في الايمان والصلاة والصوم/ الاحد 29 آذار 2009/ العدد 13
هذا الشاب الذي يقول الإنجيل إنه كان فيه روح شرير وتظهر عليه علامات داء الصرع، سأل الرب أباه إن كان يؤمن أو كان يستطيع أن يؤمن. أجاب: «اني أؤمن يا سيد فأغِث عدم إيماني» بمعنى ضعف إيماني أو قلّته.
كان يسوع يريد أن يهب هذا الرجل شفاء ابنه تلبية لإيمان الوالد، وفي مواضع كثيرة جعل السيد الإيمان شرطًا للشفاء أو حافزًا للشفاء لكون الإيمان أهم من صحة الجسد. أراد هذا الرجل أن يتقوى إيمانه بنعمة يسوع. كان هذا الوالد يعرف أن أمورًا حياتية كثيرة تُلهي الإنسان عن إيمانه، وكان يعرف أيضًا أن الإيمان عطية الله. بكلام آخر يتشدد الإيمان إذا كافحنا ضعفنا فيه، يتشدد بمحبتنا لله، كما أن الإيمان إذا نزل يدعم المحبة. هناك طريق ذو اتجاهين بين الإيمان والمحبة.
في هذا الإطار قال يسوع لتلاميذه إن هذا الجنس (من الشيطان) لا يمكن أن يخرج إلا بالصلاة والصوم. طبيعة الصلاة أنها تُدخل الله إلى القلب، والقلب المستـنيـر بـالله يـقوى على الوجود كله. الرب إذا حلّ فينا يطرد أعداءه الذين يعشّشون فينا، فلا يبقى مكان إلا لله، فإذا فعلنا في الوجود يكون الله ذاته قد فعل، نصير جسره إلى هذا العالم وإلى قوى الشر التي فيه. المعروف أننا نحاول أمرًا أول هو ان ننقّي القلب ليستقبل الله، وأمرًا ثانيًا ان الرب إذا جاء هو أيضًا يطهّر القلب.
الشيء الآخر ان قوة الصوم فينا تحلّ فينا ثمرةً للصلاة -هي تمكّننا من أن نصوم. والحركة العكسية صحيحة أيضًا وهي أننا إذا كنا في حالة الصيام تحنّ النفس الى الصلاة. فإذا فرّغنا الجسد من الطعام وسلكنا في طريق ضبطه، نكون في حاجة إلى أن نملأ الكيان من شيء غير الطعام، وهذا لا يمكن أن يكون إلا الله. إنه هو الذي يجعل لنفسه مكانًا فينا. وإذا كنا حقًا محصورين بالإمساك وهاجمَنا روح الشر، نفكّر عند التجربة أننا لا نستطيع أن نصبح في تناقض -كيف نخطئ وقد دعونا الرب أن يجعل لنفسه مسكنًا فينا. الصلاة والصوم متشابكان متلاحمان.
وقد فتحت لنا الكنيسة أبوابها لنا في هذا الموسم المبارك لكي نأخذ المعاني الإلهية بترداد صلاة النوم الكبرى مع الجماعة والمشاركة في القداس السابق تقديسه. فهذه الفترة تكثيف للصلاة، فترة وعي ونباهة حتى يزيد شوقنا إلى الله ويدفعنا الشوق إلى مخاطبته. من يقول: إني اشتقت إلى الرب وأريد أن أكلّمه مع كل إخوتي في الكنيسة لأني أرجو أن يكلّمني هو ويهزّ ضميري ويعطيني الفرح على رجاء الفصح.
الفصح «عيد الأعياد وموسم المواسم» لأنه النور الإلهي الذي يرتسم على وجوهنا، ويمكّننا انتصار القيامة من رؤيته.
كل صلاة مفروض انها فصحية بمعنى انها مقتبسة من قوّة موت السيّد وقوّة قيامته. السيّد الظافر هو الذي يبعث بروحه القدوس الى قلوبنا ليشفع بنا. لذلك نستهلّ كلّ خِدَمنا في الكنيسة باستدعاء الروح القدس (أيها الملك السماوي). المصلّي انسان يكشف ان الله موجود في العالم في قديسيه.
Continue reading