ما هو هذا التذمّر من اليونانيين والعبرانيين في الكنيسة الأولى في اورشليم؟ اليونانيون هم اليهود الذين تنصّروا وعاشوا مدة طويلة خارج فلسطين وتلقّوا شيئًا من الثقافة اليونانية وما كانوا قادرين أن يفهموا اللغة الآرامية التي كان يتكلّم بها سكان فلسطين بما فيهم المسيحيون الفلسطينيون. أمّا الذين يسمّيهم سفر الأعمال عبرانيين فكانوا يهودَ فلسطين الذين تنصّروا وما هاجروا فما كانوا يتحدّثون إلا باللغة القومية لأهل فلسطين أي الآرامية.
تذمّر اليونانيون على العبرانيين بأن «أَراملهم كُنّ يُهمَلن في الخدمة اليومية» اي في الإعاشة التي كانت توَزّع.
كان لكل من هاتين الجماعتين مجامع (المجمع هو ما نُسمّيه الكنيس اليوم) حتّى تستطيع كل جماعة أن تفهم الوعظ بلُغتها.
المعروف أن التوراة كانت تُقرأ فقط باللغة العبرية عند اليونانيين وعند العبرانيين، ولكنها كانت قد اندثرت. لذلك كان الوعظ يُلقى باللغة اليونانية او اللغة الآرامية حسب المعرفة اللغوية لكل شعب.
عند هذه المشكلة عَيّن الرسلُ سبعة رجال. قال معظم المفسّرين ان هذا الانتقاء كان تأسيس نظام الشمامسة، وسمّت الكنيسة القديسَ الشهيد استفانوس وهو مُسمّى بينهم شماسًا.
الرسل وضعوا عليهم الأيدي وهي عبارة تدلّ على عملية تقديس لعملٍ يتعلّق بالأسرار وليس تبريكًا بسيطًا. وتعيين إنسان يقوم بإعاشة الأرامل لا يتطلب وضع أيدٍ. واللافت في اختيارهم أن المُسمّى اوّلاً بينهم استفانوس كان «رجلا ممتلئًا من الإيمان والروح القدس» اي لم يكن أُميّا من جهة المعرفة الإيمانية، وقد دلّ على ذلك خطابه الذي ألقاه على اليهود الذين قتلوه رجمًا.
بعد هذا تقول الرسالة: «وكانت كلمةُ الله تنمو وعددُ التلاميذ (أي المسيحيين) يتكاثر في اورشليم جدا». كلمة «تلاميذ» أُبدلت بـ«مسيحيين» في ما بعد في أنطاكية. ثم تقول الرسالة: «وكان جمعٌ كثير من الكهنة يُطيعون الإيمان»، ويريد بذلك كهنة اليهود الذين أخذوا يؤمنون بيسوع، وهذا يفسّر أن الجماعة اليهودية اضطهدتهم بسبب من ذلك ما دفع أحد المسيحيين الكبار جدا أن يكتب الرسالة الى العبرانيين ليقوّي بالإيمان الكهنة المُهتَدين الى المسيح واليهود الذين كانوا تحت القمع.