الأحد في 4 أيار أقمت القداس الإلهي خارج لبنان وبعد هذا اجتمعت إلى بعض من أبناء الرعية لتناول القهوة فسألني احدهم لماذا نذكر في صلواتنا «صهيون» و«إسرائيل»؟ الا نستطيع ان نلغي هذه الكلمات ونستعيض عنها بغيرها؟ وكنت مدركا انه يريد ذلك حتى لا يدخل إلى أذنيه ألفاظ تذكّر بدولة إسرائيل. فيما يتعلق بصهيون أجبته انها اسم لرابية من الروابي التي تقوم عليها أورشليم. وأتى داود إلى هذا المكان بتابوت العهد فصارت الرابية مقدّسة. ولما بني الهيكل ونقل التابوت إليه اتسع نطاق صهيون حتى شملت الهيكل. وكثيرا ما يطلق اسم صهيون على أورشليم كلها. ثم اتخذت حركة اليهود الحديثة اسم الصهيونية للدلالة على الاستيطان هناك. فعندما نستعمل نحن آية من الكتاب المقدس ورد فيها اسم هذه التلة لا نكون قد قبلنا بالصهيونية التي اشتق اليهود المعاصرون اسمها من صهيون، الرابية.

أما إسرائيل فهو يعقوب، ثم أطلق الاسم على نسله الذين سماهم الكتاب بني إسرائيل. ثم أطلق الاسم على المملكة الشمالية من فلسطين. واستعمل الأنبياء الاسم بمعنى روحي، وكذلك فرّق بولس الرسول بين إسرائيل حسب الجسد وإسرائيل حسب الروح. وفي إنجيل يوحنا لا تحمل الكلمة معنى القومية بل تشير إلى إيمان الشخص.

عندما ترد كلمة «إسرائيل» في الترتيل أو في قراءات الأنبياء فلا يخطر على بال إنسان مطّلع انها تعني دولة إسرائيل الحالية. التسمية الحالية أوجدها اليهود الذين أنشأوا دولتهم سنة 1948 لكي يستفيدوا من كون المسيحيين يعرفونها في العهد القديم وينقادوا إلى توحيد الكلمة مع الدولة التي اغتصبت فلسطين أو قسما منها. هذه شطارة يهودية لا تقودنا إلى شطب الكلمة من الكتاب المقدس. فإذا اقتبستَ من الكتاب الإلهي فينبغي ان تكون أمينا لنصوصه وتفسّر للناس اننا نحن المسيحيين لا نتعَرف إلى أرض الميعاد ولا نبارك اتخاذ اليهود المعاصرين هذه الكلمة ليدلوا على أنهم ورثة هذه الأرض.

عندما نقول في الغروب عن المسيح «نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل»، وذلك في إنجيل لوقا، نعني بذلك ان يسوع أتى نورا للوثنيين ولليهود وانه جامع الاثنين. فإذا قلت كبعض المرتلين: «نور إعلان للأمم ومجدا للمؤمنين» أو ما شابه ذلك تكون مغيرا المعنى الذي قصده لوقا. كيف تغير: «الرب من ينابيع إسرائيل» التي نرتلها في كل فترة الفصح؟

لماذا لا يعترض المسلمون على استعمال كلمة إسرائيل في القرآن؟

نحن نؤمن بالعهد القديم أي نؤمن بأنه مُلهَم من الله وهو ليس فيه إشارة إلى قومية ولا يمكن دعم أية قومية به. الكلام القديم يبقى في موضعه. وعوضا ان تتخدش آذاننا بسبب المعنى الحاضر الذي أعطي للكلمة، نفسر استعمالنا لهذه الكلمة. إخواننا الأقباط الذين هم مثلنا رافضون لدولة إسرائيل الحديثة لم يبدلوا كلمة من طقوسهم، وعلماؤهم يشرحون لهم ان ورود اللفظة في الصلوات لا يدفعنا إلى قبول هذه الدولة التي قامت ظلما على حساب الشعب الفلسطيني. فهل إذا زالت دولة إسرائيل نعود إلى استعمال الكلمة؟

الكلام الإلهي يبقى هو هو وندخل نحن في فهم هذا الكلام كما قصده الأنبياء والمزامير.