Category

1994

1994, محاضرات

المشاركة في القدسات / كنيسة مار مخايل – نابيه / الثلاثاء 17 أيار 1994

الكنيسة هي إمتداد للمسيح، غير أن الظروف التاريخية القاسية منذ 900 سنة عملت انقسامًا بين الشرق المسيحي والغرب المسيحي. وهذا الإنقسام يؤسف له جدًا. نحاول الآن منذ ثلاثين سنة أن نضمد الجراح وأن نعود كنيسة واحدة منظورة. بأعماق السيد نحن كنيسة واحدة. ولكن على مستوى التنظيم والترتيب صرنا كنائس منفصلة بعضها عن بعض، وكل الإرادات الطيبة وكل اللاهوتيين الكبار مع البطاركة والأساقفة في سعي إلى التوحيد.

ظهرت حركة تقاربية منذ ألف وتسعمائة وعشرين عندما اطلق البطريرك المسكوني بطريرك القسطنطينية إلى العالم كله حتى يتقاربوا. وكانت البشرية طالعة من الحرب العالمية الأولى. وسميت هذه الحركة فيما بعد بالحركة المسكونية التي تضم المسكونة كلها، وهناك مجالس أهمها مجلس الكنائس العالمي الذي يجمع المسيحيين للتوحد.

لقد طلب يسوع بعد العشاء السري من الآب السماوي أن يجعلهم واحدًا كما أنه والآب واحد. هنا في هذه المنطقة عندنا مجلس كنائس الشرق الأوسط، وفي كل كنائسنا لا سيما الأرثوذكسية والإنجيلية المفروض أن تجتمع للتقارب.

ما جرى من عشرين سنة عندما إجتمع وفدا الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية في رودس، وأقروا بمباحثات أخوية لرأب الصدع ولإنهاء الخلافات بين الكنيستين. وكان آخر إجتماع لهذه اللجنة في البلمند منذ حوالي سنة. ونجونا من محاولة إغتيال وهذه إشارة من الرب انه يريد أن يحفظنا ليس فقط من الموت ولكن من الخلاف.

تقاربنا بكثير من الأشياء والمواضيع وموضوع الأسرار والمناولة، وتقاربنا من موضوع الأسقف المحلي ومجمع المطارنة التنظيم الكنسي الأساسي. وبعد إجتماع البلمند صار بدنا نتصدى لمشكلة كبيرة هي مكانة أسقف روما، أو بابا روما في الكنيسة الجامعة قبل هذه الجلسات الكنيسة الكاثوليكية عقدت مجمع الفاتيكان الثاني الذي تصدى لموضوع ما كان مثار وهو موضوع المناولة المشتركة.

أحب الكرسي الإنطاكي ان أكون أنا مندوبًا في الوفد الإرثوذكسي العالمي.

الجو الذي جمعنا دائمًا في هذه الأحاديث كان جوًا اخويًا.

في المجمع الفاتيكاني الثاني قضية المناولة بين اعضاء الكنيستين، وقبل أن اصرح عن القرار الذي أصدره مجمع الفاتيكان، أريد أن اوضح أهمية سر القرابين المقدسة أو سر الشركة أو المشاركة أو سر المناولة.

 في الماضي بإستمرار هذا السر كان يعني إتفاقًا على العقيدة. فإذا شرد واحد عن الإيمان وهنا أتكلم عن البدع القديمة كالآريوسية والنسطورية، إذا أُعتبر شاذًا عن الإيمان يُخرج من الجماعة، لا يكون عضوًا في الكنيسة المستقيمة الرأي. في ذلك العهد، في عهد الهرطقات الكبيرة أي منذ القرن الرابع إلى السابع كانت كنيسة الشرق وكنيسة الغرب متحدتين بإستقامة الرأي. كلمة أرثوذكس لا تدل على طائفة معينة ولكن كل واحد إيمانه جيد صالح يكون أرثوذكسيًا.

أريد أن أذكر الغير المطلعين، أنه عندما يتم تنصيب البطريرك الماروني ُيذكر هناك الإيمان الأرثوذكسي أي الإيمان الصحيح.

قلت إن الذي يشد عن الإيمان يكون مكانه ليس مع أهل الكنيسة طالما هو ليس مشتركًا مع العقيدة الواحدة، ومعنى هذا أنه ليس مشتركًا مع القربان أيضًا لأن القربان هو التعبير الأسمى عن وحدة الإيمان.

يقولون عندنا في الدارج أنه عندنا خبز وملح معنى هذا انك لا تعزم واحدًا على سفرتك إذا كان من خلاف بينك وبينه. تسويان الخلاف وبعدها تقعدان مع بعضكما البعض لأن الأمور هي برموزها. يضاف إلى هذا أنها لما كانت كنيستان تختلفان ليس على أساس العقيدة لما إنفصلوا عن بعضهما البعض سنة 1054م، إفترقوا على أمور بإطارها الأنضباطي وأمور الترتيب ثم بعد هذا صار الإختلاف بينهما أعمق. والإختلاف بيننا بدا للمرة الأولى بشكله الصريح في مجمع الفاتيكان الأول المنعقد سنة 1870 م في روما حيث الكنيسة الكاثوليكية العالمية أوضحت رئاسة بابا روما على الكنيسة وعصمته عندما يتكلم عن العقيدة هذا الشيء الذي حدث في المجمع الفاتيكاني الأول برئاسة البابا عالميًا وعصمته أمر لا تقر به الكنيسة الأرثوكسية. لما سنكمل المحادثات سنتصدى له.

قلت بأن الذين شردوا عن الإيمان لا يكون بينهم مشاركة والمشاركة تكون باكأس الواحدة، ولكن ليس الشاردة على الإيمان ولكن الذين إنشقوا عن جسم الكنيسة وأردوا أن ينفصلوا. هؤلاء أيضًا لا يمكنهم أن يقولوا إنهم واحد مع الكنيسة التي لم تنفصل. على سبيل المثال إذا عصى كاهن اوامر مطرانه وحرمه المطران من إقامة القداس أي أخذ أمرًا تدبيري بحقه لا أحد من المسيحيين يحق له أن يحرمه من القداس لأن هذا الكاهن لا يقبل شرعيته إلا إذا كان منضمًا إلى أسقف شرعي. لما نشأ الخلاف بين الشرق والغرب سنة 1054م بطلت هاتان الكنيستان تشترك مع بعضها البعض، أي بطلتا تقدسان مع بعضهما. هذا الذي صار، هذا هو الذي حدث، وهذا هو النظام السائد، الأمر المتعارف عليه عند الكنيستين حتى نحل هذه الخلافات القائمة كل واحد يصلي بكنيسته ونكون إخوة بالمسيح، مثلما أخوان من عائلة واحدة عندهما بيتان كل واحد يقعد ببيته بدون أي زعل ويجتمعان مع بعضهما البعض. فالذي عملته الكنيستان في الوقت الحاضر أن الأمور التي ليس فيها أسرار مثل المآتم، مثل صلوات مسائية يعملها الكل، يأتي المؤمنون ضمن الكنائس المسيحية ولكن الكنيستان عندهما موقف صارم في موضوع المناولة. فالأرثوذكس ليسوا أشد صرامة او شدة من الكاثوليك. انا أتكام عن الصعيد الرسمي. لا أنظر إلى مشاهد العلمانيين. ولكن في موضوع المشاركة بالأسرار المقدسة حدد المجمع الفاتيكاني موقفاَ واحدًا وهو الذي يختص بالكاثوليك وقال بأن الكاثوليكي لا يقدر أن يتناول عند الأرثوذكسي. هذا قول بابا رومية والفا مطران الذين أجتمعوا معه. الكنيسة الأرثوكسية بالوقت الحاضر ريثما تنحل العقد بيننا أيضًا لا يذهب الإنسان الأرثوكسي ليتناول في كنيسة كاثوليكية.

منذ خمسين في لبنان كان موجود في كنيسة مار عبدا المشمر ببكفيا، في كنائس بسكنتا، في كنائس بيروت، لأننا كنا فقراء ولم نكن كلنا قادرين أن نبني كنائس. كان الأرثوذكسي يستعمل الكنيسة المارونية أو الماروني يستعمل الكنيسة الأرثوذكسية ولكن كل واحد يقيم قداسه على حدة. بمار عبدا المشمر ببكفيا كان يوجد مذبح سماه عامة الناس مذبح الماروني، ولما كان ينتهي الكاهن الماروني من أداء الخدمة الألهية كان يأتي الكاهن الأرثوذكسي ويقيم قداسه. وكانوا أخوان تظللهم كنيسة واحدة ولكن لا يجمعهم قداس واحد.

ولماأراد إخواننا الموارنة في بكفيا أن يقيموا ذكرى مرور مئة سنة على ذكرى تأسيس كنيستهم عبرت عن هذه المشاركة ولكن بمشاركة صلاة الغروب لأننا لا نقدر أن نقيم قداسًا وجاءت الرعية المارونية وحضرت القداس وكنا نحس معًا أننا إخوة وأعدت لهم الأيقونة التي كنا أخذناها عندما عمرنا الكنيسة في المحيدثة وجاء الكاهن الأرثوذكسي من المحيدثة ليعمل زياحًا في الضيعة واعادوا هذه الأيقونة إلى أهل بكفيا وفرحنا معًا بصلاة الغروب.

أذًا اهلنا القدامى في لبنان عرفوا بأنهم قائمون الغرب ولو أستعملوا كنيسة واحدة إلى أن كل واحد يحافظ على طقسه ويتناول في كنيسته إعرابًا عن إيمانه بالعقيدة فعندما تقول الكنيسة إن غير الأرثوذكس لا يُسمح لهم بالمناولة عندها، الكنيسة الأرثوذكسية موقفها هو ذاته موقف الكنيسة الكاثوليكية.

أضاف المجمع الفاتيكاني إستثنائيًا وقال إنه إذا تعذر على الإنسان الكاثوليكي ماديًا إذا لم يكن عنده كنيسة بمحل وأراد أن يتناول، فالكاهن الكاثوليكي يستطيع أن يذهب إلى الكنيسة الأرثوذكسية ويتناول فيها من طرف واحد.

لم يتم التشاور بيننا وبين البابوية من أجل هذا الموضوع. هم قرروا بأنفسهم هذا ووجدنا نحن تحت الأمر الواقع بأن يتقدم الكاثوليك من الكأس المقدسة. في السابق كانت توجد تدابير من الجهتين بيننا وبين الغربيين. فإذا كان الإنسان في حالة إحتضار ومات في قرية ليس فيها كاهن من مذهبه يستطيع أن يدفنه الكاهن الموجود. على سبيل المثال إذا واحد أرثوذكسي كان على شفيرالإحتضار يستطيع الكاهن الماروني أن يناوله لأن هذه ليست مشكلة الإنضمام إلى الكنيسة. هذا وضع خاص يتناول. إذا وجد أنسان كاثوليكي أو ماروني أو سريان كاثوليك وجد في كوسبا مثلاً في قرى حيث لا يوجد كنيسة كاثوليكية فالأمر الطبيعي أن يأتي كاهن أرثوكسي ويناوله وهذا موجود إلى يومنا هذا أو في حالات كثيرًا خاصة. مثلاً إذا ناول كاهن السجناء. السجناء هم معذبون كفاية. بكفي أن هذا الإنسان مسيحي. ولكن في الحالات العادية، أي عندما يكون الإنسان في كنيسة بضيعة، بمدينة فالأمر الطبيعي أن يذهب إلى كنيسته ولكن نحن حرصنا على أن الإنسان الكاثوليكي يبقى في كنيسته. حرصنا ناتج من إحترامنا للكنيسة الكاثوليكية. إي أن يكون العمل من شأنه أن يكون الإنسان يتربى في كنيسته وأن يُرمز هذا الإتحاد بالمناولة في الكنيسة الأخرى. هذا الإتحاد لم يتم والمناولة تعبير عن الإتحاد لأنها قمة هذا الإتحاد. الإتحاد يصير بالوحدة بين الإساقفة من الجهتين لما يُوقعوا على إنهاء باقي الخلافات. هكذا جرى بيننا وبين السريان الأرثوذكس والأقباط والأرمن، توصلنا إلى إتفاق كامل في ما يخص بالعقيدة. وقلنا إذا ولد إنسان في أرمينيا أو في مصر لا توجد كنيسة أرثوذكسية يقدر أن يتناول. هذا الإتفاق الذي جرى بين الأرثوذكس وبين الأقباط والأرمن والسريان، لم يجر بعد رسميًا بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية. ولذلك تريد الكنيسة الكاثوليكية إلى يومنا هذا أن يتناول أبناؤها فيها إلا بحالات خاصة وهي إحترمتنا كفاية وقالت: إن الأرمني الكاثوليكي والسرياني الكاثوليكي لا تقدر أن تذهب إلى اللكنيسة الأرثوذكسية وتتناول إلا إذا السلطة سمحت بذلك. ونحن في لبنان في حالة تشاور حولة هذا الموضوع. الكنائس الكاثوليكية في لبنان الممثلة بمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك إلى الآن موقفهم هذا. لم يسمحوا لإبنائهم أن يتناولوا عند الأرثوذكس ونحن نتعاون مع السلطة الكنسية الرسمية الكاثوليكية. لا نقدر أن نتعامل مع كل أنواع كاثوليكي يشتهي أن يتناول عندنا لأن علاقاتنا جدية ورسمية، نحترم الكنيسة الكاثوليكية، هي لا تريد أولادها أن يتناولوا معنا. إذا ظهر مؤمن واحد لرغبة في نفسه لأنه هكذا يتمنى نقول له: نحن نحترم رغبتك ومطرانك. لا نقدر أن نخالف موقفهم الرسمي تجاهنا. كذلك الكنيسة الأرثوذكسية الإنطاكية في هذه البلاد أخذت موقفًا صريح بقرارين وقالت إن المناولة محصورة بأبناء رعاياها وهذا موقفنا في كل مكان. بباريس بعدة كنائس أرثوذكسية من روس ويونان وبلغار أحيانًا يتقدم إنسان كاثوليكي يقول له الخوري الأرثوذكسي لا تقدر أن تتناول. الشخص يحترم هذا الموقف ويتصرف بكل محبة. من أجل ذلك لا أقدر أنا أن اخالف الكنيسة الكاثوليكية التي لا تسمح رسميًا.

عندما كنا مجتمعين في البلمند في حزيران الأرثوذكس قدسوا وحضر المطارنة والكرادلة الكاثوليك بكل محبة، ولكن لم يتقدموا إلى المناولة. أعطيناهم كنيسة الدير حتى يقيموا القداس اللاتيني ودخلوا إلى الهيكل وأقاموا القداس، ولم يتقدم أحد منا إلى المناولة. نحن لم ننتظر أن نتقدم وهم لم ينتظرونا أن نتقدم.

إذًا في الأوساط اللاهوتية خصوصًا مع المطارنة الموارنة المشاركة في القدسات أمر يتوج الأتحاد العقائدي.

أنا أدعو إلى تبيان ما يجمعنا والإعتقاد أن الإنسان الكاثوليكي بدو ينضبت بكنيسته والإنسان الإرثوذكسي بدو ينضبت بكنيسته ويطيع مطرانه. لما الأكليرروس والمطارنة يلاقون حلاً آخر وقتها نحكي. بالوقت الحاضر هم مقتنعون بكثير من الأشياء وبالفكر. متفقون على شيء واحد أنه ليس من مشاركة بين الرعيتين.

كل إنسان عنده إنتساب. يقدر الشخصان أن يكونا إثنين ولا ينصهران بعضهما ببعض.

حاليًا في العالم المسيحي يوجد هوية مذهبية لما الكنيسة بأعلى مقاماتها تقول: بطلنا المذهبية صارت هويتنا واحدة، صرنا كنيسة مسيحية واحدة. هذه المشكلة تنحل.

أنا اعتز بالإنسان الماروني الذي يصلي حسب طقوسه إذا فهمها. والإنسان الأرثوذكسي يصلي في كنيسته حسب طقسه. وبالتالي الحياة العادية الإجتماعية نحن مختلطون. الناس يتزاوجون من بعضهم البعض. نحن لم نقف أمام المحبة البشرية التي تجمع بين شاب وفتاة. لا أحد يعترض على الوحدة العائلية. التلاقي مع بعض المظاهر الدينية كالإكليل والمأتم وصلوات مسائية هذا شيء نشجعه.

رجائي من الإنسان الكاثوليكي أن ينصاع إلى أوامر كنيسته، والإنسان الأرثوذكسي ينصاع إلى أوامر كنيسته. وإتركوا هذه القصة لترتيبها على أساس لاهوتي. ولهذا أتمنى أن تكون سهرتنا الروحية دعوة جديدة لتعميق العلاقات على أساس المحبة. “أحبوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم”. ونعيش مع بعضنا البعض جسمًا واحدًا، وبنفس الوقت حتى تزدهر الكنيسة بكل فروعها لا يمكن أن تزدهر إلا بناء على العقيدة وبناء على الرباط الكنسي. وهذا يجعل كل واحد منا أقوى. على صعيد آخر يحب اللبناني لبنان والفرنسي فرنسا والإنكليزي إنكلترا يكونون يتلاقون على حب الوطن.

أتمنى من المسيحيين في قت يعينه الله يصيرون واحدًا ويقول كل واحد منا: أنا مسيحي فقط بإنتظار ذلك نبقى منتظمين حسب قول بولس الرسول: لتكن أموركم بلياقة وترتيب.

الكنيسة يسميها بولس الرسول جسد المسيح الذي يؤخذ في كنيسة واحدة. فالشرط الأول أن يتعمد الإنسان وعنده ميرون. بدليل أن الكنيسة القديمة كان عندها نظام أن الذي سوف يستعد للمعمودية (الموعوظ) يبقى سنة أو أكثر ليتعلم الإيمان. وبعد أن يتعلم الإيمان ُيعمد ويأخذ القربان. قبل ذلك ُيخرج من الكنيسة. بوقت من الأوقات لما نقول الأبواب الأبواب بحكمة لنصغي، وأخرجوا غير المعمدين وسكرو الأبواب الخارجية حتى لا يدخل احد من غير المعمدين.

الغير المسيحي لا يقدر أن يتناول لأن هذا فقط للمعمد.

الذي جرى أنه حتى المعمدين يريدون أن إيمانهم يوصلهم للمناولة. هذا الإيمان يجب أن يكون واحدًا أو العقيدة بالإيمان بيسوع وبالآب وبالروح القدس في بعض الأشياء الأخرى المعتقد ليس هو هكذا. عندما أعلنت الكنيسة الكاثوليكية سنة 1873م أن أسقف روما هو رئيس على الكنيسة جمعاء وهو معصوم عن الخطأ إذا تكلم في العقيدة. قالت: من لا يأخذ بهذا الكلام هو خارج عن كنيسته. فالكنيسة الكاثوليكية حاليًا تعتبرني منشقًا عنها وصاحب إيمان شاذ منحرف. هذا الموقف الرسمي.

هو وضع حاجزًا. أنا لم أغير شيئًا في الإيمان القويم. هو أضاف شيئًا أعتبره غلطًا. من أجل ذلك لا نكتفي بكلام السيد فقط. الإجتماع حول جسده ودمه يفترض سابقًا الإجتماع حول الكلمة الواحدة. عندنا مأساة في الثقة وهذه المأساة لا نقدر ان نلغيها إذا كنا نتناول كلنا عند بعضنا البعض. أنا لم ألغها. فإذا العلمانيون قالوا كلهم: نحن ليس بيننا شيء.

بابا رومية قال: بيننا شيء. فنقول ذلك.

جميل أن يتناول الإنسان في كنيسته حتى يشعر بصليب الإنقسام.

– هذا البلاد ما عرفت أختلاطًا في المناولة إلا في الفترة القريبة جدًا من بعد أن صار حكي عن التقارب الكنسي. فالسيد يريد كنيسة واحدة جامعة إنما الكنيسة الجامعة ليست بادية. فالبادي هو تنظيمات مختلفة، كنائس مختلفة بحاجة أن تتوحد بشكل واحد.

بإندفاع المؤمنين اخذوا يذهبون إلى كنائس أخرى.

المجمع الفاتيكاني الثاني لم يفتح هذا الملف. بقي الباب مغلقًا.

أنا مرتبط بشيئين: بإحترام الكنيسة الكاثوليكية وبلاهوتها. ربما إن الشعب لا تهمه كثيرًا الخلافات اللاهوتية. أنا لم اخلقها ولم اخلق هذا النظام القديم في هذه الأبرشية وأخذت من المجمع المقدس وأتمنى أن تسأولوا أي لاهوتي كاثوليكي عن هذا الموضوع. أنا مستعد حتى نجلس معًا حتى نفهم تمامًا. صودف أنه في هذه الأبرشية وفي كل الكنائس إن المطارنة هم واحد. نبين عن وحدة الحال بشتى الطرق. إنسانة مارونية تدفن في الكنيسة المارونية أو العكس هذا تدبير.

Continue reading
1994, محاضرات

الأيقونة / 25 نيسان 1994

هاجس المسيحي الأرثوذكسي ان يعبّر عن إيمانه في كل المجالات وبالدرجة الاولى في العبادة. والعبادة لا تحتوي قط على صلوات متلوة ولكن على ترانيم وركعات وهندسة توافق إداء الصلاة. الفن يصبح بالضرورة طريقة من طرق التعبير عن العقيدة وهذا ليس فقط لأن للانسان جسدا وحواسا ولكن لأن كلمة الله صار بشرا وحلّ فينا. تقول هذا بالكلام ولك ان تقوله بالرسم. فاذا تعذّر تصوير الإله غير المنظور -وهذا كان محرّما في العهد القديم- أفلا ينبغي ان تصوّر الإله الذي غدا منظورا أعني يسوع المسيح؟ الأيقونات انطلقت من هنا.

لم يكن الجمال الفني هو الهاجس ولكن الرؤية اللاهوتية أتت بالفن. فلا بد من قراءة الرؤية من خلال الصورة. اذا كان هذا فنا كنسيا فمن هذه الزاوية تنظر اليه. فن طقوسي بالتالي تذوقه ضمن العبادة. جانب منه تعليمي. هذا يؤكد وضوحه وواقعيته. نحن لسنا مع المجرّد الكامل بالرغم من وجود بعض عناصر تجريد (استبعاد العمق والجسم البارز) ولسنا في المذهب الطبيعي الذي ينفي الخشوع.

اندراج الأيقونة في الكنيسة يجعلها جزءا من المعبد. تنتصب فيه كأنها كائن حي. نبخّرها لأن التبخير عملية إكرام لشخص المرسوم عليها. نقبّل أيقونة السيد لنعانقه هو وأيقونة القديس الذي نرتفع اليه في القلب. وفي آخر السعي إلى كون الأيقونة كنسية نغطي كل جدران معابدنا أصلاً بالفسيفساء أو الجدرانيات لأن القديسين -لا الجدران العارية- هم المحيطون بنا.

غير ان الكنيسة ليست فقط هذه التي نراها على الأرض. انها كنيسة السماء أيضًا. انها الملكوت الذي نذوقه منذ الآن ونرى المسيح قائمًا في هذا المجد ونرى القديسين يساهمون هذا المجد. ننعت هذا الفن الكنسي بأنه ملكوتي. كيف يطل الملكوت علينا؟ بالصلاة التي ترفع القلوب، بجعل الأيقونات تعبيرًا من التعابير التي تحكي الملكوت.

من هنا اننا اخترنا ان نستغني عن المنظور (perspective) لأنه قائم على نقطة الهروب، على تلاقي السطوح في الأفق. هذا هو الشوق، التماس الفردوس المفقود في الجماليات. اما الآتون من الملكوت فالملكوت مطل عليهم من هدوئه، من سلامه. في الأيقونة ينقلب المنظور. القديس ينظر الينا، يسعى الينا، نحن في افق رعايته.

والقديس في ملكوتيته محاط بالذهب لأنه يجيء من الأبدية ورمزها الذهب ولا يجيء من حركة الشهوة وبعامة يجيء من النور. والألوان المسيطرة هي الفاتحة (الأسود يُستعمل للدلالة على العالم الخاطئ او عالم الموت. المسيح على جبل التجلي او في نزوله إلى الجحيم ابيض اللون لأنه كاشف ألوهته).

الملكوتية تأتي بأجسام-أعمدة للدلالة على انتصابها الروحي. العينان مستديرتان بسبب من الذهول في حضرة الله وللتعبير عن النفس التي أدركت الصفاء. الأذنان ملتصقتان بالخدين لأنهما لا تصغيان إلى صوت هذا العالم. الشفتان رقيقتان لأنهما تعبّران عن الصمت الداخلي وبعامة يحكم الاعضاء منحى هندسي لتجريدها عن ترابيتها.

ولكون القديسين نورًا وما حولهما من نور فالأيقونة خالية من الظل والعنصر الإنساني حاكمها. فالشجر والجبال والبيوت والأنهار وما اليها ليست ذات أهمية. يُرمز اليها رمزًا، وليس في ما بينها علاقة نِسَب. فالقديس (أو السيد) اذا كان في مشهد فلا تراعي في رسمه نسبا بينه وبين الجوامد أو النباتات ولا نراعي نسبًا بين شخص وآخر حسب القامة الطبيعية. الأهم مكانه، هو الأبرز. ففي أيقونة السيد والقديس الشهيد ماما (القرن السادس، متحف اللوفر) المسيح أطول من رفيقه الشهيد. ليس في الأمر أمانة لسياق تاريخي فأنت تضع قديسين لم يتزامنوا ولكن نعيّد لهم في يوم واحد أو تضع شفيع الزوج وشفيع الزوجة معا وليس لهما تاريخيا او في التقويم من علاقة). من تريدهم معا في الصلاة تجمعهم.

ولكون التعليم همّك ترسم مشاهد مختلفة من سيرة القديس وهي متعاقبة زمنيا. نرسم حسب مصطلحات من التراث تعبيرية (مثلاً يوحنا المعمدان الكامل القامة يحمل رأسه مقطوعا في يده).

فن كنسي ما في ذلك ريب ويتعاطاه من سعى إلى قداسة حياته وهو لا يرى نفسه فنانا. ولكن هذا التواضع المبتغى لم يحل دون ظهور رسامين كبار(روبلوف، تيوفان الرومي، نعمةالله المصوّر…) والكثيرين ممن لم نعرفهم لأنهم ما كانوا يوقعون اسماءهم. انك ضمن القانون الكنسي تستطيع ان تبدع. وقد تبدع ضمن عبقرية شعبك وآلامه. من هنا ان ثمة مدارس يمكن تمييزها: سيناء، حلب، موسكو، نوفغورود، كريت، القسطنطينية…) كل ذلك في وحدة المنحى الروحي الذي نحاه التراث البيزنطي.

الأيقونة هي سعي إلى فن إلهي بأيدٍ بشرية.

Continue reading