Category

2013

2013, جريدة النهار, مقالات

كيف عرفت الفصح / السبت ٢٨ كانون الاول ٢٠١٣

كل منا يهرب من حرج يداهمه ليسعى إلى فرح يتخيله في مكان ما في نفسه. كل يخاف الموت. ولكل منا موته ما عدا هذا الذي يخشاه في الأخير. ولكن الأخير ينتظر أو نريده أن ينتظر. من يواجه؟ هذا فيه موت أو بعض من موت.

ننسج حياتنا كما يحلو لنا. قلما نرثها كما تنزل علينا. هذا مخيف. الخيال ليس يخيف. أن تواجه تعني أن ترث الله لأن الله الحقيقي هو في الآن. اخترعنا الأعياد لأننا نخشى الموت. حسن أن تستطيب الأعياد لأنك بها تضرب التفه الذي فيك، تنزل حلما إلى يومك، تحسب انك وارث الأبدية. هل الأبدية تعني لك خروجًا عن أيامك كما هي أم هي عمق أيامك إن كانت لك رؤية مؤمن؟

تستطيع أن تحول جرحك إلى مكان رجاء إذا كان لك في دمك فداء. كل دم مقبول على الرجاء فداء. خاليًا من الإحساس يكون من لا يقبل جرحه في الإيمان. من آمن هكذا يكون قد ارتضى نفسه في محبوبية الله. فإن لم تسعَ إلى ربك كل يوم تبقى في مصروعية العالم.

انت في عزلتك عن الوجود الحق لا تقدر على شيء. والعزلة هذه تعني عدم الحب. المحب في تطويق يعطيه ويأخذه. هو وحده ليس وحده. الناسك ليس معزولا إن كان قد تنزه. ونحن قائمون في جروحنا وجروح الآخرين. ليس من انسان منعزل حيا. الحي من قام من بين الأموات. ولكنه قبل ذلك هو من هذه الأرض. لا يولد انسان قياميا. يصير كذلك من بعد موت.

مصيبتي مع بعض من المؤمنين أنهم يستطيبون الأعياد لأنها نازلة عليهم. لا يفهمون انها ليست بشيء ان لم يصنعوها، ان لم تنبت منهم. العيد لا يأتي اليك. يتدفق منك ان كنت يوما مع الله. ان لم تقبل الوجود كله لا تذوق الله. فتش عن الله في الوجود، في الألم، في انكسارك، في عزلتك. انه يشفي كل هذا. لا تكن فقط مع الطقوس فإن كنت لا تحب الإخوة لا يبقى لك شيء منها. ولكن لا تزدر بالأعياد. هي قائمة في الفرح وفي الحزن بالقوة نفسها ان كنت تعرف ان تستطيبها. لا تحزن ان نزلت علينا الأعياد في أيام حزننا. لا شيء يغلب العيد فالعيد قيامة.

كل أهمية العيد انه يمكنك من الحب من ذاك الذي يضم الناس كلهم إلى الله واليك. معك وحدك ليس من ضم يكافئ النفس كلها. ليس من لقاء الا في انضمام الذات إلى الذات. الحياة الرتيبة قوقعة. الحياة الخارجة إلى كل حياة هي الوجود.

بالعيد تخترق التفه ولكن الخوف أن تعيد لنفسك، ان تنغلق في حبها. العيد هو الآخرون الذين يقيمون معك الموسم والذين لا يقيمون. إذا ذهبت إلى الناس انوجدوا. الناس نيام. يخشون خطر الحب. أيقظهم في سبيل أنفسهم، لحياتهم. وقبل أن يفيقوا لا يستطيعون أن يحيوا. النوم يشبه الموت. «استيقظ أيها النائم وقم من بين الأموات فيضيء لك المسيح». هذه هي صلواتنا.

لقد جاء العيد حتى لا ننام. أظن أن المسيح قام حتى لا يبقى أحد راقدًا. أن تعطي المسيح يعني أولا أن تعطي اليقظة. المسيح أراد ميلاده يقظةً لنا دائمة. هو أراد أن يشاهد التلاميذ آلامه لما أفاقهم من نومهم في البستان. لذلك كان آباء البرية عندنا يكافحون النوم.

كان أبي يوقظني صباح الفصح عند الساعة الثالثة لنصل إلى الكنيسة قبيل الرابعة. ما كان يقول هذا طفل. فالصلاة كانت تبدأ عندنا قبل حلول السحر، تأخذ قسطًا من أواخر الليل والصغار والكبار واحد في اليقظة. في كنيستي الناس كلهم كبار. والمؤمنون عندنا يحفظون الصلاة باللغة الفصحى بلا خطأ في التشكيل. استقامة الرأي تتطلب استقامة اللغة. كانت عندنا شرطًا للصلاة وشبه الأميين ما كنا نسمح لهم بالقراءة. كنا نحسب في بساطتنا أن الرب يريد لغةً سليمة. لست أعلم إذا كان الملائكة يفرحون بلغةٍ مكسورة.

أهل كنيستي كانوا يذهبون إلى أن القراءة الفصيحة جزء من الإيمان. إحساسهم البسيط أن هذا جزء من استقامة الرأي. وكان عارفو اللغة بيننا يصححون قراءة الضعفاء في أداء الصلاة. وإحساسهم كان أن هذا شرط من استقامة الرأي. هل كانوا يظنون أن سلامة اللغة من سلامة الإيمان؟ كان عند البسطاء إصرار على أن الأسقف أستاذ في العربية. انت مستقيم الرأي ومستقيم اللسان. الأشياء واحدة.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

في ملء الزمان / السبت ٢١ كانون الأول ٢٠١٣

«لما حان ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس لننال التبني». ها قد بتنا أبناء يا سيدي بعد ان كنا مخلوقين من هذا الجسد.

«الذين وُلدوا لا من دم ولا من رغبة جسد بل من الله». هكذا نعرف أنفسنا بك. أنت قلت: «لن أسميكم عبيدًا بعد. أنتم أبناء». أنت أيها الناصري اخترعت ان الإنسان حبيب الله والحبيب ليس عبدًا.

دعوتنا إلى الألوهة. هذه ندّية. انها ليست فقط نسابة أنت مخترع الحب. اذا سمى الله الإنسان حبيبًا الا يعني هذا انه ساواه بنفسه؟ هل العشق الا بين متساوين؟

لما قال الرسول أرسل الله ابنه عند ملء الزمان أراد ان ليس يعرف بعد المسيح زمن غير زمنه أي وجود غير وجوده لأنك تعرف الأزمنة والناس.

ان تكون دعوتنا إلى ما دون الألوهة هذا ليس فيه شيء. أنت كريم ولا تدعو الا لذاتك. أنت ما اعطيتنا شيئًا من الأشياء. أنت تعطينا نفسك لعلمك ان الرنسان تحقَّق فقط بربوبيتك.

يا أيها الحب الذي لا يدنى منه اجعلنا نفهم ان المحبة أساسك وأساس الإنسان وان المعرفة كلام فيها. كان زمانك ملء الزمان لكوننا لا ننتظر شيئًا بعدك يا أيها السيد المبارك. لا نسعى في الأشياء الا إليك. لا يضاف شيء عليك اذ لا يقاس بك شيء.

المساواة بيننا وبين الله ليست في الجوهر. هي في الكرامة هو رآها فينا. اذ انعكست علينا بمحبته. حتى لا نكون أمواتًا نجيء منه في كل حين. ربِّ لا تقم هوة بيننا وبينك. نحن نريد ان نأتي منك كل حين. بهذا نتكون، أردم المسافات ان رأيتها.

سمر في عيونهم، ربِّ، انهم اذا رأونا رأوك. ولكن اجعل هذا ممكنا فيك أي روضنا على محبتك ليشهدوا اننا نحبك.

إذا كنا فيك لا نبقى نسأل عما لنا وعما لك. كل شيء لك. لا تدعنا ندهش بنفوسنا لئلا نستكبر ونموت. تعال أيها الرب يسوع لنفكر معك وبك ونحن فيك. تعال لنأخذ وجودنا منك ونكون.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

العيد / السبت ١٤ كانون الاول ٢٠١٣

قبل الميلاد تتوالى أعياد تهيئ له كأن الإنسان يريد ان يستبق الذكرى الكبيرة بإحتفالات جزئية هروبًا من رتيب أيامه ليذوق شيئًا من الأبدية قبل ان تحل اذ يبدو للكنيسة ان من نعيد لهم قبل الميلاد يذيقوننا بعضًا من ميلاد يكثر فينا الفرح. أليس العيد تنطحا لتجاوز الزمان في إحلال شيء من الأبدية؟ هذا هو الرجاء الذي يحيينا. العيد قائم على ان الحقيقة التي تجلت في الماضي لا ينبغي ان تزول اذ نزلت فينا ولنا ان نحييها على الرجاء.

الإنسان يتوق إلى امتداد في الحقيقة. لذلك يريد ان يكسر الزمان على رجاء الأفضل. يظن ان جديده هو الأفضل. لذلك يخلق شيئًا جديدًا هو العيد وهو ليس كالأيام لأنه يحمل الذكرى وينقلها. والذكرى ليست استعادة الماضي اذ لا يستعاد. انها تذكر الدائم، توق إلى الأبدي. العيد اعتراف بأن الحقيقة التي أتى بها الماضي لا تزول. لذلك كانت الأعياد. قناعة الإنسان ان الحقيقة التي حملها الماضي المبارك قائمة ويمكن احضارها في الآن. هذا ما يعنيه التذكر.

يظن الانسان انه يكسر رتيب الماضي. المهم الا يرى نفسه سجين ما انقضى من أيام أو ما يعيشه من أيام. المهم ان يلتقي بما هو دائم، بما هو أبدي. يضجر المرء من زمانه لأن كل زمان متعب ويخيل إليه ان العيد ليس من زمان، انه من الحقيقة. العيد اذًا حرية، انعتاق مما يتكرر لاقتبال الثابت الإلهي. واذا آمنا بثابت إلهي لا تهمنا أوجاعنا وهمومنا اذا حل العيد لأنه هذه ليست منه اذ هو ينزل علينا من فوق. يؤرخ للعيد في التقويم ولكن أحدًا لا يحس انه يأخذه من التقويم. أنت لا يهمك ان يحل الفصح في هذا التاريخ أو ذاك. يهمك معناه. الزمان مركبة للمعنى الإلهي فقط. لذلك كان من السخف الاقتتال حول تاريخ العيد اذ كنا واقفين في العيد لتلقي معناه. طبيعي ان يتجلى الفصح في يوم واحد اذ الناس يعيشون في الزمان ولكن الأجمل ان يتربى الناس على المعنى الفصحي، ان يكونوا هم فصحيين.

والأجمل من كل ذلك ان نصبح قياميين كل يوم، رافضين للموت، لكل أنواع الميتات لتصير القيامة فرح الكل. أليست توبتك قيامة؟ ربما كان هم المسيحيين الأول الفرح. لذلك ما كانوا يرتدون السواد في موت عزيز. فاذا رأيتهم في ثياب بيض تعرف ان أحدًا من عائلتهم أو أعزتهم قد توفى. كان الموت يعلن لهم القيامة. بالإيمان فقط أنت تخلص من حزن حلّ فيك. الخيال ينطفئ بعد لحظات. طوبى لذلك الذي اختبر ان الإيمان ليس من الخيال.

عندما ينزل عليك ما يعزيك اعلم ان الرب افتقدك. الله عنده رسائل. اصغ إليها لتفرح وقد تحس بأن الله التمسك ويرجو ان تلتمسه. عندما تضع الكنيسة في كل يوم ذكرى لقديس أو أكثر تريد ان تقول لك ان القديسين عشراؤك وانك لست وحدك في الكون. هي توحي ان اليوم الذي أنت فيه انما انسكبت فيه الأبدية وانك تحررت من وطأة الزمان ان كنت نبيها. من هذه الزاوية أنت تحيا زمانك مليئًا بالأبدية. لذلك تربيك الكنيسة كل يوم فيما تلقته من الأبد وترميك في كثافة الأبد. تنتشلك من وطأة المألوف والرتيب لتجعلك في المذهل. أنت في الكنيسة مقيم في الزمان والأبد معًا وتعلّم أهل زمانك ما نزل عليك من فوق. كل مؤمن رسول إلى زمانه اذ يقول ما سمع من السماء.

العيد ينزل من السماء ويشق حجب الكون ويأتي إليه بما هو فوقه. لذلك ما كان المؤمنون من الأرض وحدها. يحلون عليها ما جاءهم من نعمة ربهم. المؤمنون لا يحتلهم شأن الأرض. انهم ينتمون إلى عالمين، إلى ما يرى وما لا يرى فإذا رأيتهم وسمعتهم في العيد تحس انهم يخاطبونك بلغة الملائكة.

فإذا امتاز العيد عن مألوف الأيام تكون أنت خارج أيامك.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

القارئ / السبت ٧ كانون الاول ٢٠١٣

القارئ ينتظر الكاتب، الكاتب الحق. انه لا ينتظر منه ما كان أقل من الحياة. يعتقد انه يتكون بمقدار، قل او كثر، ممن كتب لأن هذا له علاقة بالفكر اي بالحقيقة. القارئ يحس ـ هذا ما قالوه له ـ انه يتكون من الكاتب لأن هذا يعيش من أجله. اجل، يكتب من كتب لمد الآخرين بما يحسبه الحقيقة. الكاتب الكبير انسان يحب الحقيقة اي انه يكتب ليخلص القارئ. الكتابة عند كبار الكتاب عملية خلاص لهم ولمن يقرأهم. والقارئ يحسب انه يتكون بما يقرأ اي انه يجيء من الصالحين لأن المعرفة موصولة.

انت تقرأ لكونك تحسب انك ترث الحقيقة، لأنك تلتمس الله بفكره وفكر الذين عرفوه. بهذا المعنى كان القارئ متواضعًا. الفكر تواصل بين أهل الحقيقة. ذلك أن هذه تتجلى بأشخاص انتدبهم ربهم ليعرّفوا الناس به. تقرأ العظام لأن هؤلاء كانوا مختارين. والعظام يعرفون أن الرب صانعهم ولذلك لا يستكبرون.

الرب يلهم من يشاء ويلهم أحيانًا الذين لم يطلعوا على التراث. أما أسلوبه الطبيعي في أنه يروضنا بمن سبقنا فيلد بعضنا من بعض. هذه طريقته في تكوين التراث. هكذا يظهر فكر الله كي لا يستكبر أحد. كل منا يتكون من أسلافه. يقرر من هم أسلافه لأن السلف هو من اخترت أن تحبه. القارئ يعرف نفسه مولودًا. والكاتب العظيم كذلك. في الكتابة ليس في الحقيقة من إبداع. الإبداع أسلوب. انت تحب وتأتي بصيغة. في البدء لم يكن إبداع بشري. كان الكلمة. وكما فهمها افلاطون والانجيلي يوحنا هي كلمة الله اي هو نفسه. انت، كاتبًا، ان شئت ان تعطي ما هو دون الله تكون خائنًا له إذ لا يزاد على الله شيء.

قارئًا، فرادتك ان تختار ما تحب أن تتمثله. تجيء من السلف ولكنك تنجب ايضًا. الإبداع هو بين الاستمداد والعطاء. ما تقرأه يصير انت. هكذا يجيء منك من قرأك ولكن مولودك ليس انت. فيه خلقه.

الجاهل القراءة يحسب انه يجيء من نفسه، أن آحدًا لم يسبقه أو أنه لا يحتاج الى أحد. المقبل على المطالعة في نهم يحس أنه يتكون من الذين فكروا، اننا نحيا بمن سبقنا في التأمل، في أن الأنسانية واحدة والزمان واحد وأننا نشتق بعضنا من بعض. لذلك كان العالمون هم المرجع. والعاديون يحسبون أن العارفين ملمون بكل شيء. القارئ الحق متواضع لاحتسابه انه يتكون من الأجيال التي فكرت وأنه جاهل بمقدار. قصته أنه كلما ابتلع الكتب يحس بجهله إذ يدرك جمال ما لم يكن يعرفه.

عذاب المثقف الحقيقي أنه كلما اطلع ينبسط أمامه مدى جهله. لذلك كان العالم الحقيقي متواضعًا. أظن أن بعض ما يجذب المطالعين الكبار هو اتساع الفكر البشري وآنهم لا يزالون جهلة. غير أن جمال المثقف ليس في سعة عقله ولكن في إداركه أنه صغير أمام سعة الدنيا وبهاء الذين سبقوه في مضمار العقل. يدرك في متسع من الوقت ان العقل هو الذي يجعلنا نستوعب الآخرين وفرادتهم وحقهم في التفرد. وحدة العقل لا تتناقض وتعدد العقول.

مشكلة المثقف إذا ينام ولم يتح له في نهاره أن يقرأ صفحة واحدة. يشعر، عند ذاك، أنه جاء فقط من نفسه ولم يأت من التراث. فكما أن الجائع لا ينام كذلك يطمئن ذاك. ذاك الذي انكب على المعرفة وأهملها في يوم من أيامه.

القراءة في تعدد ما تطالعه وفي تنوع مصادره. هي شغف بالفكر الحق انى توجهت ركائبه. هي أن تواجه قريبك في القناعات. هي أن تجيء دائمًا من الآخر، من كبار الآخرين. هؤلاء يجب أن تعرفهم قبل أن تقتني كتابًا لأن التفاهات كثيرة. اقرأ اولا من كان مع الحقيقة إذ لا بد في طريقك ان تلقى الطالحين. انت يكونك اهل الحق. اذا تلقيته من الأسلاف يثمر فيك بإبداعك أو طاعتك له. المهم الا تنحاز مع كل هوى، ان يكون قلبك قد اختار قلب الله ليفهم. امتلئ من الكثير وافهم مختارًا الصالحات. ردد الصالحات ان كنت لست من المبدعين. في هذا تواضع مفيد إذ يكون أفضل من جهل المدعين. لا تقل يا نفس كيف أكون عظيمًا. اسألها أن تطيع الحق. إذا كررت هذا في قوالبه يكون أفضل من أن تبتدع تعابير تظنها شيئًا لأنها حديثة وهي خالية المضمون.

لا يكن همك أن تكون مبدع التعبير والقول. همك الوحيد أن تصبح تلميذ الحقيقة التي تنجي وحدها. لا تسأل عن جمال القول ان كنت كاتبًا أو خطيبًا. افحص نفسك ان ثبتت مع الحقيقة. هذه وحدها تنجي وهي تملي عليك ما يجب ان تقول. لا تقلق ان لم يتوفر لك جمال التعبير. اقلق فقط ان أحسست أنك لا تزال جاهلاً ما لا يسوغ جهله. لا تعرف ما يظهرك جميل القول. اعرف ما يجعل سامعك جميلاً عند ربه. اللغة وحدها صنيعة. ان كنت تقول الحق لا تهمك اللغة.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

المحبة كمال الرجاء / السبت في ١٦ تشرين الثاني ٢٠١٣

«بنانا الذين يحبوننا» (فرنسوا مورياك)

الذين يلتقون يلتقون بالمحبة التي أعطوها أو تلك التي تلقوها. ما طال عمري فهمت أن الذي قيل في المحبة هو الثابت. هناك أقوال حفرت على صخرة قلوبنا وهي الباقية إلى الأبد.

كان المؤمنون في أفسس (آسيا الصغرى) يقولون ليوحنا الإنجيلي الذي كان أسقفهم: «لماذا تردد علينا عبارة أحبوا بعضكم بعضًا» وكان يجيب: «لم أتعلم شيئًا آخر لما كنت أضع رأسي على صدر المعلم». تعليم على هذا العمق عليك أن تردده بلا تفسير لأنه يدخل القلوب. واللافت أن المسيحية تدعوك إلى أن تحب وما قالت لك أن يحبك الآخرون. ربما افترض الأوائل أنك إن أحببت يرد اليك هذا. أنت تبقى على المحبة تعطيها بمجانية كاملة.

إنك لا ترجو لنفسك شيئًا من المحبة. وإن كنت من الكاملين لا تتوقع من الفضيلة مكافأة على الأرض ولا في السماء. أنت تصنع الخير بالمحبة التي فيك وهي كمال بنفسها. ما وعد المسيح بشيء من الدنيا الذين يحبون إذ يعلمون أن لا شيء يزاد إلى المسيح.

أنت تحب لأن الله ساكن فيك. هو يخرج من قلبك إلى قلوب الآخرين فتحيا بهذا ويحيون. لا ينزل ربك من سماء. يخرج إلى الناس من قلبك لأن قلبك عرشه. اشتر نفسك مما تعطيه وابق فقيرًا لأنك إن استغنيت تستلذ نفسك وترفض رضاء الله. يبدأ خلاصك باعتبار نفسك لا شيء واعتبار ربك غناك. في الحياة الروحية الزهد باللذات شرط الطعام الروحي. لا تشته شيئًا حتى يشتهيك الله. حسبك الله لأنه لا يزاد عليه شيء إذ لا يقاس به شيء. إذا فهمت انه يكفيك تشبع منه إلى الأبد ولا يسعك أن تشتهي شيئا آخر. إذا حل الله فيك تكون السماء نزلت على دنياك وصارت لك كل شيء.

الله لا يصعد اليه. هو فيك او ليس فيك. ليس هو في مدى. وإذا حل فيك لا يبقى لك مكان خاص لك. أنت في الطاعة تفهم أن ربك يعلوك وفي الحب تفهم أنه اليك ويصير فيك ان أدركت العشق إذ ذاك لك أن تقول «أنا من أهوى ومن أهوى أنا». اتحادك بربك في الحب يجعلك تدرك ذلك. ليس بعد هذا شيء.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

ميخائيل / السبت ٩ تشرين الثاني ٢٠١٣

إيل هو اسم الله في الآرامية، لغة شعوبنا قديما. للمفارقة سمي واحد من رؤساء الملائكة ميخائيل وتعني من مثل الله والفكرة انك تلتصق برئيس الملائكة الحامل هذا الاسم لتقول حقا انه لا يستحقه فإن احدا في الكون ليس مثل الله. الملاك يتأمل الله ولكنه ليس مثله. ليس احد مثله مع انه هو القائل في العهد القديم: «أنتم آلهة». التشبه بالله مطمع مسيحي. أنت ترى نفسك لا شيء ولكنك تطمح بأن تكون شبيها بالله. هذه هي المفارقة وهذا هو الإيمان انك تعرف نفسك لا شيء ولكنك تعرف انك مدعو إلى ان تتشبه بالمسيح بمعنى ان الآب قادر ان يجعلك مسيحا له أي على صورة ابنه والصورة شبيهة بالمثال ولكنها ليست هي المثال.

ميخائيل تحمل تضادا ككل اسم إلهي ليس بمعنى التناقض ولكن بمعنى ان الضد يظهر حسنه الضد. فاذا قلت: «من مثل الله» تؤكد شيئين متقابلين – وهذا معنى التضاد بالعربية – ولكنهما ليسا متناقضين أي ليسا متنافيين. تريد في الحقيقة القول اننا لسنا في الواقع مثل الله وتريد القول أيضا اننا مدعوون ان نصير مثله. فإن لم تكن هذه المثلية ممكنة ليس من مسألة. بأي معنى هي ممكنة وإلى أي حد؟ اللاهوت الارثوذكسي المتصل بالأصول دائما يقول اننا نؤلَّه (بفتح اللام وشدها). كيف نصير إياه ولا نكون من جوهره؟ هذا سؤال دقيق في اللاهوت. نأتي من اشعاعاته، من إطلالاته ومن هذه الزاوية نحن منه. هذا هو سر لاهوته وسر حبنا. الداخلون في هذا يفهمون حتى نبصر كل شيء في اليوم الأخير.

المسيحية على دعوتها إلى التواضع أمام الله لا ترضى الا ان نتشبه به. هي تقول بالفرق بين الله والانسان من حيث الجوهر ولكنها لا تبطل المعايشة بينهما. وما كان عندها أقل من المعايشة ليس بشيء. نحن في اللاهوت المسيحي لسنا فقط متشبهين بالله. نحن في حياته وان لم نكن من جوهره. هذا يجب تأكيده بصراحة لئلا نقع في الحلولية أي في اختلاط الجوهر الإلهي والجوهر البشري.

نؤكد اننا غير الله. هذا كلام في جوهر الأشياء. ولكنا نؤكد انه فينا واننا فيه وهذا من الحب. وحبنا له موجود وليس فقط توقعا.

عندما نقول «من مثل الله» نؤكد شيئين متواجهين غير متناقضين نعبّر عنهما بأننا شبيهون به بالحب ولسنا مختلطين بالجوهر. هذا يعني ان الله يتحرك فينا واننا نتحرك فيه. نحن في حيثيته وان لم تكن امكانية. لا أحد يستطيع ان يوضح اكثر من ذلك. فإن لم تكن حيثية ما ليس من شيء. ليس أحد يستطيع ان يوضح عقليا اكثر من هذا. ولكن ان لم تقل انك في الله لا تكون قلت شيئا. تكون في الكلمات وليس في الوجود.

اذا تحدثت عن الله والانسان معا ولم تقصد صلة، تداخلا، تواصلا، ربطا لا تكون قلت شيئا. تعالي الله المطلق عن الانسان نفي لله والانسان معا. تعبير تجسد ابن الله في المسيحية لا ينحصر في انه اتخذ جسدا من العذراء. يعني تداخلا ما وهل في الحب اقل من تداخل؟ تخترق الهوة بين الخالق والمخلوق كيانيا؟ هذا مستحيل. ولكنك تخترقها بالمحبة التي هي الوجود الحقيقي.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

الكاتب والمكتوب له / السبت ٢ تشرين الثاني ٢٠١٣

لست اذكر اذا قلت ان من يكتب يكتب لنفسه والآخرين معا. لنفسه لأنه تمخض ويحتاج إلى ان يحرر نفسه مما فيه. للآخرين لانه يحبهم، لأن كيانه قائم أيضًا بكيانهم أو من كيانهم. نحن المؤمنين لا نعتقد بالفردية بل بالمشاركة. هذا هو سر الشخص انه يتكون برؤيته الاخرين. من رأى إلى نفسه فقط يعشق نفسه نرجسيا وفي الاسطورة اليونانية ان نرجس رأى نفسه في الماء كأن الماء مرآة فمات من هذه الرؤية. الكاتب الحق لا يكتب من استلذاذ ولكن من فرح والفرح فرح بالآخرين لأنه هو وحده الضمانة انك خرجت من نفسك.

أنت اذا فرحت فقط بنفسك (وهذا مستحيل) تفتخر داخليا، لا تبدع. الفرح نتيجة لقاء وهذا خروج من النفس. أنت، كاتبًا، تكتب ليقرأك الآخر اذ تحس بأن كل منكما يتحقق بالآخر. أنت موجود لأنك تحب. الآخر هو البرهان الوحيد عن ذاتيتك. الإله الواحد الأحد الدائر على نفسه، الرائي نفسه غير موجود. الله يعرف نفسه موجودا لكونه يحب. لذلك لا يكتب احد لنفسه. يكتب ليقرأه آخر، ليفهم نفسه بهذه القراءة. يكتب للفرح. الذين وضعوا مذكرات وينشرونها دلوا على انهم غير منغلقين في ما كتبوا. الكاتب يخاطب. من لا يخاطب لا يكتب. من يكتب عن نفسه في حالة حوار كمن لا يقول انه يكتب عن نفسه. الذي يكتب ما ظاهره موضوعي يكتب عن نفسه أيضا أو من نفسه. من يكتب يحب. حتى اذا ظننت انك تخاطب آخرين تبقى غير منفصل عن خطابك في ما تعطيه.

لا يكتب مبدعا الا من نسي نفسه أو تغاضى عن عشقها. لذلك كان لمن يقرأ. من هذه الزاوية صح القول ان من تعده قارئا يكتب معك. في العمق الكاتب والمكتوب له وجدان واحد ويضع السطور من استطاع. في مرحلة من الوجدان لا تفرق بين ما تكتب ومن تكتب له. على مستوى الوجدان الكاتب والمكتوب له واحد ويمكن ان يصبحا واحدا في الحب. الكاتب لا يختلف عمن يقرأه الا من حيث ان الكاتب كان أداة للإلهام والقارئ كان منفعلا بالاداة، قابلها. في الجوهر هما واحد واتفق ان واحدا يكتب وآخر يقرأ. الكاتب ليس أهم منك قارئا. تلقى الالهام قبلك ثم اشتركتما فيه.

أنت، منشئا، استلمت في البدء ولكنك واحد مع الذي استلم بعدك. الأصل جاء ممن أعطى. والنعمة كل شيء. من نسميهم مبدعين يقولونها. الأصل في المبدع.

ليس المبدع بالضرورة من قال شيئا جديدا. في الحقيقة ليس لأحد منا شيء جديد الا بالصياغة، بالتعبير أو الشكل. كل المضمون قيل منذ افلاطون. المهم ان تكون واحدا مع الحقيقة ومع أهل الحقيقة. الحقيقة لا تاريخ لها. المعنى انها لا تتغير بتغير الأزمان. تختار لنفسها عبارات فترة بعد فترة ولكن جوهرها هو هو. المبتغى ان تكون أنت مع الحقيقة الدائمة كائنة ما كانت الصيغ التي تستخدمها.

ليس مبتغى القول ان تكون فريدا في قوله. لا يبتغى الا الحقيقة وهذه تلبسها الثوب الذي تريد. المهم الجسد لا الثوب.

لا تكن صريع الاشكال أي كيف تقال الاشياء. همك ان تكون في الحقيقة وهي تدلك على الثوب الذي يليق بها.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

العاشقون ربّهم / السبت ٢٦ تشرين الأول ٢٠١٣

خرجنا من الكنيسة في تلك الصبيحة. هل خرجنا أم انبسطت الكنيسة على ساحتها؟ أليست هي مدعوّة أن تكون المدى؟ خرجنا لنلتقي نحن البشر الذين كنا في الداخل. هل انقطعنا عن الداخل أم تغيرت فقط الأشكال الهندسية؟ خرجنا حاملين ما سمعناه. أخرجنا الكلمات من الكتب لتصير فينا ألحانًا ومعاني ونصيرها، ليلتحم الحرف بالكلمة والقلم بما كان في البدء، ليعود كل شيء إلى البدء.

عملية حب نفّذناها بكلمات سمعناها ثم قلناها. عندما قال صاحب الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة» إذا قرأناها عربيًا- وهذا حق لنا- يريد أنّ في البدء كان الجرح. القلب يجرحه الله ليلد منه كلمات وبلا جرح تخلو من المعنى. كل شيء جاء من ذاك الذي طعن جنبه بحربة «وخرج منه دم وماء». والذي عاين شهد ونحن بدورنا بالحب نعاين ونشهد والحب يتدفق من أفواهنا كلمات تبقى إلى الأبد.

عندما رأيت الأحد الماضي المؤمنين في ساحة الكنيسة يتحدثون تساءلت هل انتهت المسرحية التي لعبتها الملائكة في البيعة. ما الفرق بين طعام الملائكة وما ذاقه العاشقون ربهم في ذبيحة الحب التي ذبحت لهم دما وقيامة؟ هل تجاوزت رؤى القديسين أم رؤى القديسين وشعوري بهم واحد؟ جرحي أنّ هذه الجماهير المتجمعة صبيحة الآحاد ما دخلت في سرّ الحب الإلهي الا ذلك الدخول الكلامي الذي بقي على الألسنة وكأننا ما كسرنا باب القبر ليخرج منه المخلص. هل إذا خرج المؤمنون الى العالم يحملون اليه المسيح الذي اتخذوه في المناولة الإلهية أم مات فيهم فور المناولة؟ أنا أريد أن أعتقد أنّ شيئًا من السيد المبارك يبقى في كل من تناوله صباح الأحد ليصبح به إنسانًا جديدًا حيًّا بالحق.

ثم رأيت أن الكنيسة في ساحتها الخارجية ليست الا ذاتها في ساحتها الداخلية لأن الناطق بنا داخل الجدران هو إياه الناطق بنا خارج الجدران. رأيت أننا صباح الأحد حياة دفوق، بشر نازلون من السماء. فلكون المسيح صعد إليها من بعد قيامته ننزل نحن منها لكوننا نجيء منه.

نجيء هكذا بعد أن بتنا قياميين بحيث أننا نكون حملنا نوره الينا ورأينا به. القيامة فينا تعني أننا غلبنا الموت. انبعاثنا بقوة الروح القدس ما كان فينا وعدا فقط. هو جرعات البعث الأخير، أذواق مقسّطة لذوقنا النهائي لله. القيامة مبثوثة إلى كل يوم فينا إن بقينا في حال التسليم لأن القيامة حال بعد أن كانت في المسيح حدثا.

أجل المؤمن بيسوع يموت قسطًا بعد قسط في هذا السر أنه يخطئ ويفنى ثم يعود بحياة القيامة التي تجددت فيه. الموت يعود إلينا ولكنه لا يفنينا لأن قيامة المسيح حدث نهائي. إنها حدث نهائي فينا والموت إذًا طارئ. عندما نرتل في الفصح: المسيح قام من بين الأموات لا نريد قيامة يومًا واحدًا بل قيامة أبدية. تخترقها ميتاتنا ولا تلغيها لأننا نتجدد بوعده لنا بالروح القدس وبانبعاثنا من خطيئة حتى يزول الموت حسب وعد الروح.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

المجمع من الجماعة/ السبت 19 تشرين الأول 2013

لماذا يولي المسيحيون المشارقة أهمية كبرى لما يسمونه المجمع المقدس؟ هم لا يقدسون العدد إلا بمعنى أنه إشارة إلى إلهام الروح الإلهي إذ الكثرة تخطئ كالقلة والكلمة ليست كلمة العدد. إنها كلمة الله. نحن ما قلنا مرة أن المجمعية بسبب حجمها أفضل من المركزية البابوية فالمركزية البابوية نفسها في لاهوتها المعاصر تزعم أنها ليست تجاوزا للمجمعية. وليس في المسيحية المعاصرة من خلاف بين الكثرة والقلة. دائما كان الخلاف بين الصواب والخطأ. الإجماع أو شبه الإجماع مجرد إشارة إلى صواب ينزل من عند الله وتبقى الحقيقة للانجلاء الذي يظهره الرب عند نزول حكمته.

في الحكمة البشرية الاجتماع أفضل من الإنفراد لأنه عادة أقل انفعالا أي أقل تحزبًا. أجل يمكن أن تجمع الأمة على خطأ والحقيقة  ليس لها معيار إلا نفسها ولكن على المرء أن يسعى. في كنيستي صواب القرارات المتخذة في المجمع لا يأتي من العدد. انه ينزل من استدعائنا الروح القدس. لا نقرر ما يروقنا بشريًا، هذا في المبدأ، نقرر ما يروق الروح القدس. الكنيسة الكاثوليكية ما قالت مرة أن قرار البابا في المبادئ صحيح لكونه صدر عنه، تقول أن البابا مجرد بوق لله. البشر لا يزيدون شيئا على الله. والكنيسة ليست مصدر وحي. انها ناقلة الوحي، شارحة أو منفذة في الآن. نحن لا نقول أن للأساقفة وقارًا إذا اجتمعوا، نقول نقبل ما قالوه عندما نوقن أنه قول الله. ليس مخلوق بحد نفسه خزانة للروح. الروح يختار من يشاء. فالمجمع في اليونانية (سينوذس) يعني، لغة، الذين يسيرون معا على الطريق والمعنى أن ثمة طريقا واحدة وان كلهم اختاروها ليكونوا معا. هي تجمعهم وتساوي في ما بينهم. وحدتهم في وحدة الطريق. نحن الأرثوذكسيين غير صحيح أننا نؤثر النظام المجمعي بحد نفسه على مركزية الواحد. نحن نوقن أننا بالصلاة نستقبل الروح الإلهي علينا. فغير صحيح أن الأرثوذكسية نظام ديمقراطي. هذا من البشرة. هي ليست بنظام فالمجامع تخطئ وكثيرًا ما أخطأت. ليس هناك من نظام. هناك ناس ينتظمون بالروح القدس أو لا ينتظمون. نحن نرجو أن الذين استدعوا الروح الإلهي عند اجتماعهم قريبون من الروح الإلهي. ولكن تعرف أن المسيح الدجال جالس في الهيكل وأننا رقباء على استقامة الرأي في الهيكل.

الشيطان يجلس أحيانًا في الهيكل ويبطل هذا أن يكون بيت الله. وهذا نتبينه من استقامة الرأي أي من طهارة الروح. ليس من ترادف بين قداسة الله وأي مجمع دعي مقدسًا. هذا رجاء فقط. ولكن علينا أن نسهر على استقامة الرأي ومنها استقامة القرار، كل قرار. ليس صحيحًا أن ثمة قرارًا متعلق بالعقيدة وقرارًا محض إداري. سلامة العقيدة منطوية أو غير منطوية في القرار. لذلك ليس من مساومة على صعيد أي قرار. نحن في الكنيسة لا نأتي بفكر جديد أي لا يوحي به الوحي. نحن نقول قول الله أو لا نقوله وذلك في أبسط قرار.

الكنيسة لا تنشئ فكرًا. توضح الفكر الإلهي وتجعل له تعابير ليفهم القارئ. لكن الكنيسة ليست مصدر وحي، هي خزانة الوحي وإبداعها في النقل أي في ترجمة الفكر الإلهي بقوالب العصر. ليفهم الفكر الإلهي على حقيقته في لغة الناس، ليتأنسن.

في الفكر الأرثوذكسي لا ينشئ مجمع المطارنة فكرا غير مستقى من الوحي. هو يترجم الوحي. وعمل المجامع المقدسة ليس اكتشاف وحي لم ينزل. انه توضيح ما نزل. الفكر البشري ليس مصدر تعليم لنا. هو شرح لكلمة الله. ليست المسيحية ألوهة مخلوطة ببشرية. البشرة لا تزيد شيئا على الألوهة. تنقلها. علاقة الألوهة بالبشرة في الكلام الكنسي على صورة علاقة الألوهة بالبشرة في التجسد حيث لا يُلغى الجسد ولا تذوب الألوهة. هذا هو سر الاتحاد بين الطبيعتين حيث لا انفصال ولكن ليس تشويش.

ليس للحقيقة معيار. انها معيار لنفسها. لذلك لا نرى لمجمع المطارنة قدسية بحد نفسه. لذلك ليس من معنى أن للمجمع قدسية لمجرد أنه انعقد. قدسيته تأتي من الإلهام النازل عليه ومن محاولة كل أسقف للقداسة. ليس من مجمع خارج المجتمعين.

المجمع لا نسميه مقدسا لاحتسابنا ان المجتمعين قديسون بمعنى النزاهة المرتجاة. انه مقدس بوعد الروح وبعزم المجتمعين إذا اجتمعوا بدعوة من الروح. الكنيسة تتقدس في القداس الإلهي لكونها تستدعي الروح على ذاتها فينزل بحبه للناس. يخطئ من ظن أن المجمع مقدس بسبب من انعقاده. ليس هذا في النصوص. النصوص تتكلم عن آباء قديسين أي ليس من قداسة للمجمع خارجة عمن يؤلفونه. ليس لأسقف حق أن يسمي المجمع مقدسًا إلا على سبيل الرجاء أي إذا قرر هذا الأسقف أن يتوب. ليس من ذات مجمعية. ليس من مجمع إلا في المطارنة كما هم فإذا قرروا القداسة فهو منها. ليس المجمع مقدسًا خارج إرادات المطارنة مجتمعة على الحق والبر.

إذا كان الأساقفة رقباء على الحقيقة كما يعني اسمهم في اليونانية فالكنيسة قائمة، وإذا كانوا في غفوة عميقة فالكنيسة معرضة للنوم بسبب منهم.

إذا كانت الكنيسة في أسقفها حقًا فهو موجود وكلامه كلامها، وإذا أتى هو منها تأتي بدورها منه.

Continue reading
2013, جريدة النهار, مقالات

لماذا أكتب؟ / السبت ١٢ تشرين الأول ٢٠١٣

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

لماذا يكتب الكاتب الحق؟ وماذا يعني الكاتب الحق؟ هو الذي لا يستطيع الا أن يكتب؟ هو الذي يتكون مما يكتب أي يحيا مما يعني. هو الذي يكتب كما المرأة تلد فكما لا تفرق هي بينها وبين المولود لا يفرق هو بينه وبين ما يقوله على غرار قول الإنجيل الرابع: «في البدء كان الكلمة». ومعناها الواضح أنه لم يكن من مسافة بين الله وما قاله أي لم يمر  وقت كان الله فيه أبكم.

لماذا أكتب؟ أقبل ضعف الذين يحسون أنهم يكتبون ليحققوا ذواتهم. هؤلاء ينطلقون من أنفسهم. أما الذين ينطلقون من الحقيقة فلكونهم يحسون أنهم هم وقرّاؤهم للحقيقة. أكتب لأني لا أستطيع أن أكون أمام عيني اذا لم تقل عيناي ما تنظران. الحياة بوح يعد إحساس. الكاتب الحق لا يكتفي بنقل ما يشعر به. البوح عنده مكان الإلتقاء بين ما عنده وما يحسبه قائما في الآخرين. الحقيقة هي ما بينك وبين الغير. هي الجامع بين الملقي والمتلقي.

ليس صحيحا أن الكلمة هي حصرا كلمة القائل. الكلمة واحدة بين المتكلم والمخاطب. أنت تعطي سامعا يسمعك أي أنكما معا صاحبا المعرفة. أنت في رومنسية هزيلة تكتب لكي تشعر أو يكتمل شعورك. في ذروة المعراج أنت تكتب لكي تصبح والقارئ شخصا واحدا في الحقيقة.

أجل، تكتب لتشهد ولكن الشاهد واحد مع ما شهد. يأتي مما شهد ويبقى في شهادته من بعد صمت. هو ما بدا شاهدا الا لأنه يحيا في الشهادة والتعبير عنها أتى في ما بعد. تكتب لأنك تمخضت وتتمخض لأنك تحسب أنك موجود في ما تعطي.

في النهاية تكتب لأنك تحب أي لأنك نسيت نفسك وتحيا لمن أعطاك ولمن تعطيه. في إماتتك نفسك ينوجد الآخر وهمك الآخر. «أحبب قريبك كنفسك» تعني في الأخير أنك لا تقدر أن تحب الآخر الا إذا قبلت بموتك. موتك شرط حياة الآخر. أحبب قريبك كنفسك لا تعني عندي أحبب قريبك كما تحب نفسك حسب التفسير الظاهري ولكنها تعني أنك لا تستطيع أن تحب الآخر اذا بقيت محبا لنفسك. واحد ينبغي أن يموت ليظهر الآخر.

لماذا اكتب؟ ليظهر الآخر بدءًا من أن يعرف نفسه فيظهر الآخرون. أما اذا بقي محصورا في نفسه، مقيما اياها في غنجها فإنه يميتها. ليس عندي من جواب عقلي عن هذا السؤال بدءا من أني لا اكتب عمدا الا لينوجد الآخر. على هذا الطريق لا بد أن أعثر على نفسي ولكن ليس منعزلة فإنها اذا انعزلت تموت. نفسي ممدودة أو تنطفئ نفسي في شركة وجود منذ نشأتها أو ولدت سقطا. انت تعرف نفسك منبسطة أو تراها ميتة. «من أراد أن يخلص نفسه يهلكها» إذ تنوجد من موت طوعي.

Continue reading