Monthly Archives

February 2001

2001, مقالات, نشرة رعيتي

هل ضروري الفصح الواحد؟/ الأحد 4 شباط 2001 / العدد 5

منذ القرن الثاني اختلف المسيحيون حول تاريخ الفصح حتى أرسيت قاعدة تعييده في المجمع النيقاوي بحيث يقع يوم الأحد الذي يلي البدر الواقع بدوره بعد الاعتدال الربيعي أي في 21 آذار. وبقينا، شرقا وغربا، نعيّد هكذا حتى إصلاح البابا غريغوريوس الـ13 للتقويم. نحن لم ننقح التقويم، فصارت الهوّة بيننا وبين أهل الغرب في هذا القرن 13 يوما بحيث يختلف 21 آذار غربي عن 21 آذار شرقي، وهذا ما يفسّر وجود تعييدين مختلفين.

في آذار 1997 عقد ممثلون عن كل الكنائس المسيحية مشاورات في حلب. ووافق المجتمعون على اتباع قرار المجمع المسكوني الاول (النيقاوي) القائم، كما قلنا، على حساب الاعتدال الربيعي وتمام البدر. واتفق المجتمعون على ضرورة القيام بالحساب بأدق الوسائل العلمية.

هناك اتجاه مبدئي نحو التوحيد. مع ذلك لا شيء يدل حتى الآن اننا سائرون في هذا المنحى. تصوّري ان هذا الهمّ الظاهر جدا في هذه البلاد ليس همّا كبيرا في البلدان التي هي من لون ديني واحد. حيث الاختلاط يقوى الهمّ.

الأمر الثاني ان هناك بلدانا التاعت في الماضي من تغيير تاريخ الميلاد فكيف بالعيد الكبير. في اليونان عدد ضخم من المؤمنين لم يقبل قرار الإدارة الكنسية ان تتبنى الحساب الغربي للميلاد. الصعوبة عندنا نحن الارثوذكسيين ان قرارا كهذا يقتضي تشاورا وتوافقا بين كنائسنا. ولكن اذا افترضنا ان الرئاسات الروحية توافقت، فلا شيء يدل ان الشعوب ستتبع. هناك دروس ميدانية تدل إن الشعب قابل أو غير قابل.

ولكن قبل الحل العالمي الشامل ممكن التفكير بحلول مناطقية. في هذا السبيل أباح البابا بولس السادس في الستينات لكاثوليك الشرق ان يعيّدوا مع الارثوذكس إنْ كانوا اكثرية. وعلى هذا المنوال صار العيد واحدا في مصر وفي الأردن وفلسطين (اي منطقة بطريركية اورشليم).

هنا تقاربنا كثيرا وأوشكت الطوائف الكاثوليكية ان تشاركنا تاريخا واحدا حتى قالت إحدى مرجعياتها إنها تريد ان تقوم باستفتاء المؤمنين حول الموضوع. لم نسمع بنتيجة هذا الاستفتاء. الواضح طبعا اننا مضطرون ان نحافظ على الأخوّة الارثوذكسية في العالم قبل ايجاد حل عالمي.

غير ان مرادي اليوم ان اقول ان عامة الشعب تولي هذه القضية اهمية لا تستحقها. فها الإنجيليون والغربيون يعيّدون معا، وهذا لم يقرِّبهم لاهوتيا وفكريا. ونحن والكاثوليك اقرب بعضنا الى بعض مما نحن من الإنجيليين، والفرق في التعييد لم يزد شيئا على خلافاتنا.

الذين يَدْعون الى وحدة التاريخ يقولون: نريد ان نشعر بوحدتنا. ولكن هل هذه وحدتنا. اذا أقمنا السنة الـ2002 العيد معا، فهل تزول من واقع الكنائس الخلافات في ما بينها (سلطة البابا العالمية وعصمته) دون ان نتطرق إلى خلافات اخرى.

نتخدر بوحدة العيد، وقد يوحي الينا هذا ان المشاكل قد حُلَّت، وتكون الحقيقة اننا قد صرنا في مشهد وحدة ولسنا في واقع وحدة. واقع الحال اليوم أن صعوبات جمة نشبت بيننا مؤخرا على ارض الواقع (صدامات في اوربا الشرقية) وعلى مستوى اللاهوت (إقصاؤنا من عضوية الكنيسة الجامعة). ماذا ينفع فرح العيد الواحد في حالة التباعد الفكري بيننا؟

Continue reading