الميلاد الآتي/الأحد 20 كانون الأول 1992 / العدد 51
العيد في الروزنامة آتٍ. ولكن هل انت ذاهب اليه؟ هل تريد مثل الرعاة حول بيت لحم ان تتبع الصوت الإلهي القائل: المجد لله في العلى وعلى الأرض سلام؟ فهل انت راعٍ لقضية الله ام انت راعٍ لخطاياك تسوقها وتسوقك. وإذا رعيت خطاياك فاذهب بها إلى قدمي السيد وارمها هناك لتتمكن من رؤية مجد الله ساطعا لا في السماء بل فيك لتتقبل في نفسك سلاما.
وإذا لم تحصل لك الرؤية تبقى ساعيا إلى ما أُلصق بالعيد من أزياء الغرب: شجرة ومغارة وهدايا وسهرة وقد يعفيك هذا من التغني بيسوع في سر تواضعه وسر سطوعه. أنا لا اريد ان اضرب لك ما جعلته لك مسرة. استغرق في هذا الفولكلور ان شئت ولكن ارمِ نفسك في اقيانوس المعاني التي تنزل عليك من صدر الله.
ارجو الا تفضل سطحيات الميلاد على أعماقه وان تقرر الغوص على ينابيع المياه الحية المتفجرة في قلب الله. انت تعرف ما يرويه الانجيل عن الميلاد في متى ولوقا. المهم وراء ما تقرأ. فمما تقرأ ان الرب ولد في مذود بين البهائم. كان هذا لأن غرف الفندق كانت مليئة بأهل بيت لحم الذين عادوا اليها ليتسجلوا في احصاء النفوس الذي أمر به أوغسطس قيصر أو كان هذا لأن يوسف لم يكن عنده اجرة الغرفة أو غالبا ما كان المذود تابعا للخان الذي امتلأ بالنزلاء فوضع يوسف ومريم في المذود.
قلبي وقلبك مذود، مأوى لحيوانية الخطيئة. في هذا القلب يريد المسيح ان يولد اليوم. أدركت الكنيسة هنا المعنى لما رتلت عشية العيد: «اليوم يولد من البتول الضابط الخليقة بأسرها في قبضته». وإذا ولد المسيح فيك بسبب من الرضا الالهي عليك لا تبقى مذودا لحيوانية الخطيئة بل تصير نفسك بتولا. تدخل في سر مريم هذه التي لم تتقبل زرعا بشريا لتصور بذلك انها حاضن فقط لكلمة الله وعطائه.
فإذا أنت تخليت عن كل شيء يستعبدك لهذه الدنيا تستعيد نفسك المفقودة إلى بهاء عذريتها.
الأمر الحاصل معنا هو الآتي ان المسيح يظهر لك في وقت ما من حياتك نورا للعالم. ارجو ان يكون هذا الخامس والعشرون من الشهر بدء الرؤية. اذ ذاك تكون انت المولود، لا من أبيك وأمك ولكن من الروح القدس. إذا وهبك العيد ان تحس ان ضياء المسيح يمكن ان يدخل إلى قلبك فافتح نوافذه ليرتاح إلى المسيح.
قد تكون حتى اليوم مرتاحا إلى خطيئة تجترها أو عيب معشش فيك. في أكثر الناس سيئة أو سيئات يألفونها كما يألف الانسان غرفته. ألسنا ننام في خطايانا؟ إذا جاءك الرب وقال لك: هذا كله غلط. عاداتك وعيوبك وكبرياؤك لا تريحك حقا. هذه خدعة. انا وحدي اريحك ولكن هذا يتطلب شقلبة كبيرة وتعزيلا كبيرا وسأغير محتويات الغرفة واطليها طلاء جديدا. وقد يحدث هذا فيك هزة كبيرة.
ألم تقرأ: «لما حان ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة»؟ لقد تعبنا كثيرا بلا مسيح. لم تعطنا الخطيئة شيئا. لم تعطنا السياسة شيئا ولا اللهو اعطانا شيئا. وبقينا على جوعنا. الميلاد موسم نذوق فيه المسيح. «ولد لكم اليوم مخلص في مدينة داود هو المسيح الرب» (لوقا 2: 11). يختبر هذا المخلِّصَ من وُلد المخلص في قلبه فصار به «خليقة جديدة». الا جعل الله هذا العيد مولدا لنا في النور.
Continue reading