انتخاب السبعة/ الأحد 29 نيسان 2012 / العدد 18
أعمال الرسل هو السِفْر المتعلّق ببدايات الكنيسة اي إنه كتاب عن عمل الروح القدس الذي انبثّ في الكون بعد قيامة الرب. في هذا المقطع المنشور اليوم من هذا الكتاب حديث عن تذمّر أُولئك المسيحيين المُسمّين يونانيين على المسيحيين المُسمّين عبرانيين، والسبب ان أرامل اليونانيين يُهمَلن في الخدمة اليومية وهي توزيع الإعانات او الطعام لتلك النساء. اليونانيون هم المسيحيون الناطقون باللغة اليونانية الذين استوطنوا أورشليم، وهُم كانوا من اليهود الذين هجروا فلسطين وسكنوا حيث يتكلم الناس باليونانية مثل الإسكندرية. بعد اهتدائهم الى المسيحية أَحبّوا لذكرى المسيح أن يعيشوا في أورشليم. والذين سمّاهم الكتاب عبرانيين هم الذين من أصل يهوديّ واهتدَوا وبقُوا حيث كانوا اي في فلسطين.
ارتأى الرسل أن يتركوا «خدمة الموائد» لأنها تأخذ منهم وقتًا كثيرًا والأولوية هي للبشارة. رأوا أنهم يستطيعون أن يُفوّضوا عددا من المؤمنين كانوا سبعة لينصرفوا الى خدمة الموائد. أَتوا بهم بالانتخاب، ورأوا أن مجرد التوزيع المادّي لا يكفي اذ يجب أن يكونوا «ممتلئين من الروح القدس والحكمة». أية خدمة في الكنيسة تحتاج الى الفضيلة، الى تعاطي الناس وعدم التسلّط عليهم والى سلام في النفس والى الهدوء، وفي توزيع المال او مواد الأطعمة تحتاج الى عدل بين الناس وإسقاط الحواجز النفسية بين قومين مختلفين او عنصرين هما اليونانيون والعبرانيون.
سمّاهم الكتاب الإلهي وصنّف أَحدَهم استفانوس بأنه ممتلئ من الإيمان والروح القدس، وسوف نقف في سِفْر الأعمال على فهمه اللاهوتيّ واستشهاده.
هل كان لهؤلاء السبعة رتبة او درجة؟ الرأي الغالب أنهم كانوا شمامسة أو أول الشمامسة في الكنيسة. القديس يوحنا الذهبيّ الفم لم يكن على هذا الرأي. ولكن المعروف في الكنيسة الأولى أن العمل الاجتماعي كان يتولاّه الشمامسة الى جانب خدمتهم الطقوسية. السبعة كانوا على شيء من التكريس إذ وُضعت الأيدي عليهم. ووضْعُ الأيدي عليهم علامة رسامة. كل تكريس من خدمة المرتّل والقارئ الى خدمة الأسقف تتطلب وضع الأيدي. السبعة اذًا لم يكونوا شمامسة بالمعنى المعروف اليوم، كان لهم مقام رسمي ولو مؤقتا. الترهّب الذي لا يعتبره معظم العلماء اليوم سرّا اعتبره بعض العلماء القدامى سرّا إذ يقوم بوضع الأيدي من قبل رئيس الدير او الأسقف. السرّ هو التخصيص لله بعلامة حسّية يرافقها نزول النعمة. وفي الكهنوت هو انتداب النعمة لخدمة معيّنة. هذا ليس امتيازا لأحد بل تفويض إلهيّ مجانيّ. بعد هذا توّا يقول لوقا (وهو كاتب أعمال الرسل): «وكانت كلمة الله تنمو (بالبشارة) وعدد التلاميذ يتكاثر في اورشليم». وعندما يقول «وكان جمعٌ كثير من الكهنة يُطيعون الإيمان» يقصد كهنة الهيكل الذين انضمّوا الى الكنيسة.
ثم اهتدى جيل بعد جيل، وكانوا يجاهدون في الإيمان جهادًا كبيرًا.
Continue reading