هذه هي الرسالة الرعائية الثانية الى تيموثاوس الذي وضعه بولس أُسقفا في أَفسس في آسيا الصغرى. قال له الرسول «لقد تتبّعت تعليمي» وبولس يهتم كثيرا بصحة التعليم، وهذا ما سمّاه إنجيله، ويهمّه كثيرًا أنه كان قدوة لتلميذه. واتّباع تيموثاوس لسيرة الرسول تعني أيضًا: طريقتي في إدارة الكنيسة. واستعماله لكلمة «قصدي» يمكن ان تعني: نيّاتي وقناعاتي.

ثم يذكر بولس إيمانه وأناته (طول الأناة) ومحبته وصبره، وهذه الفضائل عاشها وسط الاضطهادات، ويوضح أنه تألم في أنطاكية وإيقونية ولسترة (ثلاث مدن في آسيا الصغرى). وهذه المدن الثلاث مذكورة معًا في سفر الأعمال 14: 21، والى المؤمنين في هذه المدن ذكر بولس «أنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل الى ملكوت الله».

ما حصل له يحصل لكل المؤمنين، وعبّر عن هذا بقوله: «جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى يُضطهدون». لا بد أن بولس هنا يتكلّم على بعض المسيحيين ولا سيما القادة. في التاريخ المسيحيّ كل من قام باضطهاد يُعذّب القادة أعني الأساقفة والكهنة لاعتقاد أعدائنا أن مَن قتَل القادةَ إنما يُبيد الكنيسة، وهذا غير صحيح لأن الكنيسة بقيت حيّة بالرغم من قمع الرؤساء الروحيين وسجنهم أو قتلهم.

ثم يُوصي الرسول تلميذَه بأن يستمرّ على استقامة الرأي التي استمدّها من العائلة اذ يقول: «منذ الطفولة تعرف الكتب المقدسة». العبارة «الكتب المقدسة» تعني العهد القديم لأن الأناجيل لم تكن كُتبت بعد، ولا يشير بولس الى رسائله لأنها لم تكن قد عُدّتْ كتُبًا مقدّسة بعد.

ويُنهي صاحب الرسالة هذا المقطع برجائه أن يصير تيموثاوس حكيمًا للخلاص. والحكمة -يقول الكاتب- تأتي من «الإيمان بالمسيح يسوع» والمسيح هو حكمة الله وقوة الله (1كورنثوس 1: 25). المسؤول عن الإنجيل في الكنيسة يأخذ ممّن سبقه التعليم والقدوة. لا نكتفي بمدرسة اللاهوت لنتعلّم الإيمان إذ نحتاج الى قدوة المعلّمين وطهارة سيرتهم.

الأمر الثاني في اختيار تلاميذ اللاهوت أن الأفضل أن ننتقي الذي يعرف الكتب المقدسة قبل أن يدخل المعهد، وأن يكون مستعدّا لقبول العذاب من اجل المسيح وأحيانا يجيئه العذاب من أعضاء الكنيسة أنفسهم. وإصرار بولس على التعليم يجعلنا حريصين على أن يكون الكاهن مثقّفًا لاهوتيا وطاهر السيرة معًا. الطهارة وحدها لا تكفي، والعلم وحده لا يكفي. ينبغي أن يكون المسؤول في الكنيسة على صورة تيموثاوس. حيوية الكنيسة تأتي، الى حد كبير، من المسؤول الأول والذين يوجّههم.