بطرس وبولس والآخرون/ الأحد 29 حزيران 2003 / العدد 26
اليوم نعيّد لهامتي (رأسي) الرسل بطرس وبولس، وغدًا للرسل مجتمعين. لقد عثرنا في دياميس رومية، الأمنكة التي كان المسيحيون يصلون فيها، على هذه العبارة: “يا بطرس ويا بولس تشفعا من اجلنا”. مما يدل على مكانتهما الفريدة، ولعل هذا يعود الى اعتقاد المؤمنين ان هذين الرسولين استشهدا معا السنة الـ 65 اي زمن اضطهاد الامبراطور نيرون للكنيسة.
اهمية بطرس الرسول اعترافه بأن المسيح هو ابن الله الحي ثم قول السيد له: “انت بطرس وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي”. بطرس هو الاسم البديل لسمعان بن يونا. وهي كلمة يونانية (Petros) اشتقها الرب من كلمة (Petra) التي تعني الصخرة. لقد اراد يسوع ان يقول لهذا التلميذ انت صخري الاسم لأن ايمانك بي هو الصخرة التي أبني عليها كنيستي. ثم بعد نكرانه للمعلم قال له بعد القيامة “ارع خرافي… ارع غنمي”. بهذا الكلام أعاده الرب الى الرسولية التي كان فقدها بالنكران.
وبعد ان قال له “انت بطرس وعلى هذه الصخرة”، قال: “وسأعطيك مفاتيح ملكوت السموات”. وحتى يفسر السيد كلامه أكمل “فكل ما ربطته على الأرض يكون مربوطا في السموات وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السموات” (متى 16: 18و19). ولكن هذه العبارة ليست محصورة ببطرس اذ قال السيد للتلاميذ مجتمعين: “كل ما ربطتموه على الأرض يكون مربوطا في السماء. وكل ما حللتموه على الأرض يكون محلولا في السماء” (متى 18: 18). لا يستنتج اذًا من كلام السيد لبطرس انه حامل وحده مفاتيح الملكوت.
غير اننا نرى العهد الجديد ولاسيما في سفر الأعمال ان بطرس يقوم ويتكلم باسم الجميع، ولكنا لا نرى إشارة الى ان احدا من بعده هو الاول. ولما أتى الآباء على ذكر الخلافة الرسولية قال اوريجانيس ان كل اسقف عنده ايمان بطرس وان كل مؤمن آمن بما آمن بطرس هو خليفة بطرس. لا نرى اذًا واحدًا يقول ان اولية بابا رومية مشتقة من اولية بطرس. لقد رأت الكنيسة في تنظيمها القانوني (وليس في إيمانها) ان اسقف رومية هو “الاول بين اخوة متساوين” وجعلت بين الكراسي اولويات فجاء ترتيب الكراسي الخمسة هكذا: رومية، القسطنطينية، الاسكندرية، انطاكية وارشليم.
اما كون بولس هو هامة ايضا فقد أتى من تعليمه (14 رسالة منسوبة اليه) ومن جهاده العظيم. فلما قارن نفسه بالرسل الذين كانوا جميعا قبله: “انا في الأتعاب اكثر. وفي الجلد فوق القياس وفي السجون اكثر. وفي الموت مرارا” حتى أتى الى الرؤيا التي حصلت له: “اختُطفَ (اي هو) الى السماء وسمع كلمات سرية لا يحل لإنسان ان ينطق بها” (راجع الإصحاحين 11 و12 من الرسالة الثانية الى اهل كورنثوس).
لذلك يتصدر بطرس وبولس صف الرسل في أعلى الايقونسطاس.
غير ان عيد الغد قائم على اننا كنيسة رسولية اي كنيسة تحفظ تعاليم الرسل والكنائس المحلية القديمة أسسها الرسل. والكنائس الأخرى التي ظهرت جيلا بعد جيل انشأتها الكنائس القديمة بالتبشير. وعن هذا قال بولس: “لستم اذًا بعد غرباء ونزلا بل رعية مع القديسين واهل بيت الله. مبنيين على أساس الرسل والأنبياء” (افسس 2: 19و2.) لذلك يؤكد القديس يوحنا الدمشقي اننا لا نتجاوز تعاليم الرسل. كل الكلام اللاهوتي وكل عباداتنا قيمتها انها مسندة الى التعليم الاول. انها توضيح او شرح “للايمان المسلّم مرة للقديسين” (يهوذا 3).
بسبب ذلك يسمى الاوفياء لهذا التراث القديم ارثوذكسيين وبالعربية مستقيمي الرأي. ونتيجة ذلك رفضنا للهرطقات التي ظهرت في القديم وتظهر في كل جيل. انها إضافة الى الايمان الطيب او إنقاص له او تشويه. واستقامة الرأي نبقى عليها لا بجهودنا فقط ولكن بنعمة الله.
Continue reading