مريم/ الأحد 30 كانون الاول 2001 / العدد 52
في الأيقونة المعتمدة رسميا لميلاد السيد نـراه طفلا مقمطا موضوعا في كهف اسود، والإنجيل لا يقول انه وُلد في كهـف (الحديث عن المغارة أتى لاحقا). غير ان فكرة المكان المظـلم هي فكـرة القبـر المظلم. الميلاد بدء لسر الوحدة بين الله والناس التي حملها يسوع الينا.
ثم ترى ان العذراء تتوسط الايقونة مستلقية على فراش في حالة تأمل وقامتها كبيرة جدا. والايقونة طبعا لا تهتم بقياسات الجسم ولكنها تبتغي ان تعطي معنى. والمعنى ان هذا السر العظيم تتأمله البتول.
ليس ان البتول فهمت كليا ما حدث لها او حدث فيها. وقبل الصلب انى لها ان تدرك؟ ولكن كونها الى ابنها وربها في هذا السر وانكشافه جعلنا نقيم لها في 26 من كانون الاول ما سميناه “عيدا جامعا لوالدة الإله”. والواضح في اقتراب الكنيسة الارثوذكسية من والدة الإله اننا نراها دائما خادمة للتجسد وغير منفصلة عنه. لذلك نصورها في الايقونة حاملة له ومن خلاله حاملة ايانا.
لما أقامت الكنيسة هذا العيد الجامع عيدا يتلو الميلاد اوحت بأنك انت لا تتقبل المولود الإلهي فيك الا اذا عصمك الله من كل مزلة كما عصم مريم وانك لا تحفظ يسوع الا كما حفظَته متخصصة له ومتبتلة.
مريم صورة لروحك المتعففة، المتواضعة. نفسك هذه هي المطرح الذي تغني فيه المجد الإلهي وتختبر سلامه. نفسك هذه العابدة تمارس ما صنعه المجوس اي تنحني امام المسيح ولا تنحني له الا الفضيلة التي فيك. وهي وحدها هديتك له.
روحك مريمية اذا تنقت باستمرار. بل روحك هذه المتطهرة مريم جديدة تلد المسيح في العالم بمعنى ان تعاليم المسيح وفضائله وجمالاته تنتقل بتصرفك الحسن الى الناس. وهكذا ينمو المسيح في كل من شاهدك وعاملته بلطف يسوع وتواضعه.
واذا انتقلت الى السنة الجديدة فليس المهم ان تنتقل الى زمان جديد لأن المهم ان تنقل معك الى العام الجديد بهاء يسوع وكلمته.
وقد تكون السنة الـ 2..2 مليئة بالأحزان على مستوى العالم وربما في حياتك الشخصية. فاذا مرضت او تعبت بأي نوع من التعب لا تخف لأن يسوع معك. لا تنتظر الكثير من احداث العالم ولا من تحسن كبير في البلد. مهما جرى من احداث فأنت حرّ منها لأن المسيح حررك ولن تكون شقيا. انه لم يعدك بالغنى ولم يعدك بالصحة ولكنه وعدك بأنك – ان كنت معه – لن يستعبدك شيء ولن يقدر انسان ان يستعبدك.
غير ان هذا كله يتطلب ان تبقى انسانا مريميا اي حاضنا ليسوع، ماشيا وراءه كالتلاميذ، باقيا معه كالقديسين في السماء، مختلطا به في الكنيسة، في صلواتها. هذا هو جديدك. الأزمنة التي تتقلب ليست بشيء. المسيح فيك الذي لا يتقلب هو كل شيء.
Continue reading