Category

2011

2011, مقالات, نشرة رعيتي

تبنّانا الله بالمسيح/ الأحد 25 كانون الأول 2011 / العدد 52

«لمّا حان ملءُ الزمان». هذه المقولة نفهمها بما قبلها وهو حديث عن الوارث الذي هو تحت أوصياء ووُكلاء. ولكن عند بلوغه الرشد ينتهي حُكم الأوصياء. ولكن بعد انتهاء زمن الوصاية جاء ملء الزمان. إذ ذاك أَرسَلَ اللهُ ابنه مولودًا من امرأةٍ، وبتنا مباشرة تحت أمر هذا الابن او تحت حُكمه، وبطلَ إذ ذاك حُكم الناموس الموسويّ وفرائضه.

أكّد بولس أننا صرنا أبناء. لذلك «أَرسل اللهُ روحَ ابنه الى قلوبكم صارخًا أَبّ Avva». هنا بولس كتب بالحرف اليوناني العبارة الآرامية ثم فسّرها بكلمة الآب. «فلستَ بعدُ عبدًا بل أنت ابنٌ» بمعنى أن نظام الوصاية قد زال وصرتَ مثل الابن الوحيد حبيب الآب ولك المحبة التي للابن من الآب وهذا ما يفسّر أنك مُتَبنّى.

«فأنتَ وارثٌ لله» الذي لم يعُد يُعاملك كواحد من العهد القديم موضوع تحت وصاية. علاقتك مباشرة مع الله «بيسوع المسيح». بنوّة هذا الأخير للآب جعلتك ابنًا. هذا الفصل من الرسالة الى أهل غلاطية اتخذناه لنفهم معنى الميلاد. في الكنيسة الأُولى كان هذا اليوم يُعَيَّد مع الظهور الإلهي (الغطاس)، ومعنى التذكارين ظهور الله بطريقة الميلاد وطريقة العماد.

ثم فصَلْنا التذكارين وأَبقينا ذكرى معمودية السيّد للسادس من كانون الثاني. لكن عندما نقرأ هذا المقطع من الرسالة الى أهل غلاطية، أخذنا نفهم ما لم يكن واضحًا في العيد المُشتَرك أي أننا صرنا أبناء ببنوّة يسوع المسيح.

وبُنوّتنا لله صارت تحمل معنى الدالّة للأولاد على أبيهم. يخاطب الطفل أباه وأمه بروح القُربى.

صحيح أن هذا العيد سمّاه آباؤنا «العيد الصغير»، وسمّوا الفصح «العيد الكبير» لكونه عيد الخلاص. ولكن التجسد الإلهي يُدشّن الخلاص. كذلك يظهر الخلاص في كل الأعياد السيدية والعجائب كما تعاليم يسوع تُظهر سرّ الخلاص.

المؤسف أن الميلاد التبس بعادات وثنية مِن أَكْل وشُرب قبل القداس أو عشية القداس، ويكاد يتحوّل الى موسم دنيويّ، وآن الأوان لنعيشه كموسم كنسيّ مليء بالمعاني الإلهية نتجدّد فيه كل سنة.

هل نستقبل المسيحَ كما استقبلَتْه مريم والمذود والمغارة؟ هل تنفتح له القلوبُ الفقيرة اليه ونتلمّس دفء محبته؟ هل نقيم العيد في كنائسنا وليس فقط في بيوتنا؟

العيد ليس الزينة. انه مشاركة الفقراء حتى يعرفوا أن الله يحبّهم بواسطة إخوتهم الأكثر يُسرًا. المسيح كان فقيرًا يوم ولادته وبقي فقيرًا. إكرامًا له ومحبة سوف نفتقد المحتاجين لكي نسترضيه ونقترب من قلبه.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

أحد النسبة/ الأحد 18 كانون الأول 2011 / العدد 51

هو أحد نَسَب الرب يسوع، ويعني متّى بذلك منذ مطلع إنجيله تحدّره من إبراهيم وداود، ويأتي تتابع اسماء آباء السيد على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى من إبراهيم إلى داود، والثانية من داود إلى جلاء بابل أو سبي بابل، والثالثة من جلاء بابل إلى المسيح. بعد هذا تأتي القراءة على حادثة الميلاد نفسها. لوقا أتى في النَسَب الذي رواه بأسماء أكثر، وهي أقرب إلى التتابع الوارد في العهد القديم. يبدو أن متى استند إلى مرجع كان شائعًا في أيامه.

همّ متّى التركيز على أن السيد متحدّر من داود. هذا الاعتقاد كان شائعًا عند اليهود ستين سنة بعد قيامة المخلّص. هناك في النَسَب نساء معظمهنّ سيئات السلوك، وإحداهن أجنبية الأصل. غالبًا أراد متّى أن يقول ان يسوع ينحدر من البشرية كما هي في خطاياها وهو الذي يُطهّرها.

هناك أربعة عشر اسمًا في الفئتين الأُوليتين، وثلاثة عشر فقط في الثالثة. يمكن التفكير أن 14 التي يذكُرها متّى في كل فئة هي رمز داود (في اللغة العبرية تُكتب «دال واو دال»، وكل دال رقمها 4، وواو رقمها 6، مما يساوي 14).

أمّا الميلاد فقد رواه متّى. كانت مريم مخطوبة ما يعني أنها نظريًا أو قانونيًا زوجته ولكن فعليا لا يحصل الزواج إلا عندما تُزفّ البنت بحيث يأخذها الرجل الى بيته. ما يؤكده متى بوضوح أن يسوع لم يكن له أب جسديّ. بتولية مريم في ميلادها يسوع واردة عند متى ولوقا فقط. هذا كافٍ لاعتماد المسيحيين الأوائل هذه البتولية ثابتة. عدم ذكْر البتولية عند الإنجيليين الآخرين يمكن اعتباره أن شيوع الاعتقاد ببتوليتها يُغنيهم عن ذكر حالة البتولية التي كان الجميع آخذين بها.

«ويُدعى اسمُه يسوع لأنه يُخلّص شعبه من خطاياهم». بالعبريّة «يسوع» هو «يهوشع» الذي يعني أن «الله يُخلّص». اللاهوت اليهودي يقول ان زمن المسيح هو زمن انتهاء الخطيئة.

كلمة عذراء التي يُطلقها متى مأخوذة من إشعياء 7: 14 في الترجمة اليونانية للعهد القديم، ولا شك أن النص الذي كان في يدي متّى لما كتب إنجيله في أنطاكية حول السنة 80 كان النص اليونانيّ. وفي الواقع ما سُمّي يسوعُ «عمانوئيل» في التسمية المسيحية، ولكنّ «عمّانوئيل» نعتٌ للمسيح وأعماله.

«ولم يعرفها حتى وَلدت ابنَها البكر». عبارة «لم يعرفها» بالرجوع إلى استعمال كلمة «عَرَف» تعني أنه لم يكن له معها اتّصال في الحبَل، أي ينفي صلة الجنس بينهما قبل ميلاد المخلّص، ولكنه لا يوحي أبدًا من الناحية اللغوية أن اتصالاً تم في ما بعد. أمّا «ابنها البِكْر» قد زيدت غالبًا من كون المسيح مُسمّى عند بولس «البكر من بين الأموات». أما «إخوة يسوع» فلا تعني بالضرورة أن السيد كان عنده إخوة في الجسد، فلفظة «إخوة» في اللغة العبرية تعني أنسباء (أولاد خال أو خالة أو عمّ أو عمّة).

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

تقوى أو عِلْم عند الكاهن/ الأحد 11 كانون الأول 2011/ العدد 50

الاختيار هذا يعني ان التقوى تكفي او العلم، ونحن نقول ان كل مسيحيّ ولا سيّما المُعلّم يحتاج الى الاثنين معا لأن هذا ما يقوله الكتاب المقدس. وما ينبغي ألاّ ننساه أن جوهر التقوى الإيمان، والإيمان له مضمون، وقد بيّن بولس الرسول هذا في اعتباره أن الإيمان مضمونه صَلْبُ المسيح وقيامته. أي ان الإيمان ليس عاطفة وشعورك بأنك تحبّ الله وتعمل لأجله. الشعور يصحب الإيمان وليس الإيمان.

والإيمان فيه كلام إلهيّ هو الوحي. لقد قال الكتاب: »آمنتُ ولذلك تكلّمتُ«. لا يمكن تعطيل العقل وتعطيل اللسان وأن ندّعي التقوى. لذلك باطل هذا التحرّك اليوم القائل يكفينا كاهنٌ تقيّ ولو علم أشياء قليلة. ماذا يفهم، اذ ذاك، ممّا يُصلّي؟ كيف يعيش الكلمات التي يُصليّها؟

أنا أَستغرب عدم الإلحاح على المعرفة عند الكاهن بعد أن عشنا مدة جهل لا تقلّ عن ألف سنة. أَستغرب هذا الاكتفاء بحُسْن السلوك. خذوا هذه القصة: قدّم مرة أهلُ بيروت للقديس يوحنا الذهبي الفم رجلاً قائلين نريده كاهنًا. سألهم القديس: ما هي مواهبه؟ أجابوا: إنه تقيّ. أجابهم: هذا شيء ينبغي أن يكون عند كل الناس بمعنى أن العلماني والإكليريكي مدعوّان الى التقوى نفسها، وبمعنى أن هناك رجلا مسؤولا عن التعليم.

اذا جاءنا غريب يسأل عن عقيدتنا ما هي، ما فيها، من الطبيعي أن يتوقع سماع الكاهن عندنا. كلّ أُمّة عندها معلّمون، ونحن الكاهن عندنا هو المعلّم الأول. ينتظر هذا الغريب أن يستمع الى الكاهن المفروض فيه أنه يعرف العقيدة جيّدا ويعرف الدفاع عنها وشغله الشاغل أن يجذب الناس اليه. واذا افترضنا أنه دعا الغرباء الى قدّاسنا لاعتباره أنه جميل، وسأله عن معنى هذه الجملة، او تلك وكان عاجزا عن الجواب، كيف يحترمنا هذا الغريب؟

أعرف أنّ هناك أسئلة صعبة تتجاوز التعليم العاديّ الذي أخذه هذا الكاهن. هذا من باب الاختصاص. له عند ذاك، أن يسأل زميلاً له أو أستاذ لاهوت. ولكن ألاّ يعرف الأساسيات فهذا مرفوض كليّا.

ولكن أن تحصر المعرفة بالمطران فمن أين تأتي به في كل مناسبة؟ العارف هو الموجود في المحلّ لئلا يثبت علينا أننا قوم نحبّ الترتيل فقط، وأننا كنيسة ليس فيها تجديد ولا فكر، وأنها مجرّد متحف، وهذه تهمة شائعة عند أهل الغرب القائلين ان الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة الجمال ولكن ليس عندها فكر، اذ قلّما وجدنا فيها من يُجيبنا عن سؤال.

من الواضح أن ما قصدتُه أن طهارة السلوك هي أهم شيء عند أيّ منّا ولا سيّما عند المسؤولين، ولكن الإنجيل هو ما يُعطى للناس، وتاليًا تكون التقوى والعلم متماسكان، مترافقان ليتمجّد اللهُ بمن يحملهما معا.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

علم الكاهن/ الأحد 4 كانون الأول 2011 /العدد 49

منذ سبعين سنة ونيّف، وأنا تلميذ مدرسة كاثوليكية، كنتُ في ضيق كبير مما كنتُ أتلقّى المسيحية من هؤلاء الرهبان، ولم يكن كاهن أرثوذكسيّ قادرًا أن يقول لي كلمة عن إيماننا. أية كانت تقوى كاهني كنتُ أَحنّ الى الإنجيل والعقيدة، وأحزن أنه كان عليّ أن ألجأ الى الغرباء عن كنيستي لأعرف شيئًا عن المسيح.

يُحزنني أكثر فأكثر أن مشهد الجهل عندنا لم ينته كليًا ولو تقدّمنا كثيرًا. طوال حياتي الفتيّة لم أكن أفهم أن المطران الذي تعلّم في خالكي او أثينا او موسكو وأَتقن لغات كان يقبل هذا الفرق في المعرفة بينه وبين كهنته. ما كان يبذل ايّ جهد ليُعلّمهم شيئًا. كيف كان يقبل أن تكون أدمغتهم فارغة وكتابه يقول له ان هناك معلّمين ووعاظًا وتاريخ الكنيسة كشف له أن قادتها كانوا باسيليوس ويوحنا الذهبيّ الفم وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الدمشقيّ ومن إليهم. الفراغ لا يقدّم الا الفراغ. منذ أربعين سنة أنشأْنا معهدَ اللاهوت في البلمند، وهو إنجاز عظيم، ولكن لا يتسجَّل فيه العدد اللازم من الطلاب الذين نحتاج اليهم. هذا يعني أننا مضطرّون على رسامة كهنة أُمّيين او شبه أُمّيين. لا يُبذل الجهد الضروري لتقبّل طلاب، والذريعة أن ليس عندنا المال الكافي. اذًا يكون سعيُنا أن نجد المال لسدّ نفقات المعهد، ويجب ان نقوم بإحصاء لمعرفة عدد الكهنة الذين نحن في حاجة إليهم بعد موت المسنّين منهم. لنفرض مثلا أننا في العشرين سنة المقبلة نحن في حاجة الى تخريج أربع مئة تلميذ او ست مئة ليملأوا كلّ الشواغر، نكون قد حللنا مشكلة الرعايا التي تنتظر كهنة مثقّفين.

يبقى السؤال لماذا لا يأتينا العدد المطلوب مع أنّ هناك حسًّا روحيًّا واضحًا عند الكثير من شباب لنا يودّون الانخراط في خدمة الكنيسة. الجواب الوحيد عندي أن بعضًا من الذين لا ينخرطون في هذه الدراسة يخشون الفقر في حياة الكاهن. تاليًا مشكلة معيشة الكاهن مرتبطة بالانتماء الى المعهد اللاهوتي. اذًا السؤال الأساسي هو كيف نستعدّ في كلً الأبرشيّات منذ الآن لإيجاد رواتب كافية تُدفع للأربع مئة او الخمس مئة كاهن الذين نحتاج إليهم بحيث نقول للمتخرّج: بعد أربع سنين، تقضي سنة او سنتين في التمرين على الكهنوت في إحدى الكنائس في درجة شمّاس مثلا او كاتب عند مطران تتقاضى معاشًا كافيًا ولا تفتّش محمومًا عن كنيسة غنيّة إذ لا بدّ أن نصل الى وقت يكون المتخرّجون عندنا مستعدّين أن يلتحقوا بأيّة كنيسة في المدينة أو الريف.

هذا يعني أن حُبّ الدراسة متوفّر عند عدد من شبابنا، وأن المشكلة الوحيدة ماليّة تُحلّ على مستوى الكرسي الأنطاكي كلّه بسبب فقر بعض الأبرشيات. اذا كان الإيمان الأرثوذكسي يجب أن يُغذّى في كلّ مكان، تقضي المحبة الأخويّة أن تنصُر الأبرشيةُ الميسورةُ نسبيًّا تلك التي لا تستطيع أن تدفع للكاهن الآتي راتبه. هذا يقضي أُخوّة كبيرة، إحساسًا بالأخ الضعيف.

لندخل إذًا بعلم الإحصاء وتلتهب فينا محبَّة يسوع لإيجاد كهنة لائقين به.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

المسيح هو السلام/ الأحد 27 تشرين الثاني 2011 / العدد 48

بولس يتكلم عن أن اليهود والأُمم (الوثنيين) جعلهم المسيح واحدا، ونقض في جسده اي في موته «السياج الحاجز اي العداوة». بهذا الموت صار هؤلاء وأولئك «انسانًا واحدًا جديدًا بإجرائه السلام»، اي باتخاذه سلامَ المسيح يكون واحدًا مع الإنسان الآخر.

هنا تمّت المصالحة. فعلى الصليب الذي مات من اجل الجميع قتل العداوة في نفسه. لم يبقَ لها أثر في قلوب المؤمنين. لم يبقَ من أساس لقول أرسطو: «كل من كان غير يونانيّ فهو بربريّ». كلّكم واحد في المسيح يسوع.

واذا كان الروح القدس واحدا فيكم فهو يوصلكم معًا الى الآب. لم يبقَ من غريب. فإذا استوطن بلدتك مسيحيّ أُرثوذكسي ولم تُشركه في ما يتعلق بالكنيسة ولم تأخذ رأيه في اي ما يتعلّق بالكنيسة، تكون معتبرًا إياه غريبا وليس أخاك في المعمودية وجسدِ الرب.

أنتم نُزَلاء البيت الواحد، أصحاب البيت ومواطنو القديسين. بعد أن صارت الكنيسة موطنكم، ماذا يُفرّقكم. أنتم بيت الله الواحد، بُنيتم على أساس الرسل والأنبياء (من هنا أننا نُقرّ بالأنبياء كما نُقرّ بالإثني عشر رسولا).

هذا البيت حجرُ الزاوية فيه هو المسيح يسوع نفسه. في العمارة اللبنانية هذا هو حجر الغَلق في بناية العقد. تبني هكذا: تضع قفصًا خشبيا، وتضع الحجارة عليه غير ملتحمة بالكلس او بمادّة اخرى. يكفي وجود حجر في أعلى السقف منحوت بصورة أن الجدران الأربعة تتماسك به. هو إذًا اللُحمة بين كل حجارة البناء او القاعة.

يشبّه بولسُ المسيحَ بحجر الغَلق هذا ليُبيّن أنه هو الرابط الوحيد بين المؤمنين. هذا ما يُسمّيه بولس تنسيق البنيان. هذا البيت الواحد الكنيسة «ينمو هيكلا مقدسا في الرب»، الى ذلك «تُبنَون انتم معًا مسكنًا لله في الروح».

معنى ذلك أنكم كنيسة واحدة، فلا يحيا الإنسان منفردًا، مستقلا عن الآخرين. انتم، انتم بخطاياكم وجمالاتكم الروحية واحد، ولكن يجب أن تظهر هذه الوحدة في اجتماعكم يوم الأحد. لا أحد منكم يستغني عن أحد. لا يبقى الإنسان وحده مع عائلته صباح الأحد. انتم هكذا مقسّمون ولا تستطيعون أن تُظهروا انكم جسد المسيح.

قال: «فيه (أي في المسيح) تُبنَون مسكنًا واحدًا في الروح». الروح القدس يجعلكم واحدًا مع المسيح. أنت إن كنتَ مستريحًا في بيتك مع الرب فلستَ واحدًا مع الإخوة في الروح. الروح القدس يجعلنا ملتصقين بعضنا ببعض بكل الصلوات ولكن خصوصًا بمناولة جسد الرب. لذلك نقول بعد المناولة «وأخذنا الروح السماويّ».

اذا كنتَ تعرف أن الكنيسة هي الوحدة ومكان اللقاء مع الله تغفر للناس زلاّتهم، ترى الروح القدس نازلا عليهم ولا تُحاكمهم كما يفصل الرب الحنطة عن الزؤان في اليوم الأخير.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

الخلاص بالنعمة/ الأحد 20 تشرين الثاني 2011 / العدد 47

كتب بولس الرسول هذه الرسالة من السجن، غالبًا من سجنه الأخير في رومية. وهي من أغنى رسائله، ولعلّها مُرسَلة ليس فقط الى أهل أفسس ولكن الى مدن آسيا الصغرى المحيطة بها. يؤكد في هذا المقطع أننا «حين كُنّا أمواتًا بالزلاّت أحيانا مع المسيح». يُشركنا الرسول دائمًا في حياة المسيح وفي جلوسه معه في السمويات من بعد القيامة. لا يفرّق بولس بين الرب والذين هم له.

وحتى لا يعتزّ المسيحيون بفضائلهم، يؤكد لهم أنهم بالنعمة مُخَلَّصون، وفي هذا المقطع الصغير يؤكدها مرتين. المسيح حاضن أحبائه، مُشركهم في موته وقيامته وصعوده الى السماء. كل شيء عنده نعمة من فوق والنعمة لطف الله بنا.

من أين تأتي النعمة؟ الجواب: من الإيمان، أي انها مجّانيّة. يعطيها الرب لأنه هو يريد، وهذا ليس لهم فضل فيه. هذا الخلاص هو عطيّة الله، وليس من الأعمال، وليس من ناموس موسى. وهنا يلتقي الرسول بالرسالة الى أهل رومية والرسالـة الى أهل غـلاطية، وتلك التي أَرسلها الى غلاطية قُرئت في أفسس. كل هذه المدن استلمت أن النعمة مجّانيّة والإيمان مجّانيّ، وفي كل هذا محاربة لليهود والمتأثرين بهم في الأوساط المسيحية في آسيا الصغرى. نحن مخلوقون للأعمال الصالحة التي سبق الله فأَعدّها لنسلُك فيها. ما يُسمّى «سَبْق التعيين» الذي ظهر في البروتستنتية الكلفينية والقائل ان هناك من أُعِدّ للسماء وهناك من أُعدّ لجهنم إنما هو اعتقادٌ رفضه هؤلاء الإنجيليون في القرن التاسع عشر ونحن كنا رافضيه من البداءة لكونه يُبطل المسؤولية الشخصية. الإنسان يخلُص لسببين، أولا لأن الله يريد أن يُخلّصه بالنعمة، وثانيًا لأنه يقبل هذا الخلاص الإلهيّ. الله يقول أنا المُخلّص، والإنسان يقول الله يُخلّصني. هذا ما نُسمّيه الموآزرة او المشاركة بين الله والإنسان مع أن الرب هو الذي يُبادر بالنعمة والإنسان يستجيب لها. في أيام الطوباوي أُوغسطينُس (القرن الرابع) ظهرت في أفريقيا بدعة بِلاجيوس وقالت: الانسان يخلُص بجهوده، وكَفّرتْها الكنيسة. هذا لا يمنع الواعظ من أن يحثّ المؤمنين على الأعمال الصالحة ويقول لهم إن أهملوا الجهد فلا يخلُصون. هذا كلام تربويّ مفيد هربًا من الكسل والإهمال.

غير أن آباءنا علّموا أن الإنسان لا يدخل الملكوت بجهده ولكن برحمة الله. أنت تسعى دائمًا ليقبل اللهُ مسعاك ويُكلل عطاءك، ولكن اذكُر أننا بالنعمة مُخلّصُون، وأنك دائمًا فقير الى الله، وأنك تنال الخلاص بفائق محبته ولطفه. هو الذي أَحياك بالمسيح وأَجلسك معه في السماويات. أن تعرف أنك نازل من فوق بالنعمة يجعل فيك روح تواضع الذي هو قوّة رجائك.

هذا الالتقاء بين النعمة والجهد البشريّ تعليم ساطع للرسالة الى أهل أفسس ورفضٌ للجبرية القائلة بأن الله جابرنا على دخول السماء او دخول الجحيم. المحبة لا تريد أحدا في جهنم، ولكن اكتسب انت المحبة بالطاعة الدائمة للآب بيسوع المسيح ربنا.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

السامريّ الشفوق/ الأحد 13 تشرين الثاني 2011 / العدد 46

هذا المَثَل من أهم الأمثلة التي تدعو الى محبة القريب ومحبة العدوّ. يبدأ بحوار بين ناموسيّ والمعلّم، والناموسيّ هو أستاذ في الشريعة الموسوية وبعامّة في كل الكتاب المقدّس. غالبًا ما كان من الفريسيين لإيمانه بالحياة الأبدية بعد الموت، فالحياة بعد الموت لم يكن اليهود يؤمنون بها سوى الفريسيين، وجاء اليهود الى الفكرة من بعد ظهور المسيحية. ردّ على سؤاله المعلّمُ بسؤال: «ماذا كُتب في الناموس؟». أجاب: «أَحببِ الربَ إلهك… وقريبك كنفسك».

هذا الجواب جمع بين تثنية الاشتراع 6: 4 ولاويين 19: 18. في سفر التثنية تبدأ الوصية هكذا: «إسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا ربٌ واحد فتُحبّ الرب إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ قوّتك». أمّا ما جاء في سفر اللاويين فهو: «لا تُبغض أخاك في قلبك… بل تحبّ قريبك كنفسك».

ولمّا أجاب يسوع هذا الرجل: «إعمل هذا فتحيا»، قال للسيّد: «ومن قريبي؟» هل القريب هو اليهودي والمُساكن فلسطين معهم؟ عند ذاك أخذ يسوع يقصّ قصةً من تأليفه أهمّ ما فيها أنها تُظهر سامريّا اي غريب الدين يهتمّ بيهودي مجروح على الطريق ويُعالجه، وبين الشعبين قطيعة كاملة ولا سيما أن السامريين يعتمدون كُتُب موسى الخمسة ويرفضون كتب الأنبياء.

تخطّى السامريّ الفراق الديني القائم واعتنى بأمر هذا الغريب، ويقول آباؤنا ان سامري المَثل رمز للمسيح الذي ليس عنده غريب ولكن يُغرّبه الناس وهو المُعتني بالكلّ بمحبته ورأفاته وموته وقيامته.

لاحظوا أن أستاذ الناموس سأل المعلّم: «مَن قريبي؟». هذا سؤال أجاب عنه يسوع بسؤال: «أيّ هؤلاء الثلاثة (أي اللاويّ الذي جاز والكاهن الذي جاز وحادا كليهما عن الجريح، والسامريّ) تحسب صار قريبًا للذي وقع بين اللصوص». فجاء الجواب: «الذي صنع إليه الرحمة».

السؤال: «من هو قريبي؟» بدا في النص الإنجيلي خطأ. الاهتمام الحقيقي: «مَن أَجعله أنا قريبًا لي». الجواب بالمحبّة التي تُحبّ بها تجعل الآخر قريبك. كل إنسان آخر قريبك أيّا كان دينه ولونه ووطنه إن كان في حاجة الى رعايتك. أنت أخ لكل محتاج، ولكن قم بعمل رعاية واهتمام ليُحسّ أنه أخوك وأنه قريبك. المحبة حركة وعندها تنعدم الفوارق.

البشرية كلّها أُمّة الله، وأنت واحد مع كل إنسان يمكن أن يحسبك عدوّه. أنت تخدمه غير ناظر الى مشاعره نحوك أو نحو دينك أو بلدك. أنت تسير على كل طرق الوجود لتفتّش عمّن تخدم ليؤمن بإنسانيتك وإنسانيته. المحبة تهدم الفوارق بينك وبين كل إنسان آخر. تُنقّي نفسك، وتجعلك انسانا آخر، وتُحسّ بها أنك ابنُ الله. اذكُر أنك إذا قلتَ في الصلاة الربيّة: «أبانا الذي في السموات» تُعلن أن البشر جميعًا، خطئوا أم لم يخطئوا، هم أبناء الله، وافهم أن الملكوت يبدأ الآن في قلوب المحبّين وفي قلوب مَن يرعاهم المحبّون. فتّش عمن هم الأكثر حاجة لأن الرب قريب إليهم كثيرًا.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

الكاهن وعامّة الشعب/ الأحد 6 تشرين الثاني 2011 / العدد 45

الكاهن، ولو صار أبًا روحيًا، واحدٌ مع كل أفراد رعيّته لأنهم معًا كهنوت ملوكيّ وأُمّة مقدّسة كما يقول بطرس ولهما معا محبة المسيح. ومن كان أبًا يرعى أبناءه في غيرة واحدة، ومن كان ابنا يُكرم أباه ولو عرف عيوبه، ولا مهرب لمخلوق من العيوب لأننا جميعًا بشر.

وحتى تتم هذه العلاقة سليمة لا يطلب أحد شيئا لنفسه، وخصوصًا لن يُصدم إذا لم يراعَ. ينبغي ألاّ يقول: «عندي كرامتي». فإذا لم يُراعها الآخر، فكرامتُك عند الله ولا تنقُص في عينيه. فإذا علمت أنك حبيبُ الله، لماذا تفتّش عن كرامة يُبديها لك مخلوق. ما أرادك يسوع أن تطلب. أرادك أن تعطي وأن تسأل نفسك إن أنت حفظت كرامة الآخرين.

علاقة الكاهن والمؤمن ذات اتجاهين. صحيح أنه راعيك، ولكن بالمقابل أنت تهتمّ به. تُبادر بالتسليم عليه، وإنْ كنت أُرثوذكسيّا مُحافظًا تطلب بركته إذ تؤمن أنه ينقل بركة الرب. وإن كنت على شيء من اليُسر تُقوّيه ماديًّا دون أن تنتظر مناسبة طقسيّة كإكليل أو فراقِ أحدِ أفراد عائلتك.

أَخطاء كثيرة ارتُكِبَت في الماضي لأن الكاهن ما قام بكل واجباته معك أو مع عائلتك. أردت أن تُعاقبه فتركت الكنيسة إلى كنيسة أخرى غير فاهم أنك تنسلخ عن استقامة الرأي الباقية بهذا الكاهن أو ذاك. فيموت الكاهن وتكون أنت وذريّتك على درب الخطأ. الحمد لله أن هذا نقص كثيرًا بعد أن اكتشف الآخرون أنهم إخوة لنا فلا يخطفون أحدًا من حظيرتنا ولا نخطف أحدًا من حظيرتهم.

وإن كان لك شيء على الكاهن فاشكُهُ للمطران، لأنه إذا تحقّق أنه أخطأ يؤدّبه ليس بانفعال ولكن حسب القانون ويُصالحك معه ويُقوّم له سلوكه فتعود المحبة بينكما.

أنت راعٍ ومَرعيّ معًا. وقد تكون أكثر وعيًا من الكاهن فتُرشده إلى الحق وتحضّه على المعرفة وعلى محبة رفقائه الكهنة إن كان في حاجة إلى هذا.

ومن واجبك أن تدفع الكاهن إلى قول حاجاته إلى المطران، فهذا لا يعرف بها كلها، ولا يستطيع، لا سيما إن كان عدد الكهنة كبيرًا. لا تُعط للكاهن مجالا للنميمة أو الانتقاد المرير لأن هذا يؤذي نفسه. ليفتح قلبه لمطرانه الذي ليس عنده حاجة ليتحيّز لأحد الكهنة أو يُهمل، ولكنه بشر ولا يعرف كل شيء. أَعطِ للمطران فرصة ليحبّه.

أَعطِ لأخيك المؤمن فرصة ليحبّ الإكليروس كي نبقى أُمّة ملوك واحدة. لا تترك مجالاً للثرثرة أو الحقد أو الحزبيّة في الكنيسة. وإذا كانت الرعية منقسمة لأسباب عائلية أو سياسية فالاجتماع الكنسيّ هو الفرصة المُثلى لتوحيد الناس. وإذا كانت معموديتنا واحدة فعيشنا واحد ويصير عطاؤنا واحدًا بنعمة الله.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

الغنيّ ولعازر/ الأحد 30 تشرين الأول 2011/ العدد 44

مَثَلٌ من لوقا، والمَثَلُ في الأناجيل حكاية ألّفها يسوع لم تكن محكيّة في الشعب. يصوّر فيها إنسانا غنيا وآخر فقيرا. الغنيّ يلبس الأُرجوان والبزّ وهو الحرير، «ويتنعّم كل يوم تنعّما فاخرا». الغنى الفاحش باللباس والطعام والمأوى والأثاث. هذه كلها متعة يومية.

يصوّر الإنجيلي الى جانبه فقيرا مطروحا عند بابه. كان مطروحًا لأنه كان مُصابًا بالقروح. كان جائعًا دائمًا تأتيه الكلاب لتلحس قروحه. نحن مع مرض شديد يُعرّض صاحبه الى عشرة الحيوان. اسمه لعازر اي الله هو الأزر أي العون. لعل لوقا أعطاه هذا الاسم ليدلّ على أن الفقير ليس له إلا الله.

«فنَقَلَتْه الملائكةُ الى حضن إبراهيم». هذه عبارة عند اليهود ترمز الى سكنى الملكوت. كان الفقير إذًا من عُشراء الله. الإنجيلي أراد أن الفقراء اللهُ رِزْقُهم ومُعينهم.

ثم جاء في النص أن الغني «مات فدُفن». وقال لوقا انه في الجحيم وهي في لغة العهد القديم مملكة الموت، وأَوضح انه في العذاب. لا يقول الإنجيلي لماذا هو في العذاب، ولكن مما سبق في النص الإنجيليّ نفهم أنه لم يكن يُشفق على الفقير ولم يكن يلحظه مطروحًا قرب باب قصره. هذا الغنيّ توجّه الى إبراهيم ورأى الفقير في حضنه. اشتهى أن يكون في الملكوت، ولكنه لا يستطيع أن يُلغي العقاب الذي استحقّه في دنياه، وأوضح الكاتب هذا بقوله: «بيننا وبينكم هوّة عظيمة قد أُثبتَت». اشتهى أن يغيّر ذووه الأغنياء مثله سلوكهم باقتبالهم رسولا من السماء. سأل هذا إبراهيمَ الذي يقتبل في حضنه أبناء الملكوت.

أتى الجواب قطعيًّا: «عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا منهم». يقصد بموسى والأنبياء كُتُب العهد القديم التي تُعلّم الرحمة وكيف يخلص بها الانسان ليس أن الله بطبيعته شديد العقاب ولكن الخطيئة تُعاقِب صاحبها وتمنعه من رؤية الله ومن مُشاركة القديسين. كان لوقا كثير الوضوح بقوله عن أهل الغنيّ وأصحابه: «إن لم يسمعوا من موسى والأنبياء فإنهم ولا إن قام واحد من الأموات يُصدّقونه».

نحن نُمتَحن على محبتنا التي نُظهرها في هذه الدنيا. فإن وُجدتْ فينا على الأرض تبقى في النفس التي يستردّها ربنا اليه، ومحبتنا الباقية فينا هي خلاصنا. والمحبة هي أولا أن نرى الآخر وحاجاته وأن نجعله يحسّ أنه أخ وأن ما لنا هو له. إنه شريكنا في ما نملكه. وهي من حقّه علينا. إذا حصلنا على ثروة فنحن أُمناء عليها لا في سبيل ملذّاتنا ولكن في اعترافنا أنها أمانة لجميع الذين هم معنا وحولنا إذ لا يجوز أن يبقى أحد بلا طعام وكساء ومأوى.

ما لنا ليس في خدمتنا وحدنا. إنه للإخوة جميعًا ولا سيما للمعوزين الذين نحن وكلاء الله في خدمتهم حتى نُمجّد الله بما أَعطينا ويُمجّدوا هم بما أَخذوا.

Continue reading
2011, مقالات, نشرة رعيتي

مِن سيرة بولس/ الأحد 23 تشرين الأول 2011 / العدد 43

في رسالة اليوم يقول بولس الرسول انه بَشّر أهل غلاطية بالإنجيل. هو يدُلّ بهذه الكلمة على تعليمه ولا يقصد الأناجيل الأربعة التي لم تكُن مدوّنة عندما أَرسل هذه الرسالة الى أهل غلاطية. ثم يقول انه لم يتسلّم هذا التعليم من إنسان ولا من واحد من الإثني عشر، بل تسلّمه من الرب مباشرة اي بإعلانٍ أَعلنه له السيّد.

ويُثبت هذا الكلام بأنه لما كان في ملّة اليهود كان يضطهد كنيسة الله بإفراط ويُدمّرها، ونحن نعلم هذا من أعمال الرسل حيث قال هذا. فلما ظهر له المُخلّص على طريقه من اورشليم الى دمشق حوّله الى تلميذ له لم يوجد آنذاك في حماسته وإخلاصه وسعة علمه وعمق لاهوته أحد.

هذا لمس عند ظهور الرب له على طريق دمشق أن الله أَفرزه اي اختاره من جوف أُمه ليكون له تلميذا ودعاه الآب بنعمته أن يُعلن ابنه فيه ليبشّر به بين الأمم الوثنية، وبهذا أخذ في ما بعد تفويضًا من التلاميذ حتى قال: «لساعتي لم أُصغِ الى لحمٍ ودمٍ» أي لم أَسلُك حسب انفعالات بشرية، ولكن أَسلمتُ نفسي لصوت يسوع وأمره.

كان بولس يعرف أنه أساسيّ أن يتّصل بالرسل ليوحّد نفسه بهم لا ليأخذ منهم سلطانًا إذ اتخذ هذا السلطان من المسيح مباشرة. ويوضح أنه من دمشق انطلق الى ديار العرب. ويعتقد المفسرون أن هذه الديار هي حوران وكانت في الإدارة الرومانية تسمّى العربية.

ماذا فعل هناك؟ ربما وجد بعض المسيحيين القلائل وعايشهم لأن حوران ليست بعيدة عن دمشق. وما من شك فيه أنه كان يصلّي ويختلي بربّه ويعلن له ربّه حقائق الإيمان، وهذا يؤكد ما قاله في مطلع هذه الرسالة.

ثم يقول: «إني بعد ثلاث سنين صعدتُ الى اورشليم». هو لم يقضِ سابقًا، أي بعد تنصّره، وقتًا في اورشليم. وذهابه اليها بعد هذا الغياب الطويل كان هدفه أن يزور بطرس. معنى ذلك أنه كان يعرف أن بطرس لم يكن قد غادر فلسطين في السنين التي قضاها بولس في ديار العرب. عرف بولس ذلك بطريقة ما. فقال: «أَقمتُ عنده خمسة عشر يومًا، ولم أرَ غيره من الرسل سوى يعقوب أخي الرب» (اي نسيب الرب يسوع).

ماذا كان يعمل بولس هناك؟ لا شك أنه كان يصلّي كل يوم مع بطرس ويتحادثان في اللاهوت.

الى هذا يدلّ هذا الكلام على أن بقية الرسل كانوا قد غادروا فلسطين الى بلاد التبشير. ولا نقرأ في أعمال الرسل أن بولس استطاع أن يتصل بأحد منهم، ثم نراه على علاقة مع بطرس في أنطاكية.

نستدلّ من هذا الكلام أن بولس سعى أن يبقى ملاصقًا للرسل. نحن نبقى مع كنيسة الرسل التي هي كنيستنا. لا نستطيع ان نعيش بعيدين عن الإخوة. إنهم جسد المسيح.

Continue reading