Monthly Archives

October 2013

2013, مقالات, نشرة رعيتي

ضعف الله/ الأحد 27 تشرين الأول 2013/ العدد 43

يحدثنا إنجيل اليوم عن عجيبة للسيد تُظهر مرة أخرى ان السبب الرئيسي في صنع يسوع للمعجزات هو انه كان يحب الناس: تحنن على رئيس المجمع فأقام له ابنته. ليست المعجزات في كتاب الله شيئًا ليبرهن عن شيء، وما اجترحها السيد لكي يعطي دليلا على ألوهيته لأنه هو القائل: “آمنوا بي بسبب الكلام الذي أكلمكم به”.

وان أضعف الإيمان ان نتبعه بسبب العجائب. ولكن أقوى الإيمان أن نتبعه بسبب الكلام، بسبب هذا العطاء الإلهي بكلمات لم ينطق بها انسان، وبسبب الحياة التي قضاها بيننا حبًّا حتى الموت. ولذلك تُسمّى العجائب في إنجيل يوحنا آيات لأن الإنجيلي يشير بها الى تعليم، يدلّ بها على مقاصد الإنجيل ولا يدل بها على جبروت.

المسيح ما كشف جبـروت الله كما كان اليهـود يفـعـلـون. انـه بيـّن قـوة اللـه بطريقـتـه هو وكانت قـوة اللـه الصليب. اي انه كشف ضعفًا يُستدل منه من بعد القيـامـة على انه كـان بالفعـل قـوة. فالله ينـزل الى البشـر ويحيـا معهم. هذه هي قوته. انه يستطيع ان يتخلّى عن مجـده ليكـون مخـفـيـا بيـن النـاس.

المسيـح تنـازل عن مجده وقوته وعف عن كل هذا ليموت. الموت شيء ضعيف. ثم تسطع قوته من هذا الشيء الضعيف لينتصر بالمجد.

في هذا الإطـار أقام الصبية من بين الأمـوات ودفعـهـا لأبـويهـا. ومـن وراء هـذه الحـادثـة ينظـر كل منـا الى ضعـفـه والى موته الـروحـي، الى سقـوطـه وتـدهـوره واهتـرائـه، وينظـر بـآن معـًا الى بهـاء المسيـح، لأن كلا منـا ميت والمسيح يقول لكل منا باسمـه: يا فـلان قـم.

وما ينبغي أن يؤمن به كل فرد منا هو ان المسيح، مع انه مخلّص العالم، وبالتالي منقذ كل الناس، فهو مخلّص كل فرد منا. المسيح مخلصي انا، بمعنى انه يبعث حياته في موتي وقوته في ضعفي. فان أدركت هذا أكون قد أدركت معنى إيماني.

هذه هي المسيحية: أن أدرك ضعفي وخطيئتي وأن أقبـل الى السيـد فأكشـف ضعـفي أمـامـه. إذ ذا أسمعـه يقـول لـي: يا بني قـم. تكفيـك نعـمـتـي لأن قـوتـي في الضعـف تكمل (رسالـة بـولس الثـانيـة الى أهـل كـورنثـوس ١٢: ٩). فأقوم بالمسيح من موت الى حياة ومن ضعف الى قوة.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

العاشقون ربّهم / السبت ٢٦ تشرين الأول ٢٠١٣

خرجنا من الكنيسة في تلك الصبيحة. هل خرجنا أم انبسطت الكنيسة على ساحتها؟ أليست هي مدعوّة أن تكون المدى؟ خرجنا لنلتقي نحن البشر الذين كنا في الداخل. هل انقطعنا عن الداخل أم تغيرت فقط الأشكال الهندسية؟ خرجنا حاملين ما سمعناه. أخرجنا الكلمات من الكتب لتصير فينا ألحانًا ومعاني ونصيرها، ليلتحم الحرف بالكلمة والقلم بما كان في البدء، ليعود كل شيء إلى البدء.

عملية حب نفّذناها بكلمات سمعناها ثم قلناها. عندما قال صاحب الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة» إذا قرأناها عربيًا- وهذا حق لنا- يريد أنّ في البدء كان الجرح. القلب يجرحه الله ليلد منه كلمات وبلا جرح تخلو من المعنى. كل شيء جاء من ذاك الذي طعن جنبه بحربة «وخرج منه دم وماء». والذي عاين شهد ونحن بدورنا بالحب نعاين ونشهد والحب يتدفق من أفواهنا كلمات تبقى إلى الأبد.

عندما رأيت الأحد الماضي المؤمنين في ساحة الكنيسة يتحدثون تساءلت هل انتهت المسرحية التي لعبتها الملائكة في البيعة. ما الفرق بين طعام الملائكة وما ذاقه العاشقون ربهم في ذبيحة الحب التي ذبحت لهم دما وقيامة؟ هل تجاوزت رؤى القديسين أم رؤى القديسين وشعوري بهم واحد؟ جرحي أنّ هذه الجماهير المتجمعة صبيحة الآحاد ما دخلت في سرّ الحب الإلهي الا ذلك الدخول الكلامي الذي بقي على الألسنة وكأننا ما كسرنا باب القبر ليخرج منه المخلص. هل إذا خرج المؤمنون الى العالم يحملون اليه المسيح الذي اتخذوه في المناولة الإلهية أم مات فيهم فور المناولة؟ أنا أريد أن أعتقد أنّ شيئًا من السيد المبارك يبقى في كل من تناوله صباح الأحد ليصبح به إنسانًا جديدًا حيًّا بالحق.

ثم رأيت أن الكنيسة في ساحتها الخارجية ليست الا ذاتها في ساحتها الداخلية لأن الناطق بنا داخل الجدران هو إياه الناطق بنا خارج الجدران. رأيت أننا صباح الأحد حياة دفوق، بشر نازلون من السماء. فلكون المسيح صعد إليها من بعد قيامته ننزل نحن منها لكوننا نجيء منه.

نجيء هكذا بعد أن بتنا قياميين بحيث أننا نكون حملنا نوره الينا ورأينا به. القيامة فينا تعني أننا غلبنا الموت. انبعاثنا بقوة الروح القدس ما كان فينا وعدا فقط. هو جرعات البعث الأخير، أذواق مقسّطة لذوقنا النهائي لله. القيامة مبثوثة إلى كل يوم فينا إن بقينا في حال التسليم لأن القيامة حال بعد أن كانت في المسيح حدثا.

أجل المؤمن بيسوع يموت قسطًا بعد قسط في هذا السر أنه يخطئ ويفنى ثم يعود بحياة القيامة التي تجددت فيه. الموت يعود إلينا ولكنه لا يفنينا لأن قيامة المسيح حدث نهائي. إنها حدث نهائي فينا والموت إذًا طارئ. عندما نرتل في الفصح: المسيح قام من بين الأموات لا نريد قيامة يومًا واحدًا بل قيامة أبدية. تخترقها ميتاتنا ولا تلغيها لأننا نتجدد بوعده لنا بالروح القدس وبانبعاثنا من خطيئة حتى يزول الموت حسب وعد الروح.

Continue reading
2013, مقالات, نشرة رعيتي

أنتم هيكل الله الحيّ/ الأحد 20 تشرين الأول 2013 / العدد42

“أنتم هيكل الله الحيّ” لأنكم تمدّون المسيحَ في العالم. أنتم حضوره ومظهرُه في الناس. لذلك بطلت الهياكل القديمة المصنوعة بالأيدي، وصار المؤمنون جميعًا هيكلا للرب تتآزر أجزاؤه، وحجر الزاوية المسيح.

“أكون لهم إلهًا وهم يكونون لي شعبا”. يتكلّم عن المستقبل. هذا كلام غريب للوهلة الأولى. والحق أن الله ليس إلهًا لنا الا اذا اعترفنا به سيدًا علينا. الله لا يهمّني منه انه نور السموات والأرض، يهمّني انه نوري أنا، ومنقذي أنا، وربي أنا. ولذلك اذا اتصلت أنا به وجعلته سيدًا عليّ بطاعتي له، حينئذ يكون حقًا ربّي لأنه أحبّني ولفت وجهه إليّ.

“تكونون لي شعبًا” اذا عرفتم أنني ربكم، مُلتفت اليكم، عاطف عليكم بالرحمة، مفتقدكم بالحنان والغفران. ليس الأمر أن نُسجّل شعبًا له، أن نحمل هذا الأمر على تذاكر الهوية. الله لا يُسَجّل على ورق. نحن لسنا أُمّته لأنه قيل عنا كذلك، نحن نصبح أُمّة الله وشعب الله اذا توجّهت قلوبنا اليه.

“لذلك اخرجوا من بينهم واعتزلوا، يقول الـرب، ولا تمَسّوا نجــِسًا، فأقبـلكم وأكـون لكـم أبًا، وأنتـم تكونون لي بنينَ وبنات يقول الرب”. اذا كان وجهُنا الى الله، هذا يعني أن وجهنا اليه فقط. الله يريدنا كليا، يريد كل كياننا، كل روحنا، كل جسدنا. الله لا يسمح أن نكون لغيره لحظة واحدة. لا يسمح أن نعبد الأصنام. كل وجه نلتمسه من أجل نفسه بالاستقلال عن المسيح هو وجه صنم، وجه عدو. كل ما نشتهيه في هذا العالم، العالم كله، إن فصلَنا عن الله، عن وجه الحبيب الأوحد فهو عدوّ. “اعتزِلوا، لا تمسّوا نجِسًا، فأَقبلكم”.

القضية ليست ان نكون ذوي مكانة في الطائفة، فالله لا يُحابي الوجوه. ليس عند الله طبقات. الانسان لله او ليس له. واذا كان له فهو ابنه. يقول الرسول في موضع آخر: “لستَ اذًا عبدًا، ولكنّك ابنٌ، واذا كنت ابنًا فأنت وارثُ الله”. الرسول يريد ان نعرف أنفسنا أبناء. وهذا يقوده الى قوله الأخير في رسالة اليوم “تمّموا القداسة بخوف الله”. نعم أنتم أبناء، ولكن هذا لا يجعل لكم فضلا. هذا ليس امتيازًا ولكنه يُلقي عليكم واجبا. أنتم أبناء لا لتُسَرّوا بذلك، لا لتفتخروا على الناس، لا لتقولوا انكم أفضل من الآخرين، فالله قادر أن يُقيم من الحجارة اولادًا لإبراهيم. اذا كنتم أبناء فالنير موضوع عليكم لكي تتمّموا القداسة.

عندما نُذكّر أحدًا من الأبناء بواجب روحيّ، يقول: انا لست قديسًا، لا أريد ان أصبح قديسًا، هذه أمور للقديسين. كأن القداسة شيء لفئة صغيرة من الناس، كأنها وقف على الرهبان، كأنها ليست دعوة لنا أجمعين. تمّموا القداسة، هذه دعوتكم. تمّموا القداسة بخوف الله. أيّ خوف؟ ماذا يعني خوف الله؟ “بدء الحكمة مخافة الله”. من أراد ان يتّصل بالرب، عليه ان يخاف لأنه علينا أن نُتمّم البرّ بخوف ورعدة. لعلنا اذا فحصنا ضمائرنا بدقّة، بإخلاص، بصدق، نلاحظ أننا لسنا بالضرورة ممن يخافون الله، اننا لا نعيش حسب إرادة الله ونحلّل لأنفسنا الكثير. هل نؤمن ان هناك سماء وملكوتًا وعقابًا أبديا؟ إن كنا نؤمن بذلك حقًّا الى نهاية الإيمان، لا يمكن أن نحيا كما نحيا. تمّموا القداسة بهذا الخوف اولا.

ولكن هناك خوف آخر. “بخوف الله وإيمان ومحبة تقدموا”. بعد الخوف المحبة. والمحبة تطرح الخوف الى الخارج كما يقول الرسول الحبيب. الذي يتقـدّم لمعـرفة المسيـح لا يخـاف. ومع ذلك يقول الرسول: تمّموا القداسة، ذروة الكمال، بخوف الله. أيّ خوفٍ بصدده نحن الآن؟ نحن نتكلم عن هذا الخوف الذي يصيب المُحبّ عندما يتمنّى أن يبقى مع من يحبّه الى الأبد. المحب لا يريد أن يترك الحبيب. خوفُنا أن يتركنا المسيح. خوفُنا ألا يلتفت الينا. هذا هو الموت الحقيقيّ. هذه هي المصيبة الوحيدة. كل منا يتصوّر أن المصيبة أن يخسر مالا، او صحة، او عزيزا. المشكلة الكبرى، الضربة الوحيدة أن يُهملنا المسيح، وهو مُهمل لنا إنْ نحن أَ  هملناه. ولذا يقول الرسول: تمموا القداسة وانتم خائفون. أنتم خائفون أن تكونوا وحدكم، بلا مسيح.

هذه هي أقوال الرسول إلينا لكي نُدرك ان الأمر الجلل أن يكون الله لنا إلهًا وأن نصبح له شعبًا حتى نصل الى القداسة التي من أجلها جاء السيّد الى العالم.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

المجمع من الجماعة/ السبت 19 تشرين الأول 2013

لماذا يولي المسيحيون المشارقة أهمية كبرى لما يسمونه المجمع المقدس؟ هم لا يقدسون العدد إلا بمعنى أنه إشارة إلى إلهام الروح الإلهي إذ الكثرة تخطئ كالقلة والكلمة ليست كلمة العدد. إنها كلمة الله. نحن ما قلنا مرة أن المجمعية بسبب حجمها أفضل من المركزية البابوية فالمركزية البابوية نفسها في لاهوتها المعاصر تزعم أنها ليست تجاوزا للمجمعية. وليس في المسيحية المعاصرة من خلاف بين الكثرة والقلة. دائما كان الخلاف بين الصواب والخطأ. الإجماع أو شبه الإجماع مجرد إشارة إلى صواب ينزل من عند الله وتبقى الحقيقة للانجلاء الذي يظهره الرب عند نزول حكمته.

في الحكمة البشرية الاجتماع أفضل من الإنفراد لأنه عادة أقل انفعالا أي أقل تحزبًا. أجل يمكن أن تجمع الأمة على خطأ والحقيقة  ليس لها معيار إلا نفسها ولكن على المرء أن يسعى. في كنيستي صواب القرارات المتخذة في المجمع لا يأتي من العدد. انه ينزل من استدعائنا الروح القدس. لا نقرر ما يروقنا بشريًا، هذا في المبدأ، نقرر ما يروق الروح القدس. الكنيسة الكاثوليكية ما قالت مرة أن قرار البابا في المبادئ صحيح لكونه صدر عنه، تقول أن البابا مجرد بوق لله. البشر لا يزيدون شيئا على الله. والكنيسة ليست مصدر وحي. انها ناقلة الوحي، شارحة أو منفذة في الآن. نحن لا نقول أن للأساقفة وقارًا إذا اجتمعوا، نقول نقبل ما قالوه عندما نوقن أنه قول الله. ليس مخلوق بحد نفسه خزانة للروح. الروح يختار من يشاء. فالمجمع في اليونانية (سينوذس) يعني، لغة، الذين يسيرون معا على الطريق والمعنى أن ثمة طريقا واحدة وان كلهم اختاروها ليكونوا معا. هي تجمعهم وتساوي في ما بينهم. وحدتهم في وحدة الطريق. نحن الأرثوذكسيين غير صحيح أننا نؤثر النظام المجمعي بحد نفسه على مركزية الواحد. نحن نوقن أننا بالصلاة نستقبل الروح الإلهي علينا. فغير صحيح أن الأرثوذكسية نظام ديمقراطي. هذا من البشرة. هي ليست بنظام فالمجامع تخطئ وكثيرًا ما أخطأت. ليس هناك من نظام. هناك ناس ينتظمون بالروح القدس أو لا ينتظمون. نحن نرجو أن الذين استدعوا الروح الإلهي عند اجتماعهم قريبون من الروح الإلهي. ولكن تعرف أن المسيح الدجال جالس في الهيكل وأننا رقباء على استقامة الرأي في الهيكل.

الشيطان يجلس أحيانًا في الهيكل ويبطل هذا أن يكون بيت الله. وهذا نتبينه من استقامة الرأي أي من طهارة الروح. ليس من ترادف بين قداسة الله وأي مجمع دعي مقدسًا. هذا رجاء فقط. ولكن علينا أن نسهر على استقامة الرأي ومنها استقامة القرار، كل قرار. ليس صحيحًا أن ثمة قرارًا متعلق بالعقيدة وقرارًا محض إداري. سلامة العقيدة منطوية أو غير منطوية في القرار. لذلك ليس من مساومة على صعيد أي قرار. نحن في الكنيسة لا نأتي بفكر جديد أي لا يوحي به الوحي. نحن نقول قول الله أو لا نقوله وذلك في أبسط قرار.

الكنيسة لا تنشئ فكرًا. توضح الفكر الإلهي وتجعل له تعابير ليفهم القارئ. لكن الكنيسة ليست مصدر وحي، هي خزانة الوحي وإبداعها في النقل أي في ترجمة الفكر الإلهي بقوالب العصر. ليفهم الفكر الإلهي على حقيقته في لغة الناس، ليتأنسن.

في الفكر الأرثوذكسي لا ينشئ مجمع المطارنة فكرا غير مستقى من الوحي. هو يترجم الوحي. وعمل المجامع المقدسة ليس اكتشاف وحي لم ينزل. انه توضيح ما نزل. الفكر البشري ليس مصدر تعليم لنا. هو شرح لكلمة الله. ليست المسيحية ألوهة مخلوطة ببشرية. البشرة لا تزيد شيئا على الألوهة. تنقلها. علاقة الألوهة بالبشرة في الكلام الكنسي على صورة علاقة الألوهة بالبشرة في التجسد حيث لا يُلغى الجسد ولا تذوب الألوهة. هذا هو سر الاتحاد بين الطبيعتين حيث لا انفصال ولكن ليس تشويش.

ليس للحقيقة معيار. انها معيار لنفسها. لذلك لا نرى لمجمع المطارنة قدسية بحد نفسه. لذلك ليس من معنى أن للمجمع قدسية لمجرد أنه انعقد. قدسيته تأتي من الإلهام النازل عليه ومن محاولة كل أسقف للقداسة. ليس من مجمع خارج المجتمعين.

المجمع لا نسميه مقدسا لاحتسابنا ان المجتمعين قديسون بمعنى النزاهة المرتجاة. انه مقدس بوعد الروح وبعزم المجتمعين إذا اجتمعوا بدعوة من الروح. الكنيسة تتقدس في القداس الإلهي لكونها تستدعي الروح على ذاتها فينزل بحبه للناس. يخطئ من ظن أن المجمع مقدس بسبب من انعقاده. ليس هذا في النصوص. النصوص تتكلم عن آباء قديسين أي ليس من قداسة للمجمع خارجة عمن يؤلفونه. ليس لأسقف حق أن يسمي المجمع مقدسًا إلا على سبيل الرجاء أي إذا قرر هذا الأسقف أن يتوب. ليس من ذات مجمعية. ليس من مجمع إلا في المطارنة كما هم فإذا قرروا القداسة فهو منها. ليس المجمع مقدسًا خارج إرادات المطارنة مجتمعة على الحق والبر.

إذا كان الأساقفة رقباء على الحقيقة كما يعني اسمهم في اليونانية فالكنيسة قائمة، وإذا كانوا في غفوة عميقة فالكنيسة معرضة للنوم بسبب منهم.

إذا كانت الكنيسة في أسقفها حقًا فهو موجود وكلامه كلامها، وإذا أتى هو منها تأتي بدورها منه.

Continue reading
2013, مقالات, نشرة رعيتي

استقامة الإيمان/ الأحد13 تشرين الأول 2013/ العدد 41

في كنيستنا عدة تذكارات للآباء القديسين، وهذا الأحد واحد منها. الآباء هم المطارنة الذين اجتمعوا في المجمامع المسكونية السبعة. الهراطقة الذين خرجوا عن الإيمان وانشقّوا عن الكنيسة حاربوها كثيرا وكان لا بد من الرد عليهم، فكان المجمع المسكوني الأول الذي صاغ دستور الإيمان، هذا الذي نتلوه في الخدمة الإلهية: “أومن بإله واحد آب ضابط الكل …”، حتى المجمع المسكوني السابع الذي علّمَنا تكريم الأيقونات. هكذا تقولبت وصيغت العقيدةُ في أقوال وهي العقيدة المستقيمة التي نتمسك بها وهي توضح لنا الإنجيل وتحدد حدود الإيمان، بحيث ان من زاد على هذا الإيمان خرج، ومن أنقص من هذا الإيمان خرج ايضًا.

السؤال هو لماذا وكيف تنشأ هرطقات في الكنيسة؟ لماذا تتكوّن البدَع فيها؟ هذا لأن العقل البشري حُرّ، والانسان يقرأ ولا يفهم أحيانا. هناك من يقرأ ويفهم، لكن أُناسًا كثيرين يزيّفون ما يقرأون بسبب خطاياهم، او بدون سبب هُم لا يفهمون. هذه مأساة حاصلة في الكنيسة، ولا بد للبدع من أن تظهر، ولا بد من أن ينشقّ البعض عن الكنيسة بسببٍ مِن عدم فهمهم. نقرأ في إنجيل لوقا (١٧: ١-٢) “ويلٌ لهذا الانسان الذي عن يده تأتي العثرات، خير له لو طُوّق عُنقه بحجر رحى وطُرح في البحر من أن يُعثر أحد هؤلاء الصغار”. الآباء المطارنة القديسون الذين اجتمعوا بين القرن الرابع والقرن الثامن ووضعوا لنا هذه الدساتير كانوا عالمين أن أكبر خطيئة يرتكبها الانسان هي أن يشقّ الكنيسة. من يأتي بعقيدةٍ لا يتعرّف عليها المؤمنون المستقيمون فهو يجزّئ جسد المسيح.

هناك من يقول: هذا الإنجيل الواحد، تعالوا نتفاهم حوله. لكن الواقع ليس هكذا. الواقع أن القديس أثناسيوس أُسقف الاسكندرية في القرن الرابع كان عنده هذا الإنجيل وفهم منه ما فهمه الجميع ان المسيح إله، إله أزلي غير مخلوق. وكان في المدينة نفسها رجل آخر يُدعى آريوس، كاهن في الكنيسة عينها أخذ الإنجيل وفهم منه ان المسيح ليس بإله وانه مخلوق. الإنجيل أساس ولكن الناس يبنون على هذا الأساس، منهم من يبني بيتًا ثابتًا صحيحًا، ومنهم من يبني بيتًا غير ثابت لأنه يُدخل أفكارًا خاصة من ذاته ومن محيطه او من شهواته.

ولكن من يقول الحقيقة؟ كيف نعرفها؟ هنا تأتي المشاورة. فالمجامع المسكونية كانت مشاورات عالمية بين أساقفة الدنيا المسيحية. الأساقفة قد وضعهم الله، في ما سمعنا اليوم من نص الرسالة، حراسًا على العقيدة كي يسهروا على الرعية التي يُبدّدها الذئب. عملُ المطارنة أن يدرسوا وان يتكلموا باللاهوت وان يعطوا الناس اللاهوت السليم لأن السلوك الصحيح يأتي من الإيمان الصحيح. ولا يستطيع الانسان أن يخلُص بدون إيمان. ليس شغل الكنيسة أن تبني كنائس من حجر وحسب. شغلُها أن تبني الكنائس ليُعلّم فيها الإيمانُ الصحيح. وان كنا بالإيمان المستقيم، فنحن أغنى الناس ونحن أمجد الناس. نحن قائمون لكي نحفظ الإنجيل ونعيش بالإنجيل ونتمتع بجمال المسيح. فيما نحن نقيم ذكرى الآباء القديسين، جدير بنا أن نُجدد ولاءنا للعقيدة المستقيمة وولاءنا للكنيسة كما هي وحيثما تكون في الرعية التي نحن منها لكي يبقى الله بيننا ويسطع إيمانُنا بمحبته الى الأبد.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

لماذا أكتب؟ / السبت ١٢ تشرين الأول ٢٠١٣

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

Continue reading
2013, مقالات, نشرة رعيتي

من الموت إلى الحياة/ الأحد 6 تشرين الأول 2013/ العدد 40

لنا في إنجيل اليوم صورة شاب ميت ابن أرملة يقيمه السيد. يلتقي السيد الجنازة خارج السوق، والقـوم قـد وصلوا الى المقـابـر، ومع هذا لا يُسلّم المسيحُ للموت، لا يُسلّم لنهائية الموت، ويأمر الفتى أن يقـوم، ويـدفـعـه الى أُمـه.

سيـّد الحياة والموت يستطيع أن يُقيمنـا في اليـوم الأخيـر، وهـو يقيمنـا دومـا. تبـدأ القيـامـة اليـوم في القـلـب البشـريّ حسبمـا أجـاب السيـد أُخـت لعـازر لما قالت ان أخاها سيقوم في اليوم الأخير، قال لها: »انا القيـامـة والحيـاة«. معنـى ذلـك أن من كان للمسيح يتجـاوز كل ترضيض وكل تكسير يُحدثهما الموت فينا والخطيئة. ليس الموت سوى تجمّع خطايا، اذا تكدست طـوال العمر وفعلت في هذا الجسد. النفس والجسد واحد. انهما متماسكان حتى الموت. وينهار الجسد، ينهار بعد أن ورث من الطبيعة فسادها ومن الكون زواله ومن النفس كل تقهقر فيها. تتوافر هذه الاشياء لتحجب الجسد الى حين، لتجعله في الرحمة، حتى اذا انقضت الرحمانية كاملة في اليوم الأخير نُبعث الى الحياة الجديدة التي لنا في المسيح يسوع.

الإيمان من شروطه أن يُحسّ الانسان بأنه معرّض للكسر بالنهاية، انه وحده لا شيء، وان الله كل شيء. الانسان الذي يتبجّح ويحسب انه شيء قد أضاع الإيمان. والانسان الذي يحسب انه لا يستطيع النهوض بعد سقطة هو ايضًا أضاع الرجاء. ولكن الانسان الذي يعرف بآن معًا أنه معرّض للسقوط وقابل للنهوض من بعد سقوطه هو المؤمن الراسخ.

إنجيل اليوم يعطي هذا حجمًا كبيرًا اذ يضعُنا أمام شاب ميت زالت كل حياته منه، وأمام مخلّص حيّ هو كل الحياة. واذا اجتمع الحيّ مع الميت، يحيا الميت من جديد، يحيا مع الحيّ.

انعكاس هذا في حياتنا شرَحَه الرسول بولس في رسالتـه الثـانيـة الى أهـل كـورنثـوس لمّا قـال أن لنا هذا الكنـز، اي كنز النعمة، في آنية خزفية، في آنية من فخّار هشة تُكسر ليكون فضلُ القـوة لله لا للنـاس. كنـز النعـمـة في آنيـة مـن فخار تُكسر ثم يجمع الله القطع بعضها الى بعض حتى يدرك الانسان انـه كـان لا شيء وانه أصبـح بالله شيئا.

ترجمة هذا في حياتنـا اليـوميـة تـرجمـة صعبة ولكنها منقـذة. ليس صحيحًا أن النـاس يعـرفـون أنهم خطأة. خبرتي الكهنوتية دلّتني أن المسيحيين لا يعـرفـون حـقـًا أنهم خطـأة. يقـولـونهـا كلمـة، لـفظـة عنـدما يقـولـون: نحن خطـأة. معـظـم المسيحيين يحسبـون انهـم صالحـون. ولكـن مـن استطـاع أن يعـرف انـه فـي كـل يـوم يـزنـي، فـي عـيـنـيـه او أُذنيـه او في قـلبه يزني، فهذا على طريق القداسة. من استطاع ان يعترف أن تعامُلـه مع الآخـرين في العمـل وفي المجـتمع، فيه سرقة واحتيال، هذا بدأ سر الموت والقيامة. أن نشعر بأننا خطـأة وأن نرى أمامنا يسوع شافيا لكل مـرض، ان نجثـو أمامـه، وأن نـؤمـن بأنـه قـادر أن يعـطـي وبأننا قـادرون ان نُشفى الآن، وأن نبقى عـارفين أن هذا الإناء الفخاريّ يبقى خزفا هشًا، وانه معرّض للسقوط من جديد. وأن نعرف ايضًا أن الفضل لله لا لنا. هذا هو إيماننا. نحن أُناس من فخّار، والله هو إله العطاء والمحبة. الله يجمع الفخّار ويجبله من جديد بالحب الذي عند الفخّاريّ الكبير.

شاب نايين هو كل واحد منا، يقيمه الرب يسوع من الموت ويُسلّمه الى أُمّه الكنيسة كي يفرح فيها وتفرح هي به. هكذا نحيا منبثقين من قلب الفجر في نور المسيح.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

من بعد موت قيامة / السبت ٥ تشرين الأول ٢٠١٣

كل نفس ذائقة الموت وذائقة للقيامة. ما هي بذائقة للفناء وحده. ما من أحد يرتضي أن يفنى بالموت ولكنا ارتضينا جميعًا أن نعبر الموت لإيماننا بأن بعده شيئًا جديدًا واستمرار الوجود. هناك لا بد من انكسار، من موت. لا أحد يحس بقيامة أو بوعد قيامة الا من بعد تطلع إلى الموت. هذا هو سرنا أننا لا نشعر بالحياة استمرارا للحياة. يجب أن يكسرها موت لتأتينا أفضل. يذهلني أن معظم البشر يخشون الموت لحتميته لانعدام احساسهم بأن ثمة وعود قيامة لأن الله وحده رازق الحياة.

ما نسميه قيامة ليس مجرد تواصل هذه الحياة وتلك النازلة عليها من طبيعتها. انها حياة أفضل. هذا هو السر أن الموت يعطيك حياةً أفضل، تلك التي ربك رازقك. هي منه وليست مجرد انبعاث للماضي الذي له دائما طعم الموت. السر أن الانبعاث فقط من الله وليس هو مجرد تجديد للقوى الجسدية التي كانت فينا. الموت أساسي لنيل الحياة الجديدة وهي ليست مجرد استمرار وضع بيولوجي. في القيامة ننال نعمة أي افتقادا إلهيا لا يموت فيه كياننا إلى الأبد. يجب أن ينتهي الفاني. «الأشياء العتيقة قد مضت. ها كل شيء قد صار جديدًا» (٢كورنثوس ٥: ١٧).

الموت طريقنا إلى الإنبعاث. الموت بعد أن كان لعنة بسبب من السقوط صار نعمةً بسبب من القيامة. لماذا كل هذه المسيرة لست أعلم. هذا هو المكتوب في كتبنا. لماذا نموت ثم نُبعث؟ الجواب الوحيد في الكتاب أننا نموت بسبب من العصيان. «أجرة الخطيئة هي الموت». ولكن الكتاب يعلم أيضًا أن البر المستعاد بالتوبة ينبوع الحياة الجديدة. الحياة الجديدة ما هي الا الله فينا.

المسيحية ديانة قيامة أي انها تقول بالموت وتقول بالانبعاث. رؤيتنا ليست انبهارًا بحياة دائمة. الحياة والموت عندنا متداخلان، في جدلية دائمة إلى ان ينتصر الله بالقضاء على الموت في اليوم الأخير. نحن نقول اننا نموت والموت نراه نتيجة للخطيئة أي عقابًا. والعقاب في حكم الله كما المكافأة. بكلام آخر الإنسان يميت نفسه اذا أخطأ. ولكن الرحلة هي إلى القيامة وهذه ليست فقط في نهاية العمر. انها تقطع جمود العمر وتحييه بنفثات حياة. عندنا ان القيامة تحل فينا أي انها قائمة في وجودنا لأن المسيح من بعد ان قام جعل قوة قيامته في حياتنا كلها.

في الواقع البشري ليس من موت واحد. هناك ميتات روحية، سقطات، انهيارات رهيبة. الموت الجسدي تعبير أخير عن كل انكفاء، عن كل اندثار. ولكن هناك كل الميتات التي تحدثها الخطيئة فينا. الموت في ثنايا ما يبدو حياة. كل انكفاء لذرة حياة نوع من أنواع الموت. هذا نصارعه نحن بوعود القيامة التي المسيح اعطانا. في الحياة الروحية نتوق إلى الخلاص من الموت ولنا في الإيمان والأسرار الكنسية قيامات حتى يخطفنا المسيح إليه في يومنا الأخير.

الحقيقة ان الموت يرافقنا وليس هو فقط حدثًا أخيرًا. كل سقطة موت. ولكن قوة القيامة في حياة الإيمان التي نحياها تتأكل الموت اليومي الذي يداهمنا حتى يبعث الله أجسادنا المائتة.

مع الرجاء نعيش تداخل الحياة والموت. الرجاء ليس ارجاء. هو ذوق مسبق للحياة العليا واذا حلت هذه يبطل الرجاء. بفضل الإيمان نذوق مسبقًا كل الآتيات. الآتيات تنزل علينا في كل حين. ذوقنا اياها يعطينا اياها قبل تحقيقها الأخير. بهذا المعنى كان كل ارتفاع روحي قيامة صغيرة إلى ان يخطفنا الله أخيرًا إليه.

Continue reading