تطويب القديسين/ الأحد 30 أيار 2004 / العدد 22
الروح القدس منشئ القداسة ولا يعلمها حقا الا الله. غير ان الكنيسة شهدت منذ البدايات للشهداء على انهم أحباؤها الأوّلون، وأدركت ان صك قرباهم من الرب هو الدم الذي بذلوه. ثم انتبهت إلى الشهادة البيضاء التي كان الجهاد الروحي فيها مثل الدم المسكوب، ورأت نفسها منشدّة إلى هؤلاء وأحست انها قادرة ان تخاطبهم اذ يتوسلون إلى ربنا الواحد في الملكوت ما لا يعني انهم وحدهم في الملكوت. لذلك عندنا احد جميع القديسين بعد اسبوع. ولكن الذين أعلنت الكنيسة قداستهم انما هم قدوة نقتدي بها.
والأساس الذي نرتكز عليه في الكنيسة الارثوذكسية ينطلق من الشرائح الشعبية الواعية التي تصلّي حول الضريح لإحساسها بالسمو الروحي الذي أدركه هذا المؤمن الذي يكرمه المؤمنون. وشيئا فشيئا يعي المجمع المقدس المحلّي أو الاقليمي هذا الأمر ويدرس سيرة الإنسان الجدير بالتطويب درسا مدققا اذ يكون قد عاش بلا لوم، بلا أخطاء جسيمة، فكان تعلقه بالرب ساطعا جدا.
وليس عندنا شرط إتمام هذا الإنسان عجائب. وقد أَعلنّا قداسة ناس لم يكونوا صانعي عجائب. ان السيرة البهية وسلامة العقيدة هما المعياران الوحيدان اللذان نتخذهما بعين الاعتبار. بعد تثبُّت هذين الأمرين، نهيئ النصوص الطقسية (صلاة الغروب وصلاة السَحَر) التي نرفعها بعد اتخاذ المجمع المقدس قراره بالتطويب، ونرسم ايقونة لتوضع في الكنائس. فكل قديس عندنا ينتمي إلى كنيسة مستقلة (القسطنطينية، أنطاكية، موسكو…)، والتواصل القائم بين الكنائس يجعلها تتبنى القديس المعلَن في منطقة معينة، ويبقى قديسا محليا. عندنا اذًا قديسون عالميون (نيقولاوس، جاورجيوس، انطونيوس…) وقديسون محليون (سيرافيم في روسيا، يوسف الدمشقي في الكرسي الانطاكي…).
والتطويب جارٍ اليوم في كل الكنائس الارثوذكسية. ونقرأ عنه في المجلاّت الصادرة عن كل كنيسة. ولكن الكنيسة الارثوذكسية لا تستخدم كثيرا وسائل الإعلام الحديثة او ليس عندها وسائل إعلام.
السؤال الذي يُطرح هو: هل عندنا موقف مِنَ الذين تُعلِنُ قداستَهم كنيسةٌ غير أرثوذكسية؟ نحن لا نأخذ موقفا ايجابيا أو سلبيا، فالمرجعية التي أَعلنت قداسة واحد من الناس غير مرجعتنا. وهذا الذي طوّبوه لا ينتمي إلى الكنيسة المستقيمة الرأي لكي نجعل له ايقونة على جدران كنيسة مستقيمة الرأي. واذا أَحبَّ احد منا ان يكوّن لنفسه رأيا في مطوَّب غير ارثوذكسي فهذا شأنه. والله يوزع مواهب الروح القدس على من شاء. نحن لا نفحص هذا الأمر. وعند إعلان الاتحاد بين الكنائس من الطبيعي ان يتضمن التقويم الكنسي الذين طوّبتهم الكنائس التي كانت منشقّة إحداها عن الأخرى.
لا شيء يمنع -على صعيد فردي- أن تُكرم انت قديسا ليس من كنيستك. غير انه ليس من المعقول ان ينتظم في عداد القديسين المذكورين رسميا. على هذا الأساس ليس من اللياقة الأخوية او ليس من المحبة ان تعترض على ما تقوم به الكنيسة الأخرى. القديسون في سر الله. فاذا لم تسرع كنيسة في «إنتاج» قديسين فلا يعني هذا شيئا. كل القديسين الارثوذكسيين شفعاؤنا أأعلنّا نحن قداستهم أَم أَعلنها مجمع آخر. انت تنتظم في ما تقوله كنيستك وتفرح للقداسة الحقيقية فيها أأعلنت عن قديسين جدد أم لم تعلن.
Continue reading