Monthly Archives

April 2015

2015, جريدة النهار, مقالات

إذا أخطأ أحدنا / السبت في 25 نيسان 2015

يخيفني من لا يعتبر نفسه اذا أخطأ قاتلا للإله. لمن يخطئ اذا أخطأ؟ عندما تؤذي إنسانا آخر يتوجع الله. الفلاسفة لا يفهمون وجع الله لأن إلههم بلا حراك. من قال ان الله لا يتوجع؟ أليس لأنكم في سذاجتكم فهمتم ان الألم يصير في الجسد فقط؟ الله هو الذي يتوجع بامتياز لأنه الإحساس بامتياز. الفرق بينه وبين الخلائق في هذا ان الألم لا يفنيه. عندي أيقونة لوجه السيد حققها الياس زيات الدمشقي. يسوع فيها في سلامة وفي ألم بآن. كيف استطاع الزيات ان يكتب هذه الأيقونة؟

لماذا يريد بعض ان ينزه يسوع الناصري عن الألم؟ هل يظنون ان في الأوجاع دونية تلحق الذات البشرية؟ هل لأن الألم في خفايا عقولهم قصاص؟ لعله كذلك في رؤيتنا الطبيعية. ولكن يسوع الناصري جعله عندما ارتضاه معراجا إلى رؤية عظيمة. لم يبق الألم وجودا ناقصا عندما تبناه يسوع الناصري حبا. هذا شرط ارتقائك به. نحن لا نقدس الألم لمجرد ان المعلم توجع. نحن نقبله فقط لأنه ارتضاه.

كل خطيئة إرادة قتل للإله الذي فينا اعترفنا بهذا أم لم نعترف. لا يخطئ أحد إلى نفسه أو إلى الآخرين أولاً. انه يخطئ إلى الله الذي كشف ان الحق في الطهارة. من ارتضى آلامه من أجل يسوع قائم من بين الأموات. لكم أنتم ان تتوجعوا مع الذي لا يلقى في أوجاعه المسيح. اما اذا أحببتم المتألمين وذاقوا حبكم فأنتم وإياهم قائمون من بين الأموات. المسألة هي في هذا ان الطريق الطبيعية إلى قيامتك الروحية من الموت تمر، ضرورة، بتوبتك. هذا اذا فهمت ان التوبة ليست اعراضا عن الخطيئة وحسب ومجرد ندم ولكن رجوع إلى ذات الله.

اذا كنت لصيقا بخلائق يريدك ربك ان تصير لصيقا به أي الا تعترف ان لقلبك مرجعا آخر. في الايقونة التي أمامي أرى عيني السيد محدقتين بي تحديقا كبيرا. ماذا أعمل بعيني؟

الله لا يموت في ذاته ويلازمك بحنانه وأنت في خطيئتك. ولكن ان ثبت تقبله فيك. هو يسودك ان قبلته. أحبب وجوده فيك حتى لا يبقى وجوده فيك عذابا.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

الفصح المقيم / السبت في ١٨ نيسان ٢٠١٥

الذي لا يحس ان الفصح مقيم فيه يكون قد خسره. مشكلتنا الأساسية في المسيحية انها احتاجت إلى أعياد تربي فيها الناس وان كثيرا منهم لا يعقلون. سهل على المرء ان يحس ان العيد يوم ثابت ولا يعرفه حقيقة.

قائمة في النفس المشكلة ان الزمان يطوعنا لنفسه فنشعر ان الأعياد تعبر ولا ندرك حقا انها فينا. هذا من صعوبة حسنا بالزمان في النفس. ولكنك في حاجة إلى العيد لتتربى به على دوامه. لو كان الانسان أبدي الشعور لا يتقلب بتقلب الازمنة لما كان في حاجة إلى أعياد. صح ان العيد يأتي من مطلق معناه ولكنه ينزل إلى محدوديتنا. تقطيع السنة أعيادا يدخل تحولاتنا إلى أبدية في النفس.

كان نيتشه يقول: «أيها المسيحيون أروني انكم نلتم الخلاص لأومن بمخلصكم». لماذا الفصح يستبقيه المؤمنون عيدا ولا يترجمونه حقيقة في النفس؟ لماذا بقوا في الموت ولم يقوموا في هذه الدنيا من موتهم؟ ان القيامة ان لم تكن فيك نفسانيا لا تكون قد وصلت اليك لا معنى لتعييدها. متى تعيد التعييد من التقويم إلى نفسك؟ لو كان المسيحيون قادرين ان يذوقوا الفصح واقعا نفسانيا لما احتاجوا إلى عيد. متى يصبح المسيحيون أحياء فلا يرزحون تحت أي ثقل من أثقال الدنيا؟ متى يفرح الأعرج كالسليم؟ المسيحيون يعيدون للقيامة كل يوم أحد ويبقون كالأموات. لما كنت طالبا في باريس كنت أزور أبي الروحي كل يوم ويقدم لي الشاي على عادة الروسيين. مرة رآني حزينا فقال لي يا فلان لمَ أنت حزين؟ ألا تعلم ان المسيح قام من بين الأموات؟ متى يواجه المسيحيون كل أتعابهم ومشاكلهم وإيمانهم بأن المسيح قام؟ هل جمال الترتيل عندنا يحجب رؤيتنا للسيد؟ هل الأعياد أعياد أم انها قناعة؟

اذا افترضنا ان المؤمنين يحبون الله حبا كبيرا لا نبقى في حاجة إلى أعياد. إلى هذا نعرف ان الكبار في التقوى لهم كل يوم عيد.

من استطاع ان يطهر نفسه من الخطيئة يصبح إنسانا قياميا. هل نقبل ان نبقى رازحين؟ من قبل نفسه غير قادر على القيام ليست له قيامة. العيد يعبر. اما الإيمان بقيامة يسوع فحياة تحيينا. النقاوة عيد مقيم. لو كنا حقا قادرين عليها لما كنا في حاجة إلى عيد. الذين يريدون ان يقوموا من خطيئتهم هؤلاء وحدهم لهم الحق بأن يقولوا المسيح قام.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

الفصح / السبت في 11 نيسان ٢٠١٥

الفصح كلمة عبرية تعني العبور. فصح اليهود هو عبورهم من مصر، أرض العبودية إلى أرض الميعاد. الفصح المسيحي عبور الناس من الخطيئة إلى البر وذلك بموت المسيح وقيامته أي بإيمانك بهذا الموت وفاعليته وفي حياتنا الطقوسية لا نفرق بين الجمعة العظيمة وأحد الفصح. هذه ثلاثية متكاملة. ثنائية موت المسيح وقيامته تتجاوزها في العبادات لأنك لا تذكر هذا الموت وتبقى عنده. تقفز دائما من صلب المخلص إلى انبعاثه. لافتون المسيحيون الشرقيون الذين إذا ذكروا في الصلاة موت المعلم يتكلمون فورا عن القيامة. اسمع الحان القيامة وكلامها في صلاة الجناز.

يقول بعض ان الكنيسة الغربية تركز على آلام السيد والكنيسة الشرقية على القيامة. هذا غير صحيح. في الكنيستين توازن كامل بين الحدثين لسبب بسيط ان القيامة هي في الآلام أيضًا. لذلك يجمع المؤمنون المتتبعون نصوص الآلام والقيامة ان ليس من فرق بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية في هذا وان كان المسيحي في الغرب يهتم لآلام السيد أكثر في الممارسة الشعبية.

الفصح في الممارسات الطقوسية عندنا هو من الجمعة العظيمة حتى الأحد وإذا كان الفصح في اللغة العبرية يعني العبور فهذا كله عبور السيد من الموت إلى الحياة. يلفتني في الكنيسة الأرثوذكسية انك، مؤمنا ممارسا، من الفصح وبعده خمسين يوما تسلم على رفيقك بقولك: «المسيح قام» ويجيبك «حقا قام». كل طفل أرثوذكسي يمارس العبادات يعرف ان يسلم على رفيقه من الفصح إلى خميس الصعود بقوله له: «المسيح قام». وإذا مات أرثوذكسي بين الفصح وخميس الصعود يقام له جناز الفصح. ترتيلا وتهليلا بالقيامة ولا يرتدي الكهنة ثيابا سوداء في الصلاة ولا تستطيع ان تفرق في النص والموسيقى بين صلاة الجناز وصلاة العرس. كلنا في الحياة والموت، عرائس المسيح.

هل أنت تؤمن حقًّا بسبب من ذلك انك قائم من بين الأموات؟ هل صدّقت ان مناولة جسد الرب كل يوم أحد هي قيامتك أم لا تزال تشعر ان خطيئته تبقيك في الموت؟ هل القيامة فقط ذكرى المخلّص أم باتت حياتك الحق؟ هل الفصح عيد أم واقع نفسك؟ هل أنت فصحي؟ كان هذا الكافر نيتشه يقول: «أروني المسيحيين قائمين من بين الأموات حتى أؤمن بمخلصهم». ألا ترغب في ان تتحدى نيتشه وتظهر للملأ، ان بتّ حيا، انك استضأتَ بنور المسيح؟

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

الشعانين / السبت في ٤ نيسان ٢٠١٥

«قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعا راكبا على اتان وجحش ابن اتان». أليس هذا لنقول لهم انك في واقع القوة لا تملك وفي السياسة ليس لك شيء؟ تأتي اليها لتقتلك؟ من يذهب سواك إلى الموت طوعًا؟ لماذا اخترت الموت طريقًا إلى حياتنا؟ لماذا تطوعت له ولم تغلب بلا موت؟ لماذا اخترت مقهوريتك لقهر الشيطان؟ هل لعلمك انها هي وضعنا الطبيعي الدائم وانك فيها تلقى كل بشر؟ لماذا كان يجب ان تنزل إلى كل هذا الشقاء؟ ألعلمك ان الشقاء هو وضعنا الأساسي والسائد؟ لماذا أردت ان تلقانا في خطايانا؟ هل لعلمك اننا هناك، بصورة عادية، نبيت؟

من دخل إلى مكان ليموت فيه؟ غيرك تقبل الموت، لم يقتحمه. أكان ذلك لتعلمنا ان لا حياة لنا الا من موت أي من موت الأهواء والمنافع والخطيئة؟ أظن ان تحديك ايانا هو في قولك ان طريقكم إلى الحياة هي الموت. وفهمنا بعد هذا ان موتك أنت لاموتنا هو قيامتنا. كيف يذهب إنسان طوعا إلى موته؟ من سيرتك تعلمنا ان موتنا حبا هو طريقنا إلى القيامة وفهمنا انه لا ينبغي ان نحب الموت ولكن القيامة من بين الأموات. الموت قصاص، مفيد فقط لمن قبله طريقا إلى الحياة في الله. نحن لا نسعى إلى التألم. هذا تفسير خاطئ لضرورة اقترابنا من المسيح. المسيحية ليست ديانة الألم. هو فينا، لم نخترعه. ولكنك منه تذهب إلى هناك وإلى فوق.

ما دعا يسوع إلى الألم. هو فيك، يأتيك وتتقبله إلى حين وتتجاوزه بفرح القيامة الآتية إلى قلبك. خطأ التعليم الذي يوحي بأنه عليك ان تستلذ الألم. أنت بحركة أولى تستقبله ولكنك تفعل هذا لتتجاوزه ويحسب لك هذا برا. الواقع يأتي به اليك ولكن ربك لا يريد له ان يبقى. تقبله لا صبرا اليه ولكن إلى ربك وبهذا تزيله. الله لا يريد ان يفتعله فيك. اذا جاءك يربيك به. الكل يحررهم في الحياة الأبدية والخبرة الروحية تقول ان الله يعطينا التربية عليه بالألم.

لا يريدك الرب ان تفتعل الأوجاع فيك ولكنها تجيء. أنت لا ترحب بها ولكنها ان حلت اقبل ان تربيك. لماذا لا بد من ان تعبر بالألم؟ لم يجب يسوع عن هذا السؤال ولكنه لما اقتبل أوجاعه فهمنا ان هذا ما يجب علينا ان نفعله.

غير صحيح ان المسيحية ديانة الألم. هي قبول لألم لم يستشرنا أحد به لأن القبول هو ارتضاء ما يؤتى الينا بعده أي تعزيات الروح القدس. لماذا الدنيا قائمة على ان القيامة، قيامة كل إنسان تسبقها أوجاع؟ أظن ان هذا من باب الواقع ولكن من باب الإيمان ان ارتضاء الألم في الطاعة لله طريقنا إلى القيامة ليس الآتية فقط ولكن الحالة فينا بالمحبة.

إلى ان يقيمنا الله من بين الأموات نحن في قبضته. بيتنا رحمة كل منا للآخر. ان حيينا أو متنا نحن معه نرجو كل يوم حنانه. والرفق هو المناخ ونتعزى حتى ينزل.

Continue reading