Monthly Archives

February 2015

2015, جريدة النهار, مقالات

أحد الأرثوذكسية / السبت في ٢٨ شباط ٢٠١٥

هكذا في كنيستنا نسمّي الأحد الأول من الصوم الذي نحن فيه ويعني أحد استقامة الرأي. تسمية قديمة جدا سابقة للانفصال القائم بيننا وبين المسيحيين الآخرين. أنت لست مستكبرا اذا آمنت انك في الحق. انت تشهد ليس لنفسك ولكن للإيمان الذي ورثته من الله. بهذا تعود إلى الله لا إلى كبرياء جماعة ان وجدت الكبرياء.

أنت لا تستصغر أحدا اذا قلت انك في الحق. في ذلك انت شاهد لله فقط الذي هو وحده جعلك ما أنت. لعلها مناسبة لأقول اننا ندعو الله الا يجعلنا في استكبار. أنت لست كبيرا في نفسك. أنت كبير بالنعمة. هذه مناسبة لأقول ان ايمانك بأنك موفور النعمة لا يستدعي شعور عظمة قائمة فيك. العظمة التي نزلت عليك ليس لك فيها فضل. وأنت لا تلازمك عظمة اذا تواضعت. البشر من لحم ودم وليس فيهم شيء. العظمة في ما ورثوا.

فإذا استكبر فريق منا نحن المسيحيين في ما أخذ يكون شكورا. اما اذا استعظم نفسه يكون قد سقط. الله عدو المستكبرين لأنهم استكبروا ولكنه ليس عدو من افتخر بالحقيقة التي نزلت عليه.

فإذا استعظم أهل الأرثوذكسية أنفسهم يضربهم الله. اما اذا شكروا العظمة النازلة عليهم يعليهم. أنت لا تمتلك الايمان المستقيم الرأي لتتعظم به. هو يملكك اذا شئت وتواضعت. دائما كان هم الكنيسة بقاءها في استقامة الرأي لأنه هو استقامة الإيمان والقلب. هذا افتخار بالله وليس استكبارا على أحد. انت لا تدين الذين ليسوا على الإيمان القويم. لم يصل إليهم. هم في سرّ الله وهو يتدبر مصيرهم. وليس عليك حرج ان افتخرت بإيمانك لأنه اعطي لك. هذا يزيدك إصرارا عليه وأنت لا تدخل السماء بفضلك بل بفضل النعمة عليك.

ويل للمستقيم رأيه اذا ادعى أو استكبر. هذا ليس له. انه أعطيه. اما لماذا هو حبيب الله فالجواب عند الله. والله لا يعطي أحدا حسابا. أنت تشكره ان عرفت انك له والشكر أيضا من نعمته عليك.

نحن الأرثوذكسيين لا ندعي شيئا ان كنا فاهمين. لا نقول اننا أفضل من الآخرين. ما عندنا ليس منا، ورثناه من الله وهو في ذلك حر. لا نسأله لماذا أعطانا، لا نعرف. وأنت لا تسأله اذا لم يعطك. هو يعرف.

ليس أحد يعرف لماذا هو في استقامة الرأي. هذا فضل الله عليه. وليس أحد يعرف لماذا لم يرث هذا الفضل. هذا شأن ربي. وليس من حق أحد ان ينسب إلى نفسه جمال انتسابه إلى الإيمان. هذه نعمة لا يملك ان يسبر غورها.

إذا دعاك الله إلى استقامة الرأي فلا شأن لك في ذلك. أنت تتقبل النعمة وتشكر. سر الله وحده إذا أقامك في بيته. مصير الذين لا يظهرون انهم في بيته لا تعرفه. هؤلاء ليسوا في معرفتك. انهم في الرحمة. لماذا نزلت عليك استقامة الرأي وعلى ذويك من قبلك. لن تعلم شيئا عن هذا. أنت فقط تشكر.

هنا أود ان أبدد سوء فهم قائما. أهل الإيمان المستقيم لم يقولوا يوما انهم أفضل من سواهم أو أقرب إلى الله. قالوا ان ما يؤمنون به هو ما انزله الله عليهم. هذا شأنه وليس شأن أحد. هم ليسوا في حالة ادعاء. هم في حالة شكر. اما لماذا أدخل المسيح إلى حظيرته قوما ولم يدخل آخرين فهو وحده يعلم. في كنيستي نميز بين المستقيمي الرأي والذين هم على رأي آخر ولا نقول غير المستقيمي الرأي. ولا نقول ان الذين ليسوا على استقامة الرأي ذاهبون إلى الجحيم. الله وحده يعرف هؤلاء.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

الصوم / السبت ٢١ شباط ٢٠١٥

أنت تفرغ نفسك من الطعام أو من بعض من طعام لتعترف أنك فقير إلى خبز الله. الامساك رمز إلى فقرك اليه. انه ترويض النفس على فقر إلى ربها وإلى الآخرين. لذلك يوم غد، عشية دخولنا هذه الرياضة نستغفر الآخرين في طقوس كنيستي لأنهم ان غفروا لنا يؤذنون لنا بدخول الصوم فقراء ذلك اننا ان جعنا نروض أنفسنا على اننا جائعون إلى رحمة الله.

لا معنى للصوم الا اذا مارسته اقرارا بخطيئتك. هذا الاقرار بدء تبرئتك إلى ان يلبسك الله نفسه. أنت تجوع إلى الله لا إلى طعام. كل ممارساتنا ترويض إلى ان نتسربل الله بنعمته أي إذا ارتضانا. أنت لا تكسب الله بالصوم. هو يكسبك بمحبته. دائما كان هو البادئ والإيمان ان تتقبل.

عشية غد الأحد يجثو كل منا أمام من حضر صلاة الغروب ويستغفره بكلام واضح ويقبله تقبيلا حتى يدخل الصيام بالحب. الامساك هو المبتغى. توبتك إليه وإلى الله معا تؤهلك للامساك. بلا إله عائد اليك أنت في نظام طعامي آخر. بلا وجه تحبه ما أنت بصائم. بلا وجه تحبه ليس لك فصح. بلا وجه تحبه لست بشيء.

ان تمسك يوم الاثنين القادم عن طعام هو ان تمسك عن الخطيئة لأن الخطيئة كانت طعامك. ان تعف لا تعني شيئا الا اذا أردت بعدها لقاء مع وجه هو وجه ربك لأنه وحده يراك بحب.

ليس الطعام أو الامساك بشيء ولكنا نرجو ان امسكنا بحب الله ان نلتقيه لأن الموسم امتناع عن طعام الجسد لنستقبل الرب في الكيان. واذا كان الفصح فرحا فالصيام استعداد للفرح كما تكون صلاة العرس عندنا استعدادا للزواج. لسنا ضد الجسد. نحن لترويضه. كيف نكون ضد الجسد وقد لبسه المسيح! نحن ضد اهتراء الكيان بالخطيئة لأن الخطيئة ضد محبتنا لله.

من صام يؤمن بترويض الجسد وليس ضده ولا يستطيع لأن الرب لبس جسدا. ليس الأكل ولا الإمساك بشيء. كل شيء ان تحب الله والصوم عندنا وسيلة نتربى فيها على هذه المحبة وقد فسرنا نحن في بدء المسيحية انك تصوم لكي تعطي المساكين ثمن الطعام الذي أمسكت عنه. ان أهملت الفقراء لست بصائم.

قال عظيم في المسيحية باسكال الفرنسي: «أحببت الفقر لأن المسيح أحبه». أنت تحرم نفسك لتحب. ما عدا ذلك شكل. نحن لسنا ضد اللذة. نحن ضد الاستلذاذ. لسنا ضد الجسد ولكن ضد السعي إلى الجسد سعيا مجنونا.

هنا لا بد من ان يتنبه المؤمنون ان المطلوب الحقيقي في هذا الموسم ليس الامساك وحسب ولكن المطلوب وجه الله. أنت تربي نفسك على طلبه لأنه المتروك الأول. لذلك لا بد من تذكير أنفسنا على ان رياضتنا الاولى ليست الامساك بل قراءة كلمة الله. نحن لا نجوع إلى طعام. هذا تتربى عليه. نحن نجوع إلى كلمة الله. لذلك كان لا بد لنا ان نفهم اننا نمسك عن أطعمة في سبيل أكل كلمة الله. الله، الله ولا شيء آخر. ولذا يؤذيني من أمسك عن أطعمة ولا يستمع إلى كلمة الله ويقرأها وبهذه القراءة وحدها تعوض عن جوعك.

ليس في المسيحية ممارسة الا في سبيل المحبة، محبة الله والاخوة. كل شيء آخر زينة. المحبة حتى لا تبقى كلاما يجب ترجمتها افعالا ومن هذه الصوم. صح ان الصوم في غايته لله ولكنه في تنفيذه للإخوة، للعطاء.

الجسد منفصلا عن القلب لا يعنينا. وان نحب الله ولا نترجم هذا عطاء للإخوة غالبا ما كان وهما. ان كنت لا تحب أخاك الذي تراه كيف تحب الله الذي لا تراه. أنت مع الآخر في حضرة الله. ان أقصيت الآخر عن محبتك ليس لك اله. خذ الآخر معك واذهب إلى الله. حتى تصل.

المسيحي السطحي يظن انه يصل بممارسات. هذه قمة الأوهام. أنت تصل بالحب لأنه الغاية والوسيلة معا. ولكن لا تنسَ ان الحب لا يبقى في الفكر وحده، يتجسد بالالتفات إلى الآخرين ان لم تخرج من غرفتك إلى الآخرين لست بمحب. لذلك طلب يسوع إلى من أراد ان يحبه ان يترك أباه وأمه أي ان ينسلخ عن المودات التي تبعده عن الله. دائما يجب ان تذهب عن أشياء، عن ناس لتلتقي المسيح. لا بد لرؤية الله من ان تنسلخ. ان بقي من هذه الدنيا ما يلصق بك لا رؤية لك لله.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

الدينونة / السبت في 14 شباط 2015

غدًا في كنيستي يرفع اللحم عن الموائد استعدادًا لدخول الصوم الكامل بعد أسبوع. ويقرأ في هذا اليوم فصل من إنجيل متى موضوعه الدينونة كأن الكنيسة تريد اننا بولوجنا الصوم نطلب التوبة التي ترفع عنا الدينونة. بمعنى أفصح، النفس هي الصائمة والإمساك عن الطعام رمز للعفة المبتغاة. ليس الجسد عندنا مستقلا عن النفس ولا النفس عن الجسد ولذلك إذا ابتغينا التوبة يكون الصوم عندنا رافدها. الكنيسة الشرقية فاهمة عميقا ان النفس لا تكتفي بذاتها بلا إمساك.

ولكننا لسنا مهووسين برفع اللحم. لذلك كان همنا تأمل دينونتنا الجارية اليوم لا غدا فينا. صح اننا نقرأ الإنجيل المتعلق بالدينونة الآتية. الا اننا نؤمن مع بولس ان الله يدين سائر الناس اليوم لأن دينونتنا ليست حدثا آتيا وحسب ولكنها قائمة في مواجهة الله اليوم. الله ديان ليس بمعنى انه يحاسب وحسب ولكن بمعنى انه يفصلك عن الباطل فيك ويشدك إليه.

ليست الدينونة محاكمة بالمعنى الذي يعرفه البشر أي ان يرصفك الله في الصالحين أو الطالحين ولكن الدينونة كانت ليرفع الله عنك الإدانة ويجعلك له. ولذلك لست له ما لم تنكر الشر الذي فيك ونتطهر لترى وجهه. الإنجيل يتكلم عن الدينونة آتية. ذلك ان الرب سيأتي ويدين. ولكن الرب أتى ولهذا لك ان تقول: «تعال أيها الرب يسوع».

لقد ركزت الكنيسة على هذه التلاوة الإنجيلية لتقول لنا ان الصوم كله لا معنى له الا التطهر وانك تدخل فيه لترفض الخطيئة وتقبل البر الذي في المسيح يسوع.

واضحة الكنيسة في كل ممارساتها ان المبتغى قيامة النفس من الخطيئة لتستطيع رؤية الرب. نحن لسنا مهووسين بالخطيئة كما يتصور الكثيرون. نحن البر همنا ونفهمه آتيا من قيامة المخلص إذا حلت فينا.

يجب ان تفهم كل ممارساتنا كالإمساك عن طعام انه سبيل إلى الله لسبب كوننا نطلب الطعام الإلهي. الجسد مستقر لله. لذلك لا نستخف بالصوم قائلين ما الجسد. الجسد مقر المسيح. لذلك نهذبه مع النفس ليقوى في خدمته لها.

ليس عندنا في الكنيسة نظام طعامي. كل جهد موجه إلى انتصار النفس في جهادها لرؤية الله. ولكننا جديون في فهم الجسد، في كونه مقرًا لله ويرتفع الله فيه. نحن نعرف الجسد مدعوا إلى المجد أي إلى مجده في المسيح. لم يكن المسيح نفسا فقط. كان جسدا ومات وقام في الجسد. وليس أحد مثلنا يقيم وزنا للجسد اذا سار وراء الله.

ليس عندنا شيء ضد اللحم. نحن نذهب إلى ما فوق الجسد، إلى رؤية وجه الله. نطلب الروح الإلهي ليسكن أجسادنا ونرى الجسد مقرا للروح القدس.

الإمساك عن اللحم تربية وليس غاية. وفي الحقيقة ان الصوم في البدء ما كانت غايته التقشف بل توزيع ثمن الطعام الذي تمسك أنت عنه إلى الفقراء. لا الخضار تقربك إلى الله ولا اللحم يبعدك عنه. على هذا الصعيد كل شيء رياضة إلى ان يملك الله جسدك. نحن ليست لنا عداوة مع البدن وهو هيكل الروح القدس كما يعلم بولس. اذا كانت الغاية الاتحاد بالمسيح فكل ما كان إليه وسيلة.

ليس الصائم ان لم يكن عفيفا قريبا من الله. أنت في هذا الموسم تدخل اذًا في رياضة كبيرة للنفس أي تبتغي عفتها، استقلالها عن الزائلات في الفكر والمحسوس. نحن المسيحيين نطمح ان نكون إلهيين ليس أقل من ذلك أي أحرارًا من الجسد ومن الخضوع للطعام وللنزوة. كيف يتم استقلالنا من هذا الجسد ونحن فيه هذا هو سؤال حياتنا.

نحن لا نصوم لنتحرر من الجسد ولكن من الشهوة وهي من النفس. من لم يفهم انه يمسك فقط محبة بالله أضاع كل جهده في الصيام. سؤال الصائم الوحيد هو هل أنا أصوم ابتغاء وجه الله؟ الإمساك عن الطعام وسيلة ممكنة لترى وجه الله وحده. الله حر من أشياء هذا العالم ومنا. أما أنت فموجود به. في أية لحظة تتحرر منه تموت. بلا إله دائم أمام عينيك أنت واقع في العدم.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

الله نور السماوات والأرض/ السبت في 7 شباط 2015

نسي الناس ان لله وحده ان يحيي وان يميت. فالحياة عطاء وأنت تتقبلها عندك وعند غيرك وينهيها فقط من أعطاها. انها نعمة أي انها ليست منك وترتضيها ارتضاء شكر والحقيقة عندنا نحن المؤمنين ان ربك في الموت لا يستردها الا بما هي منظورة لأنه في الحقيقة يحفظها عنده بسبب من رجائك للحياة الأبدية. ولذلك حرّم الله ليس فقط قتل النفس ولكن كل اعتداء على الصحة بالإهمال لكون النفس ليست لك ملكا ولكنها عطاء تنميه وترفعه ذبيحة لله.

من هنا ان العناية بالصحة بلا مبالغة واجب ألقاه الله عليك. كذلك العناية بصحة الآخرين ولا سيما الموكلين إلى عنايتك. لا يعني هذا ان لك ان تغرق في رعاية جسدك. واهتمامك ليس فقط خوفا من الموت ولكن قبولا لك من الله. صح انه يحييك ولكنه يريد ان تشاركه في هذا الإحياء. الله ما جعل نفسه بديلا عنك في إحياء نفسك. يعنى بك ولكنه لا يعطل مساهمتك في حفظ نفسك. ليس هو بديلا عنك لصيانة حياتك. هذه جبرية عمياء. الله لا يلغي الانسان.

نحن شركاء الله. هذا ليس شركا. لا تعلوا الله إلى حيث تشعرون انكم لا تقدرون ان تدنوا منه. ما هذا الإله الذي لا تقدر انت ان تقترب اليه حتى لو شعرت بلمسه؟ هل من معرفة بغير نوع من اللمس؟

أقرب الى المسيحيين ان يقولوا انهم يلمسون المسيح. ما ييسر عليهم هذا القول معرفتهم ان له جسدا. في الحقيقة لا فصل ممكنا بين جسد المسيح وذاته. جسده من ذاته. يبقى المسيحيون يهودا ان لم يحسوا انهم قادرون ان يلمسوا ربهم هذا. هذه أعجوبة المسيحية انها تدنيك من الله فيما هي تستبقيك على الأرض بالنعمة.

نحن المسيحيين لا نخشى القول اننا في الله. عندما نقول اننا نحيا بنعمته نعني اننا نحيا به لأن عقيدتنا تعلمنا ان نعمته غير مخلوقة. بكلام أبسط نعمته هي هو أي اذا قبلت نعمته تكون قد قبلته هو. كيف يكون هذا؟ كيف يلامس المخلوق الخالق؟ لا نفهم شيئا الا بالنعمة أي بما يفوق العقل. كيف نكون شركاء النعمة وهي غير مخلوقة؟ ليس عندنا جواب عقلي عن هذا السؤال ولا سيما ان الكتاب يؤكد اننا شركاء النعمة. كيف يتحد المخلوق بالخالق؟ لا أحد يفهم هذا الا بالنعمة. لا يكفي جوابك للبسطاء ان الله على كل شيء قدير. هل هو قدير ان يلامسك؟ اذ ذاك أين أنت؟

هل تبقى حيث أنت اذا لامسك؟ الا يكون قد أعطاك شيئا من الوهيته؟ ما معنى هذا وأنت لا تزال في جوهرك؟ الجواب التراثي غير المفهوم عقليا انه يعطيك ذاته. من هنا عندنا ان النعمة غير مخلوقة. كيف يتم الاتحاد بين المخلوق وغير المخلوق؟ ليس في العقل جواب. نقول ببساطة ان هذا تنازل إلهي بحيث ان الله يبقى ذاته ويعطي ذاته بآن.

هذه جدلية عميقة وغير مدركة ان نقول ان الله فينا وانه يعلونا. كيف يتحد ويضمنا اليه ولا يندمج؟ نجيب فلسفيا هذا جوهره. غير ان العاشقين يقولون انهم يتحدون به ولا يقلقهم السؤال الفلسفي. «الله نور السماوات والأرض» وأنت تقول بالنور لأنه تراءى لك. هذه مكاشفة لا ينقلها العقل. القلب المستنير هو عندنا مركز للفهم لأن الله انسكب فيه. الانسان يبدأ بفهم الله اذا صار إلهيا أي يفكر بما يفكر الله به. هذا فقط بدء بعده تأتي المعرفة أي ذوقنا لله ولكننا نذوقه اذا أحسسنا انه يذوقنا. هذه مسألة حب لا يفهمها الا العاشقون. واذا قلنا ان الله نور لا نعني انه تنازل للفهم العقلي. نريد انه نزل للكيان البشري بالحب. لماذا الله محبوب وليس معقولا؟ نحن لا ننفي ان ثمة ذرات حب في كلامنا عن الله والا لما أمكن الكلام.

العقل بعض من نور. لذلك كان الله فيه ولكن العقل ليس كل النور. النور يرى النور.

Continue reading