رجاء الوحدة المسيحية/ الأحد 26 كانون الثاني 2003/ العدد4
انتهى في الـ 25 من هذا الشهر اسبوع الصلاة من اجل الوحدة المسيحية. وقد قامت، هنا وهناك، خدم مختلفة على رجاء هذه الوحدة. ولعل بعضا تعبوا من الحواجز القائمة بين الكنائس وكأنها ابدية.
غير ان ما يميز هذا الأسبوع كما اراده مؤسسوه دعوتهم ان يصلي المؤمنون للوحدة كما الله ارادها اي انهم لم يقدموا صيغة ادارية محددة للعالم المسيحي اذا اجتمع. ومن الواضح ان موضوع الصيغة الإدارية هو الشائك بالدرجة الاولى اذ كل من الكنائس الكبرى يقترح صيغته صورة عن الوحدة. الكثلكة لا ترى وحدة بلا رئاسة البابا العالمية وعصمته. الارثوذكسية لا تفهم الوحدة الا على اساس استقلال البطريركيات في وحدة عقيدة وأسرار.
طبعا ليس هذا الموضوع الوحيد. هناك فروق اخرى لأن الغرب حدد عقائد في الألفية الثانية التي تلت الانشقاق ولم يجتمع الشرق ليتدارسها ومنها العقيدة المتعلقة بالمقام البابوي. فمن بعد المجمع الفاتيكاني الاول المنعقد السنة الـ 187. ما كان مجرد ممارسة بابوية اي بسط سلطة عالمية للأسقف الروماني على العالم الكاثوليكي أضحى عقيدة ملزمة للمؤمن. فحدث شرخ.
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل نستطيع ان نجد كلاما جديدا يكون فيه لأسقف روما مقامه الشرعي وتبقى فيه لكنائس الشرق وربما لغيرها ذاتية وجود تشعرها بأنها تنسق مع روما ولكنها تبقى أمينة لما استلمته من تراث الرسل والآباء؟
اذا اردنا وحدة واقعية نحياها في الوحدة والتنوع الشرعي لا بد من ان نلاحظ اننا لا نستطيع ان نذيب الكنيستين في قالب واحد فهناك مسيحية غربية ومسيحية شرقية ولكل منهما خصوصيات. ربما تعلمنا من بقاء الكنائس على معالمها خلال الف سنة ان هناك هامشا كبيرا من الفروق لا مهرب منه. فالغرب لن يعمد بالتغطيش مثلنا ( وفي رأيي هذا هام) ولن يناول بالخبز الخمير (وعندي ان هذا امر هام). هذان مجرد رمزين لوجود ذهنيتين مختلفتين في المسيحية الواحدة.
هناك ضرورة لنتمسك بالأشياء الضرورية كليا ونهمل الأشياء الأخرى الى حرية الكنيسة الأخرى. ما هو الضروري جدا وما هو الأقل ضرورة؟ هذا امر متروك للمناقشات والتفاوض بين الكنائس.
مع هذا يجب ان نعلم ان هناك حواجز لا تأتي من الفكر اللاهوتي ولكنها تأتي من القلوب المتنافرة. الارثوذكس يهيمن عليهم في بعض بلدانهم (مثل روسيا واوكرانيا) ان للكثلكة مطامع في البلدان الارثوذكسية. هو نوع من عقدة الصليبية التي يرى الارثوذكسي ان الغرب لا يزال يمارسها عليه. الى جانب ذلك عداوات قومية تحتاج إزالتها الى بعض الوقت. مثل عليها العداوة القائمة بين الكروات والصرب.
نحن في هذه المنطقة تحررنا كثيرا من هذا ونعيش اجواء ثقة. ولكنا نحتاج الى توعية كبيرة ليفهم كل منا حقيقة كنيسة الآخر. غير ان ما نلحظه في كل الاوساط ان الماروني او الكاثوليكي يسر بالنهضة الروحية الصائرة عندنا وان الارثوذكسي يبتهج مثلا للإصلاح الطقسي الذي تم عند الموارنة. والكل يفرح بالانتاج اللاهوتي والروحي الذي يظهر منذ عدة سنوات عند جميع المسيحيين.
ما من شك اننا كلما قوينا بالمسيح كل منا في عشيرته نقوى على الخوف القديم او الغطرسة القديمة ونضم الآخر الى قلوبنا. وهذا من شأنه ان ييسر التقارب الفكري عند الفاهمين الى ان يوصلنا الرب الى يوم حنانه في الوحدة الكاملة.
Continue reading