أولادكم الطلاب/ الأحد في 31 تشرين الأول 2004 / العدد 44
أولادكم رعاية دائمة وحب عظيم. ولكن هذا يتطلب حضورا اليهم قدرا كبيرا من الوقت لاسيما إذا كانوا أطفالا لأن الولد يفهم العطف حضورا. وكما تُعنَوْنَ بهم عناية دقيقة منذ مولدهم حتى الخامسة مثلا فبعد ذلك تبقى العناية دقيقة ولو اتخذت اشكالا أخرى إذ تبين للعلماء ان نضج الولد وصحته النفسية مرتبطان بإحساسه ان له أبًا وأمًا يحضنانه حضنا رؤوفا. مرة أعجبت برجل قال لي انا لم أخرج ليلة واحدة من البيت لما كان أولادي صغارا. المهم ان التوازن بين المكث والسهرة يجب ان يكون لصالح الولد.
من صور الاعتناء ان تساعدوا الولد في الدرس إذا امكنكم ذلك. فربما امكنكم جميعا ان تعأونوه في حفظ الدرس إذا كان لا يزال في الصفوف الابتدائية ولكن بعضا منكم -بسبب ثقافته- قادر ان يتابع ولده في المرحلة الثانوية. ولعل الميسورين قادرون ان يأتوا اليه بمن يعطيه درسا خصوصيا إذا احتاج إلى ذلك. هذا إذا كان متوسط الذكاء أو مقصرا، ولكن المدرسة بالمبدأ كافية.
المهم ان تتيقنوا انه فهم الدرس الذي تلقاه في الصف وانه قادر ان يقوله للمعلم في اليوم التالي. الفكرة الأساسية ان يفهم جيدا وان يسمعكم ما فهم بلفظ جيد ولغة فصحى كائنة ما كانت اللغة التي يستعملها وذلك بلا تلعثم أو خوف. تأكدوا انه استوعب ما يقرأ فالقاعدة ان ما لا يستطيع الولد ان يعبر عنه لا يكون قد فهمه. كذلك تأكدوا انه يقوم بأعمال رياضة في المدرسة أو في البيت أو في الحي لأن هذا سبب كبير لحصوله على صحة جسد ترافقه طوال حياته. ان كثيرا من أتعابنا أو امراضنا في سن متقدمة سببه إهمال الرياضة في سن مبكرة.
إلى هذا احرصوا إذا بلغ العاشرة أو قبل ذلك ان يطالع كتبا خارج البرنامج الذي يجب ان يحفظ لتقوى معرفته ويحصّل أسلوبًا في الكتابة وربما البلاغة. الذي لا يقرأ في طفولته لن يقرأ ابدا. ولكن اعرفوا من اين يأتي بالكتب واسهروا على سلامتها الأخلاقية وقد تكونون قادرين على ان تعرفوا جودتها الأدبية. وفي سن متقدمة نسبيا لا مانع ان يقرأ الجريدة ليتثقف سياسيا إذ يجب ان يعرف ما يحدث في البلد وفي العالم.
طبعا ينبغي ان تولوا كل أولادكم عناية واحدة ولا تفرّقوا بينهم الا إذا اضطررتم ان تهتموا بالولد المقصر اكثر من اهتمامكم بالولد الناجح.
إلى هذا أيضا احرصوا ألاَّ تغضبوا إذا كنتم تلقنون درسا والا ينفذ صبركم. وإذا كنتم عاجزين عن ذلك فالأفضل الا تهتموا بتدريس أبنائكم. إن الوداعة بالتعامل أهم من تلقين العلوم.
وبعد هذا احرصوا على أن يصلي أبناؤكم وبناتكم قبل النوم أو توا بعد الطعام. وإذا كان الولد صغيرا جدا ربما احتاج إلى ان تقفوا إلى جانبه وتلقنوه بعض الصلوات البسيطة يؤلف بعضا منها من عنده أو يمكن العائلة أن تصلي معا عندما يصبح الولد مدركا لمعاني الصلاة.
التربية متابعة وليست تغنيجًا. تابعوا كل يوم هذا العمل بطريقة هادئة وادرسوا انتم إذا لاحظتم أنكم مقصّرون عن متابعة الولد علميا. واحفظوا أنفسكم من الشرير لتكونوا قدوة فلا الدرس ينفع ولا النصيحة إذا لم تكونوا أعفَّاء اللسان ولم تقيموا في البيت وحدة وتفاهما بين الرجل والمرأة. الولد ينمو بالجودة التي يراها فيكم. الإنجاب يحصل مرة وأما نمو الأولاد فعمل مستمر وسهر وصبر. ليس المهم أن تلدوا أولادًا وحسب فالأهم أن تجعلوهم أبناء لله وبنات.
Continue reading