بشارة بولس/ الأحد 28 كانون الأول 2008 / العدد 52
العبارة لا تعني كتابا مدوّنًا. الأناجيل المدوّنة والمقبولة في الكنيسة أربعة. وليس واحدا منها كان معروفا في ايام بولس. ما يسمّيه الرسول إنجيله هو تعليمه عن الإيمان بيسوع وموته وقيامته. وما دعا اليه بولس في الرسالة الى اهل غلاطية والرسالة الى أهل رومية اننا مبررون بالإيمان بيسوع المسيح وليس بناموس موسى.
وفي هذا كان يعتمد مجمع اورشليم الرسولي الذي اجاب عن سؤال كان مطروحا في الأوساط الكنسيّة: هل الوثني يصير يهوديا اولاً (بالختان) ويتبع تاليا فرائض العهد القديم، ام يعتمد توا ويتبرّر بالإيمان؟
هنا، في هذا المقطع، أراد بولس ان يقول ان إنجيله، اي مضمون تعليمه، لم يأته من إنسان ولم يتعلّمه من إنسان. وكان عنده سابقا لانعقاد المجمع الرسولي وتبنّى المجمع فكر بولس. ما أتاه من انسان ولكن بإعلان يسوع المسيح. هل يعني هذا إعلانا واحدا لمّا اهتدى بولس بظهور يسوع له على طريقه من أورشليم الى دمشق، اي على الطريق المستقيم التي تمر امام بطريركيتنا وتنتهي عند باب شرقي، أم يقصد عدة إعلانات بعد ان لجأ بولس الى «ديار العرب» ونرجّح انه اقليم العربية اي حوران كما كان يسمّى في الإدارة الرومانية.
من الطبيعي انه كان في حوران مسيحيون لقرب المنطقة من دمشق. بولس لم يرَ المسيح في الجسد ولم يسعَ لمّا عمّده حنانيا أن يصعد من دمشق الى اورشليم. كانت له علاقة وجدانية مباشرة مع السيد. وما كان في يديه شيء مكتوب من الرسل.
ان معرفة بولس للمسيحية تبقى لغزا ابديا. غير ان رسائله تدل على ان شيئا اساسيا من المسيحية بلغ المسيحيين الذين ارسل اليهم رسائل. يعرفون بالأقل ان السيد اقام العشاء السري ثم مات وقام من بين الأموات وظهر لبعض من التلاميذ. بولس لم يكن منشئا للرسالة المسيحية كما ادّعى بعض اهل الغرب ولكنه كان كاشفًا للمعاني والعقائد التي تتضمّنها الأحداث الخلاصية الأساسية.
الى هذا عاد من حوران الى دمشق. ماذا عمل في دمشق؟ لا احد يعرف. غير انه يقول: «بعد ثلاث سنين صعدت الى اورشليم لأتعرف ببطرس». لماذا بطرس وحده؟ في الإصحاح الثاني يذكر «المعتبَرين أعمدة» ويقول انهم لم يشيروا عليه بشيء . اعترف اذًا الرسول انه كان في اورشليم.
من هم المعتبَرون أعمدة؟ هم يعقوب وصفا ويوحنا (غلاطية 2: 9). هؤلاء الثلاثة هم المذكورون في الإنجيل ان الرب يسوع اصطحبهم الى العجائب وجبل التجلي. فعلى ذكر بولس ان إنجيله من الآب ومسيحه عرض إنجيله على النواة الرسولية لئلا يكون قد سعى باطلاً. مهما كان الانسان عظيمًا عليه ان يراجع التراث.
Continue reading