Monthly Archives

November 2015

2015, جريدة النهار, مقالات

السلام / السبت في ٢٨ تشرين الثاني ٢٠١٥

إذا قال المؤمن للمؤمنين السلام عليكم يريد به سلام الله لأن الرب وحده يعطي نفسك طمأنينة بمعنى انه يحررك من الخطيئة أولا ويمنع الشر من ان يفتك بك. لا بد للشرور من ان تأتي ولكن لها الا تؤذيك ان كنت مؤمنا. إذا قال المؤمن للمؤمن السلام عليك يريد بذلك سلام الله في نفسك لأن المخلوق لا يقدر ان يعطي المخلوق سلاما حقيقيا أو نهائيا. الناس في اضطراب فلا يستطيعون سلاما. فإذا قال لك أحد السلام عليكم يريد سلام الله القادر وحده ان يعطي النفس هدوءا حقيقيا.

لا يقدر أحد ان ينتزع سلامك منك ان كان من الله. يهزك، يقلقك ولكن ان سكن الرب نفسك يبقى فيها ان بقيت أنت في طاعته إذ ذاك لا يقدر عليك شيء أو أحد. نفسك لا تحيا روحيا بذاتها. الله وحده محييها ان قبلت أحياءه لها بالطاعة. سلامها ان ربها يسلمها من أذى الخطيئة. إذ ذاك هي منسجمة معه ولا يخجل المؤمنون ان يقولوا ان النفس هذه تألهت أي صارت قابلة النعمة وهي عطاء إلهي غير مخلوق.

ليس في الإنسان سلام في نفسه الا إذا نزل عليه من فوق لأن الإنسان متناقضات بالهوى أي بالتحرك الذي ليس من الله. وإذا بقي الإنسان غير تائب فمن أين له هدوء في النفس؟ التائب إلهيا متحرر من الخطيئة لذلك الدعوة إلى السلام لا مضمون لها الا إذا كانت دعوة إلى التوبة.

السلام السياسي بين شعبين مؤقت بطبيعته. يزول بظهور الهوى أي مطامع الشعوب. هو تهدئة مؤقتة في عالم السياسة المتغيرة بطبيعتها. في دنيا السياسة تعطيك الدولة الأخرى سلاما ان كان لها فيه منفعة. فإذا تغيرت منافعها تتغير سياستها.

السلام بين الدول ان لم يبق على القبول المصادق من الواحدة للأخرى لا يدوم. يجب ان تقنع كل شعب انه ليس وحده على الأرض وربما يجب ان يعتقد ان الشعوب الأخرى لها حق في الحياة. في الأخير السلام القائم على مصلحة الدول معرض للزوال. وحدها القناعة بأن للآخر حقا في الوجود تضمن السلام إلى حد بعيد.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

على رجاء القيامة / السبت في ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٥

ليس من عريس للكنيسة الا المسيح لأنه هو وحده الكامل. والكنيسة ليست عروسة كاملة له الا من باب التمني لأنها من التاريخ ولأن في أعضائها خطايا. في الحقيقة الكنيسة رجاء لا تتحقق الا في اليوم الأخير. وكلنا سائر فيها على رجاء القيامة والحياة الأبدية. بمعنى حقيقي الكنيسة مشروع والمشروع في طبيعته وتسميته غير كامل. الكنيسة لا تكتمل الا في اليوم الأخير أي عندما تقوم الأجساد عادمة الفساد. ولكونها مشروع الخلاص نحن فيها. ونحن بها في طريقنا إلى القيامة.

وأنت تأتي إلى القيامة إذا استنرت أي إذا تناولت جسد الرب ودمه لأن الرب قال: «أنا القيامة والحياة». الكتاب يعلم ان الذين أخذوا جسد المخلص هم المدعوون إلى قيامته. الذين لم ينالوا جسد الرب هنا ليس عندنا عنهم تعليم. هم في رحمته. لذلك على الرجاء نقول ان السيد يمد رحمته على من شاء. وعلى إيماننا في المخلص ورحمته نرجو الخلاص لمن أحبهم هو. الناس جميعا يأخذهم في رحمته. ربما كانت رحمته هي القيامة لمن لم يعرف التعليم عن القيامة. وهؤلاء هم أكثر الإنسانية.

نحن في اللاهوت العميق الأصيل ليس عندنا تعليم عن خلود النفس. هذا قول من الفلسفة اليونانية. تعليمنا نحن عن قيامة الأموات في أجسادهم كما ورد بوضوح عند بولس. بكلام آخر لم يرد شيء في الكتاب المقدس عن خلود النفس. الوارد كلام عن قيامة الأجساد بما فيها النفس. نحن لسنا خلوديين. نحن قياميون. هذا تعليم آخر.

نمر بالموت قصاصًا محتومًا وزوال الموت حتى القيامة الأخيرة. وقبلها ليس من نصر كامل. النظام الإلهي الكامل من بعد الخطيئة هو الموت والقيامة قبل اليوم الأخير وعد. والوعد شيء مما سيصير.

القيامة فينا اليوم ما هي الا المحبة. الأجساد لا تزال في القبور قبل هذا بالروح القدس الذي فينا نصبح قياميين أي ذائقون مسبقًا قوة القيامة. التوبة أولا هي القيامة الأولى. من هذه نسير إلى انبعاث أجسادنا.

عندما ترجو وأنت في المسيح يتحقق شيء من رجائك بالقداسة. في عمق الكلام القداسة إطلالة حقيقية على القيامة. لأن القداسة هي مشيئة الله. بكلام آخر القداسة بدء الملكوت فيك. بها أطللت. وحدتنا مع أهل السماء قداستنا وقداستهم.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

الصداقة / السبت ١٤ تشرين الثاني ٢٠١٥

الصديق كما افهمه هو من انفتح عليك لإحساسه بالقربى منك ولا سيما في الأمور العظيمة. من اقترب منك سطحيا، اجتماعيا لا يصل إلى هذه المنزلة. وتحس ان قلبك مفتوح له بحيث تسمح له أو تريده ان يدخل إلى أعماق نفسك ويقرأها ويناجيها. الصداقة تتم إذا في عمق النفس وتأخذها إذ لا خوف فيها على نفسها. تنفتح وتعطي لأنها تكون تحررت من الامتلاك.

على مستوى عال من الإحساس وربما من الخلق أنت تأخذ من الصديق كما تعطيه. المودة غير موجودة من جهة واحدة. إذ ذاك تكون عطفا أو حبا بلا تبادل وهذا أمر ممكن ولكن الصداقة تبدأ بشعور الحاجة إلى الآخر للأخذ منه وطبيعيا يرافقها العطاء. وهذا يعني ان ثمة في نفسيهما تلاقيا وجدانيا يصل أحيانا كثيرة إلى حد التساوي وان لم يكن هذا منفعة أو إرشادًا أو تعاضدًا حزبيا وما إليه.

الصداقة تبدأ بعطش لأن الآخر «أساسي حتى التنفس». وما لم تسع إلى تنفس من خارج نفسك فأنت تجف حتى الممات. المحبة إذًا أصل بشري فينا قبل ان تتجمل وتسمو بنزول الله علينا. الذين يحبون الله كثيرًا هم الأصدقاء الحقيقيون لأنهم لا يريدون ان يبيدوك أو يتسلطوا عليك. اما الذين عندهم سلطان يفرضون ما يظنونه عاطفة فهؤلاء ليسوا بأصدقاء.

تبدأ الصداقة بملاحظة الانسجام بين نفسين ولكنها لا تبقى الا عند القادرين على المحبة الحق المعطاء. لأنها ليست مأخوذة لنفسها ولكنها مأخوذة إلى الآخر بسبب مما يفوق الآخر أي بسبب الرب والا كانت تحكما. أنت في الصداقة قربان أي معطى للآخر وعند الكبار أنت معطى لأنك تذهب منه إلـى الله أو إلى الحق أي دائما في العطف ولكنك غاية بحد نفسك أي ان الصديق لا يجعلك لأجل نفسه ليستمتع بقلبك وبفهمك وقرباك ولكنه لك بسبب من قربه إلى الحق. وحيث لا حق لا صداقة. هناك استمتاع وقد يكون هذا بالمعنى الراقي ولكنه استمتاع.

أظن ان الصداقة جوع لأن الآخر أساسي في وجودك. تكتشف هذا مرة ولا تعرف السبب. ان كنت روحانيا تفهم ان العلاقة بدأت برؤية الحياة الروحية عند الآخر أو بقدرته على الوصول إليها. هذه هي العلاقة الأقوى التي لا تزول بزوال المنافع أو تغير الأمزجة إذ الصداقة العظيمة الله في أصلها ويبقى في نموها. ما خلا الله كل قربى استمتاع.

تبدأ الصداقة بالقربى تحسها. عند المؤمنين هي وحدة الإيمان إذا عظم وسعى الإنسان فيه إلى شريك وأعني بذلك قربى القيم أو وحدتها. ما عدا ذلك منافع في الأرض وتحالف في مصالحها ولا علاقة لهذا بالقلوب.

لذلك ليس من صداقة الا بين الطاهرين في نسبة من الطهارة كبيرة. والذين تقاربوا بسبب من منافع في الأرض يتباعدون إذا انتهت منافعهم.

إذا جاءت الصداقة من تقارب العواطف فقط تزول بزوال العاطفة. اما إذا أتت من القيم التي نبني عليها حياتنا فتبقى تابعة من القيم ولو تقلبت ظروف حياتنا. بلا قيم تتصدع الصداقة إذ تتعرض إلى صدمات كثيرة. لذلك كان الذين حاولوا تعليمي الحق يقولون لا صداقة بلا إله يحييها فيك ويغذيها. على هذا أقول ان ليس من صداقة الا إذا أنت من قيم نعرف نحن المؤمنين انها آتية من الله فصديقك قد يخطئ إليك. كيف تحفظه ان لم تسامح؟ أنت لا تحاسبه على خطأ تملكه هو في كثرة من الأحوال. قد تنخفض الصداقة عند قليلي الإيمان إذا اصطدمت بالمنافع المتناقضة. إذ ذاك تعرف انها لم تكن من الله. إذا لم تبق مشاهدا نور الله على وجه صديقك تخسره. في الأخير الأخير أنت في الصديق تحب الله. فتحس ان صديقك هو وجهه فهم أم لم يفهم.

Continue reading
2015, رسامات, عظات

كلمة المطران جورج (خضر) في رسامة الأرشمندريت يونان (أنطونيوس الصوري)، مطرانًا على أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما، دير سيدة البلمند، السبت في 14 تشرين الثاني 2015

سموك أسقفًا أي رقيبًا لكي تراقب سلوك هذا الشعب وتجعله أمة لله. هذا الشعب بسبب من خطاياه يعبد نفسه ولن يكون كنيسة الا إذا أنكر نفسه وصار أمة لله أي لا يعرف الا الله مرجعا له ولفكره وسلوكه.

جاء أهلك من صور حسب تسميتكم. أنت جئت من الله. وبهذه السيامة أعلنا انك خُصصت لله لا تعرف غيره. نقول انك راعٍ. ليس في الحقيقة من راعٍ الا الذي قال أنا الراعي الصالح. ان تشبهت به تصبح أسقفًا. أنت كذلك حسب النعمة من جهة وحسب الإمكان من جهة. لفتني دائمًا عندما كنت في جنازة كاهن ان وجهه مغطى بالستر أي بستر الكأس المقدّسة. ماذا يعني هذا سوى انك مدعو لتصبح قربانا لله وماذا يعني هذا سوى انك ذبيح أي مذبوحة فيك خطاياك لتصير للمسيح وحده. ان تكون للمسيح يعني انك ان رأيت مؤمنا يقبّل يدك لا تحس بيدك إذ ليس لك إلا يد السيد وبها تبارك لأنك لا تستطيع فعليا ان تبارك الا إذا صرت منزها عن الخطيئة. أنت لا تؤمن بفعل يدك. هذه استعارها السيد من جسدك ليبارك بها. اذهب إذًا وأنكر نفسك وتجرد من شهواتك. ان بقيت فيك لا تكون على شيء اجعل نفسك لا شيء ليجعلك الله شيئا برحمته.

اذكر انك مدعو ان تصير كيونان النبي خارجا من بطن الحوت في اليوم الثالث. الحوت هو الخطيئة. ان كنت متعلقا بها لن تكون على شيء. اخرج دائما منها حتى تحاربها في المؤمنين. فإن بقيت فيها لا تستطيع ان ترشد أحدًا. ان بقيت فيك الخطيئة لا تقدر ان تقول كلمة الله. أكثر من ذلك ان لم تصبح أنت كلمته لا تستطيع ان تقولها. هذا ينتج من قوله: الكلمة صار جسدًا. ليس فقط في الابن ولكن استنتاجا من تجسده مبتغى الله ان تصبح كلمته أنت. وهذا ممكن بالروح القدس.

تفويضك ان تطلب من الروح القدس ان يهيمن على زحلة بحيث تستلم ذاتها من المسيح. ان تكون زحلة للمسيح فقط هذه مهمتك. شرط هذا ان تصبح أنت للسيد وحده بحيث لا تكون آتيا من البشرة ولكن من النعمة. الخوف على المؤمنين أو بعض من المؤمنين الا تتمسك أنت بالنعمة التي نزلت عليك. صحيح ان المؤمن يجيء من ربه ولكنه يجيء أيضًا من أسقفه والكاهن ان بقيا مع الله. اذهب حاملا النعمة معك ولا تخف. الرب يكمل نقائصك. أحبب الرب وحده ولا تخلط به أحدا. عند ذاك تستطيع ان تصبح خادمًا للمسيح.

Continue reading
2015, جريدة النهار, مقالات

وجه الرب / السبت ٧ تشرين الثاني ٢٠١٥

من يرزقني ان أرى وجهك يا رب ولا أموت. ليس من وجه على الأرض صورة وجهك. ما رآك أحد قبل ظهور مسيحك. الأنبياء كلمات. ولكن أنّى لي أن أراك وأنا في الخطيئة؟ أنت أطللت في وجوه. هي صور. هذا يترك فيّ عطشا. أين تكون في عطشي اليك؟ هل كُتب عليّ ان أبقى جافا؟ وجهك يا رب أعطني.

غير اني اعرف اني في الخطيئة لا اراك. اذًا لست أعيش. متى أعيش؟ لماذا تحجب وجهك عن عيني؟ هل لأنهما جسد؟ لماذا اذًا تركتني في الجسد؟ هل تريد ان أموت قبل ان تأخذ مني روحي؟ كل ما عداك عذاب.

سأل ابنك الأعمى ماذا تريد. أجابه ان أبصر. ولكن اذا أنا سألتك ان تبصرني كيف أواجه عينيك؟ هل اذا نظرتا إلي يعني هذا لي الغفران أم يبيدني بصرك بسبب من الخطيئة؟ أنا لا استطيع ان ادنو من وجهك لأن من رأى وجه الله لا يحيا. كان هذا في القديم غضبا وأنت بعثت الينا من أتى بالرحمة. هل نزلت إلي بالرحمة؟ كيف أعرف اني لست ماكثا في الغضب؟ كيف أعرف انك قبلت أعمالي؟

فقير أنا يا رب ولن يزول فقري اليك لأني أكون قد وصلت وما وصل أحد. كيف ادنو منك وفيّ ما تكرهه؟ ما عندي غير هذه المشكلة حتى أموت. هل أموت؟ هل يموت أحد وأنت حياة المائتين؟ اكشف لي وجهك يا رب حتى لا أموت. لا تقبل أنت موتي. ضعفي هو موتي. هل تنهضني أنا الأعرج؟ إذا نهضت هل لي ان انظر إلى عينيك؟

أنا طريح هذه الأرض. كيف تنقذني من السقوط المتواصل؟ أنا بعيد يا رب. دعني اقترب لئلا أموت.

كل مسعى لنبقى في البشرة مستحقين باطل. أنت وحدك المتعة. لا تبقني خائفا يا رب من ضعفاتي لئلا أموت فيها ولكني أعرف اني لن اكتسب من قوة الا تلك التي تعطيها. لا تدعني إذا في فقري.

لا أحد من القديسين بديل عنك يا رب. ان أنا رأيت وجوه المقيمين في القداسة أعرف انها لا تكفي، انها ضعيفة. وجهك يحتوي كل الوجوه. ليس من وجه مخلوق يضيف عليك شيئا. كل حياتي ان أراك وأشبع. كل وجوه القديسين يا رب إشعاعات وليس في واحد منها نهاية. أنت لا تلغي الوجوه يا سيد. تسودها حتى نعود منها إليك ونستريح. وجهك لا يلغي وجها، يضيئه.

الفقر يا رب جوع. أنت قلت انك خبز الحياة. معنى كلامك انك أنت الحياة. دعني أشعر ذلك لئلا أموت. وجهك يا رب، وجهك.

Continue reading