الله هو كل شيء/ الأحد 27 حزيران 2010/ العدد 26
زارني الأسبوع الماضي 34 شابًا أردنيًا ناشطين في كنيستنا في بلادهم، جامعيين، وكانوا قد خيّموا في بكفيا، وطرحوا عليّ أسئلة في الإيمان. ومما قالوه ما يعني لك أن الله كل شيء. خلاصة جوابي هو الآتي: عندما يخضع المسيح لله الآب في النهاية في بشريّته حاملا البشر معه «سيكون الله الكل في الكل» (1كورنثوس 15: 21).
قلت لهؤلاء الشباب: سيكون الله كل حياتنا في اليوم الأخير. ولكن ما سيحصل في الأخير يبدأ هنا عندما يُنزل علينا الرب نعمته. والخطيئة تكون حاجزًا بيننا وبينه ونحن لا نرحب به أن يكون كل شيء فينا. وأما الذين يعيشون بالتوبة فيُكثّف الرب حضوره فيهم ويَسُودهم أي يصير مَلِكًا عليهم وتصبح أفكارهم وأشواقهم لله ولا يَقبلون في ذواتهم فكرًا غير فكر المسيح.
قال الشباب: كيف نحصل على فكر المسيح؟ قلت: هذا يحصل بأمرين: أن تقرأ الإنجيل كل يوم لأن هذا هو فكر المسيح، فاذا ملأ هو روحنا نستمدّ فكره ونصير من فكره. والأمر الثاني أن نصلّي على الدوام لأن الصلاة تُبدّد الفكر المغلوط وتُعيد إلينا استقامة الرأي.
ثم قلت لهم: هذا الاتحاد بيننا وبين المخلّص يتم في النفس ولا يطلب منا أن نصير جميعا رهبانا. هذا غير ممكن اذ يريد الرب أن ينشئ معظم الناس عائلات. فإذا أنت أحببت زوجتك وأولادك حتى النهاية كما أَحَبّ المسيحُ الكنيسة تكون مرضيا للرب وتكون عائلتك مرضية للرب، والعائلة التي تحيا هكذا كنيسة للرب.
الى جانب عيلتك، مهنتك تتعاطاها باستقامة وفهم وضمير حيّ وبها تُرضي الله. فلك أن تكون فلاحا أو نجارا أو تاجرا أو محاميا أو طبيبا وما الى ذلك ويَحضُر الله في حياتك المهنيّة تقوم بها بإشراف الله. وكل مهنة شريفةٌ إلا إذا قامت على السرقة والكذب، ولكن ليس من مهنة جوهرها السرقة والكذب اذا قمت بها حسب الأصول وراعيت فيها مصالح الناس واحترمتَهم وخَدمتَهم.
ففي الكنيسة إذا كنت تصلي، وفي دنيا العمل إن كنت مستقيما في أدائه، أنت إنسان واحد، وفي هذا الإنسان الواحد يسكن المسيح. اذكروا، قلتُ لهم، قول بولس: «انتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح لبستم». والتفتّ الى أحد الشبان الذي كان يرتدي قميصا قلتُ له: القميص هذا ملتصق بجسمك، هكذا إن أَحببت يسوع وتبنّيت فكره يكون ملتصقا بروحك كما هذا القميص ملتصق بجسمك.
ثم طرحوا عليّ أسئلة متعلّقة بالعلم. قالوا ما رأي الكنيسة في الإجهاض. أجبتهم نحن الأرثوذكسيين نؤمن أن الروح والجسد معا منذ لحظة نشوء الجنين. فمن قتله يقتل إنسانا بدأ تكوّنه. نحن لا نؤمن بجسد مهما كان صغيرا ليس فيه روح. وسألوني عن «الموت الرحيم» أي هل يجوز لأهل المريض أن يقتلوه لكونه متوجّعا كثيرا. قلت: لا لأن للرب وحده أن يسمح بإنهاء الحياة. فهذا المريض مهما بلغت آلامه من الشدّة يمكن أن يصلّي وأن يتحدّث الى أقربائه ويُعطيهم أحيانا فكر الله.
وتحدّثنا عن الكنيسة في بلادهم، وشكرتُ الله في داخلي أنه أعطانا شبيبة كهذه مُحبة للمسيح. وانصرفوا.
Continue reading