيه ولا تشنج ولا تحامل ولا تحزب ولا نميمة. ثم يتابع: في التصرف، وهنا تأتي لائحة من الفضائل لا تنتهي، منها التعفف عن حب المال الذي يتعرض له الكاهن في قيامه بالأسرار الإلهية، وهنا يميز المؤمن بين اكليريكي يشتهي المال بصورة مَرَضيّة، واكليريكي يكتفي بما يُعطى ولا يعترض على أي مبلغ وإذا لم يعطَ شيئا لا يتأفف ولا يطلب. وإذا أحس الكاهن بالعوز، يشكو أمره للمطران فقط لئلا يكون لأحد عليه منّة.
بعد هذا، يُبرز القديس بولس الرسول ثلاث مزايا تبدو عنده الأهم: المحبة، الإيمان والعفاف. المحبة هي الذروة لأن «الله محبة» كما يقول يوحنا الإنجيلي في رسالته الأولى الجامعة. يحب أبناء رعيته جميعا. يحب الذين يحبونه والذين عندهم تحفظ عليه أو شكوى منه. هؤلاء يذهب إليهم ويكاشفهم ليفهم ما لهم عليه، فيقبل ملاحظاتهم ان كانت محقة ويصبر عليهم إذا ظلّوا على عداء أو جفاء ويقوي خدمته لهم ليربحهم للمسيح.
وأخيرا يذكر العفاف. هذه فضيلة تعني العفة في المال كما تعني السلوك الطاهر مع نساء الرعية بما فيه اجتناب المزاح مع الرجال والنساء وبعامة يجتنب الخفة.
بعد ذلك يطلب الرسول إلى تلميذه أن يواظب على القراءة. في زمان بولس هي قراءة العهد القديم، لأن العهد الجديد لم يكن قد كُتب بعد. وأما اليوم فوصية القراءة، تعني قراءة كل الكتاب المقدس والكتب الروحية المختلفة بما فيها طبعا ما تَيسَّر للكاهن والأسقف من كتب لاهوتية قديمة وحديثة في اللغات التي يعرفها. وله أيضا أن يقرأ ما تيسر له من الكتب الثقافية المختلفة، وعندي أنه ينبغي أن يقرأ الصحف ليقف على أحوال البلد والعالم ليعرف أوجاع الناس وما يهمّهم من هذه الدنيا.
ثم يحضّ بولس تلميذه على الوعظ والتعليم. أما الوعظ، فتفرضه القوانين المقدسة في كل خدمة ولا سيما في القداس الإلهي. أما في الوضع الذي لا يكون الكاهن فيه متقنا أساليب الخطابة، ولم يطّلع على تعاليمنا بما فيه الكفاية، ويسمع المؤمنين يتذمّرون من وعظه، إذا اقتنع بحججهم فالأفضل الا يعظ أو يقول فقط كلمات توجيهية بسيطة على الا يطيل لأن القداس عندنا لا مكان فيه لعظة طويلة.
وما يسميه بولس التعليم فهو شيء آخر عن الوعظ. هو التعليم النظامي للأطفال والبالغين ولا ينبغي أن نهمل البالغين. وهذا يكون في السهرات الإنجيلية أو في صف التعليم المسيحي، في المدارس أو في محاضرات. هذا ليس كل اكليريكي مؤهّلا له.
وأخيرا يطلب بولس الا يهمل تيموثاوس الموهبة التي تلقاها في الرسامة بل، أن ينمّي طاقاته جميعا لأننا نتعلم كل يوم ونسعى إلى اكتساب الفضائل كل يوم ليظهر تقدمنا للمؤمنين فيمجدوا الله فينا.
Continue reading