في الألم/ السبت في 31 تشرين الأول 2015
الألم مطروح سؤالا على المفكّر الديني. هل هو عقاب من الله كما يظن البعض؟ الجواب البسيط ان الله لا يعاقب بالألم ولا بغير الألم. على الإنسان الموجوع ان يقرأ اذا استطاع معنى ما يحل به. له ان يرى في أوجاعه افتقادا من الله أي تعبيرا عن محبته للإنسان. وأنت لا تحق لك الشماتة. أنت لست ترجمانا عند الله إذا حلّ الألم بالناس. حق لك ان ترى في أوجاعك تذكيرا من ربّك من أجل عودتك اليه. ولكن في الشماتة تجعل نفسك مترجما لله وبالترجمة لم يفوضك ربك. أنت لا يحق لك ان تترجم لأحد آلامه. أوجاعه تكفيه. إذا أخذ منها درسا فهذا حقه وحده. الألم يعني لنا تربية ان كنا مؤمنين ولكن أنت لم يفوضك ربك لتقول للناس ان آلامهم فكر الله.
لا يحسب أحد على الناس ان آلامهم من الله. أحيانا هي علامة برهم. أنت اقرأ آلامك وحدك تربية لك. لا يجدر ان الا تدمج بين الألم والخلاص. الألم بحد نفسه لا يعني شيئا. ان أخذته تربية لك يصير له معنى. لذلك ليس لنا تعليم عن الألم. قد يكون عقابا. أنت لا يحق لك ان ترى عقابا في أوجاع الآخرين. لك ان تتوب إذا ازدادت آلامك أنت.
ان توجع نفسك عمدا لتتحد بآلام المسيح هذا ليس من تعليم كنيستنا. الدنيا فيها آلام كثيرة فلا تحتاج أنت إلى الإكثار من آلامك عمدا. طلب الألم والسعي اليه ليس من المسيحية في شيء. المسيحية ليست ديانة الألم كما يظن البعض. هي ديانة القيامة أي التخلص من الألم. نحن ما جاء خلاصنا من آلام المسيح الا لأنها وعد بالقيامة.
في الكنيسة الشرقية المصلوب تصور عيناه مفتوحتين حتى نقول ان الصليب من حيث هو أوجاع لا يعني شيئا لأن معناه الحقيقي انه طريق إلى القيامة. غير صحيح ان الروحاني المسيحي يتلذذ بالألم. يقبله بالصبر لأن الله سمح به لكي يتجاوزه بالقيامة التي هي عطية الله. ليس الصليب عندنا الا مرحلة. الغاية هي الانبعاث من الموت.
نحن لا نطلب الموت ولا نستلذه. نمر به إلى القيامة. الصليب حدث دخل علينا بخطيئة الإنسان. المسيح قبل الصلب إذ لا قيامة بلا صلب.
يخطئ كل من اعتقد أن الكنيسة تريد المؤمنين ان يشتهوا صلبهم بالأوجاع. نحن نكره الأوجاع. نقبلها لأنها الممر المألوف بشريا إلى ما هو بعدها أي إلى الحرية بالله وفي الله.
من يتابع حقا وفي عمق صلوات الآلام عندنا في الأسبوع العظيم يفهم اننا لا نستلذ هذه الآلام ولكنا ننظر بعدها إلى التحرر منها. لك ان تقول ان الصليب شعارنا إذا فهمت انه طريقنا إلى التحرر بالانبعاث. ولكن يخطئ بعض المسيحيين إذا بالغوا في الكلام عن القيامة دون ان يذكروا الألم وقبوله بطاعة الله.
هناك من استلذ الألم. هذا ليس من المسيحية. انه موجود. أنت تقبله فقط لأنه مرحلة للتحرر منه. عندما تركز كنيستنا في أعيادها وأناشيدها على القيامة فهي لا تهمل صلب السيد ولكنها تذكر أنه طريق إلى الانبعاث من الموت. إذ ينبغي ان ينتبه أبناء كنيستنا الذين يذكرون القيامة كثيرا في عباداتهم ان هذه لا يبلغها الإنسان الا إذا مر بصلب شهواته وأخطائه. أنت تحرر نفسك من عشق الخطيئة لتصل إلى الخلاص. الخطيئة جذابة، لا تتعايش واياها لئلا تلتقطك.
Continue reading